السيسي.. هل هو كنز استراتيجيي جديد لإسرائيل؟

محمود المنير

[email protected]

فقدت إسرائيل دعم الرئيس المخلوع حسنى مبارك ، " كنزها الاستراتيجي" حسب وصف بنيامين بن أليعازر وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي في تصريحه الشهير، والذي قام بأدوار لا يمكن تقدير أهميتها الإستراتيجية ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

- منح إسرائيل أكبر مساحة زمنية وجغرافية ممكنة من الأمن الاستراتيجي والاقتصادي.

- منح إسرائيل الأمن الإقليمي حيث زال خطر الحرب الشاملة والتقليدية عن إسرائيل بينما تضاعف بالنسبة إلى العرب.

- منح إسرائيل السلام الموعود الذي لم يتحقق إلا لها بينما تحققت سيناريوهات حروب واعتداءات على كل الجوار العربي تقريباً : ضرب مفاعل تموز العراقي عام 1979، اجتياح لبنان عام 1982، القمع الممنهج للانتفاضة الفلسطينية الأولى في أواخر الثمانينات واغتيال القيادات الفلسطينية في تونس في السنوات نفسها، قمع الانتفاضة الثانية عام 2000 فصاعداً، قصف المفاعل النووي السوري عام 2007، اجتياح غزة عام 2008، إلى اغتيال القيادي في حماس « محمود المبحوح» في دبي.

- وفر مبارك لإسرائيل غطاءاً استراتيجيا لتمارس عربدتها الاستخباراتية في عدة عمليات ربما لا تحصى حيث استباحت فيها سيادة معظم الدول العربية، بما في ذلك مصر نفسها، عبر شبكات التجسس والتدخل الوقح في الشؤون الداخلية.

وجاء الربيع العربي ففقدت إسرائيل هذا الكنز الاستراتيجي ، وعاشت عاما بين الخوف والحذر هو فترة حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي ، بينما كانت تعد العدة للبحث عن بديل لمبارك ، وتترقب إزاحة مرسي عن سدة الحكم ، وقد كان لها ما أرادت بعد الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الذي عينه مرسي !!

الصلاة من أجل السيسي

"إننا في إسرائيل نصلي من أجل السيسي"، هكذا دعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الإسرائيليين إلى الصلاة من أجل قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، والمرشح الرئاسي.

بعد أن أبدت مخاوفها من تداعيات فشله على إسرائيل التي ترتبط بمعاهدة سلام مع مصر منذ أكثر من ثلاثة عقود. وقال الصحيفة إن "تبعات فشل السيسي سيكون لها أثرها السلبي علي الداخل الإسرائيلي".

وذكرتْ أنه "على مدى عام، منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، تصلنا الكثير من التلميحات هنا في إسرائيل بأنَّ السيسي الذي يقدم ذاته في الوقت نفسه بوصفه "المشير" سيكون الرئيس المصري القادم".(1)

السيسي أخ لإسرائيل

وحصلت إسرائيل على كنز استراتيجي جديد فاقت أدوراه وخدماته للكيان الصهوينى سلفه المخلوع حسنى مبارك ، حتى مجدته وسائل الإعلام الصهيونية ورسمت له صورة توضح مدى حفاوتها واعتزازها به حيث وصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في مقال لها نشر مؤخراً للكاتب تسفي باريل، وصفت قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بالشخص الحكيم الذي يمسك ببندقيته دائماً، والذي يكره كلا من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” كما هو الحال في إسرائيل، ناهيك عما يقوم به من تنسيق للمصالح المشتركة مع إسرائيل، وهو ما يكفي لمصر من وجهة نظر الصحيفة أن تتباهى بانتساب هذا الرئيس إليها، ولم تكتفِ الصحيفة بعبارات الثناء تلك بل رفعت السيسي أيضاً إلى مرتبة الأخ لإسرائيل ولبنيامين نيتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي نال حظه من مديح الصحيفة التي وصفته بالقائد الحكيم والمتزن الذي يصبو دائماً نحو النصر والانتصارات. (2)

و في موقع صحيفة " يديعوت أحرونوت " على الإنترنت، قال المعلق العسكري رون بن يشاي، أنّه يتحتّم على الدولة العبريّة عمل المستحيل من أجل إنجاح السيسي للأسباب التالية:

- السيسي يقود المعركة ضدّ كل الذين يحاولون إعادة الإسلام لصدارة العالم.

- إفشال حكم السيسي يعني حرمان الغرب من تمتع الطيران الحربيّ الغربيّ من الحق في استخدام الأجواء المصريّة، والتوقف عن منح حاملات الطائرات الأمريكيّة الأفضلية لدى الإبحار في قناة السويس.

- يتولى السيسي، برأي المُحلل الإسرائيليّ، قيادة مواجهة مفتوحة مع قوى الجهاد العالميّ، التي تُهدد مصالح إسرائيل والغرب.

و يدعو بن يشاي الغرب إلى ضخّ مليارات الدولارات من أجل منع حدوث انهيار اقتصاديّ يؤجج بدوره ثورة ضد حكم العسكر، ويشدد على ضرورة تركيز الاستثمار في البداية على دعم الجيش والأجهزة الأمنيّة المصرية التي تتولى مهمة قمع المتطرفين.

ويشدد بن يشاي على أنّه يتوجب على إسرائيل ألا تخجل من دورها في دعم حكم السيسي، مستذكرًا بأنّها تقوم بذات الدور الذي تقوم به دول الخليج والأردن.

وقال أيضًا إنّ النظام الجديد في مصر بقيادة السيسي، هو حالة نادرة جدًا، ذلك أنّ إسرائيل هي التي تحمل بطاقة دخوله إلى واشنطن والحصول على المساعدات الاقتصاديّة والعسكريّة من الولايات المتحدّة الأمريكيّة، وفي المقابل، فإنّ نظام السيسي الجديد يحمل في جعبته مفتاح الهدوء على الحدود الغربيّة للدولة العبريّة. وخلُص إلى القول إنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ للسيسي سيكون دورًا مهمًا جدًا في النضال الإقليميّ ضدّ ما أسماه بالإرهاب، وهذا النضال الذي يجري اليوم في كلٍّ من ليبيا، تونس، العراق وسوريّة، على حدّ زعمه. (3)

تعزيز التعاون مع إسرائيل

أما موقع (WALLA) العبريّ فقد أعدّ تقريرًا جاء فيه أنّ السيسي يحافظ شخصيًّا على إجراء اتصالات مع كبار قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وأنّه أمر كبار القادة الأمنيين في مصر بتعزيز التعاون مع إسرائيل.

وأشاد الموقع بنجاح السيسي في تدمير 95% من الأنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر، مؤكدًا على كون الحرب التي يشنها الجيش المصري ضد الجهاديين وحماس تتم وسط تعاون وتنسيق قويّ مع إسرائيل، وأضاف الموقع أن السيسي يقلد سلوك مبارك تجاه إسرائيل، حيث كان مبارك يرفض زيارة إسرائيل لكنه في المقابل كان يحافظ على علاقات وثيقة وقوية معها في الخفاء، خصوصًا على مستوى التعاون والتنسيق الأمنيّ.(4)

دفع إسرائيل لضرب حماس

وإبان الحرب الأخيرة على غزة قالت مصادر إستخبارية إسرائيلية إن عبد الفتاح السيسي يقوم بدفع إسرائيل لشن عملية عسكرية موسعة ضد قطاع غزة، كشرط للتعاون مع تل أبيب بشكل أكبر، انطلاقا من اعتباره حركة حماس ذراعا فلسطينيا لأعدائه في الداخل (الإخوان المسلمين). (5)

ومع استمرار الحصار الخانق على غزة وأثناء حرب العصف المأكول تجلت أدوار الكنز الاستراتيجي الجديد لصالح إسرائيل والذي حرض على الحرب على غزة حيث قال المحلل الإسرائيلي المعروف "إيهود يعري" إنَّ حركة المقاومة الإسلامية حماس تعاني من عزلة تامة في العالم العربي وصلت إلى حد تأييد العديد من الدول العربية للعملية الإسرائيلية على قطاع غزة.

 وأضاف في مقال على موقع القناة الثانية الإسرائيلية: "حتى عندما حاولت حماس تهريب صواريخ جراد إلى سيناء لإطلاقها على بلدات إسرائيلية أخرى مثل إيلات وكيدش برنيع، قام المصريون بإفشال العملية. ويرفض الرئيس المصري السيسي أن يكون وسيطًا ويهب لمساعدة حماس للتوصل لتهدئة. (6)

إسرائيل تساعد السيسي استخباراتياً

يشن الجيش المصري حملاته الأمنية في سيناء استناداً إلى معلومات تقدمها الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، بحسب ما كشف كبير المعلقين العسكريين في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، رون بن يشاي.

وأوضح أن "الجيشين المصري والإسرائيلي يتقاسمان المسؤوليات في الحرب على الجماعات الجهادية في سيناء، بحيث يقوم الجيش المصري بشن الحرب الفعلية على الجهاديين، في الوقت الذي تتولى فيه إسرائيل توفير المعلومات والتقديرات الاستخباراتية استناداً إلى مصادرها البشرية والإلكترونية".

وفي تقرير نشره موقع الصحيفة، لفت بن يشاي إلى أن "كلاً من جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) يتوليان مهمة جمع المعلومات الاستخباراتية عن تحركات الجهاديين في سيناء، ويتم نقلها للجانب المصري". مشددا على أن "تقاسم العمل" بين الجيشين المصري والإسرائيلي يتم وفق قواعد ثابتة.

كما أن الجيش الإسرائيلي لا يتردد، بحسب بن يشاي، في "العمل بنفسه داخل سيناء، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإحباط عمليات تخطط لها الجماعات الجهادية، أو عندما يتم الرد على عمليات إطلاق النار".

وأشار بن يشاي إلى أن "القيادة العسكرية والسياسية في تل أبيب تقدر الخطوات التي يقوم بها الجيش المصري شمال سيناء، وتحديداً تدمير منازل المواطنين المصريين الذين يقطنون بالقرب من الشريط الحدودي مع قطاع غزة".

وأكد أن "الجيش الإسرائيلي وخلال حوالي أربعة عقود من احتلاله المباشر لقطاع غزة لم يجرؤ على اتخاذ خطوات مماثلة ضد الفلسطينيين كما يقوم به الجيش المصري حالياً ضد المواطنين المصريين في شمال سيناء"، مضيفاً أن "الحرب التي تشنها السلطات المصرية ضد تنظيم "أنصار بيت المقدس" تخدم إسرائيل بشكل كبير؛ لأن هذا التنظيم يمثل تهديداً على الأمن الإسرائيلي، فهو حالياً يواجه الجيش المصري، لكنه سيتفرغ لشن هجمات على إسرائيل في المستقبل".(7)

مما سبق ، وما خفي كان أعظم ، فإن إسرائيل عثرت على كنز استراتيجي جديد تمثل في قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي الذي تصلى له الحاخامات في المعابد اليهودية ، وتصفه الصحف العبرية بالجار الصالح ، والصديق الوفي والأخ لإسرائيل ولبنيامين نيتنياهو ، ولا عزاء للعرب والمسلمين !!!

-- ---------------

المصادر :

(1) يديعوت: ينبغي على إسرائيل الصلاة من أجل السيسي ، صحيفة المصريون:

http://www.alhidaya.net/content/%D9%8A%D8%AF%D9

(2) هآرتس : السيسي أخ لإسرائيل:

 http://www.sasapost.com/israels-brother-al-sissi/

(3) يديعوت أحرونوت: إسرائيل تدعم السيسي :

https://www.watan.com/%D9%84%D8%B3%D8%B9%D8%A 7%D8%AA/item/717

(4) يديعوت أحرونوت تصف السيسي بالجار الصالح لجهوده في هدم الأنفاق :

http://www.raialyoum.com/?p=128281

(5) السيسي يريد من نتنياهو عملية موسعة ضد حماس كشرط للتعاون مع إسرائيل بشكل أكبر

http://www.islamion.com/post.php?post=15891#sthash.jXicnPNn.dpuf

(6) قناة إسرائيلية: السيسي يرفض التوسط لمساعدة حماس :

http://www.masralarabia.com/%D8%B5%D8%AD%D8

(7) يديعوت أحرنوت: إسرائيل تساعد السيسي استخباراتياً 

http://www.alaraby.co.uk/politics/a0a4d958-5e2b-4f6e-a2bb-edefdd639d35