القرامطة الجُدد في الكويت ما بعد ثورة الخميني

القرامطة الجُدد في الكويت

ما بعد ثورة الخميني

إحسان الفقيه

ما أشبه ذلك المرض الخبيث بتوغل الصفويين في جسد أمتي، ينتشرون في نعومة الأفعى بخلايا الجسد الإسلامي العربي النائم، فلا يفيق إلا على تضخّم نفوذه.

*عن السرطان وهو من الأمراض التي تتميز خلاياها بالعدائية أتحدّث ..

وصدق اللواء الركن حسام سويلم حين قال:

"أصبح العرب جميعًا يعيشون اليوم وكأنهم يمشون في حقل ألغام زرعه ملالي إيران، ووقفوا يتفرجون علينا من بعيد -وقريب أيضًا- في انتظار من تنفجر فيه الألغام أولاً؛ لكي يتوالى بعد ذلك انفجار باقي الألغام. ولا يكتفي الملالي بذلك، بل ويتوعدون أيضًا بنسف مكة والمدينة لتكون كربلاء قبلة المسلمين".

*ومرة أخرى ياقوم ألفت الأنظار إلى أنني لا أتناول بحديثي عن المشروع الفارسي الصفوي الإيراني، الشيعة الذين نأوا بأنفسهم عن الانتظام في ذلك المشروع السرطاني، وإنما أُجاهر بعدائي وأُعلنه دون مواربة لكلّ من كان أداة في يد عمائم (قُم) ولو كان يتكلم بلسان أمتي، ولو كان منتسبا لأهل السنة وقذفته أمواج العمالة على شاطئي.

وتلك التعليقات السمجة التي أُغدِقت عليّ من تهم العنصرية والطائفية، ورسائل الوعيد من قِبل أذناب إيران في بلادي، والتي انهالت عليّ تترا بعد مقالاتي السابقة، لن تجعلني أغير مساري الذي انطلقتُ فيه من فضح ذلك الباطل داخل وخارج حدود أوطاني، لا أزعم الصدارة والريادة في ذلك المضمار، ولا أدّعي لنفسي أنني أتيت بما لم تأت به الأقلام، لكنّه جهد المُقلّ، وعسى أن يبارك الله في القليل فيفتح به قلوبا، ويوقظ به جمعا من الغافلين.

المكون الاجتماعي لشيعة الكويت:

يا شيعة الكويت ممن يلزمون خاصةَ أنفسهم ويلفظون التمدد الإيراني، خلُّوا بيني وبين أذناب الملالي الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خنجرا في خاصرة الكويت.

ولمن لا يعلم فليعلم، فإن أصل الوجود الشيعي في الكويت وما حولها يرجع إلى القرامطة الشيعة الذين سرقوا الحجر الأسود وعاثوا في الأرض فسادا وسفكوا دماء الحجيج عند بيت الله الحرام.

وكان لإيران الدور الأبرز –عن طريق الهجرة الإيرانية- في وصول نسبة شيعة الكويت إلى حوالي خُمس عدد السكان، وذلك بحسب بعض الإحصاءات، والتي هي كعادة تناولها للشيعة في كل بقعة تكون مائعة غير محددة، ليسهل قبول دعواهم في تضخيم أعدادهم.

فإيران تطمع في نفط المنطقة، بالإضافة إلى أنها ترغب في تعزيز التواجد الشيعي وإقامة تكتّلات شيعية قوية تستطيع من خلالها التنفّذ في تلك البلاد، تمهيدا لضمها كما هو معروف في أدبيات الصفويين الإيرانيين.

وينقسم الشيعة بالكويت على أساس عرقي إلى شيعة من أصل عربي، وهم المنحدرون من المنطقة الشرقية بالسعودية والبحرين والعراق كذلك، وإلى شيعة عجم من أصل إيراني، وهؤلاء عددهم كبير، ورغم أنهم تعرّبوا، إلا أنهم ما زالوا يحتفظون بعناصر تراثهم خاصة اللغة والفولكلور الشعبي.

وفي كتابه "الحركة الشيعية في الكويت" قسّم د. فلاح المديرس، شيعة الكويت إلى أربعة مدارس مذهبية:

أولها: الشيخية نسبة إلى الشيخ أحمد الأحسائي، وأطلق عليهم الكويتيون جماعة "الميرزا"، ولهم مسجد الإمام الصادق في العاصمة الكويتية هو أبرز مراكز تجمعهم وأنشطتهم.

ثانيها: الإخبارية أو البحارنة، وهم من أتباع ميرزا إبراهيم جمال الدين الذي كان يعد إمام الشيعة البحارنة.

ثالثها: المدرسة الأصولية، ويمثلها التيار العام للشيعة الإثنى عشرية، ولهم انتشار في العراق وإيران ولبنان أيضا.

رابعها: الخوئية، ويمثلون شيعة الكويت ذوي الأصول الإيرانية، من أتباع أبي الحسن الخوئي.

النشاط الديني والثقافي لشيعة الكويت:

يولي شيعة الكويت عناية خاصة ببناء المساجد، وخاصة في أماكن التجمعات السنية، وكثير من مساجدهم مع الأسف لا تخضع لإشراف الأوقاف الكويتية، فهي منابرهم لنشر التشيّع والتعبئة.

كما أن الحسينيات تلعب الدور الأبرز في الأنشطة الدينية الشيعية بالكويت، فهي تشبه الأندية أو المدارس، يتم من خلالها إحياء المناسبات الدينية الشيعية، كما أن لها دورا بارزا في تعبئة الشيعة للمواقف السياسية، فهي منطلق للتحريض السياسي والمسيرات الشعبية المحرضة على النظام والمعارضة لقراراته.

ومن الأنشطة الدينية البارزة لشيعة الكويت الاحتفالات المتتابعة بكل مناسباتهم المعبرة عن آرائهم وتوجهاتهم، والتي يجهرون بها، وربما نقلها التلفزيون الكويتي أيضا، مثل مأتم عاشوراء، والمولد النبوي، والذي من خلاله يتم تعميم رموزهم أحيانا، وهي عندهم من أبرز الأنشطة الاستقطابية.

وقد حرص شيعة الكويت على أن يستقلوا بالأوقاف الجعفرية بأمانة خاصة، وإزاء مطالبهم المستمرة، أُنشئت لهم إدارة خاصة بأوقافهم تتبع الأمانة العامة للأوقاف بوزارة الأوقاف، تتشكل من مسئولين و مشرفين ومستشارين من الطائفة الإمامية، إلا أنه غير كافٍ بالنسبة للشيعة والذين يطمعون في أمانة مستقلة.

كما يسعى الشيعة لنشر أفكارهم ومنهجهم عن طريق المطبوعات والمجلات والنشرات وتوزيع الرسائل المجانية، ودور نشر.

وهناك في الكويت العديد من المدارس الجعفرية التي تدرس المنهج الإمامي الإثنى عشري، بالإضافة إلى تكون منظمات خاصة بالنساء والشباب، وجمعيات ثقافية، وعدد ضخم من المكتبات، وقنوات فضائية مثل الأنوار، والكوت، وفورتين، وعدة صحف أيضا مثل مجلة اليقظة، وصوت الخليج.

القوى السياسية لشيعة البحرين:

نشأت عدة تكتلات سياسية للشيعة في البحرين تتبنى مطالب تلك الطائفة، وأبرز هذه التجمعات:

التحالف الوطني الإسلامي:

والذي يعرف في الكويت باسم "حزب الله الكويتي"، حيث أنه يُعدّ الذراع السياسي لحزب الله داخل الكويت، وهو امتداد لجمعية الثقافة الاجتماعية التي أنشئت عام 1963م، وتم حلها عام 1989م لتورط رموزها في أعمال عنف، وبعد عشرين عاما من حلها صدر قرار تم بموجبه الإفراج عن حرية الجمعية.

 

التحالف الوطني الإسلامي أو حزب الله الكويتي معروف بالتنسيق مع الإيرانيين وداخل السفارة الإيرانية، للبحث في كيفية دعم أعضاء التحالف في الانتخابات والاستفادة من المرجعية في توطيد ورفع شعبيتهم.

وقد ذكرت جريدة السياسة في صفحتها 24 من عددها الصادر بتاريخ 10/5/2004 قائمة بقادة حزب الله الكويتي الذين اجتمعوا في السفارة الإيرانية بالأسماء.

تيار الشيرازي:

والمعروف رسميا باسم تجمع العدالة والسلام، وله تركيبة تضم أمانة عامة وهيئة تنفيذية ولجانا انتخابية وخيرية ودينية واجتماعية، وتعتبر قناة الأنوار التي اكتسبت شهرة واسعة تابعة لرموزه.

وهناك العديد من المؤسسات التابعة لهذا التيار، مثل مكتبة الرسول الأعظم، وكثير من الحسينيات والمخيمات الشبابية.

ولهذا التيار أنشطة قوية لجذب الشباب الشيعي، وإن كان تأثيره قد تراجع بسبب الهجوم على الشيرازي كمرجعية من قبل المرجع الأعلى للشيعة في ذلك الوقت وهو الخوئي، فتم إبعاد الشيرازي من الكويت في مطلع الثمانينيات.

تجمع الميثاق الوطني:

أو تيار المرجع الديني اللبناني محمد حسين فضل الله، ويعرف كذلك بتيار دار الزهراء، ويحظى هذا التيار بدعم كبار التجار ووجهاء الشيعة.

كما أن هناك تكتلات وتجمعات شيعية أخرى مثل:

تجمع الرسالة الإنسانية المعروف بجماعة الميرزا

حركة التوافق الوطني الإسلامية

تجمع علماء الشيعة

ائتلاف التجمعات الوطنية..

الثورة الخمينية وشيعة الكويت:

ما إن انطلقت الثورة الخمينية عام 1979م حتى اشتعلت الروح العدائية من الشيعة الكويتيين تجاه حكومة البلاد خاصة وقد رفضت استقبال الخميني بعد خروجه من العراق، وأصدر "أنصار الإمام الخميني منشورا قبل نجاح الثورة يسبون فيه حكومة بلادهم، وبدأوا يتصرفون بعد نجاح الثورة على أنهم مواطنو إيران في الكويت، وسافر عدد منهم إلى إيران باعتبارها الوطن الأم.

وظهر التيار الشيعي الثوري ومعظمه من الشباب، يهدف إلى إزالة النظام الكويتي وإقامة نظام جمهوري على غرار النموذج الإيراني الذي صار مصدر إلهام لشيعة الكويت.

شيعة الكويت والتحول إلى العنف:

كانت أولى مظاهر الحشد الجماهيري الذي يأخذ طابع الشدة، حين انطلقت إبّان الثورة الخمينية مظاهرات من منزل عباس المهري رجل الخميني الأول في الكويت، وتوجهت إلى السفارة الإيرانية لنزع علم شاه إيران، ونتج عنه صدام بين الشرطة والشيعة.

وبعدها ترأس المهري وفدا لزيارة طهران لتهنئة الخميني، وعقد معه لقاء في العاصمة الإيرانية.

وتعد أحداث مسجد شعبان التي اندلعت بعد ستة أشهر من الثورة، نقطة تحول أخرى في الحراك الشيعي في الكويت، حيث حشد أحمد عباس المهري أتباعه في ذلك المسجد الواقع بمناطق نفوذ شيعية، وأخذ اللقاء طابعا طائفيا، حيث دعي إليه فقط المجاميع الشيعية، وأطلقوا فيه نداءات ركّزت على المطالبة بمزيد من الحسينيات، وادّعوا المظلومية حيث نادوا بالمساواة بين الشيعة والسنة وكأنهم مضطهدون.

وأصبحت تجمعات مسجد شعبان حاضنة كذلك للقوميين واليساريين والليبراليين الذين وجدوا في أطروحات المهري متنفسا لهم، حيث رفع المهري شعار الحريات وحقوق المرأة ونحو ذلك.

استغل النظام الإيراني التعاطف الشيعي الكويتي في تعزيز التجمعات الشيعية في الكويت، وجنّد عددا من الشباب في تنظيمات إرهابية لزعزعة الاستقرار، ردا على موقف الكويت الداعم للعراق في حربها مع إيران.

وشهدت الفترة من 1980 إلى 1988 عددا من الأحداث الساخنة:

*عمليات إرهابية بالجملة تورطت فيها أسماء شيعية..

*منشورات تحريضية للقضاء على النظام السياسي وإقامة جمهورية كالجمهورية الإيرانية...

*محاولة اغتيال أمير الكويت عام 1985...

*ارتبطت أسماء شيعية كويتية بتفجيرات 1987 في يناير ومايو ويوليو...

*تورّط شيعة كويتيين في اضطرابات سياسية بمنطقة مشرف 1987م أثناء محاولة السلطات إلقاء القبض على المتورطين بالتفجيرات...

*منظمات موالية لإيران كانت وراء أعمال العنف، مثل "طلائع تغيير النظام للجمهورية الكويتية" "صوت الشعب الكويتي الحر" و "قوات المنظمة الثورية للرسول محمد في الكويت".

*إلا أن حزب الله الكويتي هو المصدر الأول لهذه العمليات والراعي لها.

حزب الله الكويتي يا إخواني إن كنتم لا تعلمون، تأسس في إيران بعد الثورة من عدد من الشباب الكويتي الذين تلقوا دراستهم في "قُم" ويرتبطون بلجان الحرس الثوري الإيراني، وهو جزء لا يتجزأ من المشروع الإيراني.

ولم يكتف شيعة الكويت بأعمال التخريب في وطنهم، بل انتقل دورهم لدعم التنظيمات الشيعية في الخليج والبحرين خاصة، وقد كشفت مجلة الوطن العربي بتاريخ 28 يونيو 1996م مخططا إيرانيا ضد البحرين يقوم على تنفيذه حزب الله الكويتي بمساعدة نظيره اللبناني.

وعند إلقاء القبض على المتورطين في أعمال التخريب التي شهدتها مكة في موسم الحج عام 1989م، تبين أن بعضهم يحملون جنسية كويتية.

ونشر موقع مفكرة الإسلام بتاريخ 14/10/2002م، أن معظم الذين قاموا على تعذيب إسلاميين من السنة اعتقلتهم الحكومة بتهمة الاعتداء على أمريكان بالكويت، كانوا من الشيعة.

وفي نفس الوقت يدعم شيعة الكويت بناء حسينيات في سوريا، ذكر الدكتور محمد بسام يوسف في كتابه "المشروع الإيراني الصفوي الفارسي"، أن أنشطة التشيع في سوريا تعتمد على عدة مصادر في تمويلها أهمها شيعة الكويت، حيث تقوم عائلات وشخصيات شيعية كويتية وأعضاء من مجلس الأمة بتقديم الدعم لهذه الأنشطة، وأضاف أن امرأة كويتية شيعية (لم يُسمّها)، موّلت بناء العديد من الحسينيات والمساجد الشيعية في قرى دير الزور بسوريا.

هل تعلم؟

في 2008م انتقد النائب الشيعي حسين القلاف تصريحات الدكتور الشيخ محمد صباح السالم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الذي تناول فيها تهديدات ايران باغلاق مضيق هرمز الممر المائي الدولي والممر الوحيد الذي يتم من خلاله تصدير بترول دول الخليج ومنها دولة الكويت.

ثار الجدل منذ سنوات بشأن الغول الاقتصادي محمود حيدر دهداري الذي سيطر على الإعلام الكويتي وهو إيراني يحمل الجنسية الكويتية، ويكتنفه الغموض حول تكوين ثروته الضخمة وظهوره المفاجئ، ولا يتطرق لثروته أحد ولا يعرف كيف تتنامى بهذا الشكل الخرافي.

ورد اسم الشيعي الكويتي صالح جوهر في تحقيقات مصرية بشأن تنظيم شيعي تزعّمه الهالك حسن شحاته سبّاب الصحابة.

تمكن شيعة الكويت من السيطرة على بعض المناطق الكويتية كالشرق والقادسية وغيرهما عن طريق شراء الأراضي والمنازل من أصحابها، ووصل تمسكهم بذلك إلى حدّ أنهم كانوا يُقايضون السكان بمنازل أكثر فخامة في مناطق راقية.

عدد النواب الشيعة الآن في مجلس الأمة 9 أعضاء، وكانوا قبل ذلك أكثر منهم اليوم، وقد ذكر الدكتور عبد الله النفيسي في لقاء تلفزيوني قبل سنتين أن عددهم وصل إلى 17 نائبا من أصل 50 في المجلس.

جميع نواب الشيعة في المجلس عارضوا عاصفة الحزم التي قام بها التحالف الذي قادته السعودية لإعادة الشرعية في اليمن وإنهاء الانقلاب الحوثي.

أخيرًا:

بعد كل ما سطره القلم، أجدُ نفسي حقيقة لم أكتب شيئا، فمثل هذه القضية لا يتّسع لها المقام ولا يكفيها ألف مقال، لكنها قد تكون إشارات، تفتح أمام القارئ نوافذ للبحث والتنقيب في ذلك الشأن.

وبقيت لنا ورقة أخيرة حول هذا الموضوع.

وللحديث (إن شاء لنا الله) بقية..