مَنْدَريس

كيف ضاقَ صَدرُ الحقلِ بالشمس.. بالماءِ .. بالضوءِ ؟!

كيفَ كرهَ القلبُ الحُبَّ ؟

وكيفَ غطّى الشيخُ ربيعُ وجْهَهُ لكيلا يرى البنفسجَ واللّيلَكَ وشقائقَ النعمان ؟!

مندريس ..

كيفَ هربت الأمواجُ المُتعَبَة من حُضن الشاطئ الرؤومِ ، إلى بَطنِ المحيط ؟!

كيف نَفرَ زغبُ القطا من صَدْر أمّه ، وقد سكبتْهُ لهُ ليشربَ ؟!

وكيفَ هجرَ النحلُ فسيحَ الحقولِ وأزهارَهَا ، إلى ذابلاتِ الأزهار عندَ المُسْتنقعاتِ الآسِنة ؟!

مندريس ..

بكى الحبلُ الذي آلمكَ .. ورأيتُه خجْلانَ مِنْ وجهِكَ الطيّبِ وقلبِكَ الأبيضِ !

وسمعتُ أعوادَ المشنقة تندبُ : ماذا فعلْنا برَجُلِ الأمّة ؟! ليتنا ما كنّا إلاّ طعامًا في بطنكِ يا نارُ !!

والكرسيّ الصغير الذي وقفتَ عليه في لحظاتكَ الأخيرة ، مايزالُ يُفاخرُ بأنّه قبّلَ قدميكَ الطاهرتينِ قبلَ أن ترتقيَ إلى بارئِك ..

مندريس ..

لأجلكَ أنزلَ الله اللعناتِ

ولأجلِكَ أرسلَ الرحْمةَ

فسلامٌ على رُوحِكَ في حَواصِلِ الطّيْرِ الخُضْرِ