لا تقرأ

د. أحمد محمد كنعان

( لا ينصح لمن هم دون 18 سنة)

خلال جولتي الأسبوعية في المكتبات باحثاً عن رحيق يشبع بعض شهوتي للفكر .. وقع تحت يدي أمس كتاب فاضح لن أذكر عنوانه ولا مؤلفه حتى لا أساهم في نشر فضائحه وما فيه من دعارة نسوية، لكني سأكتفي بعرض عام به !

الكتاب عبارة عن ببليوجرافيا (Bibliography) يعرض أكثر من عشرين رواية عربية نسائية نشرت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وهي روايات إباحية فاضحة يجاهر فيها جسد المرأة بطقوسه الإباحية في عري تام، وعبارات سافرة لا حجاب فيها ولا حياء، وهو كتاب يزعم مؤلفه أنه دراسة نقدية عن الجنس في الأدب العربي المعاصر، لكني لم أجد في الكتاب غير ترويج مجاني للإباحية، فهو لا يقدم  دراسة بالمعنى الأدبي النقدي، لكنه يختار من هذه الروايات مشاهد إباحية اقتطعها عن عمد ليس بدافع الأدب وإنما بدافع الترويج للدعارة .

فالروايات إجمالاً تتحدث عن الرغبات السرية لنساء لا يرتوين إلا بالشذوذ الذي يعتبرنه حرية شخصية، ويرين الرجال مجرد "أدوات جنسية"

إنه كتاب يحكي حكاية الفلسفات المادية التي غزت ديار العروبة فأثمرت هذا الأدب الإباحي الذي يشوه قداسة العلاقات الزوجية، بتصوير الزواج مؤسسة فاشلة ينبغي أن نعلن إفلاسها ونغلق أبوابها، لتتحول بيوتنا إلى مواخير .. وهذه النظرة إلى الزواج تكاد تكون ثيمة موسيقية نشاز في كل الروايات المذكورة، مما يدل على أن وراء هذه السيمفونية الداعرة مايسترو شيطان هو الذي يكتب النوتات التي تسمى خطأ روايات ! ففي إحدى الروايات تسأل المرأة الرجل الذي يزني بها : هل أنت متزوج ؟ فيجيبها بكل صفاقة : أحياناً . ويتابع معللاً تفضيله العلاقات العابرة على الزواج : "أنا أرفض أن أمتلك شخصاً يطالبني بالوفاء بحجة ورقة ثبوتية لا تساوي عندي ثمن الحبر الذي كتبت به" !

والروايات مليئة بمثل هذه المواقف والتعابير التي تنفر من الزواج وتروج للعلاقات المحرمة، تحت ستار الحرية والدفاع عن المرأة، وفي هذه النظرة إلى حقوق المرأة امتهان رخيص لها وإهدار مؤسف لكرامتها !

والمهم أنني خرجت من تصفح الكتاب مذهولاً إذ اكتشفت حجم الأدب الفضائحي الذي باتت رائحته تزكم أرفف مكتباتنا العربية !

وهو أدب يروج قصص نساء شاذات يمارسن كل أشكال الشذوذ الجنسي، ويفتخرن به، بل يصورنه شكلاً من أشكال الحرية التي حرمتها الأديان دون منطق علمي، حسب رأي إحداهن !

@ وخلاصة الكلام ..

إننا برفضنا لهذا النوع من الأدب المكشوف لا ننفي وجود أمراض وعلل وممارسات جنسية وغير جنسية تظلم المرأة في بعض مجتمعاتنا، وهي ممارسات نرفضها بلا تردد جملة وتفصيلاً، لإيماننا بحق المرأة أن تستمتع بجسدها كما هو من حق الرجل، لكن في إطار الميثاق الغليظ الذي يكفل قيام علاقات أسرية سليمة بريئة من الخيانة ومن المرض، وتحفظ الحقوق .

إننا مع الكشف عن المكبوت والمسكوت عنه، في الجنس وفي غيره من قضايانا، ونرى أن تناقش هذه القضايا بكل حرية وشفافية، لكن لا نقبل أبداً الإساءة إلى رابطة الزواج الذي هو عندنا ليس مؤسسة أو دكاناً كما يصوره الأدب الإباحي، وإنما هو عندنا ميثاق غليظ ورابطة مقدسة؛ به تستحل الأرحام، وتبنى الأسر، وتستقر المجتمعات، وتصان الحقوق !

وسوم: العدد 861