نقد الأدب وأدب النقد !!

النقد الموضوعي لا يأتي إلا بخير ، وأدب  بلا نقد مجموعة من الجواهر والحصى تحتاج إلى بصير يميز بينها. وحتى في النقد الانطباعي أو الحزبي بعض الخير لأنه يكشف عن مستوى فهم الناقد أو المتحامل. و إذا كان لابد للناقد الموضوعي من أدوات يستعين بها وتكون مقاييس  محايدة فكذلك للناقد الانطباعي أدوات  يشترك فيها مع غيره ألا وهي الذوق السليم .أما إذا تحول النقد إلى ( شللية ) وهو ما يحصل في كثير من أقطارنا حاليا فإن إياساً يمسي كباقل ،وباقل يغدو أحدّ ذكاء من إياس ؟

حضرت قبل سنوات محاضرة لأحدهم في حاضرة عربية ، وانتظرت أن  أسمع ردا من ناقد أعرف قدرته و إمكاناته إلا انه ظل صامتاً ولم يتحرك ليضع النقط على الحروف قبل أن ينفض الجمع، وفي هذا الجمع من لا يدرك حقيقة ما يقول المحاضر وصوابه ؟!

وعند الخروج استوقفه صديق له معاتبا على سكوته فجاء رده مخيبا مثبطا: إن المحاضر يستطيع أن يؤثر  في استمراري في الوظيفة ، وقد نصح بعض الأصدقاء بعدم مواجهته  !

ونمط آخر لا يملك القدرة على مواجهة الرأي بالرأي ومقارعة الفكرة بالفكرة فيلجأ إلى التخويف من الأدب الهادف ويحرض على إهماله !؟ 

وأن هذا الأدب سيلغي فنونا كثيرة كالغزل والوصف والهجاء …و…..و…..

والحقيقة خلاف ذلك فلا هو فَهِم هذا الأدب ولا ترك غيره ينتفع منه ؟

ونمط ثالث استقر في مخيلته أفكار محدده جعلت له موقفا خاصا يجمع بين شدتين : شدة الولاء لما يتصور ، وشدة الكراهية لما يعادي ولو كان كالذهب صفاء والعسل مذاقا !؟ 

 قرأت لواحد من هؤلاء منذ سنتين آو يزيد ، في إصدار أدبي لناد عريق تبجيلا لرموز الحداثة ودفاعا عنهم وهجوما على صاحب رسالة جامعية لأنه كشف معتقداتهم وخلفياتهم التي لا تنفصل عن إنتاجهم .

ونمط رابع وربما خامس وسادس ينطلق في تقويمه للأمور من ثقافة مستوردة مختلطة تغطي على الأصل الصحيح ولا تنتفع بالجديد الوارد ، يطيش صوابه حين يجد مجلة أدبية رصينة تعرض الأدب الهادف فيستنفر مجموعة من كتبته لإصدار مجلة لا بهدف تعدد الألوان واختلاف الأفكار ولكن للتقليل من شأن هذا الأدب وصرف النظر عنه؟! إن معركة الأدب لا تحتاج إلى تحريض وتشويه ومصادرة ومخاتلة و استقواء إنها معركة مواجهة أدواتها شرف الكلمة وأمانة الكلمة ومسؤولية الكلمة !

وسوم: العدد 882