قراءة في رواية أنا وهيمنجواي ، من عنابة إلى كوبا لصاحبتها لامية خلف الله

adfhfg937.jpg

بعد قراءتنا لهذه الرواية لاحظنا بأن فيها مصافحة ، حوارية جيدة مع ميراث هيمنجواي ، وهذا يحسب لصاحبتها . ولذلك استطاعت مخاتلة القارئ ، وأوقعته في متعة الاسترسال في قراءتها . كما نعتقد بأنها من البداية تعطي للقارئ الكريم ضمانة ، بأنه سيستمتع كثيرا أثناء الغوص بين ثنايا صفحاتها . لأنها تتجاوز ذات الكاتبة ، لتتحدث عن مكنونات شريحة واسعة من بنات جنسها . خاصة وأنها ليست ، رواية نخبوية متعالية عن الآخر .

الحوار أدارته صاحبتها بشكل جيد وتُشكر عليه ، لأنه متين يعانق لغة أنيقة وسهلة وسلسة . ومما زاد في بريق الرواية هو تجاوزها للحيز الفئوي الضيق ، لصالح المجموع الإنساني العام ، وارتدائها لعباءة البعد الإنساني ، الذي أضفي عليها رونقا خاصا كما أضفي جمالية على النص .

والرواية كلما غاص فيها القارئ إلا وأسرته ، صحيح أنها ليست من روايات الصف الأول . ولكنها رواية جيدة ، وتستحق الإشادة والتنويه . وهي رواية تنعش الروح والجسد ، ولذلك تركت أثرا طيبا في نفسي . وهذا مجرد رأي قد يخطأ وقد يصيب ، لأن أي عمل أدبي من البداهة أن تختلف حوله الآراء ، على عكس ما هو موجود في العلوم الصلبة .

وأحداث الرواية تدور في فلك العلاقة ، بين الثريا وصديقتيها صابين وبلقيس . مما أعطى لصاحبتها مساحة أوسع للبوح ، من دون التصادم مع القارئ الذي ينظر دوما بعين الريبة لبوح المرأة . ويرى بأن الأخير يجب أن يبقى حبيس الغرف المغلقة وخلف الأبواب الموصدة ، على عكس بوح الرجل الذي يبقي مباحا وغير مُجَرَّم في مجتمعاتنا . ولو كان بوحها لصديق ، لكان الحكم قاسيا جدا ليس على الرواية فقط ، وإنما ستطال لعناتها صاحبتها ، ولذلك نراها قد وفِّقتْ في خيارها . على الأقل استطاعت أن تتجنب فئة الفضوليين ، والذين لا يقرؤون للمتعة ، بقدر ما يقرؤون للتلصص على حياة الآخرين الشخصية .

ونحن نعتقد بأنها ( الكاتبة ) بعد تلك الرحلة ، مع صديقتيها في عوالم هيمنجواي . لم ترجع خالية الوفاض ، بل إنّ سلّتها رجعت ممتلئة ، بالكثير والكثير من مظاهر النجاح . لأن توظيفها لهيمنجواي كان ناجحا للغاية ، فنصها لم يكن إعادة اجترار لكتاباته . بغية تسلق سلم النجاح على حسابه ، عبر الاطناب من الاقتباس مما سطره . وإلا كنا سمعنا صوته هو ، لا صوتها هي ، وهنا لن تقدم لنا أي جديد ، فينتحر نصها أو يولد ميتا .

وأخيرا نقول بأن النص نراه وربما نخطأ في هذا ، مكتمل البناء وأجزاؤه متناسقة . والانسجام بين الأحداث يشبه ، الانسجام والتوافق بين ألوان لوحة زيتية مرسومة ، بأنامل خبير بصنعته . كما أنّ توظيفها الناجح لهيمنجواي ، يؤكد لنا وكما قيل بأن الحياة ، ليست حياة الجسد فقط . وإنما هي بما يسطره الإنسان ، وبما يتركه من ميراث ينير دروب اللاحق من الأجيال . وبهذا فقد يحجز لنفسه مكانا ، ضمن قائمة الخالدين المفتوحة .

شخصيا استمتعت بقراءتها ، لأنها رواية غير مؤدلجة ، وآمنة وخالية من التعابير الوقحة والمبتذلة . والتي عادة ما يتعلق بأستارها بعض الكتاب الفاشلين ، لاعتقادهم بأنها حصانهم الرابح صوب عالم النجومية والشهرة والنجاح .

وسوم: العدد 937