في رثاء الرَّسَّام الكاريكاتيري الفلسطيني الشَّهيد " ناجي العلي " - في الذكرى السنويَّة على وفاتِهِ -
وَرَحَلتَ عَنَّا َقبلَ إشْرَاق ِ النَّهار ِ -
يا أيُّهَا الحُلمُ المُسافرُ في الحقيقَهْ
يا أيُّها البدرُ الذي قد غابَ عَنَّا وارْتحَلْ
قتلوكَ ؟ لا لمْ يُطفِئوُا الشَّمسَ المُنِيرَة َ في السَّماءْ
لم يحجبُوا قمرَ الضِّياءْ
لن يخرقُوا نظمَ الطبيعةِ والوجُودْ
أنّى لهُمْ أن يعكسُوا شكلَ الفصولْ
قتلوكَ ؟ لا.. لا لمْ تمُتْ لوْ صَوَّبُوا كلَّ البنادقِ نحوَ صدرِكْ
لوْ أغمَدُوا مليونَ سيفْ
لو عذ َّبُوكَ ومَزَّقوكَ وَأحرقوكْ
لمْ يسكتوا ذاكَ النَّشيدْ // لمْ يُسكتوا ذاكَ النَّشيدْ
ستظلُّ نبراسًا لهذا الشَّعبِ من جيل ٍ لجيلْ
أنتَ الذي عاهدتنا
أنتَ الذي عانقتنا
أنتَ الذي واكبتنا
أنتَ الذي أعطيتنا ومضَ الأمَلْ
يا واحة َ الإبداع ِ في العصرِ البخيلْ
يا أيُّها الوجهُ المُسافرُ في الحقيقةِ والخيالْ
يا أيُّها الوجهُ المُسافرُ للبعيدْ
هلا َّ سألتَ النازحينْ ؟
هَلا َّ سألتَ النازحينْ ؟
عن هول ِغربتِنا الطويلةِ والضَّيَاعْ
هَلا َّ سألتَ النازحينْ ؟
خُذني إليكَ لنرتقي أفقَ الصُّعودْ
وَلنختصرْ هذا الرَّحيلَ لنختصِر دربَ البكاءْ
إمض ِ بنا نحوَ السَّماءْ
وادخُلْ خيامَ الأنبياءْ
يا أيُّها الوجهُ المُسافرُ للبعيدْ
الغيمُ يرحلُ والصَّباحْ
ما زالَ مَشدُودَ الجراحْ
وخيامُ أهلي ُتمَزِّقُهَا الرِّياحْ
وعِضَامُ أطفالي زهورُ الرَّفض ِما بينَ الصِّفاحْ
الثَّورة ُ الرَّعناءُ تترعُ قمَّة َالرُّوح ِالكئيبَهْ
والوردُ يذوي خلفَ أسوار ِ الحدائِقْ
وبنادق ُ الطغيانِ تصطادُ الأحبَّة َ والعَنادِلْ
وتطاردُ الطفلَ البريىءَ وراءَ هاتيكَ التلالْ
وأرى دُموعَ الحزنِ تذرفها المنافي
وأراكَ رغمَ الجوع ِ رغمَ القهرِ رغمَ الموتِ صَامِدْ
نامَ الجميعُ .. بقيتَ وحدكَ مع دموع ِ الأهل ِ سَاهِدْ
يا أنتَ يا مَنْ ترفعُ الرَّاياتِ حُمرًا في وجوهِ المُبعدينَ النازحينْ
الهاربينَ منَ الحقيقةِ واليقينْ
الهاربينَ منَ التَّصَدِّي والصُّمودْ
الهاربينَ منَ التقوقع والتفكُّكِ والتحلُّلِ والضياعْ
لو أطلقَ الطغيانُ نيرانَ القذائفِ كلَّها لن يُسكتوا َشدْوَ البلابل
لنْ يسكتوا شدوَ البلابل ْ
لنْ ينتهي ذاكَ النشيدْ
* * * * * * *
جسرٌ منَ الأحزانِ مُمْتَدٌّ إلى دمِكَ المُحاصرِ في الظهيرَهْ
جسرٌ إلى دمِنا المُصَفَّى كالحِسَاءْ
دمنا المُرَاقِ على الشَّوارع ِ والأزقَّهْ
أنتَ البدايةُ والنهايةُ أنتَ جسرُ العابرينْ
أنتَ القصيدةُ في تألُّقِها وعالمِها الجميلْ
خَلَّدتَ ذكركَ للأبَدْ
وَمَشيتَ وحدَكَ لا أحَدْ
ورفعتَ فنَّكَ عاليًا من فوقِ صرح ِ المُبدعِينْ
يا أيُّها الوجهُ الذي يحتلُّ وجهَ الخصبِ في دنيا السَّرابْ
دنيا تموجُ بكلِّ ألوانِ الرّياءِ وكلِّ ألوانِ العذابْ
ما عُدتَ وحدَكَ مع عراكِ الرِّيح ِ ما .. ما عُدتَ وَحدَكْ
تابعتَ رحلتكَ الطويلة َ صامدًا بعزيمةٍ حَطَّمتَ قيدَكْ
لنْ يقتلوا الإصرارَ فيكْ
لنْ يقتلوا الإصرارِ فينا
كلِّلْ جبينَكَ كي يرى الثُّوَّارُ مَجْدَكْ
وقَّعتَ خطوكَ في انسيابٍ في انسيابٍ في انسيابْ
ما هُنتَ يومًا مع عراكِ الموج ِ والرِّيح ِ العنيدةِ والعذابْ
لا لم تذبْ ... لا لمْ تَذ ُبْ ... والصَّخرُ ذابْ
وَرسَمْتَ دربَ الفجرِ للطيرِ الأسيرْ
أطلقتَ طيفكَ هائمًا ما بينَ أزهار ِ الحقولْ
عانقتَ أعوادَ السَّنابلْ
وَفتحتَ صدركَ للوطنْ
يا أيُّها الحُلمُ المُسافرُ في الحقيقةِ صاعدًا أفقَ السَّماءْ
أنتَ الذي أترَعْتنَا حُبًّا وشوقًا للضياءْ
أنتَ الذي واكبتنا دربَ الفداءْ
ورحلتَ عنَّا قبلَ إشراقِ النَّهارْ
وسوم: العدد 1091