مدينة ( بجاية) الجزائرية

من أروع البلدان التي زرتها - ولها في قلبي حب وشوق- مدينة /بجاية/ في الشرق الجزائري شرق مدينة / تيزيوزو/ بمئة كيلو

عملتُ فيها وزوجتي مدرسَين للعربية سنتين في العامين الدراسيين 1978- 1980،

هي مدينة صغيرة إذ ذاك قد كان يبلغ عدد سكانها مئة ألف. ساحلية على البحر المتوسط هادئة وجميلة ، أهلها من القبائل الصغرى ، يتكلمون العربية والبربرية في حياتهم على حدٍّ سواء، وطلاب المدارس حتى الثانوية خطّهم بالحرف العربي واضح جميل، يضبطون حروفه أغلبها ، ولم أر هذا في البلاد العربية الأخرى.

يمتازون باللطف وحسن المعشر،وحبِّهم للضيف وحُسنِ ترحيبهم به، لم نشعر فيها بالغربة ، بل قل : اندمجنا بأهلها ،وغمرَنا أدبُهم ولُطفُهم،وجميلُ معاملتهم.

يحبون الدين وأهله، ويتابعون دروس التفسير والحديث والتفسير والسيرة في مساجدهم، ويُبَجِّلون أهل العلم ويقدرونهم، ولا انسى أنني فسرتُ في مسجدهم الكبير بعض سور القرآن الكريم فكان حضُورهم كبيراً وتفاعلُهم واضحاً.

وشريط الساحل الذي يمتد بين بجاية وبين مدينة ( جيجل) من أروع ما رأيت من جمالٍ في حياتي ،طوله تسعون كيلاً تقطعه أربعة أنهر قصيرة وغزيرة، طيبة الماء عذبة المذاق ، تنزل من الجبال الخضراء ،فتصب في البحر جمالاً وجلالاً.

يتعدد لون الرمل تناسقاً بديعاً وأنت تسير على الطريق بين المدينتين ، تراه مرة أصفر أو برتقالياً،ورمادياً أو أبيض، ويتلوى الطريق ضيقاً بين الجبل والبحر ، فتراه ملتصقاً بالبحرمرة ، وفوقه مرة أخرى، ولعلّك ترى نفسك تمر فوق جسر تارة، وتدخل نفقاً مرة أخرى.

تتداخل فيها حياة القرية والمدينة، فإن أردت الهدوء وجمال الطبيعة والحركة الهادئة المنسابة دون زحام قلتَ إنها قرية، وإن رغبت التسوّق ففيها كل ما تريد من حاجات ومحلات متنوعة يسمونها( الجالاري)ولعلها كلمة فرنسية ، قلتَ إنها مدينة أو بلدة كبيرة.

كنت أودُّ أن ابقى فيها أو أكمل الإعارة أربع السنوات لكنّ نظام القمع والكفر والجبروت في سورية الأسيرة طلب من الحكومة الجزائرية أن تسلمها مجموعة من /المجرمين/ حكمت عليهم بالإعدام عام ثمانين وتسع مئة وألف بقانون العار التاسع والأربعين الذي أصدره الهالك حافظ الأسد لوأد الحركة الإسلامية، فأبى رئيس الجزائر إذ ذاك الشاذلي بن جديد رحمه الله تعالى أن يسلمنا لنظام أسد الإجرامي فنحن معارضون سياسيون لا مجرمون، وشتان ما بين أهل الإجرام وطلاب الحرية والكرامة.

ولعلي إن أطال الله عمري ويسّر لنا أن نزور / بجاية/ مدينة الجمال والشباب ، إنها جزء من القلب ونسمة من الحُبّ.

وسوم: العدد 1034