عائد من المغرب

د.مولود عويمر*

زرت المغرب الأقصى في الفترة الممتدة من 19 إلى 29 سبتمبر 2010. وهي رحلة علمية قصدت منها زيارة العلماء والتعرف على أبحاثهم،والإطلاع على مقتنيات المكتبات المغربية لأتمم بعض بحوثي. ورافقني في هذه الرحلة العلمية الدكتور شاوش حباسي أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة بوزريعة.

غادرنا الجزائر على الساعة الثامنة والنصف ليلا بعد طول انتظار بالمطار دام 8 ساعات ثقيلة. وصلنا الدار البيضاء ليلا. ركبنا سيارة أجرة بيضاء نقلتنا إلى فندق اسمه دار البيضاء الواقع في 58 شارع الحرية بحي بن جدية مقابل 250 درهم. قدم لنا صاحب الفندق مفتاح غرفة 418 بعد أن سلمنا له جوازات السفر ودفعنا له 500 درهم ثمن الليلة الواحدة.

في الصباح، تناولنا الفطور في مطعم الفندق، ثم دخلنا إلى البنك للصرف، وذهبنا بعد ذلك إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق، وهي ملحقة لجامعة الحسن الثاني.

تعذر العميد عن استقبالنا لكثرة أشغاله الإدارية، فكلف الحاجب بمرافقتنا إلى الدكتور عبد الإله براقصه نائب العميد المكلف بالشؤون الأكاديمية والبيداغوجية، فاستقبلنا بحفاوة بمكتبه رفقة  مساعده الأستاذ حسن بوتاقة. والدكتور براقصه أستاذ للأدب والحضارة الإسبانية بنفس الجامعة. تطرقنا في الحديث إلى التعليم والبحث العلمي في المغرب العربي.

خرجنا من المكتب وتوجهنا إلى قسم التاريخ للاتصال بالأساتذة لكننا وجدنا كل الأقسام مغلقة، فذهبنا إلى قاعة الأساتذة لعلنا نجد بعضهم هناك.. التقينا على جناح السرعة بأستاذ للتاريخ، قال لنا أنه سيخبر رئيسة قسم التاريخ بوجودنا. وطلب من الخادم أن يناولنا الشاي ففعل.

وقرأت أثناء الانتظار عناوين الكتب المسجلة على اللوحة المعلقة، وهي تروج لنشاط الجامعة وتكشف عن فعالية أساتذتها. ويظهر من هذه الإعلانات كثرة الندوات التي تقام لدراسة إنتاج وأعمال أساتذة هذه الجامعة ثم تجمع هذه المداخلات وتنشر في كتاب لتعم الفائدة.

ولا بأس أن أذكر للقارئ أهم هذه الندوات التكريمية: "المغرب والتحولات الدولية" تكريما للأستاذ عثمان المنصوري، "قضايا في تاريخ المغرب الفكري والاجتماعي" تكريما للأستاذ إدريس العمراني الحنشي، "التاريخ القديم قضايا وأبحاث" تكريما للأستاذة زكية عواد، "النحو الوظيفي واللغة العربية" تكريما للأستاذ أحمد المتوكل. وقد جمع هذه البحوث ونشرها الدكتور لطفي بوشنتوف.

خرجنا من الكلية لنتناول الغذاء، ركبنا بعد ذلك الحافلة رقم 4 ثم الحافلة رقم 84 متجهين إلى الجهة الأخرى من المدينة لزيارة مسجد الحسن الثاني. وجدنا المكان مكتظا بالسائحين. ولم تنمكن من أداء صلاة الظهر بعد أن سدت أبواب المسجد بمجرد أداء الناس للصلاة وانصرافهم لأشغال الدنيا وواجبات الحياة. تجولنا في الساحة الكبيرة ثم زرنا بعد ذلك بشكل سريع المركز الثقافي المتوسطي المقابل للجامع.

وبعد هذه الزيارة، ركبنا الطاكسي لنتسوق في حي الحبوس القريب من الفندق الذي نزلنا فيه. تجمعت في هذا الحي القديم مكتبات عديدة، تبيع كتب التراث الإسلامية بشكل خاص.

حرصت على أن أبقى وقتا أطول بمكتبة المركز الثقافي العربي المتخصصة في الكتب الفكرية الحديثة. وسبق لي أن تعرفت على هذه المؤسسة التي طبعت كتبا لباحثين جزائريين بالاشتراك مع جمعية الاختلاف الجزائرية ودار العلوم العربية اللبنانية.

وعدنا سيرا على الأقدام في فسحة مريحة مررنا عبر المنازل المسبوغة باللون الأبيض والمحيطة بالحدائق الخضراء، سالكين شارع اسطنبول، فشارع لندن ثم شارع الحرية. وقي صباح الغد الثلاثاء 21 سبتمبر ركبنا الحافلة متجهين إلى مدينة الرباط، العاصمة السياسية والثقافية للمغرب الأقصى.

أقمنا خلال كل الفترة التي قضيناها في الرباط في الغرفة رقم 5 بفندق "قولوا" الذي يقع في الزاوية المشكلة من شارع محمد الخامس وزنقة (نهج) حمص.

وشيّد هذا الفندق في العشرينات مهاجر برتغالي ليصبح في عام 1937 ملكا لأحد الأثرياء الفرنسيين. هذه الرواية سمعتها من المضيف ولا أدري مدى صحتها.

خصصنا اليوم الأول للتعرف على المدينة، ودخلنا إلى عدة مكتبات واشترينا منها مجموعة كتب في الفكر والتاريخ. وأول كتاب اشتريته كان من مكتبة "خدمة الكتاب" الكائنة بشارع علال بن عبد الله يحمل عنوان: "إشكاليات الفكر المعاصر" لمجموعة من المفكرين الأوروبيين. وترجمه إلى العربية الدكتور محمد سبيلا أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس.

في صباح يوم الأربعاء، قصدنا حي أكدال بعد أن مررنا بزنقة القدس وشارع ابن تومرت لزيارة كلية الآداب لجامعة محمد الخامس التي اشتهرت بأساتذتها الكبار الذين سجلوا أثرا كبيرا في الحياة الفكرية العربية الإسلامية المعاصرة أمثال الدكتور محمد عزيز الحبابي، الدكتور عبد الله العروي، الدكتور محمد عابد الجابري، الدكتور طه عبد الرحمان ... الخ.

كان هدفي من هذه الزيارة مضاعفا: الاتصال بالأساتذة والتعرف عليهم من جهة، والإطلاع على الرسائل الجامعية التي نوقشت في هذه الكلية في المواضع التي تشغل اهتماماتي التاريخية والفكرية من جهة أخرى.

لقد تمنيت أن أطلع على الأقل على رسالة دكتوراه في التاريخ ناقشها بهذه الكلية في عام 2005 الباحث المغربي محمد أمطاط عن المهاجرين الجزائريين بالمغرب ما بين 1830 و1962؛ وبحث آخر أعده الباحث عبد اللطيف القتبيوي عن حياة الشيخ محمد إبراهيم الكتاني وآثاره. لكن وجدنا الكلية شبه فارغة، فالطلبة والأساتذة مازالوا في عطلة والمكتبة لم تفتح بعد أبوابها للقراء والباحثين.

ولحسن الحظ، قرأت ملخصات عن هاتين الرسالتين فيما بعد في الخزانة العامة وفي كتاب اشتريته من مكتبة عالم الفكر بوسط مدينة الرباط.

زرنا مباشرة بعد ذلك الخزانة العامة (المكتبة الوطنية) في مقرها الجديد الواقع في شارع إبن خلدون. دخلنا إلى القاعة الأولى وهي مخصصة للدوريات التي تضم أهم المجلات والصحف المغربية ومجموعة من الدوريات العربية والغربية، منها مجلات جامعية جزائرية: الهجرة والرحلة (جامعة منتوري / قسنطينة)، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة الأمير عبد القادر/ قسنطينة)، عصور (جامعة وهران)، وهذه المجلات موجودة بأعداد ضئيلة.

اطلعت أولا على المجلات التي تصدرها الجامعات المغربية والتي لا تصلنا إلى الجزائر. ولم نجد فيها مساهمات لباحثين جزائريين باستثناء مجلة "المؤرخ العربي" الصادرة عن إتحاد المؤرخين المغاربة، وهذا بسبب قلة التواصل العلمي بين المثقفين والعلماء في المغرب العربي.

وحرصت على مطالعة البحوث والمقالات التي تناولت تاريخ الجزائر أو الفكر الجزائري، وقد غرقت فعلا في قراءة مجموعة منها، أذكر هنا بالخصوص: "الجزائريون بالمغرب الأقصى ضمن سياق التحولات السياسية والاجتماعية خلال فترة الحرب العالمية الثانية" للباحث محمد أمطاط؛ "السي قدور ابن غبريط والإسلام في فرنسا: التوجه والمسار" للباحثة جليلة السباعي؛ " حركة شباب جامع القرويين بفاس فيما بين 1919 و1934" للباحث محمد عمراني؛ و" بروديل والنظرة المتوسطية" للباحث اللبناني مسعود ضاهر.

وفي قاعة الكتب قرأت مجموعة منها بالفرنسية وهي تمثل آخر إصدارات في قضايا الإستشراق، والإسلام في الغرب، والعلوم الاجتماعية. واطلعت بالعربية مجموعة كتب تاريخية ومذكرات لرجال الإصلاح والفكر في المغرب. ولفت انتباهي إقدام هؤلاء على نشر رسائلهم الخاصة ووضعها في متناول الباحثين. وهي وثائق تتضمن معلومات نادرة وطريفة.

واطلعت على كتاب جديد عن الأمير شكيب أرسلان، وتوقف المؤلف الدكتور بوشوشة بن جمعة عند علاقات أرسلان بكل من الحبيب بورقيبة وأحمد توفيق المدني، فقد قال أرسلان في هذا الأخير: « توفيق المدني هو أعز الناس عندنا. وبعد أن صار يقرأ كلامنا شغف بنشر مبادئنا وأفكارنا».

في اليوم الأخير قمنا بزيارة مجاملة لمسؤول المكتبة لنشكره على حسن الاستقبال. فرحب بنا الأستاذ عبد العاطي لحلو في مكتبه الذي يقع قي الطابق العلوي، وتحدثنا في هذه الجلسة عن التواصل الثقافي بين الجزائر والمغرب، وفي الأخير تمنى لنا عودة ميمونة إلى البلد.

الأحد هو يوم العطلة الأسبوعي. خصصنا هذا النهار للتجول والتعرف على المعالم التاريخية للمدينة ثم التسوق في المساء لشراء بعض الهدايا. خرجنا في الصباح لزيارة حديقة حسان الجميلة، وهي فضاء أخضر أنجزت في عام 1924 وتتربع على مساحة قدرها 8 هكتارات.

ثم واصلنا الطريق للتعرف على ضريح الملك محمد الخامس رحمه الله. ونحن نقترب من المعلم، اهتف لي من الجزائر الأستاذ محمد الهادي الحسني، فأخبرته أنني بالمغرب حتى يجنب لي ولنفسه تكاليف المكالمة. فأغتنم هذه الفرصة وطلب مني أن آتيه بالقصيدة التي قالها الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري في رثاء الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.

زرنا الضريح الذي يعتبر تحفة معمارية، ويسهر على حراسته 6 جنود يلبسون زيا عسكريا تقليديا. ويقصده الزوار المغاربة والسواح الأجانب على طول العام. ثم توجهنا إلى المدينة القديمة في أسفل هذا المعلم التاريخي، فأدينا صلاة الظهر في المسجد العتيق قريبا من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ثم اشترينا بعض الهدايا للعائلة من السوق، وعدنا إلى الفندق بعد أن تناولنا الغذاء.

وأدينا صلاة العصر في مسجد السنة الواقع في أعالي المدينة، وذكرني بمسجد باريس لأنه يشبهه في كل شيء. وحسب اللوحة التذكارية المعلقة على يسار الباب الرئيسي فإن هذا المسجد بناه السلطان مولاي محمد بن عبد الله في عام 1785 م، وأعيد ترميمه وتوسيعه عدة مرات وآخرها كانت في عام 1969.

خرجنا بعد ذلك للقيام بفسحة أخيرة في شوارع الرباط الواسعة التي يقطعها التراموي -الذي هو الآن في المرحلة الأخيرة من الإنجاز-، وتكسوها الخضرة والأشجار العالية، ويزينها باعة الأرصفة الذين يبيعون الصحف والمجلات.

ومررنا في المساء بمحطة القطار القريبة من فندقنا لنستفسر عن مواقيت القطار المتوجه إلى دار البيضاء. وقدمت لنا المضيفة ورقة سجلت عليها مواقيت كل الرحلات.

وفي الغرفة اتفقت مع الدكتور حباسي على السفر في القطار رقم 12 الذي سينطلق على الساعة الثامنة والنصف صباحا.

وفي الغد الثلاثاء 28 سبتمبر عدنا إلى المحطة، واشترينا التذاكر بــ 35 درهما للواحد. جلسنا على مقاعد نظيفة ومريحة، ننتظر وصول القطار القادم من القنيطرة. لاحظت أن الرحلات المبرمجة قبلنا كانت منتظمة، ومحترمة للمواقيت المسجلة على لوحات الإعلانات.

وصل القطار في الوقت المحدد، فركبنا مع المسافرين الآخرين في هدوء وانتظام. وجلست قرب النافذة أتفرج خلال الرحلة وكانت المشاهد جميلة إلى غاية مدينة تمارة، لتظهر بعد ذلك البيوت القصديرية والحقول الجرداء والأراضي القاحلة.

وصلنا إلى محطة دار البيضاء- الميناء على الساعة العشرة وخمسين دقيقة. نزلنا بفندق بيركورد، غرفة رقم 21 لقربه من المحطة. وبعد تناول الغذاء بمطعم يفع في وسط مدينة دار البيضاء، ركبنا الحافلة رقم 9 متجهين إلى بلدة عين الذياب، المطلة على المحيط الأطلسي، قاصدين مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية.

توقفنا بشارع الكورنيش حيث تقع هذه المؤسسة. وهي بحق تحفة معمارية فتحت أبوابها في عام 1995. وهي تضم مسجدا كبيرا، ومرافق ثقافية وإدارية، أهمها مكتبة من أغنى المكتبات المختصة في تاريخ وثقافة المغرب العربي، يتألف رصيدها من مئات المخطوطات النادرة، والآلاف من الكتب القديمة والحديثة والمجلات الثقافية والفكرية.

وتساهم هذه المؤسسة بالإضافة إلى الخدمات المكتبية في الحراك الثقافي في المغرب. فقد نظمت عدة مؤتمرات وندوات علمية دولية شارك فيها علماء من مختلف الجامعات العالمية. ومن أبرز القضايا التي تناولتها هذه الندوات الدولية، نذكر هنا: "العلم في المجتمعات الإسلامية: مقاربات تاريخية وآفاق مستقبلية"؛ "الفضاء المغاربي: مساءلة التاريخ"؛ "إبن خلدون، ميشيل فوكو: المثال، الحالة، الأنموذج"؛ "صراع الحضارات أم حوارها. إشكالية البديل؟"...الخ.

وتصدر هذه المؤسسة الثقافية مجلة سداسية عنوانها: "دراسات تاريخية"، وهي تعنى بالبحث و الببليوجرافية المغاربية. وأنجزت فهارس لعدة مجلات عربية منها مجلة الأصالة الجزائرية وجريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء الجزائريين.

أدينا أولا صلاة الظهر في المسجد، ثم رأيت قدماي تسبقاني إلى المكتبة العامرة لقضاء ساعات بين الكتب والمجلات. وجدنا عند الدخول مائدة كبيرة عرضت فيها معظم أعمال المفكر الجزائري الراحل الدكتور محمد أركون الذي توفي مؤخرا.

تربط أستاذ أركون علاقات متينة بمدير هذه المؤسسة الأستاذ محمد الصغير جنجار الذي قال عن صديقه الجزائري: " أركون أصبح منذ مدة ليست بالقصيرة جزء من النخبة المفكرة في الدار البيضاء، أصبحنا خلالها نلتقي كثيرا ونشتغل معا، ونتشارك اهتماماتنا وأبحاثنا الفكرية والثقافية، وندعوه لندواتنا ونطلب منه مقالاته الفكرية".

هذه المكتبة ثرية بالكتب وغنية بالمجلات. اطلعت على مذكرات محمد علي الطاهر، ومذكرات أمين الحسيني مفتي فلسطين الشهير، لكن تفاجأت حينما لم أجد فيها ذكر لأي شخصية جزائرية، ولم أجد فيها أيضا أية إشارة إلى علاقات الكاتبين بأعلام الجزائر ونضالهم في سبيل القضية الفلسطينية، وهو نضال كبير يستحق على الأقل بضعة أسطر.

واطلعت على الدواوين الشعرية للأستاذ عمر بهاء الدين الأميري، الشاعر الإسلامي المعروف، والمتعاون مع نوادي الإصلاحية الجزائرية بفرنسا في الثلاثينات. ونسخت ما له علاقة بالجزائر، منها القصيدة " بشائر كتشاوا" التي كتبها بمناسبة استرجاع جامع كتشاوة بعد الاستقلال، وآراء الشيخ محمد البشير الإبراهيمي والشيخ أبي إسحاق أطفيش في ديوان " مع الله" للأميري.

وشاهدت في الخزينة مجموعة كبيرة من الكتب التي أصدرها الكتاب والعلماء الجزائريون خاصة الكتب التي طبعت بمناسبة الجزائر عاصمة الثقافة العربية (2007)، وأعدادا من مجلة "الصراط" التي تصدرها كلية العلوم الإسلامية لجامعة الجزائر.

واطلعت على مجلة "الإيمان" التي كانت تصدرها جمعية شبان النهضة الإسلامية ويديرها الأستاذ أبو بكر القادري. وقد سبق لي أن اطلعت على بعض أعدادها من قبل بالمركز الثقافي الإسلامي بالجزائر العاصمة.

وقد ركزت في قراءتي هذه المرة على مقال طويل كتبه صديق جمعية العلماء المسلمين الجزائريين العلامة المغربي محمد إبراهيم الكتاني روى فيه ذكرياته عن الإمام البشير الإبراهيمي وأبرز دوره في الحركة الإصلاحية المعاصرة. وقد زار الشيخ الكتاني الجزائر عدة مرات، وحضر نشاطات جمعية العلماء في تلمسان والجزائر.

وقد جاء في هذا المقال:"فأنا إذ أتحدث اليوم عن الإبراهيمي فإني أتحدث عن معرفة استمرت حوالي ستة عشر سنة ناشئة عن المخالطة والمعاشرة في السفر والحضر والإطلاع على تفاصيل الأحوال."

وفرحت كثيرا عندما وجدت مجلة "عالم المخطوطات والنوادر" التي كنت أبحث عنها من قبل أثناء إعداد كتابي "مالك بن نبي رجل الحضارة". فقد نشرت الباحثة السعودية نور السعد في هذه المجلة مجموعة رسائل نادرة لهذا المفكر. لكن للأسف لم تدم فرحتي طويلا لأن العدد المنشود /الثاني من المجلد السابع لسنة 2002 / 2003 غير متوفر في هذه المكتبة !

وآخر ما قرأته في هذه المكتبة قبل أن تطفأ الأضواء هي مجلة "الدوحة" التي خصصت في عددها الأخير ملفا للمفكر المغربي الراحل الدكتور محمد عابد الجابري، شارك فيه نخبة من المفكرين العرب، منهم المفكر المصري الدكتور حسن حنفي والباحث المغربي الدكتور عبد اللطيف كمال أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس.

وأنا أطالع المجلة رفع أذان صلاة المغرب، الذي تزامن مع وقت إغلاق المكتبة، فودعت عمال المكتبة، والتحقت بالمسجد لأداء صلاة الفريضة مع الجماعة.

استقلينا سيارة ورجعنا إلى الدار البيضاء عبر شارع الموحدون على ضفاف البحر، وتوقفنا عند المحطة لنتأكد من مواقيت القطار المتوجه في الغد إلى المطار.

بعد أن تناولنا العشاء (الشوارمة) وكأس من العصير الطبيعي في مطعم مجاور لمكتب الخطوط الجوية الجزائرية بــ،120 درهما، دخلنا إلى الفندق لننام آخر ليلة بالمغرب.

وفي الصباح الباكر من يوم الأربعاء 29 سبتمبر، تناولت الفطور مع الدكتور حباسي ثم ذهبنا إلى محطة القطار لنتوجه بعد ذلك إلى مطار محمد الخامس الدولي.

ونحن جالسون في قاعة الانتظار اكتشفنا الحركة الواسعة لهذا المطار وكثرة الرحلات مما يدل على استقطاب هذا البلد لعدد كبير من السائحين القادمين من كل أنحاء العالم. فصوت الميكرفون يكاد لا يتوقف عن دعوة المسافرين إلى الالتحاق بطائراتهم.

وعلى الساعة 12 و30 دقيقة بالتوقيت المحلي أقلعت بنا طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية لنصل إلى مطار الجزائر الدولي هواري بومدين بعد ساعة والنصف قضيناها في رحلة هادئة رفقة مضيفي الطائرة الذين سهروا على خدمة المسافرين وراحتهم بتفان كبير وأخلاق عالية.

                

* أستاذ بجامعة الجزائر

عضو جمعية العلماء الجزائريين، مكلف بالبحث العلمي والتراث.