جولة في أكثر أحياء ستوكهولم إثارة وجدلاً وجريمة وتاريخاً(رينكيبي)

جولة في أكثر أحياء ستوكهولم إثارة وجدلاً

وجريمة وتاريخاً(رينكيبي)

بدل رفو المزوري

[email protected]

النمسا\غراتس

 

 

حي رينكيبي  هو ليس كحي اللاتيني بباريس ولا حي هارلم بنيويورك ولا حي الفراعنة والملائين بدهوك في كوردستان العراق بل حي من جسد عاصمة السويد (استوكهولم)ويقع في الشمال الغربي من العاصمة ويبلغ عدد ساكنته 16 الف نسمة.في زيارة لهذا الحي الغريب والفريد من نوعه في اوربا والموزائيك الملون من كل الجنسيات والقوميات والالوان والمذاهب والاديان،فمن المحال لزائر الحي التصور بانه في احدى الدول الاوربية وحتى الاسواق والمطاعم بادارة اجنبية وبالاخص الصومالية حتى بات الحي يسمى بالحي الصومالي.

رينكيبي..تعني المحارب وقد برهنت الوثائق والادلة بانها استوطنت قبل العصر الحجري وكانت منطقة مهمة في فترة العصر الحديدي والعصور الوسطى وتم العثور على قبور المحاربين القدماء وقد دفنوا مع الحيوانات.قبل بناء الحي بطريقة مدنية كشف علماء الآثار على وجود قبر لانسان يرجع الى 6 قرون قبل الميلاد بعدته الحربية وخوذته ودرعه.في محطة قطار الانفاق في رينكيبي يوجد موزائيك جميل ذهبي قديم من اعمال الفنان(نيس زتربيرغ)ويمثل هذا الموزائيك نموذجاً لقبور المحاربين القدامى من القرون الوسطى.في وسط الحي حيث الساحة الرئيسية والنافورة الجميلة وقد كانت هذه الساحة وقتها الحديقة الرئيسية واما المنطقة الواقعة بين رينكيبي و (شيستا) فقد كانت معسكراً لتدريب الجيش عام 1907 ومنعزلة عن العالم الخارجي واليوم الحي الجديد يرجع الى عام 1962.جولة في المركز الرئيسي وملامح الناس توحي بان حضارات الدنيا التقت على هذه الارض واحيانا ينتابك الشعور بانها افريقيا حيث مطاعم الصوماليين وجمعياتهم مختصة بهم فقط وتبلغ نسبة الاجانب في هذا الحي 95 بالمائة ومن الصعب العثور على سويدي.تكثر في الحي السرقات والجريمة وحرق سيارات البوليس واحيانا يصل الامر بتحليق الطائرات السويدية في سماء الحي حسب اقوال رجل مغربي التقيت به.

في رينكيبي التقيت جنسيات مختلفة ولكن جلّ تركيزي كان على الجالية الكوردية ومدى انسجامهم مع هذا الواقع الاليم في هذا البلد الحضاري .شيرزاد محمد صالح يونس،شاب كوردي تخرج من جامعة الموصل،كلية الزراعة ..استقر به المطاف منذ 13 عاما في هذا الحي وهو يعد حاله للعودة نهائياً الى وطنه الام كوردستان واخبرني بان هذا الحي ربما من اغرب احياء العالم وليس السويد فقط بالرغم من ان السويد بلاد جميلة وفيها حقوق المواطنة والهدوء والاستقرارولكن ليس هو وطن الحلم والمدينة الفاضلة كما يتمناه المرء واردف قائلا:للاسف جاليتنا الكوردية في السويد فقد تتحدث عن الجانب الايجابي بعيدا عن الجوانب السلبية والتي هي اكثر تاثيراً على المجتمع العراقي بصورة عامة والكوردي بصورة خاصة .منذ 13 عاما وشيرزاد يقطن في هذا الحي ولم ينتابه الشعور للحظات بانه في السويد وقال بان في هذا الحي انعدام للثقة بين الجاليات وعدم الانسجام بين الثقافات ولذلك انتشرت ظاهرة العنف والجريمة والسرقة ووصل الامر بان شباب الحي من الاجانب يواجهون عجلات البوليس بالحجارة وهذا ماحدث امام انظاري عدة مرات.لذلك يقرر المهندس الزراعي شيرزاد بالعودة الى كوردستان نهائياً وقال لي بمرارة ليس لي خيار اخر وانا اعلم باني ساواجه المصاعب للتأقلم ثانية وربما من الصعوبة العثور على عمل ولكن ستظل كوردستان الام والوطن.

الشيخ ممدوح البريفكاني علم من اعلام الكورد في المجالات الانسانية..التقيت نجله احسان الشيخ ممدوح والذي يعمل مترجماً ومن الوجوه المبتسمة والمنسجمة مع كل الالوان وهو يقطن في الحي منذ اكثر من عقدين.يعمل مترجماً للجالية الكوردية والعربية وكان له رأي اخر حول حي رينكيبي وقال باننا جميعاً نعيش في سلام والثقافة تعني بان نختلط بالشعوب وان الحي مكون من جميع الجنسيات العالمية وقدمت الجالية اليونانية والتركية بداية الستينيات للعمل في بناء الحي وبعدها توافدت الجاليات العربية ومنها المغربية والجزائرية واما الجالية الكوردية فكان قدومها مع اندلاع شرارة الحرب العراقية الايرانية ويقول احسان البريفكاني نحن جميعاً في هذا الحي ضد العنصرية وليست لدينا مشاكلاً مع بعضنا البعض والجالية الصومالية اليوم في المرتبة الاولى.

جولة وتأملات في ازقة وساحات الحي حيث المطعم العراقي والتركي والجامع التركي وروح الشرق والجمعيات والاتحادات التركية واليونانية والصومالية وقد خصصت الدولة مساحة كبيرة في الحي لبناء جامع كبير ومرافق ترجع لها.يكثر في الحي الاعداد الكبيرة من المتشددين الاسلاميين وبالاخص الشيشانيين وخلال وجودي في الحي حيث حمى الانتخابات كانت تطغى على الحي والكل يمنح صوته للحزب الاجتماعي والذي فاز بالانتخابات البرلمانية وخلال جولتي في الحي انتابني الشعور بأني في افلام البوليس الامريكية ولست في دولة السويد.

وفي احدى الزوايا دعاني الفنان الكوردي (سكفان دوسكي)لشرب قدح شاي عراقي ولكني شربت القهوة لانها كانت بعيدة عن الاجواء العراقية والفنان الدوسكي عمل مجموعة افلام روائية قصيرة حول حياة المهاجرين والمغتربين وبعض الذين وافاهم الاجل وتحدث لي عن هموم الفن والاعلام وانه لم يلق سوى التهميش والاقصاء ولذلك قرر ان يترك المجال الاعلامي ويتفرغ للتصوير وهو يعد نفسه حالياً لعمل فلم سينمائي حول حياة شاب من ابناء الانفال وهي ضمن حكايات الانفال السيئة الصيت ويطرد هذا اللاجئ من السويد وقال ساعمل الفلم وحتى ان كان من جيبي الخاص وعن حي رينكيبي قال بان الحياة فيه يخلق حالة الشعور بعدم الاندماج وبالواقع السويدي والابتعاد عن العادات والتقاليد وانا لم احس باني في السويد حين اكون هنا في رينكيبي.

حكايات وحكايات في رينكيبي من جميع القوميات والجاليات وربما هي حكايات البطولات في بلدانهم الاصلية  وايضا العدد الكبير من المرضى النفسيين يجتمعون كل صباح حول النافورة وسوق الفواكه وسط الساحة..عقود والحياة في رينكيبي ولا انسجام ولا اعتراف بالواقع الجديد.

رينكيبي ..جزء امتزجت فيه الالوان والاعراق والجنسيات برفقة العنف والجريمة وظاهرة التبضع على الارصفة والغريبة بالنسبة للمجتمعات الاوربية ولكن كل شئ ممكن فقط في رينكيبي!!