عشرة أيام في الرياض

في السفارة

جميل السلحوت

[email protected]

سفير فلسطين في الرياض جمال الشوبكي شخصية معروفة في الوطن، فهو مناضل وقائد شعبي، عرفناه وزيرا للحكم المحلي، حيث ترك بصماته على الوزارة،

من خلال مشاريع البنية التحتية التي انجزت في عهده، وما اختياره سفيرا لفلسطين في الرياض الا اختيار  يستحق الثناء، لما عرف عن الرجل من استقامه وتواضع .

عندما هبطنا في مطار الرياض وجدناه على رأس مستقبلينا، وقد شارك في جميع نشاطات ايام فلسطين الثقافية في الرياض وبصحبته المستشار ماهر الكركي، وعندما انتهت نشاطات المهرجان أبى الا ان يكون ختامها مساء الخميس 19-11-2009 في ساحة السفارة، حيث جهزوا خشبة مسرح بشكل سريع، وفرشوا الساحة، وجهزوها بالطاولات والكراسي لاستقبال المدعوين، وشرح لنا كيف ان الأخوة السعوديين يمولوون بناء قاعة للسفارة هي قيد الانشاء، لكن ذلك لم يمنع من ان يلسعني برد الرياض ليلا، فقد ذهبت الى الاحتفال بقميص(نصف كم) لأن نهار ذلك اليوم كان مشمسا، وغاب عن بالي ان ليالي الصحاري باردة .

لكن حرارة اللقاء اشعرتني بدفء المحبة، فغالبية الحضور كانوا من أبناء الجالية الفلسطينية، والمدعوون السعوديون كان يتقدمهم سعادة الدكتور عبد العزيز بن مجمد بن السبيّل وكيل وزارة الثقافة والاعلام .

وفي باحة السفارة تجلى المشاركون من فرقة أصايل الفلسطينية في تقديم عروضهم فهذه هي المرة الاولى في الرياض التي تقدم فيها الفرقة عروضها المشتركة شابات وشبانا، فقد كانت العروض والحضور السابقة في فصل تام بين الجنسين كما تقتضي الأعراف عند أشقائنا السعوديين .

وقد كان تجاوب الحضور مع الدبكات الشعبية لافتا، فأبناء الجالية الفلسطينية، كبار السن منهم عادوا الى ذكريات الشباب في الوطن، والجيل الجديد انتعش برائحة الوطن التي رقصت امامه حاملة تراثا يتعرض لأبشع انواع الطمس والسرقة والتشويه، وقد بدا مدى تمسك الفلسطيني بجذوره التراثية من خلال فرقة الفنون الشعبية التي ترعاها السفارة، والتي قدمت فيها مجموعة من الزهرات الفلسطينية المقيمات في الرياض بلباسهن الشعبي الفلسطيني عددا من الدبكات الشعبية التي تفاعل معها الجمهور .

غير ان نجم تلك السهرة بلا منازع كان الشاعر الشعبي موسى حافظ ابن مخيم جنين الذي يستحق بجدارة لقب عميد الزجالين الفلسطينيين، فهذا المبدع عنده قدرة فائقة على ارتجال القصائد الشعبية التي تناسب الموقف، وقبل ان ينزل عن المنصة وهو يغني للحجيج جاءتنا الموافقة على مشاركة وفدنا لآداء مناسك الحج على لسان سعادة الدكتور السبيل .

تسامرنا وتحاورنا وتساءلنا وأجبنا مع من جلسوا بجانبنا عن الفردوس المفقود وشعرنا بلوعة الفراق التي يعيشها ابناء  شعبنا في بلاد اللجوء ، غير ان وجود حوالي ستمائة الف فلسطيني في السعودية يخفف من آلامهم طيب السعوديين وحسن ضيافتهم، وعدم اقليميتهم، وتعاطفهم مع فلسطين شعبا وقضية .

وهنا لا بد من ذكر الأخت الاعلامية ميسون ابو بكر ابنة يعبد والتي تعمل في الفضائية السعودية، هذه الحسناء الفلسطينية التي زارتنا اكثر من مرة في مكان اقامتنا، وحضرت الفعاليات التي شاركنا فيها، ووجهت الاعلاميين السعوديين للقائنا ، غير ان قصر مدة اقامتنا في الرياض، لم يشبع عيوننا ولم يشف غليل المعرفة عندنا، فهذه المدينة الطيب أهلها لا يرتوي من بهائها من يمر منها مرور الكرام كما فعلنا، لكن ان تذوق وجبة شهية خير من ان لا تتذوقها بالمطلق، فحزمنا أمتعتنا للرحيل وعيوننا على الرياض، وقلوبنا على القدس الشريف التي تضيع يوما بعد يوم فرغم رغد العيش في الرياض الا انه كما قال شوقي :

هب جنة الخلد اليمن    لا شيء يعدل الوطن

وهل هناك ما يعادل العيش في ارض الرباط ، القدس الشريف، فما القدس الا جنة السماوات والارض، ورغم المرارة التي تعيشها الا أننا على يقين بأن هذه المدينة لا يعمر فيها ظالم، لكن لا بد من تأدية فريضة الحج قبل العودة الى القدس، ليكون العود أحمد، وليبدأ المرء حياته من جديد كما ولدته أمّه، وهل سيمحو الله ذنوب وخطايا "المؤمنين" والقدس محتلة ؟؟ فسبحان علام الغيوب، واعذرينا يا قدس، وسامحنا يا رب .

يتبع