أبو فراس النطافي يتغنى بالعروبة

صالح أحمد البوريني

أبو فراس النطافي يتغنى بالعروبة

من صالح أحمد البوريني/عمان

عضو رابطة الأدب الإسلامي

[email protected]

مع بدء العد التنازلي لأواخر شهر شعبان التي يهل علينا بعدها شهر رمضان المبارك أحب الشاعر الدكتور أبو فراس النطافي أن يفتتح مختاراته الشعرية التي أتحف بها جمهور رابطة الأدب الإسلامي في أمسية يوم السبت الماضي بقصيدة رمضانية بعنوان ( حلاوة الصيام ) ، قرأ بعدها عددا من القصائد التي تراوحت بين الوطني والوجداني والغزلي . وفي سياق الشعر الديني والإنساني قرأ الشاعر النطافـي قصيدة ( ثوب العيد ) التي تغنى فيها ببراءة الأطفال وتجاوز حاجز الزمن ورجع إلى عهد الطفولة عبر التماهي مع جماليات عالمها البديع :

ما لعبة الأطفال إلا لعبتي

ما فرحة الأطفال إلا فرحتي

إني أعيش بك الطفولة يا بني

بجمالها وسرورها

وبفرحة الطفل السعيد

أعدو مع الأطيار في الروض النضير

وأعانق الأفراح والأمل المنير

والحب يملأ خافقي ويعطر الدنيا بأنفاس الورود

 وكأنني قد عدت طفلا من جديد ..

وقد أشاد عدد من الأدبـاء والشعـراء الحاضرين بشعـر النطافي ، الـذي يحتفظ في ملفاته بأكثر من مائة قصيـدة تنتظــر أن ترى النـور في إصدارات جديدة تتبع إصداراته الأربعة السابقة ( الروضة الشريفة ) ( رحيق العذاب ) و( النطافيات الجزء الأول والجزء الثاني ) ، وقد لقب بشاعر العروبة في إحدى دورات مهرجان الطائف الشعري بالمملكة العربية السعودية . وقد قام الدكتور عودة الله القيسي بتقديم الشاعر وإدارة الأمسية وتوقف عند بعض الفقرات الشعرية بدافع من الحس النقدي ليكشف عن بعض جماليات النص .  

والنطافي شاعر رقيق ، ويزداد رقة مع شعر الغزل حتى يأسره الهوى المتذبذب بين الوصل والهجران فتعن على خاطره أيام الماضي وذكريات الأحبة وسط مباهج الحياة المشرقة ببديع الأزهار والألوان الزاهية في ربى عمان .

ألـلـه مـا أحلى الهوى iiوأمرّه
وأعـز أيـامـي التي مرت iiبنا
نـلـهو ونمرح والطبيعة iiحولنا
وجـآذر فـتـنـت بأحور فاتن
وأزاهـر مـن كل لون iiأشرقت
حـلـل مـوردة وظـل iiوارف





في النفس بين الوصل والهجران
كـانـت  مـراح تباعد iiوتداني
نـشـوى بـكـل مغرد iiنشوان
قـلـب المشوق ومهجة iiالولهان
فـيـهـا الـحياة بديعة iiالألوان
بـيـن الأحـبة في ربى iiعمان
 أما النغمة الأعلى في صوته الشعري فهي نغمة العروبة . يعتز النطافي بعروبته وانتمائه لأمته وينادي بالوحدة العربية في ظل عقيــدة الإسـلام السمحاء ويستنكر وجود الحدود السياسية الفاصلة بين أجزاء الوطن العربي الواحد ، ويعبر عن حزنه وألمه لتمزق جسد الأمة الواحدة وشعور الإنسان العربي بالغربة في وطنه ، بينما تفتح الحدود لأسراب البوم والغرباء يروحون ويجيئون أحرارا آمنين .   

أنا عربي .. وذا وطني

وأنتم إخوتي صحبي وجيراني ..

 وهذي أرض أجدادي

صغار ضمنا بيت من الشعر

وتحت سمائه بحنا بمكنون من الدرر

 وأشرق في سمانا كوكب هاد

وجمعنا على الآيات والسور ...

وتبقى الرقة والعذوبة والسلاسة والبساطة المتشحة بالشفافية والعمق ميزات ظاهرة في شعر النطافي أبي فراس ،  وهو يكتب الشعر العمودي وشعر التفعيلة ويطرق الخاص والعام ويعتني بالصورة الشعرية ويلاحق تفاصيل المشهد الطبيعي ويدخل إلى الذاتي بعين البصير ويتأمل بعدسة صافية ، ولكنه يخبئ وراء الكلمات أسرارا  يبني حولها أسوارا تحيط بعالمه الخاص .

يحفظ النطافي شعره عن ظهر قلب ، ويقرؤه من صفحة ذاكرته وليس من الأوراق والدفاتر .. ولذلك يأسرك بطريقة إلقائه المرتجلة التي تجمع بين حسن الابتداء ، وجمال الأداء ، والتناغم بين الصوت والمعنى والكلمة والحركة ، وبراعة الوقف ، والتهيئة للنهاية التي تعني بلوغ القمة .  فهو يأخذ مستمعه في رحلة صاعدة صعودا تدريجيا منذ الكلمة الأولى وحتى المقطع الأخير حيث يشرف على قمة النص التي ينكشف عندها المشهد العام جليا بكل تفاصيله .

وتحافظ قصيدة النطافي المرسلة على وحدتها مهما طالت ، وتشعرك أنها حلقات مترابطة يتصل بعضها ببعض من غير انقطاع .