الملك الكامل صاحب ميافارقين .. للذكرى

حاصر هولاكو بغداد فاستسلم الخليفة المستعصم خوفا وجزعا ورغبة وطمعا وفسولة وانكسار نفس في أقل من أربعين يوما . في أقل من أربعين استسلمت أعظم حاضرة من حواضر الإسلام ، دون حرب ولا مقاومة ولا صبر ولا ثبات .

ووصل جيش هولاكو في طريقه إلى ( الشام ) إلى بلدة صغيرة اسمها (ميافارقين )، لعل الكثيرين لم يسمعوا بها ، هي اليوم بلدة صغيرة عامرة في جنوب تركية ، اسمها اليوم سلوان ، في ديار بكر ، واسم ميافارقين اسم آرامي سرياني .

كان حاكم (ميافارقين) ملك مسلم كردي كردي كردي رجل رجل من آل أيوب . فصمد في وجه هولاكو وجيشه ، الذي ترتعد لذكره أطراف الملوك ، عامين ..

كان الملك الكامل رحمه الله يراسل إخوانه الملوك في حلب وحماة ودمشق فيرتعدون خوفا وهلعا ، وكلهم يريد أن يصطنع عند هولاكو يدا ، حال أمتنا وسفهائنا اليوم مع بني صهيون أو مع بني صفيون .

عامان من الحصار على بلدة صغيرة ، ونفذ كل ما في البلدة من المونة والغذاء، وكاد أن يهلك أكثر الناس جوعا ، ففتحت الأبواب ، وخرج الملك (العادل) وكان هذا لقبه ، مقاتلا لا مستسلما حتى وقع أسيرا بيد العدو، بيد هولاكو الوحش الفظيع ..

وكما يفعل بشار الأسد عميل الاستقرار (الروسي - الأمريكي ) مع أسراه ، بدأت حفلة تعذيب الملك الكامل ، الذي تجرأ على الوقوف في وجه جيش التتار.

الحلقة الأخيرة من حفلة التعذيب : صلبوه ، وأخذوا يقطعون بعض لحم جسده ، ويضعون اللحم في مقلاة ثم يجبرونه على الأكل منها ، كما يفعل عميل ترامب وبوتين ونتنياهو وخمنئي بأهل الشام .

وبعدما توفي رحمه الله تعالى تحت التعذيب ، حزوا رأسه ، وحملوه على رمح ، وساروا به بين المدن والبلدات حتى دمشق ، وفي رواية حتى طبرية ..

تكملة العبرة من درس التاريخ ، أنه مع انتهاء العامين ، وصل الخبر إلى هولاكو بوفاة والده جينكيز خان الكبير ، فاضطر إلى مغادرة الشام سعيا إلى نصيبه من الملك . وأوكل أمر الحرب إلى أحد قواده ، فكان ثبات الملك الكامل ، وصبر ميافارقين العتبة الأولى في نصر عين جالوت ..

بعد ميافارقين تهاوت المدن العظيمة حلب وحماة ودمشق كما تهاوت من قبل بغداد ، وإنما عظمة المدن وعظمة الشعوب وعظمة الأحزاب والجماعات بعظمة رجالها وقادتها وأولي الأمر فيها ، تهاوت المدن واحدة بعد الأخرى ، حتى فتح الله بنصر(عين جالوت ) . على السلطان قطز وصحبه من فرسان الإسلام الميامين.

يحكي المؤرخون الأوربيون أن ممالك أوربة كانت تضطرب فزعا من هول السيل المغولي متخوفين ألا يقف في وجهه شيء ..

أحببت أن استجلب دعوة صالحة لروح الملك البطل الشهيد الملك العادل صاحب ميافارقين ،

اللهم ارحم الملك الكامل صاحب ميافارقين ، وأحسن نزله واجزه عن أمته خير الجزاء ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 756