مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق

clip_image001_ab509.jpg

ميشيل عفلق القائد التاريخي لحزب البعث العربي الذي أصبح بعد اندماجه مع الحزب العربي الاشتراكي الذي كان يتزعمه أكرم الحوراني (حزب البعث العربي الاشتراكي).

ولد في دمشق عام 1910م لعائلة متوسطة من الطائفة الأرثوذكسية، تلقّى تعليمه في المدارس الفرنسية في سورية الواقعة تحت الانتداب الفرنسي، لمع ميشيل على مقاعد الدراسة وانتقل إلى باريس ليلتحق بجامعة السوربون حيث بلور أفكاره الحزبية.

وبعد رجوعه إلى سورية عام 1933م، عمل عفلق كمدرس وبدأ يبشر بأفكاره في أوساط الطلاب والشباب ونشط في الوسط السياسي. قام عفلق عام 1941م بتكوين أول جماعة سياسية منظمة باسم (الإحياء العربي) التي أصدرت بيانها الأول في شباط. وما لبثت هذه الجماعة أن وضعت مبادئها القومية موضع التنفيذ عندما أعلنت تأييدها لانتفاضة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الاحتلال البريطاني عام 1941م، وأسست "حركة نصرة العراق".

وبمساعدة صلاح الدين البيطار والدكتور مدحت البيطار والدكتور وهيب الغانم والأستاذ جلال السيد، عقد المؤتمر التأسيسي في 7 نيسان عام 1947م في دمشق، وانتخب ميشيل عفلق عميداً للحزب.

عام 1952م تم دمج حزب البعث العربي مع الحزب الاشتراكي بقيادة أكرم الحوراني ليصبح حزب البعث العربي الإشتراكي.

حرص ميشيل على حرية الرأي والتعبير والاهتمام بحقوق الإنسان والالتفات إلى طبقة المجتمع الدنيا، إلا أن مُتبني حزب البعث كنظام حكم في سورية والعراق، كلٌ على حده، لم يطبّقوا توصيات ميشيل التي دوّنها في مؤلّفاته.

تعرض عند استلام العقيد حسني الزعيم الحكم بعد الإطاحة بشكري القوتلي عبر انقلاب عسكري قام به، تعرض إلى السجن والتعذيب، وهذا جعله يرفع لزعيم الانقلاب حسني الزعيم رسالته الشهيرة المذلة التي يطلب بها منه العفو، والسماح له للاعتكاف في بيته بعيداً عن العمل السياسي.

وجاء في رسالة عفلق:

سيدي دولة الزعيم

إن هذه التجربة الأخيرة قد علمتني أشياء، ونبهتني إلى أخطاء كثيرة، لقد انتهيت إلى أننا بحكم العادة، بقينا نستعمل أسلوباً لم يعد يصلح في عهد الإنشاء والعمل الإيجابي.. والحق أننا في قلوبنا وعقولنا، أردنا هذا الانقلاب منذ الساعة الأولى، ولا نزال نعتبر أن واجبنا خدمته وتأييده، ولكن الأسلوب الذي اعتدنا طيلة سنين عديدة، من المعارضة للانتداب، والعهد السابق، هو الذي بقيت آثاره في كياننا وبعض تصرفاتنا، وهو الذي أبعد عنكم – يا دولة الزعيم – حقيقتنا، وأظهرنا بمظهر المعارض، لعهد وضعنا فيه كل آمالنا، وصممنا على خدمته بتفانِ وإخلاص.

سيدي دولة الزعيم.. إنني قانع كل القناعة، بأن هذا العهد، الذي ترعونه وتنشؤونه، يمثل أعظم الآمال وإمكانات التقدم لبلادنا، فإذا شئتم فسنكون في عداد الجنود البنائين، وإذا رغبتم في أن نلزم الحياد والصمت، فنحن مستعدون لذلك.

إن هذه المجموعة من الشباب، التي يضمها البعث العربي، قد عملت كثيراً في الماضي من دون قدوة من النزاهة والوطنية الصادقة، وإن ماضيها يشفع لها عندكم، يا سيدي، لكي تعذروا ما ظهر منها من تسرع بريء، وأن وراء هذا النزق نفوساً صافية، ومؤهلات ثمينة للخدمة العامة، ما أجدر عهدكم أن يفتح لها، مجال الفتح والإنتاج، أما أنا، يا سيدي الزعيم، فقد اخترت أن أنسحب نهائياً من كل عمل سياسي، من النضال القومي، ضد الاستعمار والعهد السابق، وأعتقد بأن مهمتي قد انتهت، وأن أسلوبي لم يعد يصلح لعهد جديد، وأن بلادي لن تجد من عملي، أي نفع بعد اليوم.

سيدي دولة الزعيم.. أنتم اليوم بمكان الأب لأبناء البلاد، ولا يمكن أن تحملوا حقداً لأبنائكم، ولقد كان لنا في التجربة تنبيه كاف ومفيد.

اتركوا لنا المجال، لكي نصحح خطأنا، ونقدم لكم البراهين، على وفائنا وولائنا.

تسلم عفلق منصب وزير التعليم في عام 1949م، بعد الإطاحة بحسني الزعيم، واستقال من منصبه بعد فترة وجيزة. وفي عام 1952م فرّ من سورية هرباً من الاضطهاد السياسي، عند تسلم العقيد أديب الشيشكلي الحكم بعد إطاحته بالحكم الوطني الديمقراطي بانقلاب قاده مع مجموعة من العقداء ضد سامي الحناوي.

وعاد عفلق إلى بلده مرة أخرى عام 1954م. وفي الفترة الواقعة بين 1955 و 1958 كان ميشيل عفلق من أبرز الداعين إلى وحدة سورية ومصر، ولعب دوراً بارزاً في تحقيق الوحدة بينهما عام 1958م. وبالرغم من كونه الأب الروحي لحزب البعث الحاكم في سورية منذ عام 1963م، فلم تكن لميشيل تلك الصلات الوثيقة بالحكومة البعثية التي أتت إلى الحكم بعد انقلاب 8 آذار 1963م الذي قادته مجموعة من الضباط البعثيين (اللجنة العسكرية)، وفي النهاية. اضطر عفلق، عقب حركة 23 شباط عام 1966م القطرية لحزب البعث التي قادها العقيد محمد جديد والعقيد حافظ الأسد، للهرب إلى العراق حيث وصل البعثيون إلى سدّة الحكم للتو، وبالرغم من تعارض أفكار حزب البعث العراقي مع تعاليم عفلق، إلا أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد قلّده منصباً شرفياً في حزب البعث العراقي ليعطي الشق العراقي دعماً أكبر من الشق السوري. تعامل البعث العراقي مع اعتراضات عفلق الحزبية بالتجاهل المتعمّد.

عند ممات عفلق في 23 حزيران عام 1989، أقامت الحكومة العراقية تأبيناً مهيباً لمماته ودفنته في بغداد في قبر مزخرف تحت قبة زرقاء في الحديقة الغربية لمقر القيادة القومية لحزب البعث في بغداد عند تقاطع شارع الكندي مع طريق القادسية السريع. وادّعت الحكومة العراقية آنذاك اعتناق ميشيل عفلق الإسلام قبل مماته إلا أن المقربين لا يتفقون كلهم على صحة هذا الخبر.

ترك ميشيل عفلق وصية يعلن فيها اعتناقه الدين الإسلامي وسمى اسمه (أحمد ميشيل عفلق)، وأكد عليها ولده إياد.

في تشرين الثاني 2003 قامت قوات الاحتلال الأمريكية في العراق بتدمير قبر ميشيل عفلق إثر قرار مجلس الحكم الانتقالي باجتثاث البعث. العديد من الجهات استنكرت ذلك العمل. وفي آذار 2004م أحبط الأردن محاولة تهريب شاهد القبر الخاص به إلى الأردن.

وسوم: العدد 772