العلامة الوزير الداعية د. اسحاق أحمد الفرحان

الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي في الأردن

( 1934- 2018م )

clip_image002_9e2d3.jpg

هو العلامة،ِ الوزير، والمفكر،ِ والداعية الإسلامي،ِ المربي،ِ الأستاذ الدكتور أبو أحمد إسحق أحمد الفرحان : سياسي،ِ وتربوي،ِ أردني،ِ ذو أصول فلسطينية ..خدم الفكر الإسلامي،ِ وساهم في تطوير مناهج التعليم،ِ وجدد في مجالات السياسة والتربية والعمل الإسلامي ،ِ انخرط في صفوف الحركة الإسلامية منذ شبابه المبكر ،ِ وتدرج في المناصب والمسؤوليات حتى شغل منصب الأٍمين العام لجبهة العمل الإسلامي في الأردن .

وها هو اليوم يرحل عنا بعد أن أدى الأمانة،ِ وقام بواجب العلم والعلماء من بيان الحق للناس،ِ يرحل وقد ترك أثراً حسناً،ِ وقدوة صالحة في شتى المجالات العلمية والدعوية والسياسية.

المولد والنشأة :

والأستاذ الدكتور إسحاق أحمد الفرحان من مواليد عين كارم في (القدس) عاصمة فلسطين المحتلة عام 1934م، ونشأ في أسرة فلسطينية مسلمة ملتزمة . ثم هاجرت الأسرة بعد النكبة،ِ واستقرت بالسلط،ِ ثم سكنت عمان.

دراسته ومراحل تعليمه :

تلقّى تعليمه الابتدائي في عين كارم/ القدس (1941- 1948م)، هاجرت أسرته بعد النكبة ِ فتلقى تعليمه الثانوي في السلط (1949- 1953م)، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم (كيمياء) بامتياز من الجامعة الأمريكية ببيروت (1957م)، والماجستير في العلوم (الكيمياء الفيزيائية) بامتياز من الجامعة الأمريكية أيضاً (1958م)، ثم ماجستير في التربية/ إعداد معلمي العلوم من جامعة كولومبيا بنيويورك (1962م)، والدكتوراه في التربية (مناهج وإعداد المعلمين) من جامعة كولومبيا بنيويورك (1964م).

ج. الأوسمة:

clip_image003_7126e.jpg

* حصل الدكتور إسحاق الفرحان على وسام التربية الممتاز (من وزارة التربية والتعليم، في الأردن) 1973 م .

* ثم حصل على وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى (الديوان الملكي الأردني).

*"حزب جبهة العمل الإسلامي" يكرم أمينه العام الأسبق إسحاق أحمد الفرحان بتاريخ 8/11/ 2017 

زار قادة حزب جبهة العمل الإسلامي على رأسهم الأمين العام محمد الزيود ،ِ وأمين السر مراد العضايلة، الأمين العام الأسبق، إسحاق الفرحان، وذلك ضمن فعاليات الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس الحزب، وتكريم الأمناء العامين السابقين.

وأشاد الزيود خلال الزيارة على الجهود التي قادها الفرحان خلال مرحلة تأسيس الحزب ومسيرته الوطنية والسياسية، وجهود الأمناء العامين السابقين وما حققوه من تكريس حضور حزب "العمل الإسلامي" الوطني ودوره في المجتمع.

بدوره ثمن الفرحان جهود قيادة الحزب وما حققته من تقدم على صعيد العمل السياسي والمجتمعي والوطني وفي مجال الهيكلة والتطوير، ولاسيما تعزيز حضور المرأة والشباب ومواقفه المتعلقة بالشأن المحلي والعربي والإسلامي.

وفي نهاية الزيارة قدم الزيود درعاً تكريمياً لفرحان، تقديراً لجهوده في تأسيس وبناء العمل الإسلامي..)[2] .

إسحق الفرحان: إسلامي معتدل "يسبح ضد التيار" :

كتب (د. مهند مبيضين) مقالة نشرها قبل وفاة الراحل الكريم ،ِنوردها هنا اتماماً للفائدة :

عمان- تقلد مواقع قيادية مهمة، ولم يكن التزامه بالحركة الإسلامية، الذي بدأ في ظروف مبكرة من حياته خياره النهائي، لكنه اختيار عقل ورؤية لحال أمة رأت ظهيرة الثامن عشر من أيار 1948 بأن أقدس بقاعها قد سقطت في يد محتل غاشم.

وهو وإن كان مؤسساً وفاعلاً في جماعة الإخوان المسلمين ومؤسساتها، وهو شاب لامع خريج أفضل الجامعات، لم يجد ضيرا في مشاركة حكومة وصفي التل التي ابتعثت أبرز وجوه الإخوان ممن شاركوا في معسكرات الفدائيين للدراسة في الجامعات، ومنهم همام سعيد واحمد نوفل، ومحمد عويضة، وعبد الله عزام، الذين عمل أغلبهم فيما بعد في الجامعة الاردنية.

وافق هواه رؤية وصفي التل السياسية، فدخل الحكومة معه العام 1970، في خطوة رآها البعض غريبة، ما جرّ عليه غضب المتشددين في جماعته، لكن الرجل الذي عرف عنه مقولته الشهيرة "البلد بلدنا والحكومة حكومتنا" كان يمارس انتماءه فيما يعتقد أنه اصطفاف وطني لإنقاذ الأمة من الهاوية.

أثره يوم كان وزيراً للتربية والتعليم ما يزال محل جدال بين مؤيد ومخالف لتوجهاته، فالبعض يرى أنه أدخلها مظلة ثقيلة في الفكر الإسلامي، وآخرون يرون أنه كان محمود السيرة في كونه حمى الوزارة من شطط الأفكار اليسارية، ومع ذلك يظل من أكثر الوزراء تأثيراً في تاريخ التربية والتعليم.

دعوى البعض بسيطرة الإخوان على التعليم حين توليه هذه الحقيبة الوزارية، تحتاج لتدقيق وفحص، فتديّن الوزارة ليس مرتبطا به وبفترة حمله لحقيبة التربية التي استمرت ثلاث سنوات. والقضية أعمق وأوسع من أن تقاس بالزمن الذي ارتهن به التعليم في الأردن بيد ذوي توجهات ليبرالية أو محافظة من غير الإسلاميين، منذ تأسيس الدولة في العشرينيات وحتى اليوم.

وُلد إسحق الفرحان في بلدة عين كارم، في منتصف ثلاثينيات القرن العشرين، يومها كانت القرية تعد إحدى ضواحي القدس، وكان عليه أن يشهد القدس وهي في النفس الأخير مع النكبة والضياع الكبير، ليكون ذلك الحدث تأسيسياً وفارقاً في حياته.

من القدس لعمان لم تستغرق المسافة وقتاً طويلاً، فسرعان ما انتقلت الأسرة إلى عمان، وكان على الفتى أن يتمّ دراسته، وتكون مدرسة السلط حاضرة، فيلتحق بها ويتخرج منها متفوقا، ليلقى نصيبه مبتعثا أردنيا إلى الجامعة الأميركية في بيروت العام 1953، لدراسة الكيمياء، وبعد أن تخرج في مستوى البكالوريس أتمَ الماجستير العام 1957.

لسبب او لآخر تقاطع الخط العلمي للفرحان بين الكيمياء واللغة العربية والتربية، وهذه الخلطة العلمية ربما ألقت بظلالها على شخصيته التي توصف بطول الأناة وتحاشي الاندفاع في اي معارك سياسية كان يمكن لها ان تجعله جزءاً من وقودها في علاقة الحركة الإسلامية بالدولة، بيد أنها انعكست عليه داخل جسد الحركة.

في أوائل الستينيات أرسِل مبتعثا من الحكومة الأردنية إلى جامعة كولومبيا فدرس ماجستير اللغة العربية، ومن ثم تخصص في دكتوراه التربية في العام 1964 وعاد بعدها ليرتقي في عدة مواقع تربوية داخل وزارة التربية والتعليم.

انتسب للحركة الإسلامية وهو على مقاعد الدراسة الثانوية، وما إن وصل الجامعة الأميركية حتى تفتحت عيناه على الفكر القومي، الذي كانت تعج به بيروت آنذاك، تلك الاجواء أثرت فيه فكريا، ولعلها زادت من إصراره على الفكر الذي يحمله وهو فكر حركة الإخوان المسلمين الذي يرى الخلاص بالحل الإسلامي في مقابل أفكار اليسار الذي كان الإخوان في الأردن جزءاً من المشاركين في إقصائه وضربه.

التحق بوزارة التربية أول أمره معلِّما في مدرسة السلط، التي تخرج منها، ومن ثم انتقل إلى معهد المعلمين في عمان، وبعدها تقدم في الوظائف التربوية، ليصبح رئيسا لقسم إعداد المعلمين، ومن ثم مسؤولا عن قسم المناهج في وزارة التربية والتعليم.

كان العام 1970 صعبا، ولما جاء وصفي التل رئيساً للحكومة كان عليه أن يجد شريكاً يوافق سياسته في الحد من أفكار "من كانوا يرون فيما بعد أن تحرير القدس يمر عبر عمان"، فاختار د. إسحق الفرحان وزير تربية وتعليم وأوقاف وشؤون ومقدسات إسلامية في حكومته الخامسة خلال الفترة (28/10/1970- 28/11/1971).

واحتفظ الفرحان بالحقيبتين في حكومتي "احمد اللوزي" الأولى إبان الفترة 21/11/ 1971 - 21/8/1972) وآنذاك أشرف على ما يبدو على صياغة مناهج التعليم.

في حكومة زيد الرفاعي الأولى (26/5/1973 - 23/11/1974) عاد الفرحان وزيراً للأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وبعد أن خرج من الحكومة، ما لبث أن غدا منتصف العام 1975 رئيسا للجمعية العلمية الملكية التي كان قد مرّ على تأسيسها خمسة أعوام. لكنه لم يمض فيها وقتا طويلا، ففي نهاية ذلك العام أقيل د. عبد السلام المجالي من رئاسة الجامعة الأردنية وحل الفرحان محله.

في الأردنية وصف بأنه من أشجع رؤسائها، وبحسب الدكتور همام غصيب فقد "حمل الرجل لواء تعريب التعليم"، وهو في ذاكرة أبناء الأردنية يوصف بأنه جريء ورجل كلمة وموقف ويضيف غصيب "كان جريئاً في الحق ودفع ثمناً لذلك، وهو يقول بما يفعل، عرفته بمجمع اللغة العربية معرفة وثيقة، وهو عضو مؤسس يحاول دوما أن يوفق بالمعنى الصحيح بين وجهات النظر، ويمتاز بالموضوعية والابتعاد عن التطرف، ولا أنسى مواقفه دائما وهو ينظر نظرة ثاقبة للأمور ويشجع الناس في بداية حياتهم..".

في العام 1976 أضحى الفرحان عضواً في أول مجلس استشاري أردني، ليضيف في سجل الحياة خبرة جديدة. فهو من حيث التكوين الفكري السياسي يمثل مزيجاً فريداً من نوعه، بين البيروقراطية والتكنوقراط، فالرجل عايش تجارب مهمة ومتنوعة في التعليم والوظائف التي تقلدها منذ كان معلما فوزيرا، فرئيس جامعة، فمؤسس جمعية وعضوا في المجلس الاستشاري ومن ثمّ عضوا بمجلس الأعيان 1989-1993م.

مزج الكثير في تجربته السياسية منذ كان قائدا لطلبة الإخوان في الجامعة الأميركية ببيروت، إلى أن أصبح أميناً عاماً لحزب جبهة العمل الإسلامي في مرحلة الـتأسيس بين عامي 1992-1997، ومن ثمّ رئيس مجلس شورى الحزب، وهو مزجٌ قام على فهمٍ معيّن لمكون الأردن الاجتماعي والثقافي مع زهد كبير في الظهور الإعلامي.

في العام 1994 عُيِّن رئيساً لجامعة الزرقاء الخاصة، وظل فيها حتى العام 2007، وعاد ليكون خياراً توافقياً بين تياري الحركة الإسلامية (الصقور والحمائم) ليحلّ مشكلة الحزب ويتولى الأمانة العامة له، وما يزال في هذا الموقع إلى الآن. وفي 15-10-2010 اختارته الأمانة العامة للمؤتمر العام للأحزاب العربية نائبا أول للرئيس.

يرى إبراهيم غرايبة، المختص في تاريخ حركة الإخوان المسلمين في الأردن، أن الفرحان في فترة عضويته بالمكتب التنفيذي في عقد الستينيات أشرف شخصيا على تأسيس جمعية المركز الإسلامي، ويعد الفرحان والدكتور عدنان الجلجولي من مؤسسي المستشفى الإسلامي، الذي عدّ آنئذ أهم صرح طبي غير حكومي.

وهو الذي أشرف على تأسيس وقيادة وإدارة ما سمي "بقواعد الشيوخ" بين العامين 1970 - 1976، التي شارك من خلالها مئات المتطوعين من الإخوان في العمل الفدائي. ومن الغريب أن هذه المعسكرات واجهت معارضة داخلية ممن يسمون الآن بالصقور في الحركة ورفضوا المشاركة فيها.

ويضيف الغرايبة أن الفرحان "اتصف بالاعتدال، وهي صفة واجهتها قوى التشدد والتطرف التي صبغت الجماعة بلونها بعد العام 1967 وسيطرت على الجماعة تماما العام 1972"، وأسس جمعية الدراسات الإسلامية العام 1987 وشارك في تأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي العام 1986.

بعد عودة الفرحان للجماعة العام 1980 بدأ يقود تيار المعتدلين ومعه عبد اللطيف عربيات والراحلان أحمد الأزايدة، ويوسف العظم، وخاض تجربة محترمة في العمل السياسي، وحقق التيار أغلبية وصار الفرحان العام 1990 عضو المكتب التنفيذي للجماعة ومن ثم الأمين العام للحزب.

عندما أسس الفرحان جمعية المركز الإسلامي العام 1964، وكان من مؤسسيها معه عبد الرؤوف الروابدة، رأى التيار المتشدد في "الإخوان" أن فكرة الجمعية ترقيع للجاهلية، وفي العام 1984 سيطر المتشددون على الجمعية التي رأوها مشاركة تصالحية مرفوضة مع النظام، وأقصوا الفرحان من الجمعية!

دخل الفرحان حركة الإخوان العام 1948، وهو اليوم بعد أكثر من ستة عقود في العمل السياسي، يمتاز عن سواه بأنه كرس صورة الرجل المريح التصالحي التوافقي والعقلاني، والذي لا يبخل على الوطن بعطائه الكبير، وهو الذي يسجل له أنه لم ير الأردن محل ضرورة وإقامة اضطرار، فالرجل عميق بأردنيته.

له كتاب "التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة العام 2000"، الذي يعدّ مرجعاً من المراجع المهمة في التربية والفكر الإسلامي، بالإضافة لكتبه الأخرى ومساهماته المعرفية والفكرية والسياسية التي مثّلت لوناً خاصّاً في المكتبة العربية والإسلامية.

بعيداً عن السياسة: الدكتور إسحق الفرحان..في حوار له يقول : استقلت من حكومة زيد الرفاعي لعدم رغبتي في مفاوضة اليهود:

clip_image004_4a3ba.jpg

* فصلت من الجامعة الأمريكية لرفضي أداء الصلاة في الكنيسة .

* عينت وزيراً للتربية بعد ان سمع وصفي التل محاضرتي حول تطوير المناهج

* كنت من انصار المشاركة في الانتخابات النيابية لكني التزمت بقرار المقاطعة

* فريق اكاديمي اردني الف منهاج التربية والتعليم في سلطنة عمان

- حوار: (ملك يوسف التل ):

ولد الدكتور اسحق الفرحان في عين كارم عام 1934 ودرس فيها المرحلة الابتدائية حتى الصف السابع وبسبب أحداث فلسطين عام 1948 جاء مع أسرته من القدس إلى السلط وكان عمره 12 عاماً واعيا تماما للأحداث التي أخرجته من وطنه يتذكر استشهاد عبد القادر الحسيني عندما مرّ بقرية عين كارم حيث كان الأهالي يطعمون المجاهدين،ِ ويداوون الجرحى،   كما يتذكر مجزرة دير ياسين عندما كانوا يستقبلون لاجئي دير ياسين مثلما يعي تماماً الحاج عبداللطيف أبو قورة أول مراقب للإخوان المسلمين وهارون بن جازي من شيوخ الأردن وهما يجاهدان في عين كارم ضد العدو الصهيوني. وعندما دخلت الجيوش العربية كان أملهم بان المعركة ستحسم فخرج الاهالي بغير وعي غير مستوعبين الصدمة وأملهم العودة بعد سبعة أيام أو سبعة أسابيع على الأكثر فسكن السلط مع أهله وقدم امتحان مترك ابتدائي،ِ ونجح،ِ وتخرج من مدرسة السلط الثانوية عام 1952.

من زملائه في المرحلة الدراسية في الضفتين يذكر الشيخ محمد شقرة والدكتور اسماعيل عبدالرحمن ومحمود الكايد الضرغام وعز الدين الضرغام والدكتور حسان بدران والمهندس منير الكيلاني ورضوان الحياصات والدكتور عبداللطيف عربيات وفاروق بدران واحمد ابوطالب، ومن اساتذته حسن البرقاوي وعلي خريس ومحمد الرجا المسعود والدكتور عبدالله زيد الكيلاني واحمد اللوزي وكان مدير المدرسة جريس القسوس ثم سيف الدين الكيلاني.

* ماذا كنتم تمارسون من أنشطة في مدرسة السلط الثانوية ؟

الخمسينات هي ذروة الحركات الحزبية وكان هناك ثلاثة احزاب رئيسية: الإخوان المسلمون كجماعة وكان حزب البعث وحركة القوميين العرب والشيوعيون وكانت بداية الحزبية الشديدة مع عدم نضج ووعي لا لدى القادة ولا لدى الشباب حول طبيعة العمل الحزبي فكانت الخلافات والاختلافات هي الاكثر شيوعا بدل الاتفاق على القواسم المشتركة كما يحدث الان بعد مضي نصف قرن طبعا، وكان رئيس الاخوان المسلمين الاستاذ محمد خليفة، والاعم والاغلب كان حزب البعث والقوميون في مدرسة السلط لكن التيار الاسلامي بدأ ينمو فانتميت للإخوان المسلمين منذ ذلك الوقت، وكنا نحضر اللقاءات ونستمع للمحاضرات الاسلامية وبطبيعتنا نحن في القرى نميل الى التدين فأقرب تيار الى الفطرة كان التيار الاسلامي وفورا بدأنا نقرأ وندرس واتذكر انني قرأت »احياء علوم الدين« للغزالي المجلدات الاربعة وانا في الثانوي وكنا نقرأ »الرسالة« لأحمد حسن الزيات ومجلة »الدعوة« للإخوان المسلمين التي كانت تصدر في مصر، فكنا على درجة من الثقافة العامة لا تجدها الان للأسف عند طلابنا في المرحلة الثانوية رغم إننا تسلمنا مسؤوليات،ِ وحاولنا ان نوسع ثقافة الجيل الجديد.

* هل حاولت الأحزاب الأخرى ضمك إليها من شيوعيين وقوميين وبعثيين؟

- نعم حاولوا فقد كان من اساتذتنا من الشيوعيين الدكتور عبد الله زيد الكيلاني ومن البعثيين كان علي خريس وكنا نتناقش معهما وكنا نغلبهما بالنقاش ونحن طلاب لان ثقافتنا الدينية والاسلامية كانت اقوى من ثقافتهم الوافدة البسيطة.

* كطلاب ما هو النشاط الذي كان بارزا كحركة إسلامية ضد الحركة الصهيونية؟

- كان الصراع الصهيوني العربي في فلسطين على أشده وكنا نسمع عن الشهداء من الأردن ولمسنا شخصياً جهود الحاج عبد اللطيف أبو قورة ،ِ وهارون بن جازي قبل ان نأتي فلدينا فكرة أساسية انه يوجد نضال ويوجد جهاد،ِ ونسمع عن الشهداء الذين كانوا يذهبون من السلط،ِ ويجاهدون في فلسطين ومن أربد من العبيدات. فكنا نحيي ذكراهم بالخطابات والاسابيع الثقافية وكنا ايضا نعمل مخيمات شباب كشافة وجوالة ونخرج بمظاهرات واحيانا المظاهرات تخرج من السلط مشيا الى عمان ويواجهون الشرطة عند منطقة السرو ويقومون باعادتهم لكن ايضا كان هناك مظاهرات في عمان خصوصاً في أواسط الخمسينات وتحديداً ضد حلف بغداد ومؤامرة تمبلر.

* السلط.. المدينة التي سكنتها بعد وطنك الأم.. ما مكانتها في أعماقك ؟ :

- بكل صراحة السلط هي المحضن الثاني بعد عين كارم لي شخصيا ولم افرق في نفسي حتى بعد مضي اقل من سنة بينها وبين جو عين كارم من حيث وفادة اهلها وكرمهم ومعاملتهم الطيبة للاخوة الذين جاءوا من فلسطين وكما قلت حتى من ناحية النشاطات الثقافية والطلابية وجدنا الاخوان المسلمين يلقون المحاضرات منهم الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة وغيره، وكذلك اذكر منصور الحياري وعبدالحليم بدران الذي كان رئيساً لشعبة الإخوان المسلمين في السلط وقد تزوجت ابنته أيضاً، فكنا متأثرين بشخصياتهم الإسلامية.

* ماذا فعلت بعد تخرجك من السلط الثانوية ؟

- بفضل الله إنني كنت الأول في التوجيهي وأرسلت في بعثة من قبل وزارة المعارف إلى الجامعة الأميركية في بيروت وكان معي د. منذر المصري وروحي الشريف لندرس بصفتنا الـ 12 الاوائل في التوجيهي وحصلت على بكالوريوس في الكيمياء ثم تابعت دراسة الماجستير على حسابهم حيث انتهيت من البكالوريوس في ثلاث سنوات ونصف وكنت الاول على الدفعة.

* وماذا عن نشاطك أثناء دراستك الجامعية ؟

لقد تزعمت التيار الاسلامي في الطلاب حيث كان هناك مجموعات محددة من الطلبة الاسلاميين وبفضل الله استطعنا ان نعمل نوادي وحركة اسلامية جيدة وبسبب ذلك فصلت من الجامعة لمدة نصف سنة.

* هل فصلت بسبب العمل الإسلامي؟ ومن كان معك من الأردنيين؟

نعم لهذا السبب حيث انهم كانوا يجبرون الطلاب على دخول الكنيسة للصلاة يومين في الاسبوع فرفضت هذا الاجراء وحرضنا الطلبة المسلمين على عدم الدخول للكنيسة وفي هذه الاثناء كان علي الهنداوي وزير التربية فشكوت اليه والى مفتي لبنان وذهبت الى سوريا وشكوت الى مفتي سوريا وثارت ضجة في الاردن وسوريا ولبنان حول قضيتي ورجعوا عن قرارهم بالفصل واذكر ان وزير التربية علي الهنداوي رحمه الله ارسل لهم رسالة قال فيها: اذا فصل اسحق الفرحان وهو من شبابنا المجتهدين فسوف لا نرسل اي بعثة من وزارة التربية والتعليم الى الجامعة الاميركية في بيروت، وكان رئيس الجامعة اميركيا توفي وجاء بعده قسطنطين زريق فدخلت على قسطنطين زريق وقلت له بصفتك من القوميين العرب فكيف تفصل واحد عربي مسلم يطالب بحقوق الطلبة العرب في هذه الجامعة. خصوصا انه رافق ذلك احداث حلف بغداد وكنا نخرج مظاهرات فقال لي بالحرف الواحد للأسف وهذه اعتبرها نقطة سلبية في تاريخ قسطنطين زريق قال لي: أنا اكتب في القومية العربية ومؤمن بها، لكنني أدير الآن جامعة امريكية وأنا رئيسها بالوكالة وأطبق القوانين الأمريكية وفي عام 1958 تخرجت،ِ وكان معي في الجامعة من الاردنيين منذر صلاح وعبدالحميد شرف،ِ وكان زعيم القوميين العرب هناك وأيضاً ليلى شرف ومحمد حلاوة. وعدت مدرساً في السلط الثانوية لمدة سنتين ثم نقلت الى دار المعلمين في جبل الحسين بعد انشائها ودرست الكيمياء والعلوم حتى عام 1961 ثم حصلت مسابقة لدراسة الدكتوراه وذهبت الى جامعة كولومبيا وكان معي نوري شفيق وعبدالرحمن عدس وسعيد التل وكنا اول دفعة تخرج للحصول على الدكتوراه فعدت ونوري شفيق للعمل في وزارة التربية والدكتور عبدالرحمن عدس وسعيد التل آثرا ان يذهبا ليدرسا في الجامعة وكان راتبهما 150 دينارا وراتبنا 41 دينار، ثم استلمت مدير المناهج والكتب المدرسية وقمت بطباعة كل النظريات التي يمكن تطبيقها ودرسناها علميا من حيث المناهج الفلسفية والاجتماعية والنفسية ومن حيث تقنين عمل قانون التربية والتعليم المشهور رقم 16 لسنة 1964.

* هل فصلت لوحدك ؟

فصلت معي الدكتورة هيفاء أبو غزالة وكانت مع القوميين العرب وتابعت دراستها في مصر.

* في عام 1970 جئت وزيرا للتربية والتعليم في حكومة وصفي التل رحمه الله.. كيف جاءت علاقتك بوصفي؟

- عندما كنت في المناهج كانت لي نشاطات كثيرة ومن جملة الاشياء التي كانت مؤثرة في وصفي التل اننا اقمنا دورة حرة لمديري المدارس في المملكة قبل عام 67 قبل بحوالي اسبوعين في رام الله حضرها وصفي التل وسمع محاضرة لي عن تطوير المناهج للمديرين فقال للدكتور سعيد التل: هذا موجود عندنا ولا تعرفني عليه فبقيت في ذهنه الى ان شكل حكومته دعا الاستاذ ذوقان ودعاني لنعمل معه وكنت وقتها سأذهب ككبير خبراء اليونسكو في السعودية ومتعاقد وحقائبي جاهزة وتذكرة الطائرة والموافقة معي، فقلت له: والله انا على سفر، فقال: وطنك اولى وانا اعجبت بك عندما سمعت محاضرتك لذلك سوف تستلم وزارة الاوقاف، فقلت له: انا لست شيخا، قال: تكتب في الاسلام، قلت له: هذه هواية وديني وفطرتي، لكن انا تخصصي في التربية، فقال: حسنا تستلم التربية، كان الموقف صعبا في البلد وفي نفس الوقت وظيفتي مؤمنة، فقلت له: لا اضحي الا اذا اعطيتني التربية والاوقاف لان الاوقاف تربي الناس روحيا والتربية تربي الناس علميا وثقافيا، فكان جريئا الى حد انه وافق دون ان يشاور احدا.

* العلم والإيمان شعار هل لا زال مأخوذاً به :

- نعم.. أصدرت رسالة في هذا الموضوع باسم العلم والايمان وعممتها على كل مدارس التربية والتعليم بحيث اصبحت شعار وزارة التربية والتعليم وايضا وضعت قواعد اخلاقية لمهنة التربية والتعليم وواجب المعلم نحو مهنته ونحو زملائه ونحو طلابه، ايضا هذه القواعد الاخلاقية لمهنة التربية والتعليم صدرت في كتيب وتبنتها وزارة التربية والتعليم ولا تزال.

* عفواً لسؤالي قيل إنك استغليت موقعك كوزير في وزارة التربية والتعليم في تعيين الإسلاميين من جماعة الإخوان.. ما صحة ذلك ؟

- شكرا لإثارة هذا السؤال وهو وارد واتهم فيه والسؤال صريح وجيد، لكن أحب أن أقول والله يشهد إنني لم أحاول أن أظلم أحداً،ِ ولكن حاولت أن اعطي كل ذي حق حقه، كان الاسلاميون مظلومين كثيرا في دوائرهم، وكان شعاري هو العدالة والمساواة وكل شخص له حق يأتي ويأخذ حقه، وارجاع الحقوق الى اصحابها من جهة، ومن جهة ثانية كل واحد يأخذ حقه، واتذكر مرة انني اعطيت انذارا لاحد الشباب ولا اعرف ما هي حزبيته لانه كان يشتم وزير التربية والتعليم ولم اعاقبه على سلوكه الشخصي كل ما هنالك على سلوكه المهني، ثم جاء دور الاعارات فدخل علي مدير الموظفين وقتها جميل المدفعي رحمه الله وقال لي: يوجد عندي قضية شائكة، قلت له: ما هي القضية، قال لي: فلان الفلاني جاء دوره في الاعارة الى ابوظبي، قلت له: حسنا يرسل بما انه دوره ويوجد قواعد تطبق على الجميع، قال لي: لكن هذا انذرته وعلمت انه يشتم على وزير التربية والتعليم، قلت له: هذا شيء شخصي، واما حقه المهني يجب ان يأخذه »غصبا عني وعنك« وعندما تم تبليغ هذا الرجل جاءني يبكي ويقول: انا ظلمتك ولم اكن اتصور ان تطبق عليّ العدالة في زمنك، والحقيقة انا اتحدى ان يؤتى بحادثة واحدة ظلم فيها انسان في عهدي وبعلمي، والاسلاميون بطبيعة الحال يوجد عدد كبير منهم مستحقون، يعني من الناس الذين جاءهم الدور الدكتور عبداللطيف عربيات ارسلناه لدراسة الدكتوراه وفاروق بدران ماجستير..، لكن مثلهم اذا واحد باحث جاء وصنف هؤلاء سيجد ان نسبتهم لا تزيد عن نسبة اي شخص اخر اخذ دوره.

* جئت وزيرا في حكومة زيد الرفاعي، ما سبب استقالتك من حكومته بعد خمسة اشهر من تشكيلها؟

- الحقيقة انه ضغط عليّ ان اشترك في حكومة زيد الرفاعي فرغبت في العودة الى التدريس الجامعي فتدخل الامير حسن وقال: رغبة جلالة الملك ان تكمل المشوار فرضخت لهذه الرغبة.

* هل هو الحنين حقاً أم لسبب سياسي آخر؟

أواخر سنة 1973 اعلن مؤتمر دولي للقضية الفلسطينية وأنهم سوف يجتمعون مع اليهود فقلت للرئيس الرفاعي: هل سيتم اجتماع، قال لي: سيتم اجتماع واحد وهذه قضية شكلية ثم قد لا يحدث بعدها اي اجتماع لسنين، فقلت له: انا لا اشترك في حكومة تفاوض اليهود، قال لي: جلسة واحدة وانت لا دخل لك انا سأذهب، قلت له: لا اشترك وهذه استقالتي اقدمها بحيث اذا لم تقبل ارجو ان تلتمس من جلالة الملك قبولها، واذا لم تقبلوها سأجلس في البيت، فحدث حديث وقتها مع جلالة الملك وحينها تقدمت والدكتور نوري شفيق واتفقنا وكان ايضا ذوقان الهنداوي ومضر بدران كنا وزراء مع بعض، ولكن الاستاذ مضر والاستاذ ذوقان اقتنعا ببقائهما في الوزارة وانا والدكتور نوري قررنا الخروج.

* عدت بعد ذلك إلى عملك الاكاديمي؟

- نعم حاولت أن أعود لعملي الأكاديمي ووقتها عرض علي سمو الأمير الحسن أن كون مستشاراً في الجمعية العلمية الملكية،ِ وقبلت العمل فيها أنا ونوري شفيق، نوري أصبح مدير الجمعية وأنا مستشاراً تربوياً،ِ وساعدناه في تأسيس هذه الجمعية الرائدة في المجال العلمي التطبيقي وخدمة تنمية المجتمع ومشروعات تنمية المجتمع، وبعدما استقال الدكتور نوري أصبحت رئيس الجمعية العلمية الملكية، ووقتها طورنا الحاسوب وعملنا اول مختبر للالكترونيات، ذهبنا الى كوريا في زيارة تاريخية وساعدونا في مختبر للالكترونيات،ِ وبدأت تشهر هذه الجمعية في هذا الموضوع، لم أمكث طويلا ً،ِ ثم عرض عليّ أن أكون رئيىساً للجامعة الأردنية ،ِ فأصبحت سنة 76 رئيساً للجامعة،ِ وكان وقتها الدكتور عبدالسلام المجالي.. واستمررت في الجامعة مدة سنتين حتى عام 78 ثم عينت في المجلس الوطني الاستشاري وأيضا استقلت لأني وجدت انها مسألة شكلية كانت تعويضا عن البرلمان واحببت ان استفيد من وقتي اكثر فآثرت ان ارجع لادرس في جامعة اليرموك وقد كنت في اللجنة الملكية لانشاء هذه الجامعة واعرف ما هي الجامعة فآثرت ذلك وكان وقتها رئىس الوزراء مضر بدران فقلت له اريد ان استقيل لاني عينت بدون رغبة فقلت له: التمس من جلالة الملك ان استقيل، عرض علي الملك الحسين وقتها رحمه الله ان اكون سفيرا في ليبيا او في السعودية فقلت له: اعفيني وقد اعفاني مشكورا، ورجعت الى التعليم في جامعة اليرموك 11 سنة.

* واضح أنك لم تنسجم مع العمل السياسي؟

- نعم.. حتى عملي السياسي في وزارة التربية ووزارة الاوقاف كان يغلب عليه التأصيل الفكري والتربوي والأكاديمي، اما العمل السياسي بمعنى المناورات لم انسجم أبداً.

* ما هي بصماتك التربوية والاكاديمية في سلطنة عمان حدثنا عنها؟

- عندما كنت رئيساً للجامعة الاردنية جاءني وزير التربية العماني الاستاذ احمد الغزالي،ِ وقال لي: نحن سمعنا عن المناهج الاردنية، فنرجو ان تترأس فريق لتطوير المناهج العمانية لعدم وجود مناهج عمانية بهذا المعنى انما كانوا يستعيرون بعض الكتب الاردنية وبعض الكتب المصرية وبعض الكتب من قطر ومن السعودية وهكذا. فترأست لجنة ضمت الدكتور عدنان بدران والدكتور سعيد التل والدكتور محمود السمرة والاستاذ فاروق بدران وعددا من الشخصيات الاردنية وحاولنا ان نجمع عددا من الاكاديميين الاردنيين ما لا يقل عن 200 شخصية من اساتذة الجامعات في الفروع المختلفة وعملنا خلية نحل في الاردن زرنا ميدانيا والتقينا بالأساتذة والمسؤولين.. وكنا كلما أنهينا مجموعة من الكتب لمجموعة معينة نذهب هناك لمدة اسبوع ونعمل دورات للمعلمين وندربهم على الكتب الجديدة وأدلة المعلم، فألفنا كتبا على مدى عشر سنوات من عام 78 الي عام 88 حوالي 600 كتاب تقريبا لكل المرحلة الابتدائية والاعدادية والثانوية ودور المعلمين وهي كتب للطالب وأدلة للمعلم لكل كتاب دليل، وكانوا يسمونها في عُمان الثورة الخضراء، وقد اشترطنا عليهم شرطا ادبيا ان يستعيروا عددا من المعلمين الاردنيين واستعاروا عددا لا يقل عن الف معلم اردني اصبحوا يدرسون هذه المناهج والكتب مهم اخذوا مواقع جيدة سواء في ادارات المدارس او في التوجيه او خبراء المناهج ولا يزال بعضهم لغاية الان، وكان التطوير في المناهج لا يقل في رأيي عن التطوير في المناهج الاردنية ولا زالوا يذكرون هذا الامر، والان يبنون عليها.

* عودة إلى الجامعة الأردنية والاتهام الذي وجه إليك أيضاً بأنك أرسلت عدداً من الاسلاميين بعثات إلى الخارج ؟

- عندما جئت للجامعة الاردنية سألت السؤال البدهي بعد ان راجعني عدد من المعيدين د. محمد ذنيبات كان معيدا وامل الفرحان ابنة حمد الفرحان وعبدالله العكايلة وسامي عمرو في كلية الطب وغيرهم ان لهم سنوات في الجامعة ومعيدون بكالوريوس ويساعدون في التدريس وترفض الجامعة الاردنية ارسالنا بعثات فاستدعيت الامين العام وكان وقتها حسن النابلسي فقلت له: ما هو الموضوع، قال لي: ليس لدينا موازنة بعثات، قلت له: كيف جامعة وليس فيها موازنة بعثات في نشأتها، قال لي: والله نحن ننتظر ان تأتينا من مكتب المعلومات الاميركي وبعثة من المجلس الثقافي البريطاني قلت له لكن نحن حاجتنا محددة، هؤلاء قد يرسلون بعثات في التدبير المنزلي ونحن بحاجة لدكتور في الجهاز الهضمي، قال: والله هذا الموجود، فاقترحت رأسا على مجلس الامناء خلال الاسبوع ان توضع موازنة نصف مليون دينار للبعثات وقد ارسل من كلية الطب وحدها 10 او 15 طبيباً ليتخصصوا من اجل كلية الطب ومنهم سامي عمرو ذهب وتخصص تخصصا دقيقا في المرارة، ولحسن الحظ بعد خروجي من الجامعة الاردنية اصابتني المرارة واجرى لي الدكتور سامي عملية المرارة في المستشفى الاسلامي ورفض اخذ اجرة وقال: انت ارسلتني بعثة، وهذا ليس من الاخوان المسلمين وامل الفرحان ليست من الاخوان المسلمين ذهبت بعثة بقرار مني وكلهم ارسلتهم بعثات للحصول على الماجستير والدكتوراه معا وراجعوا ملفاتهم وراجعوا الجامعة الاردنية.

* لماذا مكثت فقط رئيساً للجامعة على غير العادة؟

د. فرحان: والله لا أعرف السبب لغاية الآن، جاءني المرحوم أحمد طوقان وقال: جلالة الملك يريد أن يعطيك وساماً، فقلت: الظاهر أنكم لا تريدونني رئيس جامعة،ِ وقدمت استقالتي وقبلت.

* هل ضميرك مرتاح؟

- نعم والحمد لله.

* ألم تظلم أحداً ؟

- فرحان: أبداً الحمد لله.

* قيل إنه حصل عليك انقلاب من قبل جماعة الإخوان.. ما صحة ذلك؟

د. فرحان: الحقيقة إنني في العمل الاسلامي لم أحرص يوما ما ان استلم مركزاً.

* متى قوي مركزك في الجماعة ؟

- بفضل الله وحمده منذ أسست جماعة الاخوان المسلمين سنة 1946، وقد دخلت الجماعة وانا في الابتدائي في عام 48 أي بعد سنتين من تأسيسها،ِ وكان هناك حوالي ثلاثين شابا، فلم نكن نشعر وقتها ان يصبح احدنا قائدا او مسؤولا.. على اساس انها عمل دعوي، ومرت جماعة الاخوان المسلمين في عدة مراحل: المرحلة الاولى مرحلة الدعوة، ومرحلة التربية في الستينات، ومرحلة العمل الخيري في السعبينات، ومرحلة النقابات في الثمانينات وأواخر الثمانينات والتسعينات دخلت العمل السياسي بشكل واضح وان كانت هي تؤمن ان الاسلام هو عمل شامل لكن الحقيقة في المراحل المختلفة كانت تبتعد عن العمل السياسي المباشر، فأنا من الناس الذين حاولوا عندما حدثت المسيرة الديمقراطية ان اضغط بشدة وقدمت اوراق عمل في انشاء حزب جبهة العمل الاسلامي على أساس أن لا يكون العمل السياسي من خلال الإخوان إنما أن يكون عملاً مستقلاً حزبياً يراعي قواعد اللعبة، وأنا انظر إليها أيضاً من الناحية الاكاديمية والمنهجية، وفي هذا كتبت كتيباً عن الديمقراطية وغيرها، ودفعت بهذا الاتجاه وبدأت تحدث مشادات ان بعض الناس يقول ان هذا خروج بالدعوى عن خطها الاساسي والسياسة ملعونة كذا، وبتقديري ان العمل السياسي هو جزء من العمل الاسلامي ومكمل للمسيرة، فكان هناك مقاومة لانشاء حزب جبهة العمل الاسلامي لكن نجح المفكرون الذين يؤمنون بهذا العمل وبقي هناك علاقة تنسيق بين حزب الجبهة والاخوان والبعض يتهم ان هؤلاء وجهان لعملة واحدة، والبعض يتهم ان العمل السياسي سيطغى على العمل الدعوي حتى من داخل صفوف الاخوان لكن في تقديري انه اصبح هناك نوع من الفقه السياسي الاسلامي ونجح حزب الجبهة في اثبات وجوده مع الاحزاب الاخرى، ونجح في اثبات التعددية عن قناعة وليس عن تكتيك.

* جئت في البداية على هذا الأساس فشعرت أن هناك من خالفك فجاء اغتيالك بمعنى الابعاد مثلاً أو الانشقاق.. أو الايذاء، كان هناك اختلاف ما هو بالضبط؟

- أيضاً من سمات شخصيتي التي اعيها انني لا آبه للاختلاف لقد كانت هناك تيارات معارضة للتيار الوسطي والعقلاني والتدرجي وعدم استعمال العنف.. وفي تقديري التيار الأعم انتخبني أول مرة في التأسيس وانتخبني لدورتين متتاليتين كأمين عام لجبهة العمل الاسلامي وأيضاً حاولت أن ارتاح فحاولوا ان يعطوني رئاسة مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي لمرتين لكن نحن وضعنا في قانون في النظام الداخلي وتشددنا فيها وربما آن الاوان أن نخففها قليلاً وهي ان الامين العام يستلم لمدة سنتين فقط دورته وتجدد له مرة واحدة، فأنا استنفدت الاربع سنوات ثم استنفدت الاربع سنوات كرئيىس مجلس شورى، بالإضافة الى سنتي التأسيس، الان طبق القانون على الدكتور عبداللطيف عربيات فأصبح للجبهة لمدة سنتين وجدد له سنتين، الان لا يصح له ان يكون امين عام للجبهة فأصبح رئيس مجلس شورى، وكأنها اصبحت تقليدا.

بالنسبة للسؤال دعينا نقول لم يصل الامر الى خلافات انما استنفدت مدتي، ولم تصل الى درجة الاحتكاك الشخصي، بصفتي أنا شخصياً من سماتي أسامح وأنسى أي نوع من المقاومة الشخصية لشخصي لأني اعتبر أن أي شخص يستلم مسؤولية الله يعينه وأدعو لمن يتحمل المسؤولية، وإني أحرص على أن أتحمل المسؤولية مباشرة وأتردد كثيراً حتى لو لانتخابات نيابية أو غيرها، وقد عرض علي عندما دخلنا انتخابات نيابية ان ادخل وقلت لا.. اريد ان نرعى الذين يدخلون الانتخابات، وان كان جلالة الملك اختارني في مجلس الاعيان.

* يستفزكم الشيوعيون والبعثيون... ويعتبرونكم مصلحجية ،ِ وأعداءهم.. لماذا؟

- هذا السؤال يُسأل لهم لكن من خبرتي الشخصية بحكم اني كنت امينا عاما للجبهة واشتركنا في مؤتمر الاحزاب العربية الذي اسسه سليمان عرار رحمه الله حدث مؤتمر الاحزاب العربية واجتمع ثمانون حزبا في دورته الثانية في بيروت فسلمت الامانة وقلت لهم انتخبوا واحدا منكم بحكم اني كنت نائبا للمرحوم سليمان عرار. فأجمعت الاحزاب كلها في البلاد العربية الثمانون حزبا.. من شيوعيين وقوميين ويساريين اجمعوا علي، وقبلت لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد لسنة حتى يجتمع المؤتمر الثالث، فلما اجتمع أكدوا للمرة الثانية ان اكون رئىسا لمؤتمر الاحزاب العربية على مستوى الوطن العربي.

* يتهمونك أيضاً إنكم أبناء الدولة ؟

- كثيراً ما قيل ذلك وقد واكبتها منذ أن كنت شاباً في الخمسينات عندما الإخوان لم يحاولوا الدخول مع الأحزاب البعثية والقومية في عراك مع الدولة، ولا أقول إن الإخوان أجراء لها، الإخوان والحركة الإسلامية لها نظرتها لكن نعتقد منذ التنشئة الاولى في الحركة الاسلامية في الاردن بالذات انها لا تؤمن بالعنف ولا تضع الصدام مع الدولة كهدف انما قد تختلف مع الدولة في مراحل مختلفة لكن الاستراتيجية ان لا تصل الى درجة الصدام الدموي لان هذا مضر بالجهتين، وقد قلت للملك الحسين ان استقرار الاردن في العائلة الهاشمية وفي حركة الإخوان المسلمين أو العمل الإسلامي على أساس أنهم لا يسعون إلى العنف،ِ ويسعون إلى التطوير،ِ ولا يهمهم أن يحكموا بأنفسهم إنما يهمهم أن تحكم البلاد بالشريعة الإسلامية وهذا هدف استراتيجي لا نخفيه لأنه لا بد من السير نحو تطبيق الشريعة الإسلامية.

* ألست معي أن اهميتكم كجماعة إخوان مسلمين أردنيين كانت أيام التيار الناصري والتيار الشيوعي ولكن انهيار الشيوعية أصبح لا أهمية لوجودكم ولا تهتم الدولة بكم؟

- ربما الدولة من زاويتها وهي تُسأل عن هذا تهتم بنا اولا لكن ربما الدولة كانت تستفيد من الصراعات حيث كانت على اشدها لكن في الوقت الحاضر بغض النظر عن موقف الدولة او الحكومة او الحكومات المتعاقبة لا اجد مبررا للسير في الصراعات بين الناصريين مثلا والاخوان المسلمين او بين اليساريين والاخوان المسلمين وعندما عقدنا ندوة في الجامعة الاردنية وحضرها.. جورباتشوف ومن معه في معهد جورباتشوف وخمس شخصيات من الاردن منهم انا وليلى شرف ومحمود الشريف سألت جورباتشوف السؤال التالي: انت كيف وضعت يدك في يد امريكا وانهار الاتحاد السوفييتي؟ قال: نحن حقيقة لا نؤمن بالشيوعية، وهذه كانت خطيئة روسيا ولا يمكن ان تتقدم بالشيوعية، وعندما قلت هذا الكلام ليعقوب زيادين قال لي: جورباتشوف عميل اميركا، فقلت له: اذاً اتركوا الشيوعية يا اخي.. ونصحت هذه النصيحة لعيسى مدانات وغير اسم الحزب.

* الخلافات المستمرة والمتلاحقة داخل جماعة الإخوان المسلمين وهذا حزب الوسط ما سبب ذلك ؟

- جماعة الإخوان المسلمين بشر وربما يختلف شخص أو أشخاص مع نهج القيادة فلا يعجبهم فينشئوا حزب الوسط ،ِ وينفصلوا على أساس شخص يريد ان يدخل برلمانا والجماعة قاطعوا، لقد كنت من انصار عدم المقاطعة للانتخابات لكن التزمت بقرار المقاطعة عندما اتخذ من الجماعة عن طريق الشورى، بعض الافراد لم يلتزموا ولذلك انفصلوا رغم انهم كانوا سياسيين واعدين ولهم اثر وخسارة ان تخسرهم الجماعة.

* هل من رؤية جديدة لتجديد وضعكم ؟ :

- سؤال قيم وهذا يعود لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس انه كل مئة سنة على الأقل يجب أن يكون هناك تجديد في المسيرة حتى الدول الكبرى الآن من استراتيجيتها ان تضع استراتيجية القرن بوش وضع استراتيجية القرن انه يقود الحملة كما يسميها ضد الارهاب وهو يقود نظاما عالميا جديدا باستعمار اميركي للبلاد العربية اولا ولمنابع النفط في العالم ثانيا، وللتفرد بتأديب اي جهة لا توافق السياسة الاميركية في العالم، لكن بالنسبة للعمل الاسلامي والحركة الاسلامية انا ادعو الى تجديد في الفكر وتجديد في الوسائل وتجديد في الاساليب وهذه تنسجم مع مستجدات العصر، والذي لا يجدد فكره ولا يجدد وسائله يتخطاه الزمن، وانا اعتقد انك وضعت اصبعك على نقطة مهمة وشكرا لك واؤكد ان المفكرين الاسلاميين والقياديين واعون لها لكن الى اي درجة يتوفقون للقيام بها نسأل الله لهم التوفيق.

* مرة أخرى اعود واعتذر عن سؤالي وأكرر ما يقال:  إنكم الوجه الآخر للحكومة ولديكم نفس أمراض الحكومة المحسوبية والأقارب والواسطات  لماذا أنتم تحديداً،ِ ولا يقال الحزب الشيوعي والحكومة أو القوميون العرب أو حزب البعث ؟

- من حسن حظنا أن الناس ينظرون لنا إننا لسنا أعداء لا للحكومة ولا لأي حزب ولا لأي جهة اخرى، نحن نحاول أن نتحرى الحق،ِ ونحاول أن ندعو إلى الحق، ونقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، وكثير من القضايا بالنسبة للحكومة قلنا لها أسأت، فمثلاً في قضية معان الاخيرة قلنا لها اسأت، وتزعمت جبهة العمل الاسلامي والاخوان المسلمون مؤتمر القوى الوطنية لمحاسبة الحكومة وحتى المطالبة برحيلها والحكومة استفزت الى درجة غير معقولة عندما اتهمت بعض الشخصيات بدون تسمية اسماء ان هؤلاء اعداء الوطن وعندما عرضنا الوساطة على الحكومة في قضية معان قالوا هذه قضية امنية، فلذلك ليس حقا ما يقال ان الاخوان والحكومة وجهان لعملة واحدة.

* تزايد عدد الشباب في المساجد وأعداد الفتيات بارتداء الزي الإسلامي، وتحجب الفنانات إلى ماذا تعزوه؟

- ما زرع من بذور للدعوة الإسلامية والعمل الاسلامي والفكر الإسلامي عبر العقود الماضية بدأ ينتج والحمد لله ابتداء من المناهج ومن الكتب الثقافية العامة التي تتعلق بالفكر الاسلامي في المكتبات آلاف الكتب الاسلامية لذلك عوامل هذه النهضة واقدام الشباب شيء طبيعي، بالإضافة الى ان التيارات الاخرى خصوصاً التيار الشيوعي انهار بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كذلك تزايد الحقد على أميركا والكراهية لها والنظام الغربي نتيجة دعمها اللامحدود وتحيزها الكامل تجاه الهجمة الصهيونية في فلسطين مما جعلت الشباب فعلا ًيشعرون أن البريق الغربي هبط.

* مهاجمة الداعية عمرو خالد في مصر ومنعه دخول المساجد المصرية إلى ماذا تعزوه أيضاً ؟

- عمرو خالد ليس استثناء لطبيعة الدعوة الإسلامية، الأصل في الدعوة الإسلامية ان لا يكون طقسها مقصوراً على الشيوخ الكبار في السن او شيوخ الشريعة الاسلامية والعلماء في الشريعة الاسلامية، كل شخص يعرف ولو اية ولو حديث ولو جزءا من المعرفة يستطيع ان يبلغها للآخرين والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: »بلغوا عني ولو آية« فلذلك عمرو خالد وان كان اختصاصه في الاقتصاد لكن الله فتح على قلبه،ِ واهتدى هو بنفسه وشعر ان لديه وسيلة يبلغ بها هذه الدعوة للناس فبلغها، وببساطة تأثيره اكثر ربما من علماء معهم دكتوراه في الشريعة الاسلامية وانا شخصيا لا اريد ان اقول اني اتابع بقدر ما احرص انه اذا فتح التلفاز وكان عمرو خالد موجودا ان اكمل هذه الحلقة معه، زوجتى مثلا تتابعه باستمرار وتترصد حلقته..، الشباب ايضا يتابعونها وفعلا اثره في الشباب والشابات والفنانين والفنانات كبير، انا اضع علامة استفهام على منع عمرو خالد سواء في مصر او غيرها من البلدان من تبليغ الدعوة الى الله سواء بحجة انه ليس عالم شريعة او بحجة ان الشباب ينجرون نحوه بتهور، علما انه يدعو الى الاسلام بقصصه الاسلامية وتحبيب في الاسلام، جهوده. نعلم ان اميركا الآن تسعى الى تغيير المناهج في البلاد العربية خصوصا بما يتفق مع آرائها في السلم والسلام وعدم الإرهاب ومقاومة المحتل.

* هل أنت موضع حسد ؟

- هذه يسأل عنها الناس الاخرون، وقد اكون موضع حسد لكن نقرأ دائماً قل أعوذ برب الفلق.

* ما المحصلة التي خرجت بها ؟

- اعتقد ان الذي يمتهن مهنة سواء تربوية او مهنية عامة فيها خدمة للمجتمع ان يبذل كل جهده ليس في اداء المهنة فقط وانما في اتقانها إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه .

* لو عادت السنون إلى الوراء هل تختار نفس المسار؟

- هذا السؤال سألته لنفسي ولم أعرف الإجابة عليه ربما كان هناك فرص ممكن أن استغلها أكثر.

* هل ندمت عليها ؟

- لا.. لم أندم أبداً.

* هل تشعر برضى الله سبحانه وتعالى عنك ؟

- شعوري دائماً مثل شعور سيدنا عمر رضي الله عنه لو دخلت الجنة وقدم في الجنة وقدم خارجها لا آمن مكر الله أن لا أدخلها، فالواحد فعلاً في هذا العمر وبعد هذه النظرة للمسيرة لا يطمع في غير رضى الله تعالى وان يستقر على الثوابت التي سار عليها في حياته ويستسمح من اي انسان اساء اليه وبدون قصد وربنا يحسن ختامنا في هذه الدنيا التي هي مقدمة للحياة الاخرة، وهناك الحياة السعيدة.. ،ِ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة،ِ ولا تنس نصيبك من الدنيا، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا،ِ ويحسن ختامنا، ويقبلنا في الجنة مع الأبرار.

مصادر الترجمة :

1-الموسوعة الحرة .

2- موقع المعرفة .

3- موقع قدس برس .

4- موقع الجزيرة نت .

[2] - عمان ـ خدمة قدس برس  |  الجمعة 06 يوليو 2018 م .

وسوم: العدد 780