العلامة، القاضي، الفقيه ( فيصل أنور مولوي): عمامة ناصعة أنارت الطريق

(1941- 2011م )

clip_image002_3005d.jpg

 مقدمة :

 لقد أثمرت الدعوة الإسلامية الراشدة ثماراً طيبة ملئت الدنيا عبيراً وثماراً طيبة زكية، وأشجاراً فروعها في السماء وجذورها راسخة متينة، ألا وهم العلماء الذين فهموا الدين بتوسطيته وسماحتهم، ونشروه بالقدوة الصالحة وسط الناس، وأخذوا على عاتقهم التصدي لكل معتد أثيم، والشيخ فيصل مولوي كان واحداً من هذه الثمار اليانعة الطاهرة - عليه رحمة الله - .

 إنه الداعية والمفكّر الإسلامي المعروف في لبنان، والعالم العربي، والإسلامي، والأوروبي.

 من العاملين في الحقل الإسلامي في لبنان، وكان رئيساً لجمعية التربية الإسلامية في لبنان، وقد شغل منصب الأمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان، ورئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990 ، وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي، وسيرته صفحات من نور، وجهاد، وبذل، وعطاء ، فيها الكثير من الدروس والعبر، وسوف نتوقف عندها لحظات نستجلي العظات؛ لعلنا نكون خير خلف لخير سلف .

المولد والنشأة :

 ولد سماحة العلامة الشيخ فيصل مولوي في طرابلس الشام، والتي أخرجت الكثير من العلماء عام 1941م وتربى في بيت علم وفضل ودين.

دراسته ومراحل تعليمه :

 درس في الجامعة اللبنانية، وحصل منها على إجازة في الحقوق من كلية الحقوق والعلوم السياسية -1967م .

 وقصد دمشق الشام فحصل على إجازة في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق / كلية الشريعة عام 1968م .

 ثم توجه إلى فرنسة فحاز دبلوم الدراسات المعمّقة من جامعة السوربون باريس .

أعماله ومسؤولياته :

 عاد إلى لبنان ليعين عُيّن قاضياً شرعياً سنة 1968، وتنقّل بين المحاكم الشرعية الابتدائية في راشيا وطرابلس وبيروت. إلى أن عُيّن مستشاراً في المحكمة الشرعية العليا في بيروت سنة 1988 ، وبقي في هذا المركز حتى استقالته سنة 1996، كما حاز مرتبة ”قاضي شرف برتبة مستشار” بموجب مرسوم جمهوري رقم 5537 تاريخ 23 أيَار 2001.

العمل في الحقل الإسلامي :

 بدأ العمل في الحقل الإسلامي في عام 1955م، وتدرج في المناصب والمسؤوليات حتى أصبح :

الأمين العام في جماعة عباد الرحمن في لبنان سابقاً .

الأمين العام للجماعة الإسلامية خلفا للدكتور فتحي يكن منذ 1992 وحتى سنة 2009

رئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990.

عضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي.

أثر الشيخ فيصل مولوي في أوروبا :

 أمضى الشيخ فيصل مولوي في أوروبا خمس سنوات من 1980 حتى 1985. وأسس في فرنسا اتحاد الطلبة المسلمين، ثم اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وأنشأ الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية. وأصبح مرشداً دينياً لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا ثم في أوروبا منذ سنة 1986. وبقي على تواصل مع أكثر المراكز الإسلامية في أوروبا حتى وفاته.

 ساهم في تأسيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في المملكة المتحدة في آذار 1997 تحت رئاسة الشيخ يوسف القرضاوي ، وهو نائب الرئيس.

 أصبح العميد المؤسس للكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية في "شاتو شينون" في فرنسا منذ تأسيسها سنة 1990، وهي كلية للدراسات الشرعية بالمستوى الجامعي، وهي مخصّصة للمسلمين الأوروبيين أو المقيمين بصفة دائمة في أوروبا وسائر بلاد الغرب، واستمرّ في هذا المنصب حتىّ سنة 1994.

 وشغل منصب نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.

– قضى في أوروبا خمس سنوات من عام 1980م حتى عام 1985م أصبح فيها مرشداً دينياً لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، ثمّ في أوروبا منذ سنة 1986 وحتّى وفاته، وبقي على تواصل مع أكثر المراكز الإسلامية في أوروبا حتّى وفاته .

أحسن داعية في الغرب :

 اختارته الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض أثناء إقامته في فرنسا كأحسن داعية إسلامي في أوروبا ومنحته جائزة تقديرية. خلال إقامته في الغرب كان العميد المؤسس للكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية في ”شاتو شينون” في فرنسا منذ تأسيسها سنة 1990 وهي كلية للدراسات الشرعية بالمستوى الجامعي ومخصّصة للمسلمين الأوروبيين أو المقيمين بصفة دائمة في أوروبا وسائر بلاد الغرب، واستمرّ في هذا المنصب حتىّ سنة 1994.

أخلاقه وصفاته :

 يعتبر العلامة مولوي أحد الدعاة القلائل الذين جمعوا بين الأصالة الإسلامية والخبرة الثقافية والعملية حول البلاد الغربية، وهو فقيه وقاض ومفكر وداعية من طراز نادر، وقد أعطته خلفيته الإسلامية والعلمية ثم اختصاصه ثم خبرته إحاطة واسعة وقدرة على التعامل المتقدم تجاه ظروف المسلمين ومعاناتهم ومشاكلهم ضمن رؤية متوازنة ومعتدلة ، كما أن له موقعاً قيادياً إسلامياً متقدماً فهو الأمين العام الحالي للجماعة الإسلامية في لبنان ، ورئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990 وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي ، إضافة على أنه شغل في بعض فترات حياته موقع رئيس جمعية التربية الإسلامية في لبنان. – يشغل حالياً منصب نائب رئيس المركز الأوربي للإفتاء والبحوث، ورئيس لجنة الفتوى في مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

البحوث والمؤلفات :

1-سلسلة مبادئ التربية الإسلامية للمرحلة الابتدائية - خمس أجزاء .

2-سلسلة التربية الإسلامية للمرحلة المتوسطة- أربع أجزاء

3-الجزء الأول من كتاب التربية الإسلامية للمرحلة الثانوية

4-تيسير فقه العبادات

5-دراسات حول الربا والمصارف والبنوك

6-موقف الإسلام من الرقّ

7-أحكام المواريث، دراسة مقارنة

8-الأسس الشرعية للعلاقات بين المسـلمين وغير المسلمين

9-نظـام التأمين وموقف الشريعة منه

10-نبوّة آدم

11-المرأة في الإسلام

12-حكم الدواء إذا دخل فيه الكحول

13-السلام على أهل الكتاب

14-المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية في بلاد الغرب

15-أثر انهيار قيمة الأوراق النقدية – إضافة إلى ذلك فله المئات من الفتاوى والمحاضرات .

وفاته :

 توفي يوم الأحد 5 جمادى الآخرة 1432 ه/ـ الموافق 8 مايو 2011م ، عن عمر ناهز (70 سنة)، ودفن في مسقط رأسه مدينة طرابلس (لبنان ).

الآلاف يشيِّعون الشيخ فيصل مولوي بلبنان :

 ( شيَّع الآلاف من أهالي مدينة طرابلس اللبنانية، أمس، الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ فيصل مولوي ، تقدمهم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وعدد من الوزراء والنواب والسفراء، ووفود وشخصيات إسلامية جاءت من المناطق اللبنانية ومن الخارج.

 وقال إبراهيم المصري ، الأمين العام الحالي للجماعة الإسلامية، إن الفقيد كان أخًا كريمًا، ألفناه شابًّا وادعًا، بدأ مسيرته الدعوية مشاركًا في العمل الطلابي في ثانويات طرابلس، وعمل بعد ذلك قاضيًا شرعيًّا، وعضوًا مؤسسًا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وفي المؤسسات الإسلامية الأوروبية.

 وأضاف أن الخسارة برحيل الشيخ مولوي ليست خسارةً للجماعة الإسلامية فقط ولا للبنان فقط؛ لأنه كان يتحرك على مستوى الساحة الإسلامية كلها؛ اللبنانية، والعربية، والدولية، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا مزيدًا من الرجال الدعاة؛ الذين يحملون أمانة الدعوة ويتحركون بها، ليس من أجل مغرم ومغنم، وإنما من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض.

 أما مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ رشيد قباني - الذي أمَّ صلاة الجنازة- فوصف الراحل بأنه عالم من كبار العلماء المسلمين في لبنان، عرفه لبنان والعالمان العربي والإسلامي عاملاً جادًّا ومخلصًا راعيًا لحقوق الشريعة وحقوق الناس.

 وأضاف: "كانت للراحل إسهامات فكرية وثقافية في لبنان والعالمين العربي والإسلامي، خدم العلم والفقه الإسلامي، فألَّف، وكتب، ونشر، وألقى العديد من المقالات والأبحاث والمحاضرات في لبنان والعالم، وكان من خيار الدعاة للإسلام والتعريف به، وخصوصًا في العالم الغربي".

 أما (حزب الله) فنعى الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان، وأعرب عن ألمه العميق لرحيل "هذه الشخصية الإسلامية المهمة التي لعبت دورًا مميزًا في الدفاع عن الإسلام وقضاياه، واجتهدت في مجال التبليغ ودعم خط الجهاد والمقاومة؛ حيث كان الراحل قائدًا كبيرًا من قادة المقاومة في لبنان، ونصيرًا لها في كل الظروف والمراحل التي عاشتها".

 وقال (منير شفيق)، المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي: إن رحيل الشيخ فيصل مولوي هو "خسارة فادحة، فأنا على المستوى الشخصي أعتبر الراحل معلمًا كبيرًا وصديقًا، ورحيله خسارة للجماعة الإسلامية ول لبنان وللأمة العربية وللعالم الإسلامي.. هذه الخسارة سوف نشعر بها أكثر مع مضيِّ الأيام".

 وأضاف شفيق: "أن مولوي هو من أهم الشخصيات الإسلامية التي دعمت القضية الفلسطينية، ووقفت بقوة إلى جانب المقاومة، وكان له دور كبير في تأسيس المؤتمر القومي الإسلامي، وعمل على إزالة الكثير من الحدود والصعوبات التي كانت قائمةً بين القوميين والإسلاميين، كما كان له دور في تشكيل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين".

 ومن جهته، اعتبر عزت الرشق، عضو المكتب السياسي ل حركة حماس، أنه بفقد الشيخ فيصل مولوي يكون الشعب الفلسطيني خسر رجلاً مدافعًا عن القضية الفلسطينية، وكان همه الدعوة إلى الله وقضايا المسلمين في كل مكان وفي الغرب على وجه الخصوص.

 وأضاف أن حركة حماس فقدت "أخًا عزيزًا ومناصرًا قويًّا لهذه القضية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمَّده بالرحمة، ولذويه الصبر والسلوان".

 وكان موكب تشييع الراحل جاب شوارع مدينة طرابلس، ودُفن في مقبرة باب الرمل وسط المدينة؛ حيث تلقَّت قيادة الجماعة الإسلامية وذووه العزاء..)

clip_image003_08171.jpg

المرشد العام محمد بديع يحتسب عند الله الشيخ فيصل مولوي :

 ( يحتسب فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع ، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وإخوانه أعضاء مكتب الإرشاد، وجموع الإخوان المسلمين في جميع بقاع الأرض عند المولى - عزَّ وجلَّ -، الشيخ الفقيه المعلم المستشار فيصل مولوي؛ الذي وافته المنية اليوم عن عمر يناهز السبعين عامًا.

 وأكد المرشد العام أن الشيخ الراحل كان علامةً وبصمةً فكريةً قويةً أثْرَت الفكر والتاريخ الإسلامي كما كان - رحمه الله- رجلاً من رجالات الوسطية والدعوة السمحاء والفقه الرشيد في وقت عاش حياته في سبيل رفعة وطنه وأمته وإقرار ما تتحقق به مصالح الأمة، داعيًا الله عزَّ وجلَّ أن يلهم أهله ومحبيه وتلامذته الصبر والسلوان، وأن يدخله الجنة مع الصالحين والشهداء )[3] .

الأستاذ الإمام محمد مهدي عاكف يعزي لبنان في رحيل الشيخ مولوي :

 ( يتقدم الأستاذ محمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق للإخوان المسلمين، بخالص التعازي إلى الشعب اللبناني والجماعة الإسلامية؛ في وفاة فقيد الأمة المستشار الشيخ فيصل مولوي ، الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان ، بعد رحلة طويلة في الجهاد والعطاء، ونشر الفقه الوسطي المعتدل.

 وأكد فضيلته أن الأمة في حاجة إلى اقتفاء أثر الفقيد؛ لتتعلم الإسلام الوسطي المعتدل، ومبادئه السمحة، والثبات على المبادئ الحقة، والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله)[5] .

الجماعة الإسلامية بلبنان تنعى الشيخ فيصل مولوي :

 نعت الجماعة الإسلامية بلبنان العالم الجليل والفقيه المستشار الشيخ فيصل مولوي، عن عمرٍ يناهز الـ70 عامًا والفقيد من مواليد (1941م طرابلس- لبنان)

 وكان مولوي رئيسًا لجمعية التربية الإسلامية في لبنان وشغل منصب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان، ورئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990 م، وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي.

 وقد عُيّن مولوي قاضيًا شرعيًّا في لبنان سنة 1968 م، وتنقَّل بين المحاكم الشرعية الابتدائية في راشيا، وطرابلس، وبيروت، ثُمّ عُيِّن مستشارًا في المحكمة الشرعية العليا في بيروت سنة 1988 م ، وبقي في هذا المركز حتى استقالته سنة 1996 م، قبل أن ينال مرتبة "قاضي شرف برتبة مستشار" بموجب مرسوم جمهوري رقم 5537 تاريخ 23 مايو 2001 م.

 أمضى فيصل مولوي في أوروبا خمس سنوات من 1980 حتى 1985 م، وقد أسَّس في فرنسا الاتحاد الإسلامي والكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية، وأصبح مرشدًا دينيًّا لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا ثُمَّ في أوروبا منذ سنة 1986 م، وبَقِي على تواصل مع أكثر المراكز الإسلامية في أوروبا حتى وفاته.

 بدأ مولوي العمل في الحقل الإسلامي في عام 1955 م وهو: "الأمين العام في جماعة عباد الرحمن في لبنان سابقًا"، و"الأمين العام للجماعة الإسلامية خلفًا للدكتور فتحي يكن منذ 1992 وحتى سنة 2009 م"، و"رئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990 م"، وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي".

 وله العديد من المؤلفات التي أَثْرَت العالم الإسلامي منها: سلسلة مبادئ التربية الإسلامية للمرحلة الابتدائية (خمسة أجزاء)، وسلسلة التربية الإسلامية للمرحلة المتوسطة (أربعة أجزاء)، والجزء الأول من كتاب التربية الإسلامية للمرحلة الثانوية، وتيسير فقه العبادات، ودراسات حول الربا والمصارف والبنوك، وموقف الإسلام من الرق، وأحكام المواريث، دراسة مقارنة )[7].

حركة حماس تنعى الشيخ " فيصل مولوي " :

 نعت حركة المقاومة الإسلامية حماس العالم الجليل والفقيه المستشار الشيخ فيصل مولوي ، الأمين العام السَّابق للجماعة الإسلامية في لبنان ؛ الذي وافته المنية اليوم الأحد عن عمر يناهز الـ70 عامًا بالعاصمة اللبنانية بيروت.

 وأوضحت في بيان وصل ( إخوان أون لاين) أن الأمة مصابها كبير في العالم الجليل بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحية، قضاها في خدمة الدَّعوة الإسلامية، وتأصيل الفكر وإثراء الفقه الإسلامي، والدِّفاع عن قضايا الأمَّة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ودعم مشروع المقاومة.

 واستشهدت بقوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) (الفجر: 28: 30)، داعيةً الله تعالى أن يرحم الفقيد رحمة واسعة ويسكنه فسيح جنَّاته، ويلهم أهله وذويه وإخوانه جميل الصَّبر والسّلوان)[9] .

clip_image005_91354.jpg

الحركة الدستورية الإسلامية تنعى الشيخ فيصل مولوي :

 ( نعت الحركة الدستورية الإسلامية الراحل العلامة الشيخ فيصل مولوي الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان، ورئيس بيت الدعوة والدعاة وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي والذي انتقل إلى رحمة الله الأحد الماضي عن عمر يناهز السبعين عامًا.

 وأعلن المكتب الاعلامي للنائبة بهية الحريري، أنه بسبب وفاة الأمين العام السابق للجماعة الاسلامية المستشار الشيخ فيصل مولوي والمشاركة في تشييعه في طرابلس غدا، تأجلت الزيارة التي كان مقرراً أن يقوم بها وفد من حركة حماس برئاسة مسؤولها السياسي في لبنان علي بركة، للنائبة الحريري في مكتبها في بيروت، ظهر غد الاثنين الى موعد يحدد لاحقاً.

مؤسسة القدس الدولية تنعي الشيخ المجاهد فيصل مولوي :

 ( بمزيد من التسليم بقضاء الله وقدره تنعي مؤسسة القدس الدولية ممثلة برئاسة مجلس الأمناء، ومجلس الإدارة ، وأعضاء مجلس الأمناء، والعاملين فيها العالم المجاهد المستشار الشيخ فيصل مولوي الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية ورئيس مجلس إدارة مؤسسة القدس السابق، وأحد أبرز علماء الأمة نصرة وعملاً للقدس و فلسطين . لقد كان الشيخ "رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى" أسوة لأهل الزهد والورع، ومثالاً للتواضع، وصوتاً للكلمة الطيبة، ومنارة للعلم، وحاملاً لهمِّ القدس وأهلها، وجامعاً للعاملين لها وإن اختلفت مشاربهم وآرائهم.

 لقد عرفناه في مؤسسة القدس الدولية مخلصاً لقضية القدس مبشراً بفتحها، حريصاً على توحيد الصفوف وجمع الكلمة في هذه القضية الجامعة.

 وها هو المستشار القاضي فيصل مولوي يترجل عن صهوة العلم والعمل ليرتقي إلى ربه بعد أن اطمأن إلى غرسه الطيب الذي غرسه في قلوب تلاميذه وأحبابه، وبعد أن اطمأن إلى رسوخ منهج الوسطية والتسامح والأخلاق الحميدة الذي كان هو أحد أبرز أوتاده وأعلامه.

 في جنان الخلد أيها العالم الزاهد، وأيها العامل المجاهد، تغادرنا بصمت مهيب ونبكيك بصمت حزين، ولا نملك إلا أن تلهج قلوبنا لك بالدعاء عسى أن يحشرك الله مع الأنبياء والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقًا.

مؤسسة القدس الدولية )عبد الله بابتي : قيادي في "الجماعة الاسلامية" .

 فيصل مولوي فارس "الحكمة" الذي ترجّل :

 كتب الأستاذ ( وائل أبو هلال) يقول : ( شيخ معمّم "بالحكمة"؛ هذا أول ما يقفز لذهني عند ذكر اسمه، حكمة تغلب على تصرفاته وأقواله، بل لكأني به أحد أعمدتها في العصر الحديث، وهي "الحكمة" التي ترفع صاحبها قدراً عند الله وعند الناس بإذن الله، وهكذا كان رحمه الله ... "ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرا ً كثيراً ".

 فلا يمكن أن يكون أبو عمار - رحمه الله - في جلسة إلا توجهت الانظار اليه ليفتتحها، أو يرتب أولوياتها أو يبلور نتائجها بأدقّ ما تكون البلورة تعبيراً عن المقصود، وأناقة في اللغة، وشمولاً في المضمون.

 وأشد ما تكون الحاجة إليه اذا اشتد الخلاف وحمي وطيس النقاش، وعلت الأصوات، وبدت الآراء مختلفة بصورة لا يمكن معها الالتقاء ... فاذا به يتقدم بصوته الهاديء الوقور ويطرح صيغة لا يملك معها الجميع – أو الأغلبية - إلا الركون إليها وكأنها ماء التوافق الذي يطفيء لهيب الخلاف .. فينظر الحميع في وجوه بعضهم: كيف استلّ هذا الشيخ المعمّم صيغة ترضيهم؟ ولا يستطيعون التقديم بين يديها ولا من خلفها .. إنها الحكمة .. الحكمة التي يتفضّل الله بها على من يشاء من عباده.

 تلك الحكمة التي جمّعت الشباب الإسلامي في أوروبا – وخبروها - على اختلاف مشاربهم؛ فقد استطاع الشيخ - رحمه الله - خلال فترة قيادته لاتحاد المنطمات الإسلامية في أوروبا (أكبر المؤسسات الإسلامية في القارّة) والذي كان له فضل كبير – بعد الله – بإنشائه أن يصهر هذه الثقافات المتعددة في بوتقة واحدة وفق وسطية الاسلام من جهة، وبما يتناسب مع البيئة الغربية الأوروبية من جهة أخرى، مما ساهم بتكريس هوية إسلامية تستطيع التعايش مع هذه البيئة.

 وقد ساهم- رحمه الله - برفقة ومعية رفيقه الشيخ يوسف القرضاوي في الإجابة على كثيرٍ من الاشكالات الفقهية والفكرية التي تواجه الجالية الاسلامية هناك من خلال ترسيخ مرجعية المجلس الأوروبي للإفتاء.

 الحكمة أيضاً- ودائماً- كانت حاديه في قيادته دفّة الجماعة الإسلامية في لبنان : الطائفي الحزبي المقاوم المتعدد الثقافات، فبعد تأسيسها على يد الدكتور فتحي يكن – رحمه الله؛ استطاع بالتعاون مع رفيق دربه الأستاذ إبراهيم المصري وضع الجماعة - بسيطة الموارد - على الخارطة السياسية اللبنانية المعقدة، وجعلها رقماً صعباً في المعادلة الحزبية اللبنانية، وممثلا رئيسًا- إن لم تكن الرئيس - للسنة في لبنان . ومن خلال هذا الموقع، وبالحكمة التي حباه الله إياها أصبح مرجعية معنوية لا يبتّ أمرٌ في الشأن اللبناني الداخلي إلا بالرجوع اليه.

 الحركة الإسلامية العالمية كان لها نصيبٌ من حكمته - رحمه الله؛ فلا شك أنه كان الرجل القوي في قيادتها، بل لعله كان من الشخصيات النادرة جداً الذي رشح لمنصب المرشد العام للإخوان المسلمين من غير الاخوان المصريين (سبقه بذلك الأستاذ هاني بسيسو- الفلسطيني- رحمه الله)، وما ذلك إلا للمكانة التي حظي بها بين أعلام الحركة ورموزها، وللحكمة التي تحلّى بها، ويتطلبها هذا الموقع برمزيته.

 أما فلسطين؛ فشأنه معها ولها كان عظيماً، لا يمكن أن تسبقها في الاهتمام قضية، لم يتغيّب عن محفل تُذكر فيه القدس أو فلسطين، لم يتوانَ عن بذل أي جهد حتى لو كان في أقاصي الشرق أو الغرب من أجل فلسطين، احتضن المشروع الإسلامي ل فلسطين بكل قوة، كان سندا قويا للقضية بمقاومتها داخل أطر الحركة الاسلامية وخارجها، بل كان ممثلاً معنوياً للقضية في كثير من المحافل دون صفة رسمية.

 كل هذا وغيره الكثير الكثير، مما يجب تأريخه وتوثيقه من القريبين منه، كان يتم بهدوء بالغ، لا تكاد تسمع أو تحسّ به، وإنما تشعر بأثره بعد أن يتم، فتقول في نفسك: جزا الله خيراً الشيخ فيصل الذي كان سببا في كذا وكذا من الخير ..

 سلام عليك أبا عمّار في الصالحين، سلام عليك في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء بإذن الله، سلام عليك في ورثة الأنبياء من العلماء العاملين، سلام عليك في الحكماء الذين اقتبسوا نورا من حكمة سيد الأنبياء، سلام عليك بما صبرت على المرض فنعم عقبى الدار.

 سيّدي لم أستطع زيارتك في مرضك لأنّي لم أتحمّل رؤيتك عاجزاً، وتغيّبت عن وداعك الأخير؛ لكن أملي بالله رحمة وتفضلاً منه أن نلتقي في ظله يوم لا ظل إلا ظلّه.

المستشار فيصل مولوي .. العمل الحركي والاجتهاد الفقهي :

 وكتب الأستاذ (أسامة عبد السلام) مقالة عن القاضي الراحل فيصل مولوي يقول فيها :

 ( أجمع علماء الأمة على أن مصابها كبير في وفاة العالم الجليل المستشار فيصل مولوي ، الأمين العام السَّابق للجماعة الإسلامية في لبنان ؛ الذي وافته المنية، أمس الأحد، عن عمر يناهز الـ70 عامًا بالعاصمة اللبنانية بيروت، بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحية، قضاها في خدمة الدَّعوة الإسلامية، وتأصيل الفكر وإثراء الفقه الإسلامي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ودعم مشروع المقاومة، مؤكدين أهمية اقتفاء أثره، والاهتمام بإنتاجه الفكري وإحياء ذكراه دائمًا ومواقفه في الدِّفاع عن قضايا الأمَّة الإسلامية.

د. عبد الرحمن البر :

 وأكد د. عبد الرحمن البرّ ، عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين ، لـ( إخوان أون لاين)، أن الفقيد رحمه الله تعالى من الفقهاء الأعلام النادرين في الأمة؛ حيث تميزت دعوته ودراساته ومؤلفاته الفقهية بالوسطية والاعتدال التي حلَّت كثيرًا من الإشكالات، كما تميزت مواقفه المشهود لها بالقوة في الحق، وله دور بارز في دعم قضايا الأمة الإسلامية.

 وأوضح د. البر أن الفقيد شخصية علمية متميزة، كان له دور دعوي وفكري وعلمي في بناء الحركة الإسلامية في لبنان، إلى أن مَرِض في السنوات الأخيرة، مشددًا على أن الأمة فقدت عالمًا كبيرًا من الطراز الأول؛ لتميزه عن جميع علماء العصر الحديث؛ لقيامة بالجمع بين الحسنيين، بين الجانبين النظري والتطبيقي في الدعوة والتربية.

 وأشار إلى أن الفقيد رحمه الله كان عضوًا دائمًا للاتحادات الإسلامية الفقهية، وهذا يدل على مكانته في قلوب الجميع وعلماء الأمة كافةً، موضحًا أنه تتلمذ على كتبه ودراساته ومؤلفاته كلها، والتي كان طلاب العلم يبحثون عنها لينهلوا منها الفقه الرصين وحقيقة الإسلام بشكل دقيق.

 وقال: كتبت اختصارًا لرسالته القيمة "حكم السلام على أهل الكتاب"، وهي دراسة فقهية متعمِّقة، تلخَّصت في أن السلام على أهل الكتاب من البر الذي دعا إليه الإسلام الحنيف.

 وأكد د. محمد عمارة ، عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الفقيد رحمه الله عالم جليل ومفكر ومجدد وفقيه أصولي وقائد من قادة الصحوة الإسلامية المعاصرة، تميز بجمعه بين العمل الحركي والإبداع الفكري والتجديد الفقهي.

 وأوضح د. عمارة أن الفقيد تميَّز بأفق إسلامي عالمي، ليس فقط في إطار العالم الإسلامي والصحوة الإسلامية في الشرق فقط، وإنما كانت له إسهامات في الإفتاء الأوروبي تجيب عن أسئلة المواطنين المسلمين في الغرب وتحل جميع مشكلاتهم ومعاناتهم.

 وأضاف: تميَّز الفقيد بخلق إسلامي رفيع ومودة يشعر بها كل من اقترب منه؛ حيث كان نموذجًا من نماذج الخلق الإسلامي الرفيع في جميع شئونه، وفي الحراك والعمل الإسلامي، رحمه الله رحمةً واسعةً، وعوَّض الأمة فيه خيرًا عظيمًا.

د. عبد الحي الفرماوي :

 وقال د. عبد الحي الفرماوي ، وكيل كلية أصول الدين السابق وأستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر الشريف : تتلمذت على كتاباته رحمه الله، وعشته قارئًا، وعرفته عالمًا غيورًا على دينه وعلى أمته، والتقيته في لبنان، فوجدت فيه دماثة الخلق وأدب العلماء ووقار الدعاة وحب الاتباع.

 وأوضح د. الفرماوي أن أتباع الفقيد كثر، يدينون له بالحب والولاء والطاعة؛ حيث دعاني يومًا إلى تناول طعام الغداء معه، فاقتربت منه أكثر وعرفته أجلى وأوضح، حاملاً هموم أمته، داعيًا إلى الوسطية والفكر المعتدل، وكان عليه رحمة الله يتمتع بسماحة وبشاشة ودماثة خلق وصباحة وجه منقطعة النظير.

 وأضاف: حضرت مع الفقيد تأبين الشهيد المجاهد د. عبد العزيز الرنتيسي في بيروت، فقدمني للحديث؛ لأدب العلماء وتواضع الدعاة؛ حيث كان لا يدخر وسعًا في خدمة دعوته وإعلاء شأن قضيته، وهي قضية الأمة، رحمه الله رحمةً واسعةً وتقبله في الصالحين.. )

clip_image006_fc960.jpg

فيصل مولوى .. عالم على طريق الدعوة :

 وكتب الأستاذ ربيع الشيخ يقول: ( في تاريخ الشعوب نماذج بشرية رائدة تكون بمثابة المثل الأعلى والقدوة الحسنة للأجيال، ومن هذه النماذج الطيبة فضيلة المستشار المرحوم الشيخ فيصل مولوي صاحب السبعين ربيعاً، وهو عالم فذ ضرب بكل سهم فأصاب، إذا أردت أن تعرف فيه سنه حيرك هذا؛ لأنك ستجد فيه حماس الشباب وحكمة الشيوخ وإقدام الأبطال وعلم العلماء، إنه صاحب الرأي الصائب والقول السديد والعلم الصحيح.

 ولد الشيخ فيصل مولوي في لبنان سنة 1941 بمدينة طرابلس وتلقى بها تعليمه حتى وصل إلى الدراسات العليا فدرس في فرنسا ونال شهادة الدراسات المعمقة من جامعة السوربون في فرنسا.

 عمل مبكراً في حقل الدعوة الإسلامية، وكان على صلة وثيقة بالمسلمين في الشرق والغرب، فهو رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا وصاحب المحاضرات في الأندية والمؤتمرات الإسلامية التي أثرت الحياة الإسلامية بالتوسط والاعتدال، صحب الشيخ فيصل مولوي العديد من الشخصيات البارزة في العمل الإسلامي، وعلى رأس هذه الشخصيات الدكتور القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والشيخ فتحي يكن رئيس الجماعة الإسلامية في لبنان.

 أسس الشيخ العديد من الجمعيات الإسلامية؛ ففي لبنان أسس بيت الدعوة والدعاة وأشرف عليه منذ تأسيسه سنة 1990، وكان رئيساً لمدرسة التربية الإسلامية ورئيساً للجماعة الإسلامية حتى وفاته.

 وموقع (علامات) أون لاين التقى بمجموعة من علماء الأزهر الذين التقوا بالشيخ مولوي - عليه رحمة الله- ، وكان هذا التحقيق.

ذو خلق فاضل :

 الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو مجمع البحوث الإسلامية، يصف الشيخ الداعية فيصل مولوي، بأنه كان يتصف بالخلق الفاضل والأدب الجمع والتواضع والزهد والبساطة في المظهر والإقبال على الطاعة وكثرة التلاوة وإدمان القراءة والاطلاع في الموضوعات القانونية والشرعية والفقهية والروحية، والانشغال الكامل بقضايا الإسلام والمسلمين، والتصدي لطواغيت الأرض الذين خربوا البلاد وأذلوا العباد وسعوا في الأرض الفساد.

 ويضيف المختار المهدي، لقد كان مولوي طاقة هائلة وحيوية متدفقة لا يكل ولا يمل، وله باع طويل في التأليف، ومنها المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية في بلاد الغرب، ودراسات حول الربا والمصارف والبنوك، والأسس الشرعية للعلاقات بين المسـلمين وغير المسلمين.

 ويختتم المختار المهدي كلامه عن الداعية الراحل فيصل مولوي بأن رقته وطيبة قلبه وحياؤه يجعله يؤثر الصمت في بعض المواقف.

اجتمعت فيه صفات عدة :

 من جانبه يقول الدكتور محمد جمعة الفيومي الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، التقيت بالشيخ فيصل مولوي في مؤتمر الرابطة العالمية لخريجي الأزهر بالقاهرة، وكان من العلماء الذين يزينهم التواضع والبساطة في المظهر والملبس والحديث والمعاملة.

 ويضيف الفيومي، لقد كان مولوي على قدر كبير من المعرفة بالعلوم الشرعية والقانونية، والأدب العربي شعرا ونثرا وله إسهامات في الكتابة عن الموضوعات الإسلامية والقضايا المعاصرة.

 ويؤكد الفيومي، أن الشيخ مولوي رجل اجتمع فيه صفات عدة؛ فهو عالم وداعية وفقيه بالقانون وكان له فضل كبير بالتعرف بفكر المودودي، والجماعة الإسلامية في لبنان والبلدان العربية ووسط العاملين في الحقل الإسلامي.

رجل عاش لله :

 الداعية الإسلامي محمد أحمد الشلاوى عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يقول: كان الشيخ فيصل مولوي - رحمه الله- شغوفاً بالعلم محبا للعلماء، وكان على كثرة أسفاره وترحاله محبا للعلوم شغوفا بها قضى زهرة حياته في المذاكرة والاجتهاد، حتى عندما رأى من نفسه القدرة على الاستزادة من العلم سافر الى فرنسا وأخذ منها قسطا من العلوم النافعة، وكان يتعلم ليعلم الناس، وكانت له رؤيته الإصلاحية في المجتمع المسلم الذي ننشده، وعاد إلى وطنه وقد نهل من العلوم فاستفاد وأفاد فكان نِعم المعلم كما كان نعم المتعلم.

 ويضيف الشلاوى، كان الشيخ مولوي له رؤية ثاقبة في تمحيص الأدلة والنظر فيها وكيفية استنباط الأحكام الشرعية منها، وهو وإن كانت له آراء علمية لم تعجب البعض أحيانا، إلا أن الجميع متفق على احترامه وتوقيره.

 ويتابع الشلاوى، كان الشيخ مولوى من الرجال الذين إذا حضروا لم يُعرفوا وإن غابوا لم يُفتقدوا، قلما تستطيع أن تميزه بين أقرانه وإخوانه، لم يميز نفسه عنهم في منزلة ومكانة، كان رحمه الله مترفعا في غير كبر، متواضعا فى غير ذل، يعذر مخالفيه وإن لم يعذروه.

 واستطرد الشلاوى، لقد فقد المسلمون بوفاته عالما أثرى الحياة الفكرية بالعديد من الكتب الإسلامية والتي أفادت الأمة وتراثها وأضافت إلى الفكر الإسلامي.

 ويختتم الشلاوى حديثه عن الشيخ مولوى: "من الناس من يكرس حياته للمال ومنهم من يكرس حياته لشهوة أو متعة، وقليل من هؤلاء الناس من يعيش في سبيل الله حتى يلقاه وكما يقول الشيخ الغزالي (شيء جميل أن تموت في سبيل الله، لكن الأجمل منه أن تحيا في سبيل الله)، مضيفا، "عاش أستاذنا في سبيل الله داعيا وفقيها ومربيا، وشاء الله أن يقبضه إليه بعد صراع مع المرض، على الطريق سائرون، سنكمل هذه المسيرة ولن يوقفنا أحد، سنمضى في الطريق على العهد لن يضرنا من خالفنا أو خذلنا حتى يأتي الله بأمره، سنمضى على طريق (الذين يبلغون رسالات الله، ويخشونه ، ولا يخشون أحداً إلا الله، وكفى بالله حسيباً)، رحم الله الأخ فيصل، وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به على خير" .

الجماعة الإسلامية في باكستان :

بأسى كبير وبحزن شديد تلقينا نبأ وفاة العلّامة الشيخ فيصل مولوي رحمه الله رحمة واسعة.

نرجو أن تقبلوا تعازينا وتعازي جميع إخوانكم في الجماعة الإسلامية في باكستان وأن تبلغوها إلى أسرته الكريمة وإلى إخوانه وجميع الأشقّاء اللبنانيين.

أمير الجماعة الإسلامية في باكستان

سيد منور حسن

سفارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية – بيروت :

لقد تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة المغفور له سماحة العلامة فيصل مولوي، رحمه الله. ولا يسعني بهذه المناسبة الأليمة سوى أن أعبّر لكم ومن خلالكم إلى الجماعة الإسلامية الموقّرة وإلى آل مولوي الكرام عن مشاطرتي أحزانكم في هذا المصاب الجلل، وأن أتقدم إليكم باسم الجزائر، رئيسا وحكومة وشعبا، وباسم جميع أعضاء السفارة الجزائرية ببيروت، بأصدق التعازي القلبية وخالص المواساة.

السفير إبراهيم حاصي

 -كما وتقدّمت جمعية الوعي والمواساة الخيرية وشبكة المؤسسات التربوية في لبنان إلى الجماعة بالتعازي بوفاة الشيخ فيصل رحمه الله.

فيصل مولوي عمامة ناصعة أنارت الدرب :

وكتب (د. صلاح الدين أرقه دان) عضو الجماعة الإسلامية في لبنان يقول :

 ( فيصل مولوي :

وقالوا: الإمامُ قضى نحبـَه وصيحةُ من قد نعاه علتْ

فقلت: فما واحدٌ قد قضى ولـكنه أمـةٌ قـد خلتْ

 لا أعلم من أين أبدأ.. وكأنني في آلة زمن تعود بي إلى أواخر السبعينيات، وأنا بين يدي وجه مشرق تزينه ابتسامة واثق في قاعة بسيطة بمنزل متواضع في صيدا يضم فتية يبحثون عن مستقبل لهم ولأبنائهم ولأمتهم تظللهم روح من التوثب والمبادرة تحتاج أكثر ما تحتاج إلى عقل ناضج وتوجيه سليم.. فكان الشيخ فيصل مولوي مفتاح خير في مدينة تمردت على واقع التقليد والتعتيم.. جلس إلى صبية في عمر الزهور يلقي عليهم أول درس من دروس الدعوة بالقدوة لا بالكلمات المصفوفة.. كان درسًا في التواضع وسعة الصدر والتشجيع الذي لا يعرف الحدود.. وإلى جانبه الشيخ المفضال خليل الصيفي (رحمهما الله).. وكنا بينهما طلاب علم وراغبي عمل نتلمس خطانا بما توافر يومها على قلته.

 وبدأت المسيرة.. وتكررت اللقاءات.. وكنت في كل مرة أرتوي من معين لا ينضب من التشجيع والمشاركة والتوجيه الحيي والإشعار بالشراكة لا بالتراتبية التنظيمية.. هكذا كان دأبه ودأبنا.. من الحلقة إلى الأسرة، فالمكتب الإداري، فمجلس الشورى، ولجان العمل في الوطن ، وديار الهجرة والاغتراب.

 كان الشيخ الفقيه القائد حركة لا تهدأ.. تشعر أمامه أنك أمام طود شامخ لا يعرف الانحناء إلا لله تعالى.. وأمام عالم متمكن ينظر إلى الفقه من نافذة المستقبل لا من باب الماضي الخلفي.. وأمام قائد يختار رجاله بعناية.. تستشعر فيه رحمة الأب وإشفاق الأخ ورعاية الشيخ وتفاني المريد وإقدام الشجاع وثبات أصحاب العزائم.

 كنت انتظر الصلاة خلفه لأستمع لتلاوته.. كانت تخرج من فمه إلى قلبي مباشرة فتملأه طمأنينة.. ، وكنت أرقب فيه إدارته للنقاش.. كان موفقًا أيما توفيق في تقريب وجهات النظر.. وتلطيف الأجواء.. وتهدئة الخواطر.. وإبراز ما في الرأيين المختلفين من خير يمكن جمعه والاستفادة منه.

 مرت علينا أيام وليال عجاف.. وقف فيها ممانعًا لأي أذى يلحق بغير المسلمين في مناطق نفوذنا.. الإنسان خط أحمر.. له حقوق وهو أمانة في أيدي أصحاب السلطان.. مهما كان حجم ونوع هذا السلطان.. من رب الأسرة إلى رئيس الدولة.. وللبندقية شرف لا يصح أن يتلوث بدماء الأبرياء.

 كانت إمكانياتنا متواضعة.. بل التواضع في وصفها كثير.. وكنا نرى الغايات بعيدة فيما كان يرى الإمكانيات في العزيمة.. ويرى الغايات قريبة.. أقرب مما نتخيل.. وبهذا أطلق المؤسسات التربوية في لبنان وأوروبا وشجع على إنشائها كل قادر عامل سواء أكان منضويًا تحت لوائه أو معارضًا له.

 كان إيمانه مطلقًا بأن التعلم باب من أبواب الخير لابد أن يفضي بأصحابه إلى فضاء واسع منير.. ولما لمس معاناة الدعاة أنشأ "بيت الدعوة والدعاة" ليرفع عنهم ذل اليد السفلى.. ودعا مسلمي أوروبا ليكونوا جزءًا من مجتمعاتهم يعملون فيها بإخلاص يبنون ويتعايشون كما بنى أسلافهم في الأندلس وتعايشوا.. دعاهم إلى أن يؤهلوا دعاتهم لتلك البيئة فأنشأ "الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية" وعمل مع دعاة وعلماء وطلاب علم على تأسيس " المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث "لتكون الدعوة والإمامة والفتوى ابنة البيئة وليست دخيلة عليها.

 لم أسمعه مرة واحدة يلفظ كلمة نابية.. أو يجاري في أمر يخدش الحياء.. أو يتبرم من قضاء وقدر أو نازلة من النوازل.. أو يشكو لغير الله.. أو يعيش حالة قنوط أمام معضلة من معضلاتنا –وما أكثرها.. كان -بالنسبة لي -نموذجًا حيًّا واعيًا من نماذج الاستعانة بالصبر والصلاة.

 كان مربيًا من طراز فريد.. يكتفي بالنظرة عن الكلمة.. وبالكلمة عن العقوبة.. يدافع عمن أساء إليه ويلفت نظرنا إلى جانب من الخير يراه ولا نراه في حمأة الغضب.. وكان وفيًّا للسابقين رحيمًا باللاحقين.. لا يرضيه سلق من خرج بألسنة حداد ولا مسح صفحات عملهم بالسواد.. بل كان لا يردّ على من أساء إليه فردًا كان أو جماعة.. وإن سئل عن جماعة من جماعات العمل الإسلامي المخالفة لمنهجه أو مذهبه أجاب بما يحقق الفائدة للسائل على وجه العموم فكرًا وفقهًا بالرد على الأفكار لا على حملتها.. كتبت له أستشيره في رسالة أعددتها لكبير من كبارنا رأيناه قد فارق الجماعة وترك نهجها.. فأجابني أن أُمسـِك وأن أُحسـِن إليه وأن أزوره في الله.. وألا أبدي لهذا الكبير ما يسوءه في قول أو عمل.. فأي خلق هذا إلا خلق مدرسة النبوة!!

 لم يكن الإسلام عنده باب ارتزاق ولا موجة ترفع راكبها في السياسة والمجتمع بل كان الإسلام الذي يعتنقه ويدعو إليه رسالة حياة مصداقًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال:24]..كان يراه في عيون الأبرياء.. وفي قلوب المساكين.. وفي عمل السالكين.. وفي تجنيب الناس الأذى من أي وعاء خرج.

 واستتباعًا لذلك لم تكن وحدة الصف –في فكره وحركته –تكتيكًا لقطف ثمرات في السياسة أو غيرها.. بل كانت قناعة راسخة استدعت أن يتحمل ما لا يحتمل من داخل الصف وخارجه.. ومن أبناء طائفته والطوائف الأخرى.. وهو الذي بادر يوم الجمعة 16 المحرم 1426هـ (25/2/2005م) عقب استشهاد الرئيس الحريري والكوكبة معه، بطرح حل يجنب لبنان أزمة سياسية طاحنة، ثم كرر بعد ذلك مبادراته في طرابلس وبيروت وصيدا وبمناسبات متعددة مادًّا يده تجاه الأفرقاء جميعًا لاسيما حزب الله ناصحًا ومنبهًا إلى خطورة تداعيات استرسال السلاح داخل المدن والأزقة.. قال ذلك قبل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم.. وحال (رحمه الله) بكل ما يملك بين إخوانه وأحبابه ومريديه وبين الانجرار إلى فتنة مذهبية لا يستفيد منها سوى أعداء الوطن والأمة..، وكان في مجالسه الخاصة.. بل شديدة الخصوصية.. كما في مجالسه العامة شديدة العموم.. داعية إلى تفهم وجهات النظر المختلفة.. وإلى الواقعية في قراءة الأحداث.. وإلى التوازن بين أمن الوطن وتربص العدو الصهيوني .. كان يدعو إلى وضع الحلول التي تحقق استقرار البلد دون إثارة الأطراف أو الانحياز إلى أي من أقطابها.. وهي معادلة صعبة في ظروف إحياء الغرائز والنعرات المذهبية.. ولكن الشيخ كان قادرًا على طرحها وعلى تبنيها وعلى الالتزام بها )وللتوسع فيرجى الاطلاع على موقع سماحة الشيخ وأعماله وفتاواه في الرابط التالي : www.mawlawi.net

2-             الموسوعة الحرة ( ويكيبيديا ) .

3-             الموسوعة التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين .

4-             موقع قناة الجزيرة نت .

5-             موقع إخوان أون لاين .

6-             موقع الإسلام اليوم .

[2] - المصدر خبر: المرشد العام يحتسب عند الله الشيخ فيصل مولوي - إخوان أون لاين.

[4] - المصدر خبر: الأستاذ عاكف يعزي لبنان في رحيل الشيخ مولوي إخوان أون لاين

[6] - المصدر خبر: الجماعة الإسلامية بلبنان تنعى الشيخ فيصل مولوي - إخوان أون لاين .

[8] - المصدر خبر: حركة حماس تنعى الشيخ "فيصل مولوي" - إخوان أون لاين .

[10] - المصدر مقال: مؤسسة القدس الدولية تنعي الشيخ المجاهد فيصل مولوي - حركة التوحيد والإصلاح .

[12] - المصدر : مجلة الفسطاط .

وسوم: العدد 786