هل تعرف من هو العالم الجزائري الجليل الذي أُذيب في الزيت المغلي ؟! الشيخ العربي التبسي

الشهيد الذي لا قبر له!!

  إنه الأسد الشجاع، فخر المسلمين وشعب الجزائر الذي تحمل في سبيل الله ما تنوء عن حمله الجبال...

 الشيخ العربي التبسي

أحد شيوخ المالكية وأعمدة الإصلاح في الجزائر، و أمين عام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ...

ولد العربي بن بلقاسم بن مبارك بن فرحات التبسي بقرية"السطح" النموشية جنوب غرب تبسة وذلك في سنة 1895م في عائلة فلاحية فقيرة، وكان والده إلى جانب عمله في الزراعة يتولى تحفيظ القرآن لأبناء القرية في الكتاب ...

 تعلم القرآن وحفظه على يد والده ثم التحق بجامعة الزيتونة بتونس و تخرج منها سنة 1914 ثم رحل إلى القاهرة عام 1920 ودرس العلوم الشرعية في الجامع الأزهر ...

عاد الشيخ رحمه الله من مصر إلى الجزائر عام 1927 ليبدأ نشاطه الدعوي، حيث استطاع بث الدعوة الإصلاحية السلفية، وحارب البدع و الطرق الصوفية.

ومن أشهر أقواله لهم: "أما السلفيون الذين نجاهم الله مما كدتم لهم فهم قوم ما أتوا بجديد وأحدثوا تحريفا، ولا زعموا لأنفسهم شيئا مما زعمه شيخكم، وإنما هم قوم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر في حدود الكتاب والسنة، ونقمتم منهم إلا أن آمنوا بالله وكفروا بكم".

وعند اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاستخراب الفرنسي 1954، كان يدعمها ويحرض الناس على الجهاد في سبيل الله ويتواصل مع المجاهدين ويحثهم على الثبات، وقد حاول الكثيرون من أصدقاء الإمام رحمه الله إقناعه بالخروج من الجزائر بعد أن أصبح هدفا ضخما وواضحا للفرنسيين، فكان جوابه دائما:"إذا كنا سنخرج كلنا خوفا من الموت فمن يبقى مع الشعب؟!"

 بل نقل آخرون عنه أنه قال: "لو كنت في صحتي وشبابي ما زدت يوما واحدا في المدينة، ولأسرعت إلى الجبل فأحمل السلاح وأقاتل مع المجاهدين".

 قد علم المستعمرون أن الشيخ العربي التبسي يتمتع بشعبية كبيرة وأنه مؤيد للجهاد وأحد محركي القواعد الخلفية له، فأرسلوا إليه عن طريق إدارتهم في الجزائر عدة مبعوثين للتفاوض معه بشأن الجهاد ومصيره، وبعد رفضه المستمر للتفاوض بإسم الأمة وأن عليهم التفاوض مع المجاهدين فقط، رأى المستعمرون أنه من الضروري التخلص منه، ولم يستحسنوا اعتقاله أو قتله علنا لأن ذلك سوف يزيد من حماس الأمة للجهاد و من حقدها على الاستعمار

 فتم خطفه في مساء يوم الخميس 4 رمضان 1376هـ - 4 أفريل 1957م  من مقر سكناه بعد أن حطموا نوافذ الأقسام المدرسية الموجودة تحت الشقة التي يسكن بها بحي بلكور طريق التوت ... وكانوا يرتدون اللباس العسكري الرسمي للجيش الفرنسي ... وقد وجدوا فضيلة الشيخ في فراش المرض الملازم له، وقد اشتد عليه منذ أوائل شهر مارس ... فلم يراعوا حرمته الدينية ، ولا سنه العالية، ولا مرضه الشديد ، وأزعجوه من فراش المرض بكل وحشية وفظاظة ، ثم أخذوا في التفتيش الدقيق للسكن ... ثم أخرجوه حاسر الرأس حافي القدمين.

و قد نقل المجاهد "أحمد الزمولي" عن"إبراهيم البوسعادي" الذي كان ضمن تشكيلة القبعات الحمر وحضر معهم يوم اختطاف الشيخ من بيته، كما حضر مراحل إعدامه ... وكان منظر الإعدام سببا في التحاقه بالمجاهدين كما ذكر، وجاء في هذه الرواية ما يلي: "وقد تكفل بتعذيبه فرقة الجنود السنغاليون في الجيش الفرنسي والشيخ بين أيديهم صامت صابر محتسب لا يتكلم إلى أن نفذ صبر "لاقايارد" - قائد فرقة القبعات الحمرالفرنسية - !!

 وبعد عدة أيام من التعذيب جاء يوم الشهادة حيث أعد للشيخ قدر كبير مليئ بزيت السيارات والشاحنات العسكرية و الإسفلت الأسود وأوقدت النيران من تحتها إلى درجة الغليان والجنود السنغاليون يقومون بتعذيبه دونما رحمة وهو صابر محتسب، ثم طلب منهم لاقايارد حمل الشيخ العربي...

فحمله أربعة من الجنود السنغاليين وأوثقوا يديه ورجليه ثم رفعوه فوق القدر المتأجج وطلبوا منه الاعتراف وقبول التفاوض وتهدئة الثوار والشعب، والشيخ يردد بصمت وهدوء كلمة الشهادة"لا إله إلا الله محمد رسول الله" ثم وضع قدميه في القدر المتأججة فأغمي عليه... ????

ثم أنزل شيئا فشيئا إلى أن دخل بكامله فاحترق وتبخر وتلاشى ???? ... فرحمه الله رحمة واسعة، وهو إن شاء الله ممن صدق ما عاهد الله عليه وقضى نحبه وما بدل تبديلا.

ونسأل الله أن ينتقم من الطواغيت في كل مكان !

المصدر: كتاب مواقف العظماء  _علي كمال

وسوم: العدد 797