حادثة سيد قطب

أحمد عبد الغفور عطار

روى الصحفي السعودي أحمد عبد الغفور عطار حادثة رآها من سيد قطب بعينه وعاشها بكيانه ، وهي أغرب من الخيال..

والأستاذ أحمد عالم لغوي شهير قدم له الأستاذ العقاد بعض كتبه وهو مؤسس صحيفة عكاظ السعودية عام 1379 هـ و كان رئيس تحريرها

قال : اتصل بي سيد قطب تليفونيا ذات يوم وطلب مني أن آتي إلى منزله سريعا

وطلب مني باستحياء أن أحضر معي بضعة عشر جنيها قرضا ، ليشتري بها دواء ، وهو مريض ولا يملك ثمن الدواء !!

فذهبت إلى المنزل سريعا ومعي المبلغ المطلوب ..

ولما دخلت غرفة الإستقبال ، رأيت مشهدا عجيبا ،أقسم لقد دهشت مما رأيت !

كان يجلس في الغرفة، موظف دبلوماسي في سفارة دولة عربية بترولية ، وأمامه حقيبة مليئة بالأوراق المالية من مختلف الأرقام والفئات ، تبلغ في مجموعها عدة آلاف من الجنيهات تقريبا !! .

وهو يرجو سيد قطب بإلحاح ورجاء وحرارة أن يأخذ الحقيبة ، بما فيها من أموال ، فهي هدية من دولته له ، لأنها تعرف منزلته ومسؤولياته ، وتريد منه أن يستعين بها على أعباء حياته ، وتمويل مشروعاته الأدبية والفكرية ، وكان سيد وقتها بصدد إصدار مجلة أدبية وفكرية إصلاحية – لعلها العالم العربي أو الفكر الجديد .

فنظرت إلى سيد قطب الذي كان جالسا مريضا ، فإذا به حزين ..

ثم رد هدية الرجل بحزم وأدب ، وبدا عليه الغضب والحدة ، وهو يخاطبه قائلا :

إنني لا ابيع نفسي وفكري بأموال الدنيا ، فأعد أموالك إلى حقيبتك مشكورا !! .

ثم التفت سيد إلي وقال لي : هل أحضرت ما طلبته منك ؟

فقلت له : نعم ، وناولته المبلغ ، وأنا في غاية الدهشة والإستغراب والإنفعال !!!

ولما عرف الدبلوماسي قصة هذا المبلغ ، وان سيد يومها فقير لا يملك ثمن الدواء ، ومع ذلك استعلى على آلاف الجنيهات ورفضها وردها مع حاجته الماسة إلى بعضها ... خرج محتارا متعجبا !! .

يقول الاستاذ أحمد : هذه الحاثة أثبتها وأسوقها بدون تعليق .. وأقدمها هدية لمن يتناولون حياة سيد قطب وفكره وآراءه الحركية ومواقفه الجهادية ، بالتخطئة والنقد والاتهام والتجهيل ... وهم يعيشون في ترف ظاهر ، ويلهثون وراء المال ، ويرتبطون الارتباطات المشبوهة ، ويتصلون الإتصالات المريبة ، ويمدون أيديهم لهنا وهناك !!

أين أنتم من هذا الرجل الزاهد المتجرد الشهيد ؟!

المرجع : كتاب سيد قطب من الميلاد إلى الإستشهاد .

وسوم: العدد 809