الشيخ الداعية الشهيد محمد عثمان جمال

clip_image002_2fdad.jpg

(1942- 1980م)

     هو الشيخ الداعية الشهيد محمد عثمان بن صبحي جمال -رحمه الله تعالى- الذي  كان كاتباً، ومفكراً، وخطيباً، لبقاً، وكان زهرة خلاّنه، وريحان الشباب، ومن رواد الدعوة والعمل الإسلامي في حلب الشهباء...

المولد، والنشأة:

     ولد الشيخ الداعية الشهيد محمد عثمان بن صبحي جمال في مدينة حلب 1942م

    ونشأ في كنف والده السيد صبحي جمال الذي كان متديناً صالحاً، وصاحب مصنع نسيج توفي في عام 1985م.

    وأما والدته فهي (زكية حلاق) ربة بيت عابدة صالحة، وأم فاضلة، وعاش الشيخ محمد عثمان جمال في كنف أسرة مسلمة محافظة تحب العلم وتجلّ العلماء.

 دراسته، ومراحل تعليمه:

    تلقى محمد عثمان جمال مبادئ القراءة والحساب والخط في أحد كتاتيب حلب، التي كانت منتشرة في أنحاء سورية في ذلك الوقت، فلما بلغ العمر اللازم دخل المدرسة الابتدائية في الصف الثالث مباشرة عام 1952م

    وبعد ثلاث سنوات حصل على الشهادة الابتدائية عام 1955م، وكانت تظهر عليه ملامح الذكاء والفطنة والنجابة، مما لفت إليه أنظار معلميه.

    ثم أكمل محمد عثمان جمال دراسته، فحصل على الكفاءة الشرعية والعامة من الثانوية الشرعية (الخسروية) عام 1959م.

    وتابع دراسته حتى حصل على الثانوية الشرعية والعامة معاً عام 1962م، وكان من زملائه الشيخ محمد عوامة (حلب)، والشيخ عبد المجيد الجمعة (السفيرة).

شيوخه، وأساتذته:

      نهل الشيخ محمد عثمان جمال العلوم الدينية، والعربية على أيدي ثلة من العلماء الكبار، من أمثال:

1-            الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى.

2-            الشيخ محمد أديب حسون رحمه الله تعالى.

3-            الشيخ أسعد عبجي رحمه الله مفتي الشافعية.

4-            الشيخ أبو الخير زين العابدين.

5-            شيخ القراء في حلب محمد نجيب خياطة: تلقى على يديه التجويد وعلوم القرآن والتلاوة.

     ثم حصل على شهادة أهلية التعليم (الصف الخاص)،  عندما كان في السنة الأولى في كلية الشريعة في جامعة دمشق عام 1963م.

     ثم حصل على الإجازة (الليسانس) في الشريعة من جامعة دمشق الفيحاء عام 1966م، وتلقى العلم على أيدي أساتذتها الكبار من أمثال:

-الشيخ وهبة الزحيلي.

-د. مصطفى الخن.

-د. فتحي الدريني.

-د. محمد أديب الصالح....وغيرهم.

     ثم تابع دراسته العليا، فحصل على الدبلوم العامة عام 1967م، وكان معه ( محمد نعيم عطار)، كما كان معه أكثر من مئة معلم، ومدرس من كافة الاختصاصات في الشريعة والأدب العربي، والإنجليزي، والفلسفة ...وغيرهم.

     ثم حصل على الدبلوم الخاصة في الشريعة عام 1968م.

    ثم توجه إلى مصر لإتمام دراساته العليا في الدراسات الإسلامية في الأزهر عام 1969م، وأخذ موضوعاً في ( السياسة الشرعية ).

أعماله، ومسؤولياته، والوظائف التي تقلدها:

عمل الشيخ محمد عثمان جمال معلماً في المدارس الابتدائية في مدارس حلب.

كما ألقى العديد من الخطب والدروس في مساجد حلب، وشارك في المناسبات الدينية مثل احتفال المولد النبوي، والإسراء والمعراج، والهجرة النبوية، وفتح مكة، وغزوة بدر... وغيرها.

أحواله الاجتماعية، والأسرية:

   تزوج فضيلة الشيخ محمد عثمان جمال عام 1968م، من السيدة الفاضلة أم زاهر، وأنجب منها / 6 / من الأبناء ( 1 ذكر، و5 إناث ).

أخلاقه، وصفاته:

كان – رحمه الله – قمة في النبل والأخلاق الرفيعة العالية، وكان لطيف المعشر، طيب القلب، محبوباً من جميع أساتذته وأصدقائه، وكان متواضعاً، زاهداً في الشهرة.

سجنه، واعتقاله:

     اعتقل الشيخ محمد عثمان جمال في شهر 4  عام 1978م، ولقي من أصناف التعذيب ما يشيب لهوله الولدان، ولكنه - رحمه الله- بقي صامداً ثابتاً، لم يبدل، ولم يغير.

وفاته:

clip_image004_98cf4.png

 وظل الشيخ محمد عثمان جمال وفياً على العهد حتى توفاه الله شهيداً -بإذنه تعالى- في مجزرة تدمر في  27 / 6 / 1980م.

دقيقتان قبل الإعدام.. معتقل سابق يروي لـ"زمان الوصل" قصص إعدامات جماعية لأقاربه في سجن تدمر، نشرتها زمان الوصل عام 2018م :

    روى معتقل سابق في سجن تدمر العسكري قصص العديد من المعتقلين الذين كان يعج بهم "الباستيل السوري" في تدمر ومآسيهم ومواجعهم، التي لم يسمع بها أحد طوال فترة االثمانينات، وبعضهم من أقاربه ممن قضوا إعداماً في المعتقل الصحراوي سيئ الصيت.

     وكشف "أسامة حلاق" لـ"زمان الوصل" أن ثلاثة من هؤلاء كانوا يحملون اسم "وليد حلاق "وأحدهم ابن عمه وزوج شقيقته والثلاثة أعدموا شنقاً في سجن تدمر عام 1981.

     واعتقل "حلاق" الذي يعيش اليوم في الولايات الأمريكية من قبل فرع المخابرات الخارجية فرع "الرملة البيضاء" في بيروت عندما كان لم يزل طالباً في الصف الأول الثانوي مطلع الثمانينات بتهمة قرابته لبعض منتسبي الإخوان المسلمين ليمضي داخل السجن 11 عاماً.

     وهناك -كما يقول– التقى ثلاثة معتقلين يحملون اسم "وليد حلاق"، ومنهم زوج أخته "محمد وليد بن حسين حلاق"، مدرس الابتدائي الذي التقاه قبل إعدامه بثلاثة أشهر ولمدة دقيقتين فقط، والمعتقل الثاني الذي يحمل نفس الاسم والكنية يُدعى "وليد بن عطا حلاق" وهو الآخر مدرس ابتدائي، ولم يهنأ كلاهما بعمله الوظيفي في التدريس، إذ لم يلبثا أن اعتقلا.

وروى "الحلاق" أن وليد بن عطا ووليد بن حسين كانا في مديرية التربية بحلب ليعرف كل منهما مكان تعيينه في المدارس، وركبا نفس السيارة التي أقلتهما إلى المدرسة وفي الطريق تعرفا على بعضهما وعلما أن هناك خطأ فعادا سوية إلى المديرية ليعرف كل منهما مكان تعيينه فاعتقلا معاً في مطلع الشهر العاشر من عام 1980 وأودعا سجن تدمر.

     وكشف المعتقل السابق أنه شهد إعدام زوج أخته في الشهر السادس من عام 1981 من خلال نافذة تطل على ساحة الإعدامات، واصفاً طريقة الإعدام التي تمت بصورة بشعة -كما يقول- على أعمدة خشبية لها قاعدة متصالبة وعمود مرتكز على القاعدة، وفي أعلى العمود ثمة عمود آخر يتصالب معه ويتدلى منه حبل المشنقة، وبعد وضع حبل المشنقة على رقبة السجين يتم إمالة الأعمدة من خلال حبل يتدلى من خلفها ويتم رفعها بشكل فجائي وعنيف ليطبق الحبل على رقبة السجين فيفارق الحياة.

      على أعمدة الإعدام ذاتها قضى عدد من أقارب "حلاق" شنقاً في مجزرة السجن الشهيرة صبيحة 27 حزيران يونيو/1980، ومنهم شقيقه "محمد علي حلاق" وزوج أخت ثانية له يُدعى الشيخ "محمد عثمان جمال"، وثلاثة آخرون من أقاربه، وهم الشقيقان "عبد الفتاح إدلبي"، و"أحمد أبو اليسر إدلبي" اللذان أعدما في يوم واحد مطلع العام 1982 وابن خالة والدته "عبد الكريم مزراب"، وكلهم أعدموا شنقاً في الباحة السادسة في سجن تدمر، فعائلته –كما يقول – كانت موسومة بالإرهاب رغم أن أياً منهم لم يشارك بأي عمل عسكري على الإطلاق.

     ويستعيد محدثنا أحداث ذلك اليوم الذي حدثت فيه حالة تمرد من أحد المحكومين بالإعدام، وهو من عائلة "حردان"، وآنذاك -كما يقول- علت أصوات التكبير من قبل جميع المحكومين بالإعدام كما شاركهم في ذلك عدد من السجناء الآخرين وشدّد الجلادون التعذيب الذي استمر لمدة ستة أشهر بشكل مفرط على المعتقلين ووقتها -كما يؤكد- سقط تحت التعذيب المئات منهم وكان مدير السجن آنذاك "فيصل غانم" يشرف على تعذيب السجناء بنفسه، أما مهمة القاضي الميداني "سليمان الخطيب" خلال المحاكم الميدانية، فكانت الإشراف على تعذيب المعتقلين الذين يتعرضون للمحاكمة ليتم انتزاع الاعترافات منهم قبل تصفيتهم بعد تلاوة أحكام الإعدام الصورية التي يُذكر في ذيلها "صادق عليه العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع".

     تنقّل "أسامة حلاق" في جميع باحات ومهاجع السجن التي بلغت حوالي 20 مهجعاً مما أتاح له معرفة أكبر قدر من المعلومات والتفاصيل حول ما يجري فيها، ومن الصور التي لا تغيب عن ذاكرته داخل هذا المكان الجهنمي -حسب وصفه- مشهد الإعدامات ومشاهد التعذيب وخصوصاً للأطفال وصرخات المعتقلين الذين كانوا يئنون طوال أيام جرّاء التعذيب والمرض دون أي مجيب حتى يموتوا.

clip_image006_e61b7.jpg

 محمد عثمان جمال، زوج أخت أسامة الحلاق

     إضافة إلى تلك العائلة التي كان جميع أفرادها من نساء ورجال وأطفال في سجن تدمر، وأحدهم في مهجع الأحداث، ولم يكن قد تجاوز 13 من عمره، وكذلك المنشد "أحمد أبو خرس" الذي كان في 14 من عمره رغم أن سنه يوحي بأقل من ذلك، وكان ضئيل الجسم قصير القامة صاحب صوت عذب شجي يسري عن المعتقلين الآخرين وحدتهم ويخفف عنهم عذاباتهم، ولأنه عُيّن رئيساً للمهجع كان المنشد الصغير يتعرض لأشد أنواع التعذيب زيادة عن السجناء قبل أن يُطلق سراحه أواخر العام 1982م، وهو الآن من منشدي مدينة حلب المشهورين.

مؤلفاته:

ترك الشيخ الداعية محمد عثمان جمال عدة كتب، منها:

1 –سلسلة أعلام المسلمين رقم ( 1 ) عبد الله بن المبارك ( الإمام القدوة ): دار القلم بدمشق.

2 – بحوث إسلامية هامة رقم ( 11 ) الفتنة السوداء أو ( ثورة الزنج ).

3 – كتب قيمة رقم ( 9 ) بناء شخصية الطفل المسلم: دار القلم بدمشق.

4-ولديه ديوان شعر:  مخطوط لم يطبع بعد، وقد أرسل لأحد العلماء للتدقيق.

   رحم الله الشيخ الداعية، وتقبله في الشهداء، وأدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

مصادر الترجمة:

1-رسالة من ولده الوحيد الأخ زاهر جمال عثمان بتاريخ 27/ 3 / 2020م.

2-معلومات شفهية من أحد أصدقاء الشيخ رفض ذكر اسمه.

3-موقع زمان الوصل.

وسوم: العدد 870