شُريح القاضي

clip_image002_2921b.jpg

سلسلة من أعلام التابعين :

اشترى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرساً من رجل من الأعراب ونقده ثمنه ثم امتطى صهوته ومضى به .

وما كاد يبتعد بالفرس حتى ظهر فيه عطب عاقه عن مواصلة الجري ؟ 

فعاد أمير المؤمنين وقال للرجل : خُذ فرسك فإنه معطوب  .

قال الرجل : لا أخذه وقد بعتك إياه سليما صحيحا !

قال عمر الفاروق : اجعل بيني وبينك حكما ؟

قال الرجل : يحكم بيننا شريح بن الحارث الكندي 

قال الفاروق : رضيت به .

لما سمع شريح مقالة الأعرابي إلتفت إلى أمير المؤمنين وقال : هل أخذت الفرس سليماً يا أمير المؤمنين ؟

قال عمر : نعم 

فقال شريح : احتفظ بما اشتريت ياأمير المؤمنين أو رد كما أخذت !

فنظر عمر إلى شريح معجبا وقال : وهل القضاء إلا هكذا : قولٌ فصلٌ وحكمٌ عدلٌ . 

سر إلى الكوفة فقد وليتك قضاءها .

ُُشُريح رجل من التابعين يمني الموطن كِندي العشيرة يُعهد إليه بمنصب القضاء على الرغم من أن سماء الإسلام كانت تتألق بنجوم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 

وأثبتت الأيام صدق فِراسة عمر إذ ظل شريح يقضي بين المسلمين نحوا من ستين عاما من غير انقطاع وتعاقب على إقراره في منصبه كل من : عمر وعثمان وعلي ومعاوية رضوان الله عليهم أجمعين  .

وقال فيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

 ( هو أقضى العرب ) 

حتى طلب الإعفاء من منصبه إبان ولاية الحجاج فقد بلغ السابعة بعد المائة من حياته الحافلة بالمفاخر التي ازدان تاريخ القضاء في الإسلام بها  .

كان شعاره الذي يردده في مجالس القضاء : غدا سيعلم الظالم من الخاسر  ... إن الظالم ينتظر العقاب وإن المظلوم ينتظر النصفة  .

رضي الله عن الفاروق عمر قاهر الفرس فقد زان مفرق القضاء في الإسلام بلؤلؤة صافية الجوهر  .

وحبا المسلمين مصباحا منيرا مازالوا حتى اليوم يستضيئون بسنا فقهه لشرع الله  ، ويهتدون بنور فهمه لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام .

رحم الله شريحا القاضي فقد أقام العدل بين الناس ستين عاما فما حَاف على أحد ، ولا حَاد عن حقٍ ، ولا ميز بين مَلك وسوقة  .

 -  اقرا قصته صور من حياة التابعين لعبد الرحمن رأفت الباشا 

ص 117 .

وسوم: العدد 871