حسن البنا

د. نور الدين علي طراف

(1)

الإمام الشهيد حسن البنا

د. نور الدين علي طراف (*)

رحم الله الشيخ حسن البنا وأسكنه واسع جناته، فلقد كان واحداً من هؤلاء الأفذاذ الذين حَبَتْهُم العناية الإلهية بالقدرة على اكتساب قلوب الناس واكتساب ثقتهم، وسلَّحتْهم بمضاء الإيمان يذلل لهم الصعوبات ويمضون به في سبيلهم لتحقيق رسالتهم في الحياة.

عرفت المغفور له الشيخ حسن البنا في مطالع عام 1937م، وتوثقت بيني وبينه مودة كنت أحرص عليها وأعتز بها، وكان أقوى ما يحببني فيه ما كان يتصف به من رحابة الأفق وسعة التفكير واعتزازه الشامل بما في الإسلام من مبادئ سبقت أحدث ما تطلبه وتريده النظم الديموقراطية الحديثة.

وظللت أراقب دعوته تنتشر، وأنصارَه ومحبيه يزدادون ويتضاعفون على مر الأيام ومر الأعوام، ولم أكن أعجب لهذا فإن القدر الذي كان يتمتع به من صفات الزعماء والقادة كان يقطع بأن الشيخ حسن البنا لابد أن يتبوأ ما هو أهل له من مكان الصدارة والزعامة.

لقد كان خطيباً مفوهاً ومحدثاً حلو الحديث، سريع العارضة، قوي الحجة عميق الدراسة الدينية ملماً بكل ما في الدين الإسلامي من نواح تثير اعتزاز المسلمين وفخرهم، وكان كتلة من النشاط الذي لا يهدأ أو يسكن أو يستقر، فهو عمل متصل، وكان يملك تلك الخاصة النادرة، خاصة القدرة على التنظيم، واختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، وكانت ذاكرته القوية تعي أسماء كل أنصاره ومريديه على كثرتهم وضخامة عددهم.

لقد اغتال القدر الشيخ حسن البنا، وأنهى حياته بهذه الصورة المفجعة التي انتهت بها، والأمة في أوج ارتقابها لمجهوده، وفي أقصى تطلعها إليه وإلى جماعته الضخمة، ولا يعزينا اليوم عنه إلا أن نرى الروح التي كان يصدر عنها والدوافع الوطنية التي كانت تحركه تسير وتنتشر وتأخذ مكانها بين المصريين.

               

(*) من مواليد محافظة المنيا سنة 1910م، عضو حزب مصر الفتاة ثم الحزب الوطني، عين وزيراً للصحة سنة 1958م، انتخب رئيساً لمنظمة الصحة العالمية للصحة، ورئيس المجلس التنفيذي في الإقليم المصري أثناء الوحدة مع سوريا، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، ونائب رئيس الوزراء ووزير العمل والشباب عام 1964م، رئيس اللجنة الصحية الدائمة التابعة للجامعة العربية عام 1969م.

(1) الدعوة – السنة الثانية – العدد (52) – 16 من جمادى الأولى 1371هـ / 12 من فبراير 1952م.