الاستاذ المجاهد الفقيه الداعية الدكتور مصطفى السباعي

في مثل هذا اليوم ( 03/10/1964 ) توفي الاستاذ المجاهد الفقيه الداعية الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله*،

عميد ومؤسس كلية الشريعة بجامعة دمشق، وصاحب المصنفات القوية الرصينة في الفقه والأصول والدعوة والتربية،

وقائد كتيبة الاخوان المسلمين السوريين المجاهدين في فلسطين والمراقب العام الاول لجماعة الاخوان المسلمين في سورية..

صارع 8 سنوات من المرض ضرب فيها أروع آيات الصبر على البلاء، والتسليم لقضاء الله، والرضى بحكم الله عز وجل، وكان كثير الحمد لله والتسبيح له والاستغفار، آناء الليل وأطراف النهار، ولم يمنعه هذا المرض العضال، من النهوض بواجباته كصاحب دعوة حق، وداعية مسلم.

*يُروى عن الدكتور حسن هويدي في وصف حال السباعي في مرضه حيث يقول* :

"ولقد رأيته في مرضه، يتكأ على العصا، غاديًا إلى الجامعة ورائحًا، في الوقت الذي قعد فيه الأقوياء، وخمل فيه الأصحاء،

ويا رُب مريض مشلول أشد من سيف مسلول، وما كان استمراره في الجهاد

(رحمه الله) على الرغم من شلله وإصابة قلبه وضغط دمه، إلا دلالة صادقة وحجة ساطعة، على أن الرجل سجيته الجهاد، وطبيعته الكفاح، وغريزته التضحية، وفطرته الشجاعة والفداء، فأنى يجد الرياء إلى نفسه سبيلًا، أو الفتور إلى نفسه مسلكًا أو التردد إلى عزيمته منفذًا فسبحان من منحه وأعطاه وتفضل عليه وأرضاه".

*ويقول عنه الشيخ عبدالفتاح أبوغده في مجلة(حضارة الإسلام)*:

"كان طيب الله ثراه ، عذب النفس، رقيق الحاشية، مرهف الذوق، والشعور، يستجيب للدعابة، ويجيدها ولا يبذلها إلا في مواطنها، وكان صافي النفس وفيًا، محبب العشرة، شهم الإخاء، سريع النجدة كريمها، وكانت له مسامرات ومحاورات تفيض ذوقًا وعذوبة نفس مع صديقه الصفي وأخيه الكريم الشيخ محمد الحامد، وإن الإنسان قد يعجب -ولا عجب- حين يقرن بين وقار النابغة السباعي في مواطن الجد ومخاشنة لأعداء الله والأمة وانقباض نفسه عن المنافقين والنفعيين، وبين شفافية روحه وانطلاق جنانه وتلطف لسانه في معاشرة أحبائه وإخوانه ولكن لاعجب فهو للإسلام والعمل به على بصيره"

*ويقول العلامة محمد أبو زهرة*:

"إنني لم أر في بلاد الشام، أعلى من السباعي همة، وأعظم منه نفسًا، وأشد منه على الإسلام والمسلمين حرقة وألما"

.......

.....

*الشاعر الأديب الفقيه مصطفى السباعي رثا نفسه وهو على فراش الموت قالها ثم مات بعدها رحمه الله*:

أهاجك الوجد أم شاقتك آثار     

كانت مغاني نعم الأهل والدار؟!

وما لعينك تبكي حرقة وأسى       

وما لقلبك قد ضجت به النار

على الأحبة تبكي أم على طلل           

لم يبق فيه أحباء وسمار

وهل من الدهر تبكي سوء عشرته   

لم يوف حقاً ولم يهدأ له ثار

هيهات يا صاحبي آسى على زمن   

ساد العبيد به واقتيد أحرار

أو أذرف الدمع في حِبِّ يفارقني     

أو في اللذائد والآمال تنهار

فما سبتني قبل اليوم غانية

ولا دعاني إلى الفحشاء فجار

أَمَت في الله نفساً لاتطاوعني 

في المكرمات لها في الشر إصرار

وبعت لله دنيا لا يسود بها حق           

ولا قادها في الحكم أبرار

وإنما جزعي في صبية درجو     

غُفْلٍ عن الشر لم توقد لهم نار

قد كنت أرجو زمانا أن أقودهم     

للمكرمات فلا ظلم ولا عار

واليوم سارعت في خطوي إلى كفن     

يوماً سيلبسه بر وفجار

بالله يا صبيبتي لا تهلكوا جزعاً   

على أبيكم طريق الموت أقدار

تركتكم في حمى الرحمن يكلؤكم   

من يحمه الله لا توبقه أوزار

وأنتم يا أهيل الحي صبيتكم         

أمانة عندكم هل يهمل الجار

أفدي بنفسي أُماً لا يفارقها هم         

وتنهار حزناً حين أنهار

فكيف تسكن بعد اليوم من شجن 

يا لوعة الثكل ما في الدار ديار

وزوجة منحتني كل ما ملكت       

من صادق الود تحنان وإيثار

عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا         

فكم يؤرق بعد العز إدبار

وإخوة جعلوني بعد فقد أبي           

أباً لآمالهم روض وأزهار

أستودع الله صحباً كنت أذخرهم       

للنائبات لنا أنس وأسمار

الملتقى في جنان الخلد إن قبلت       

منا صلاة وطاعات وأذكار