الداعية الواعي

الفريق عزيز المصري باشا

(1)

الإمام الشهيد حسن البنا

الفريق عزيز المصري باشا (*)

عرفت الشهيد حسن البنا أول مرة بعد عودتي من لندن 1937م حينما كنت في معية سمو ولي العهد، وذلك حينما وجدت في انتظاري ثلاثة قالوا لي: إنهم من الإخوان المسلمين؛ ونظراً لأن ملابسهم كانت من المتعارف على أنها إسلامية إلا أنها في نظري بعيدة عن الإسلام، قلت لهم: إنني لا أريد مقابلتهم؛ لأنني أريد أن أرى الإخوان المسلمين يمثلون فكرة التجديد والبعث حتى في أزيائهم فتكون مبسطة ولو جاكتة مقفلة وبنطلوناً، وبدلاً من "المسابح" يمسك كل منهم في يده كتاباً يناقشني فيه.

وأشد ما كانت دهشتي حينما جاءني في الغد أحد هؤلاء الثلاثة، وقال لي إنه حسن البنا، وإنه مؤمن بكل ما قلت، ولكن الرجعية التي تردى فيها المسلمون تجعلنا نطرق هذا الباب حتى نعيدكم إلى الفكرة الإسلامية الصحيحة التي تجعل من المسلم شعلة للعلم والتقدم والهداية للإنسانية، فأكبرت الرجل وعرفت فيه الداعية الواعي، وقد كنت أتوقع ألا أراه بعد المقابلة الشديدة التي قابلتهم بها .

ومنذ ذلك اليوم توثقت الصلة بيني وبينه، وكنا نتقابل بين حين وآخر وأرى في وجهه علائم الإيمان بادية وآيات الصدق والإخلاص مرتسمة مما زادني فيه ثقة وإيماناً .

وحينما كنت بسجن الأجانب إبان استشهاده جاءني أحد الضباط وعلى وجهه علامات الأسى، مخالفاً الأوامر ومبلغاً إياي ذلك النبأ المفجع، فأحسست بخنجر أصابني في صدري لفقد ذلك الرجل العظيم.

 رحمه الله رحمة واسعة وألهم خلفاءه والإخوان حسن السير على منواله، وإتمام الرسالة التي بدأها.

               

(*) الفريق عزيز المصري أحد أعلام العسكريين المصريين، كان ضابطاً بالجيش التركي قبل سقوط دولة الخلافة العثمانية سنة 1924م، وحارب مع الجيش التركي في جبهة البلقان، كما كان قائداً للجيوش المصرية والتركية في الحرب العالمية الأولى، رافق فاروقاً أثناء سفره إلى لندن، وعاد منها سنة 1937م.

تدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة "فريق"، وتولى رئيس هيئة أركان الجيش المصري سنة 1939م، ولما قامت الحرب العالمية الثانية حاول الاتصال بالألمان كي يستطيعوا هزيمة الإنجليز إلا أنه فشل في ذلك وقبض عليه.

(1) الدعوة – السنة الثانية – العدد (52) – 16من جمادى الأولى 1371هـ / 12من فبراير 1952م.