الأديب الداعية الدكتور محمد عادل الهاشمي

 ( ١٩٢٨ - ٢٠١٨م)

هو الأديب الداعية د. محمد عادل الهاشمي صاحب نظرية الأدب الإسلامي، وأحد مؤسسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

المولد، والنشأة:

ولد الأستاذ د. أبو النضر محمد عادل بن عبد اللطيف الهاشمي في مدينة حلب في شمالي سورية عام ١٩٢٨م.

ونشأ في كنف أسرة مسلمة ملتزمة بتعاليم الإسلام يتصل نسبها بالرسول القدوة صلى الله عليه وسلم، فهو شقيق الأديب الدكتور محمد علي الهاشمي، وأصغر منه بثلاث سنوات.

الدراسة، والتكوين:

درس محمد عادل الهاشمي مراحل التعليم المختلفة في مدارس مدينة حلب، فحصل على الشهادة الابتدائية عام ١٩٣٩م.

ثم حصل على الشهادة الاعدادية عام ١٩٤٢م.

وحصل على الشهادة الثانوية العامة في حلب عام ١٩٤٥م٠

درس في قسم اللغة العربية في كلية الأداب في جامعة دمشق، وحصل على شهادة الليسانس عام ١٩٤٩م.

حصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي من جامعة بغداد عام   ١٩٧٤م، وكانت الرسالة تحت عنوان: أثر الإسلام في الشعر الحديث في سورية.

ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب الإسلامي من جامعة الإسكندرية عام ١٩٨٤ ، وكانت رسالته تحت عنوان الإنسان في الأدب الإسلامي..وقد أشرف عليها د. محمد مصطفى هدارة.

الوظائف، والمسؤوليات:

عمل د. محمد عادل الهاشمي مدرسا وأستاذا لمادة اللغة العربية في مدارس سورية، وعندما انتقل الى السعودية عمل أستاذا للأدب العربي في جامعة أبها في جنوب السعودية، وعمل كذلك في جامعة الإمارات .

كما عمل محاضرا في جامعات اليمن والجزائر.

مؤلفاته:

  كتب د. محمد عادل الهاشمي عدة مؤلفات نفيسة في مجال الأدب الإسلامي والتراجم، نذكر منها:

١- أثر الإسلام في الشعر الحديث في سورية- دار المنار في الأردن.

٢- مصطفى السباعي: رائد أمة وقائد دعوة.

٣- في الأدب الإسلامي: تجارب، ومواقف. 

٤- الإنسان في الأدب الإسلامي: مكتبة الطالب الجامعي في مكة المكرمة.

٥- قضايا وحوار في الأدب الإسلامي. 

٦- شعر صدر الإسلام من منظور التصور الإسلامي. 

٧- شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي. 

٨- رؤى الإيمان في الأدب الإسلامي. 

٩- عالم الإيمان في الأدب الإسلامي. 

١٠- التغريب المبكر  في أدبنا المعاصر. 

١١- الأدب الإسلامي والصحوة المباركة. 

وفاته:

توفي د. محمد عادل الهاشمي عصر يوم الأربعاء في التاسع من شعبان ١٤٣٩ الموافق ٢٥ من نيسان ( أبريل) ٢٠١٨ م في مدينة الرياض ( 1928- 2018)عن 90 عاما ميلاديا. وهو شقيق الدكتور محمد علي الهاشمي ( 1925- 2015)، ويصغره بثلاث سنوات.

أخلاقه، وصفاته:

   كان رحمه الله من شباب الدعوة الأوائل في سورية، عمل مع الأستاذ مصطفى السباعي، وكتب كتابًا واسعا عنه عنوانه: (مصطفى السباعي رائد أمة وقائد دعوة)، وهو من آخر ما أصدره من مؤلفاته المطبوعة.

حصل على الدكتوراة في الأدب الإسلامي من جامعة الإسكندرية.

عاش مهاجرًا بين السعودية والإمارات العربية، ودرَّس في كلياتها وجامعاتها، كما حاضر في جامعات اليمن والجزائر. 

هادئ النفس، لطيف المعشر، مؤدب الكلمة، أنيق المظهر، صاحب دعوة يؤمن بها، ويدعو لها بلسانه وقلمه، يتحدث بالمجلس بالفصيح من البيان، وبفكرة مسلسلة هادفة.

صاحب نظرية (الأدب الإسلامي)، بل هو الأول في طرحها والكتابة فيها ـ كما يقول ـ غير أن كتابه فيها بقي حبيس مكتبته، فلم يطبع لعدم توفر الداعم المادي أو الشخصي، وله العديد من المؤلفات الأخرى أبرزها :

(الإنسان في الأدب الإسلامي)،و (قضايا وحوار في الأدب الإسلامي)، و( في الأدب الإسلامي تجارب ومواقف )،و (أثر الإسلام في الشعر الحديث في سورية)، و( شعر عصر صدر الإسلام من منظور التصور الإسلامي)، و( شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي) 1-2 وهذه مطبوعة.

ومن الكتب التي هي قيد الطباعة : 

( عالم الإيمان في الأدب الإسلامي)، و( شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي) الجزء 3 ، و( الأدب الإسلامي والصحوة المباركة)، و( التغريب المبكر في أدبنا المعاصر)، و( رؤى الإيمان في الأدب الإسلامي).

عزاؤنا لأسرة الفقيد، وأبنائه الثلاثة: النضر وسيد وسعد، ولابنتيه الكريمتين، ولآل الهاشمي الكرام، ولأقربائه وإخوانه وتلاميذه، وللأدب والفكر والدعوة الإسلامية، ولسورية، والأمة.. 

وتقبل منه جهده الدؤوب وعطاءه النافع، وأسكنه فسيح جناته، وأخلف الأمة بخير.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب الأخ الأستاذ زهير سالم هذه الكلمات: 

في وداع الراحلين : 

الدكتور محمد عادل الهاشمي في ذمَّة الله ...

مَعْلمٌ على طريق الدعوة

يوم أمس بلغ الكتابُ أجلَه ، ونفذ قضاء الله الذي لا راد له ، وتلقينا النبأ الفاجع بوفاة الأخ الداعية المفكر الأريب الأديب الدكتور محمد عادل الهاشمي رحمه الله تعالى ، وتقبله في عليين .

وإذا كنتَ ممَّن عرف الراحل الحبيب في منزله الجميل في مدينة حلب، ثم أتيح لك أن تتابع الرجل الهمام اللين الذي لا يلين في حله وترحاله بين الجامعات ، معلمًا ومربيًا وناصحًا لأدركت بحق معنى قول القائل : 

وألقت عصاها ، واستقرت بها النوى ...كما قرّ عينا بالإياب المسافر

اللهم اجعل أوبة أخينا أبي النضر إليك أوبة مسافر يقدم على أهله .

اللهم واجعل ملائكة رحمتك وأنسك تستقبله كأجمل ما كان يستقبلنا إذ نطرق به ونحن فتية صغار ، في ساعات الليل والنهار . ولا ينس إذ يودعنا أن يكرر الوصية ( تفضلوا علينا ) تصحيحًا لما شاع على ألسنة أهل حلب ، اللهم إن أخانا وأستاذنا قد وفد عليك فتفضل عليه بفضلك ورحمتك ورضوانك اليوم عليك ..

يفجعنا الموت ، ونحن بنو الموتى ، وفجيعة الموت بالكبار الكبار ممَّن جمع إلى العلم الحكمة واللطف والأنس مثل أبي النضر أشد وأكبر ؛ فما أشد فجيعة الموت ، وهو حق ، حين تنزل في الرجال ، في زمن عزَّ فيه الرجال : 

وإذا أصابتك مصيبة تشْجى لها ..فاذكر مصيبتك بالنبي محمد 

اللهم اجبر كسر قلوبنا ، وعوّض أمتنا وشعبنا وجماعتنا فيمن تفقد من رجالها خيرا .

يختصر الأخ الراحل الداعية المفكر الأديب الإنسان الأنموذجَ العمليَ الواقعي المثالي للأخ المسلم في جماعة الإخوان المسلمين ، التي كان بحق قائدًا من قادتها ، ومَعْلما ومُعلّما لأجيالها . وحين ننعى اليوم بهذه الكلمات الأخ الداعية فإننا نقطع بالرجل الأنموذج الكثير من تخرصات المتخرصين ، وادعاءات المدعين ، نقطع كل التخرصات والادعاءات ليس بالكلمات المنمقة المرصوفة ، وإنما نقطعها بشهادة الواقع التي كان أخونا محمد عادل الهاشمي رحمه الله تعالى أحد النماذج الحية في هذه الجماعة التي قام بحقها . 

لقد تأسَّست جماعة الإخوان المسلمين في سورية على كواهل نخبة متقدمة من رجالات المجتمع السوري جمعها حب الخير ، والدعوة إليه ، وكان الرابط الأول بين أفرادها العلم والتنوير والإحساس بالمسئولية ، والشفقة على أحوال الناس. 

فحين تذكر النخبة السورية التي أخذت على عاتقها أمر تأسيس هذه الجماعة المباركة فسوف يقترن في سياق واحد رجال كرام منهم : الدكتور مصطفى السباعي، والدكتور محمد المبارك، والأستاذ عصام العطار ، والشيخ محمد الحامد، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، ثم الدكتور حسن هويدي، والأخ الأستاذ أمين يكن، والدكتور محمد علي الهاشمي، والدكتور محمد عادل الهاشمي الذي نكتب هذه الكلمة وفاء لذكراه ..نخبة كريمة متميزة يعترف كل من عرفها بفضلها حتى لتنشد : 

قوم كرام السجايا حيثما جلسوا ..يبقى المكان على آثارهم عطرا

وكان الأخ الراحل رحمه الله تعالى أحد النماذج الحية الشهود لهذه الجماعة المباركة ، بعلمه وفقهه وفكره وسلوكه وأدبه و تعامله مع الناس أجمعين . وما أقلّ من يدرك في هذا الزمان الفرق بين الرجل يكون شاهدًا لقومه والآخر يكون شاهدًا عليهم ؟! ربنا لا تجعلنا فتنة لا لكافر ولا لمؤمن . 

ويبدو أخونا أبو النضر ، رحمه الله تعالى ، لمن قاربه أو خالطه ، قوّامًا من وداعة و لطف ورقة معشر وخفض صوت وقلة كلام حتى إذا دقَّت ساعة الحق وجدَّ الجد ، استشعر كل من حوله أن ذلك الإهاب قد ملئ عزيمة وجلدا وقوة وصبر ومصابرة ودأبا وإحساسا بالمسئولية ..

وكان من أمره رحمه الله تعالى أنه تأخر في خروجه من البلد بعد أن قام نظام البعث الطائفي بالتضييق على كل الرجال الأحرار ، فغادر سورية رجالها أرسالا ، كلٌّ بعد أن شعر أن دائرة الفتنة قد أحاطت به . وأحكم الحصار حول الجماعة – جماعة الإخوان المسلمين -و بالملاحقة الثانية للأخ أمين يكن رحمه الله تعلى غاب أو غيّب الكثيرون حتى قيل : خلت الديار أو كاد..

"خلت الديار " أزمة أو مأساة يفرح بها ويعمل عليه الصغار ، ليقال لواحدهم: خلا لك الجو فبيضي واصفري .. وإنما الكبار الكبار هم الذين يدركون معنى أن يقال : 

خلت الديار ، فسدت غير مسوَّد ...ومن العناء تفردي بالسؤدد

نعم خلت الديار ، ووقع العبء في محافظة حلب على كاهل أخينا أبي النضر رحمه الله تعالى ، ومع إدراكه لحجم العبء ، وطبيعة التحدي ، وأبعاده ، فقد قرر " الرجل " أن يتحمَّل التَّبعة ، فثبت رحمه الله تعالى ، على ثغرته ، يقوم على أمر إخوانه رعاية وإرشادا ومتابعة ، حتى ضيقت عليه العين الحمراء ، فغادر بيته مكان إقامته وسكنه ، وتوارى عن أنظار الظالمين شهورا طوالا ، يتحمل مسئولياته الدعوية كاملة ، يطوف على إخوانه مثبتا وملهما ومشجعا . يغشاهم في مجالسهم على ما هو في من ملاحقة ومتابعة ،يدخل على إخوانه مرة بزي رجل من أهل الريف فلا يكادون يتبينونه ، وأخرى في زي عامل ببدلة زرقاء ملطخة بغبار المهنة ..

وظل الرجل اللطيف الوديع قائمًا على ثغرته ، يغدو ويروح ، حتى اطمئن أنه ترك الأمانة بيد جيل آخر من الرجال . وقيل قد ضاق الخناق فلم يعد إلى البقاء سبيل. 

ولو يعلم الطغاة أي جناية يجنونها على أنفسهم وعلى من حولهم بمطاردة جيل القادة من العلماء والحكماء ، لعضوا أصابع الندم ..

أُخرج الأخ ( أبو النضر ) من وطنه ، ولكن وطنه لم يخرج منه . وقضية دعوته وأمته ظلت همه الأول . يحمل المسئولية ويؤديها بالكلمة المرشدة .

كان رحمه الله تعالى من السابقين إلى طرح عنوان ( الأدب الإسلامي ) . وكان فهم الرجل الأديب الأريب للأدب الإسلامي أنه الأدب الذي يعبِّر عن الكون والحياة والإنسان برؤية متَّسقة مع التصور الإسلامي الأصيل ، وليس كما حاول أن يختزله البعض في شعر المواعظ والمآثر..

رحم الله أخانا أبا النضر، وأحسن نزله ، وغفر ذنبه ، وعوض المسلمين والسوريين في مصيبتهم خيرًا ..

وعزاؤنا إلى أسرة أخينا الحبيب ؛ أنجاله وبناته وعموم آل الهاشمي الكرام. وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

لندن : 10 شعبان / 1439 – 26 / نيسان / 2018 

زهير سالم : مدير مركز الشرق العربي

وكتب الشيخ حسن عبد الحميد يقول:

أفل قمر الجنوب:

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر 

فليس لعين لم يفض ماؤها عذر 

لما سمعت النبأ هزّ مشاعري، وأسال دمعي، ومرّ بالذهن بيتان شعريان:

أمر ُّعلى الديار ديار سلمى   أقبل ذا الجدار وذا الجدارا 

وما حب الديار شغفن قلبي   ولكن حب من سكن الديارا 

الديار هي مدينة أبها عروس السعودية، أجمل بلاد الدنيا مناخا وجمالا ، وزادها جمالا وروعة ساكنها الأديب الأريب الحبيب محمد عادل الهاشمي الذي توفاه الله أمس .

هو أستاذ الأدب الإسلامي في جامعة أبها، صاحب رسالة : ( الإنسان في الأدب الإسلامي ). 

الطريق من نجران إلى أبها متعب وشاق ، لكن لقاءك بالحبيب ينسيك التعب، وجه بشوش ولسان يكثر من كلمة أهلا أهلا مما ينسيك تعب الطريق ووعثاء السفر ، لطيف المعشر .

رجل من رجال الرعيل الأول أعظم ما قرأت له كتابه العظيم ( مصطفى السباعي : رائد أمة وقائد دعوة ) وكتابه ( الإنسان في الأدب الإسلامي )، و (في الأدب الإسلامي تجارب ومواقف) .

كلما زرت أبها أنهل من أدب عادل رحمه الله، وكرمه وحسن ضيافته ، رئيس قسم الأدب في جامعة أبها، ويعدّ رحمه الله من رواد وبناة الأدب الإسلامي في العالم الإسلامي الذي كان يقود ركبه أبو الحسن الندوي، وحمل الراية بعده الأديب عبد القدوس أبو صالح حفظه الله، وله ولإخوانه رواد الأدب الإسلامي أحر التعازي وأبلغ الرثاء، وآمل أن تصدر مجلة الأدب الإسلامي عددا خاصا عن الذي حمل الراية في بدء المسيرة الأدبية محمد عادل الهاشمي رحمه الله .

زارني في نجران عدة مرات، طابت مجالسنا بوجوده ، وتعطَّرت أنفاسنا بلقائه حياه الله، إنه رجل دعوة يدعو لها بلسانه وقلمه، سئل الإمام علي رضي الله عنه عن أطيب الطيبات فقال : إكرام الضيف وضرب الأعداء بالسيف، وقد تحقق لنا البند الأول في أروع صوره وأرجو أن يتحقق الثاني بأن نرى الأعداء صرعى ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله 

سلام عليك أيها الحبيب يامن حققت هدي النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الدعاة ، لقد غرست حب الإسلام وهدي المصطفى عليه السلام في نفوس الآلاف من طلابك 

عليك سلام الله وقفا فإني رأيت الكريم الحر ليس له عُمر 

أهلا بك في ضيافة الرحمن ، يا صاحب كلمة أهلا أهلا ، أهلا بالضيوف 

هو من حلب الشهباء بلد الجهاد والبطولات فتحها سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه ، أخوه الدكتور المجاهد الأديب محمد علي الهاشمي رحمه الله ، وهما علي وعادل فرسان رهبان في الدعوة إلى الله 

حقا وصدقا لقد:

كان رحمه الله مشعل الهداية للشباب الظامئ لفهم الدين والجهاد في سبيل الله ، كان يسمع الأنباء عن دمار وطن كثر الحنين إليه ، كانت حلب تملأ ناظريه ، كان صوت الوطن الذي حرم منه يرن في أذنيه ، مات الأديب الأريب ولم ير قلعة حلب الشامخة ولا مآذنها العالية 

رأيته في الحرم المكي عند الكعبة المشرفة فكان حديثه حديث حنين لوطن الذكريات ، يتناثر الشعر الرطب والحب العذب لوطن هُجر منه قسرا ، فعرفته الجزائر واليمن والإمارات والسعودية رحمه الله 

رحمك مولاك أبا النضر واللقاء إن شاء الله عند الحوض المورود ، يظلنا اللواء المعقود قرب سيد الوجود عليه السلام .

لقد قرنت اسمك باسمه عليه الصلاة والسلام فكان اسمك أيها الحبيب محمد عادل وهو عليه السلام إمام العدل في الدنيا رفع مشعله وأنار به السبل.

رحمك الله أيها الحبيب فقد حملت في أبها مشعل الهداية الربَّانية وأرويته قلوبًا ظامئة للهدى والنور 

رحمك الله وحيّاك وبيّاك من داعية، الله غايتك ، ومحمد قدوتك ، والقرآن دستورك، والجهاد سبيلك، والموت في سبيل الله أسمى أمانيك. 

إنَّ حلب تبكيك والصالحون فيها يدعون لك ، أيها القائد الحبيب لقد اقترب الفجر وانشق عموده .

وعلى مثلك يا أبا النضر فلتبك البواكي. 

نمْ قرير العين أيها الرائد فاللواء سيظل عاليا ، وستظل كلمة: الله أكبر يصرخ بها تلامذتك في كل الجبهات .

رابطة الأدب الإسلامي ، الأخوة آل الهاشمي، أسرة الفقيد ، الأخ نضر الهاشمي وإخوته : أعظم الله أجركم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وكتب الأستاذ الأديب المؤرخ المهندس محمد زاهد أبو غدة هذه الكلمات:

 خالي العزيز أبو النضر الدكتور محمد عادل الهاشمي

كان رحمه الله من شباب الدعوة الأوائل في سورية

عمل مع الأستاذ مصطفى السباعي وكتب كتابا ضخما عنه،

وبعد دراسته الأدب العربي صار من أوائل رواد دراسة وتأسيس الأدب الإسلامي، ودرّسه في الكليات والجامعات في الإمارات والجزائر والسعودية.

رحم الله خالي العزيز وجزاه خير الجزاء عن تضحياته الجمة وعمله الدؤوب، وأحسن عزاء العاملين الصادقين والأدباء المخلصين. 

إنا لله وإنا إليه راجعون.

محمد زاهد أبو غدة.

 ثم رثاه بهذه القصيدة :

أبيات في رثاء الخال الحبيب:

‎كل حيٍّ على المنية وارد            وإليها نسير: عبدٌ وسائدْ

‎والأماني سراب كل صباح         مغريات ولسن إلا مصائد

‎فاز في هذه الحياة تقيٌ            وشريفٌ وعاملٌ ومجاهد

‎فإذا ما مضى تضوع عطراً         ذكره بالثناء تلو المحامد

‎ذاك خالي الحبيب كهلاً وشيخا  وشباباً في الله دوماً يجاهد

‎أأبا النضر أيها الخال يا من        عشت في هذه الحياة تكابد

‎قد ترجلت بعد دربٍ طويلٍ      وبلغت المدى الذي كنت قاصد

‎في سبيل الإله نفسٌ تسامت                 وسعت نحوه بأسمى  المقاصد 

‎عاملاً مخلصاً وفياً أبياً          لا يبالي في الجند أم كان قائد

‎إن ذكرنا الآداب كنت فتاها      فهي تبكيك والطروس كوامد

‎فتح الله في كتابك فتحاً              وغداً للأديب بعدك رائد

‎والسباعيُّ في كتابك حيٌ            من وعاه فإنما هو شاهد

‎كلُّ حرف كتبته نور حقٍ             كل سِفرٍ كتبته في القلائد

‎نم قريراً فإن نهجك راسٍ           نم قريراً فإن غرسك خالد

‎راحةُ المؤمنين عند انتقالٍ          و  لجوارٍ يرومه كل عابد

وكتب الشيخ د. موسى الإبراهيم:

إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

رحمك الله أخانا العزيز أبا النضر وغفر لك وأعلى مقامك في الجنة إن شاء الله

فقد كنت نِعْم الأخ العزيز، والجار الكريم ..

وذكر الله أيامًا وسنين زادت عن العشرين قضيناها معا في أبها كانت زهرة أعمارنا...

ويشهد القاصي والداني بالجو الأخوي والصحبة الصادقة التي كان جميع الأخوة ينعمون بها.. 

ويغبطهم كل من يزور أبها على أخوتهم ، وألفتهم وحبهم .. 

رحمك الله أيها الأخ الحبيب وعظم الله أجركم يا آل الهاشمي

أولاد الأخ أبو النضر، وحرمه، وإخوانه، وجميع العائلة الكريمة

وأخص الإخوة أبو علي الهاشمي، والأخ أبو إياد .. عوضكم الله خيرا، وجبر المصاب 

ولا يسعنا إلا أن نقول: إنا لله وإنا اليه راجعون.

والحمد لله على كل حال .

وكتب الأستاذ محمد جعفر الشردوب:

رحل عنا الهاشمي:

الأديب الأريب والداعية الهادئ الدكتور محمد عادل الهاشمي (أبو النضر) مواليد 1928م .رحمه الله تعالى. وافته المنية بعد عصر يوم أمس في مدينة الرياض عند ابنه النضر إثر جلطة انتابته .

عاش مهاجرا بين الجزائر والسعودية واليمن والإمارات ، هادئ النفس، لطيف المعشر، مؤدب الكلمة، أنيق المظهر، صاحب دعوة يؤمن بها، ويدعو لها بلسانه وقلمه، يتحدث بالمجلس بالفصيح من البيان، وبفكرة مسلسلة هادفة.

صاحب نظرية (الأدب الإسلامي) بل هو الأول في طرحها والكتابة فيها ـ على حد قوله ـ غير أن كتابه فيها بقي حبيس مكتبته فلم يطبع لعدم توفر الداعم المادي أو الشخصي كما سمعت منه، وله العديد من المؤلفات الأخرى أبرزها :(مصطفى السباعي رائد أمة وقائد دعوة)وكتاب (الإنسان في الأدب الإسلامي)، وكتاب (قضايا وحوار في الأدب الإسلامي) وهذه مطبوعة، كما أن له العديد من المخطوطات وأظن أنها جزء من كتابه الذي لم يطبع منها: أنوار النبي الحبيب في الأدب الإسلامي، عالم الحياة في الأدب الإسلامي، الجماعة المسلمة في الأدب الإسلامي، العبودية لله في الأدب الإسلامي، مع أمجاد الفتوحات في الأدب الإسلامي، شعائر الإسلام في الأدب الإسلامي، الحسن البصري في الأدب الإسلامي، النظر الإنساني في الأدب الإسلامي، الجهاد في الأدب الإسلامي، عالم الجماعة المسلمة في الأدب الإسلامي، جولات مجاهدينا في الأدب الإسلامي، ملامح من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الأدب الإسلامي.

رحم الله الأستاذ الكريم ،ومنَّ عليه بالفضل العميم ،وأسبغ عليه رضوانه، وألحقنا به في الصالحين، وأخلف الأمة عنه عوضا، وعزاؤنا لأسرة الفقيد أحسن الله عزاءكم وغفر له .

وكتب الدكتور أيمن أبو مصطفى أستاذ البلاغة في جامعة الفارابي بالرياض:

بمزيد من الحزن والأسى، وبقلوب راضية بقضاء الله وقدره، أنعي إليكم الدكتور محمد عادل الهاشمي، رائد من رواد الأدب الإسلامي ومن مؤسِّسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية الأستاذ بجامعتي الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك خالد، الذي وافته المنية يوم الأربعاء عصرًا بقسم العناية المركزة بمستشفى السلام بمدينة الرياض.

إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا النضر لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. 

اللهم إن رحمتك وسعت كل شيء فارحمه رحمة تطمئن بها نفسه وتقر بها عينه وأسكنه فسيح جناتك.

وكتب أيضا :

كنا نلتقي الاثنين من كل أسبوع في إثنينية الفريق مريع الشهراني حفظه الله، يمتعنا بصوته الذي لم يؤثر عليه الزمن برغم أن رياح الأيام وأعاصيرها قد تركت أثرًا في بنية الجسد فصار نحيلا، تهتز يده وهو يمسك القلم ويكتب خطًا رقراقًا جميلا.. وها هو اليوم يتوارى جسده تحت التراب.. لكن صوته وهو يتحدث عن نماذج البطولة في التاريخ الإسلامي لم يزل يتكرر في أذني.. إنه فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عادل الهاشمي رائد من رواد الأدب الإسلامي، ترجل اليوم عن فرسه...رحمه الله.

وكتب في رثائه هذه الأبيات: 

في وداع د. محمد عادل الهاشمي

وكتب الأستاذ المهندس غسان ياسين النجار: 

عَظّم الله أجرنا وأجر إخواننا وأهل الفقيد وأنجاله ومحبّيه وأسرة الهاشمي. 

لقد كان المرحوم الأستاذ محمد عادل الهاشمي من رجالات الدعوة الأوائل، وعرفته منذ نعومة أظفاري في الثانوية في الخمسينيات من القرن المنصرم، وكنّا نحضر بعض خطبه ودروسه في مدينة حلب حيث كان غزير العلم أديبًا مفوهاً ؛ تقبل الله ما قدَّم للدعوة الاسلامية، هم السابقون ونحن اللاحقون، وَإنَّا لله وَإنَّا إليه راجعون .

وكتب الأخ الشيخ حسن رامز قاطرجي:

خسارة داعية متميّز وأديب مبدع خدم الدعوة والأدب الإسلامي:

رحم الله فضيلة الداعية الأديب الكبير د. محمد عادل الهاشمي - شقيق د. محمد علي الهاشمي رحمه الله ومؤلف الكتاب الرائع : "الدكتور مصطفى السباعي.. رائد أمّة وقائد دعوة " إصدار دار البشائر الإسلامية، وكتاب "الأدب الإسلامي والصحوة المباركة"، و " التغريب المبكر في أدبنا المعاصر"، و" شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي"، في ثلاثة أجزاء. 

   كان رحمه الله صاحب همّة وقلم وفكر وجهاد وهجرة، فقد غادر سورية منذ عام ١٩٧٦ في سبيل الله ملاحقاً بسبب نشاطه الدعوي، وبرحيله أمس الأربعاء عصراً خسر الأدب الإسلامي واحداً من أهم فرسانه، وعالماً نجماً في سماء العربية وسورية والحركة الإسلامية .

اللهمَّ لا تحرمنا أجره، ولا تفتنَّا بعده، واغفر لنا وله. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب الأخ عبد الله أحمد زنجير:

رحم الله فضيلة الداعية الأديب د. محمد عادل الهاشمي صاحب الهمّة والقلم والفكر والجهاد والهجرة ، برحيله خسر الأدب الإسلامي واحدا من أعظم فرسانه وعالما علما في سماء العربية وسورية والحركة الإسلامية.

اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واجعلنا عند حسن العهد والأثر ، عظّم الله أجركم الأخ الكبير د. عبد اللطيف، وعظّم أجورنا جميعًا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب عمير الجنْباز الحمَوي (أبو عبد الملك التيمي):

‏كلمات في رثاء رائد الأدب الإسلامي الأستاذ الدكتور ‎محمد عادل الهاشمي رحمه الله تعالى 

أستاذنا الدكتور محمَّد عادل الهاشمي رحمه الله رحمة واسعة، من نبلاء الأدباء وفضلائهم، نالَ من العلوم أقصى مرامَه، وتوطَّد من العوارفِ أعلا مقامَه، فكان روضةً للعلوم والمعارف، ودوحةً للآداب وظلّها الوارف، مغرمًا بصيد الشَّوارد، وقيد الأوابد، مُتواضعًا ليِّنَ الجانب، وقورًا حسنَ المناقب، وكان يجري في مجلسه المطارحات الأدبيَّة، والمذاكرات الفكريَّة، حيث لا يملُّه جليسه، ولا يرومُ فراقه أنيسه، وله عدَّة تآليف رفيعة، وجملة تحارير بديعة، وجهود مأثورة في ميدان الدَّعوة والتَّربية والتَّعليم، غفرَ الله له وأعلى في المَدارج مُرتقاه، وجعلَ الجنَّة مثواه ومأواه...

وكتب الأستاذ معتصم الحريري: 

الأستاذ محمد عادل الهاشمي في ذمَّة الله 

من مؤسِّسي الأدب الإسلامي ورجال الدعوة، جمعتنا به أمسيات أدبية جميلة كأنها السحر، ونهلنا من أدبه وفكره ما استقرَّت جذوره في القلب، وفاحت رياحينه في الروح ..

كان من أقرب الناس لأبي الشيخ إبراهيم الحريري (رحمهما الله)، جمعتهما الأخوة والدعوة والأدب، فما أعذب تلك اللقاءات وأرق تلك اللحظات .

رحمك الله أبا النضر الداعية والأديب، وغفر ذنبك، وأعلى منازلك، وجمعنا بك في مستقر رحمته .

وعظم الله أجركم (آل الهاشمي) الكرام فقد فقدتم عزيزًا عوضكم الله تعالى خيرًا.

وكتب الأستاذ شريف قاسم هذه الكلمات: 

الدكتور محمد عادل الهاشمي إلى رحمة الله

عصر يوم الأربعاء 9/8/1439هـ ـــ 25/4/2018م ، وفي مستشفى السلام بمدينة الرياض ، فاضت روح الدكتور الأديب الكبير محمد عادل الهاشمي ، أبي النضر إلى بارئها ، فدمعت العيون ، وحزنت القلوب ، ورُفعت الأيادي إلى الله تسأله عزَّ وجلَّ أن تكون منزلته في الفردوس الأعلى .

أديبنا الكبير محمد عادل الهاشمي ، أبو النضر الرجل الهادئ العابد التقي ــ ولا نزكيه على الله ــ الذي عانى من الغربة المريرة ، ولاقى الأذى من أعداء الإسلام ، وعاش صوتا مكينا منافحا عن دينه من موقعه الحساس كأديب إسلامي متميز ، وكقلم فيَّاض بالقدرة على بيان حقيقة ما يخطط له التغريبيون على أصنافهم وارتباطاتهم ، ومؤلفاته ــ يرحمه الله ــ تشهد على جزالة بيانه ، وقوة برهانه الذي يأسر القلوب ، وسيرته الحميدة المباركة تتثنى في مغانيها مكارم الأخلاق ، وجميل المزايا ، عاش بَــرًّا ومات حرًّا مباركا ، ولعلنا نقرأ عن حياته ونشاطاته ــ إن شاء الله ــ من إخوانه وأحبابه الذين عاشوا معه ، لفقيدنا الحبيب العديد من المؤلفات الأثيرة تنبئ عن قدرته وغزارة علمه ، وعن نفسه الذَّوَّاقة ، وعن ثقته المطلقة بأن الأدب الإسلامي هو صورة المجتمع الإسلامي الذي يأبى التضليل والإفساد والتبعية . ومن مؤلفاته :

*الإنسان في الأدب الإسلامي .

*أثر الإسلام في الشعر الحديث في سوريا .

*في الأدب الإسلامي : تجارب ... ومواقف .

*شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي : ( جزء أول وجزء ثان ) .

*قضايا ــ وحوار في الأدب الإسلامي .

*مصطفى السباعي : رائد أمة ... وقائد دعوة .

وله العديد من المؤلفات المخطوطة أو قيد الطباعة ومنها : 

*عالم الإيمان في الأدب الإسلامي .

* شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي : ( جزء ثالث ) .

*الأدب الإسلامي والصحوة المباركة . 

*التغريب المبكر في أدبنا المعاصر .

*رؤى الإيمان في الأدب الإسلامي .

اللهمَّ تغمده برحمتك ، وأكرمه في منازل الصديقين ، وألهم أهله وأحبابه الصبر ، وإنا لله وإنا إليه راجعون . وإلى روحه الطاهرة في جنَّات الخلود ــ إن شاء الله ــ هذه القصيدة :

وحاقَ بالمارقين القولُ أقلقهم وساءَهم عنده أن تُكشَفَ السُّتُرُ

وكتب ابنه الأصغر سعد محمد عادل الهاشمي: 

وكأنَّ جراح تشتّت العائلة وآلام ظروفها القاسية وسنوات غربتها الطويلة لم تكن صفعاتٍ كافية، لنُفجعَ الأربعاء الماضي برحيل والدنا وكبيرنا الدكتور محمد عادل الهاشمي، الحضن الحنون الذي كان درعنا الحامي من غدرات الزمان، ومربّينا الأرقى والأعذب، وحبيبنا الذي امتلك شغاف قلوبنا. 

اختاره الرحمن لجواره، وتركنا في ظل الصدمة مذهولين من فكرة حياةٍ بلا "أبو النضر" مجهشين ببكاءٍ يصهر العيون ويغيّر ملامح الوجوه.

برحيلك يا أبي .. خسرتُ نصف روحي وثلث عقلي وكل اتزاني .. فلتحُفّكَ الرحمات وتتزيّن بك الجِنان .. أما أنا فسأتغذّى يائساً .. على قطراتٍ من الصبر والسلوان ..

أسألكَ يا عليّ يا عظيم يا خالق الرحمة ومانحنا بعضاً منها، أسألك برحمتك التي فاقت رحمة الأم بوليدها، أن ترفق بروحه الطاهرة وتُبعد عنها كل مشقّة .. فقد كان أبي حانياً متسامحاً حتى مع المسيئين وحتى مع آكلي حقوقه وحقوق أبنائه .. كان نموذجاً للصفح والتغاضي والترفّع لم أعهد له مثيلاً معاصراً .. 

يا من لك المثل الأعلى في العفو، اعفُ عنه بلطفك وغفرانك .. وحرِّم جسده على الأرضِ وآفاتها .. فقد كان رفيقاً بنا أيّما رفق .. وحريصاً على تفاصيل سعادتنا وراحتنا كل الحرص بكل طاقته .. وكان مدرستنا الأكبر في تعلّم فنون الذوق والجَمَال والأناقة واللباقة واللطف والأنَفَة وعزة النفس ورقيّ التعامل مع مفردات الحياة ..

أبي الحبيب الذي لم أصدّق حتى الآن نبأ رحيلك .. لأنَّ حجم الفاجعة أكبر من مساحة حواسي .. أطلب منكَ أن تشفع لي عند ربك - وأمثالك خير من يُشفّعون - أن يرزقني صبراً يكفيني لأتنفّس جيداً .. فقد قرنتُ أنفاسي بـ (إنا لله وإنا إليه راجعون) وما زلتُ أشعر أني على وشك الموت اختناقاً من عَبراتي .... التي يكويها الحزن بوحشية .. وتتسلّل لها سوداوية الأفكار ومرارة الواقع .. فمئاتُ المعزّين الحزانى سيعودون أدراجهم ويتناسون بديع رثائهم وسينامون في حضن الوفاء الأبتر لحبيبهم الراقد تحت التراب ... الظانِّ بهم خيراً كعادته ... مكتفين بكلماتٍ وأمنيات ..

أبي الحبيب الذي عرفتُ الدنيا من خلال دلاله ومحبّته المفرطة لي ... أدعو لكَ في كل لحظةٍ ولمحةٍ وصلاةٍ وسجود .. وفي كل خطوةٍ أخطوها رغماً عني .. لأن عدم اتزاني أمرٌ مستجد ... 

أستودعكَ رحمة الرحمن يا سَنَدَي .. 

يا صاحب الفضل العظيم على كل حرفٍ كُتِبَ وكل حرفٍ .. ما زال في خلَدِي ..

(أصغر أبنائك .. سعد محمد عادل الهاشمي).

وكتب أيضا في رثاء والده: 

منذ 7 أيام وصلني الخبر خلال إجازتي التي أقضيها مع العائلة في القاهرة، وهذه من لطائف الأقدار، فزوجتي كانت بجانبي لتفهم حالة الهستيريا التي أصابتني فجأة وتجيد التعامل معها، ولولا ذلك كانت العواقب البشعة في الانتظار.

حضور أبي في حياتي كان يفوق دور الأب الكلاسيكي في حياة أبنائه، فقد كان رحمه الله، أيقونةً أدبيةً وهّاجة في محيطه المهني والاجتماعي، ونموذجاً حيّاً للمربّي الذوّاق الراقي في المنزل، المهتم بكافة التفاصيل المكتسبة لأبنائه كي يكونوا جديرين ببنوّة الأديب الكبير والمفكّر المخضرم، من آداب الطعام والشراب للملبس والهندام والحديث ومفرداته المنقّحة ونبرات الصوت وإيماءات الوجه ولغة الجسد اللائقة في التعامل مع الضيوف، وصولاً لحدائق المعرفة والوقوع في شغف القراءة والمطالعة وتناول اختلاف الأفكار بأناقة ورويّة واكتساب خصومة الفكرة وليس أصحابها.

أبي الناقدُ الفذّ، كان ناقداً قاسياً على قلمي منذ البدايات، فلا يروقه سوى المذهل من بلاغتي، والذي يعتبره بدوره (مقبولاً)، كان لموقفه الغريب هذا أثرٌ كبيرٌ على نضوج حاسة التحدي والتطور والكفاح لديّ كي أواصل مسيرة الكتابة بلا حوافز إيجابية عائلية ! حتى انتزعتُ منه عدة مراتٍ إعجاباتٍ رسمية بمقالات نُشرت في صحفٍ رسمية آنذاك.

"أبو النضر" لم يعد بيننا .. هذه المعلومة لم يتم السماح لها بأخذ حيّز في عقلي حتى الآن .. رحيل والدي عن الدنيا فكرة لفَظَتها ذاكرتي ملايين المرات خلال هذه الأيام السبعة.

أعيش حالةً من الإنكار دفاعاً عن صحتي ولا أعلم مصيرها !

لم يسبق لي أن رجوتُ أصحابي أن يدعوا لي بالصبر والصبر والمزيد من الصبر ! لم أفقد توازن عقلي وعواطفي هكذا من قبل ! 

لم أختبر شعور الحاجة الماسة للدعم النفسيّ العاجل .. والغرق في فيضانات الحزن الرهيب .. فقدان الطاقة كلياً أمرٌ مروّع لم أجرّبه من قبل.

(برحيلك يا أبي .. خسرتُ نصف روحي وثلث عقلي وكل اتزاني .. فلتحُفّكَ الرحمات وتتزيّن بك الجِنان .. أما أنا فسأتغذّى يائساً .. على قطراتٍ من الصبر والسلوان ..أستودعكَ رحمة الرحمن يا سَنَدَي .. يا صاحب الفضل العظيم على كل حرفٍ كُتِبَ وكل حرفٍ .. ما زال في خلَدِي).

وكتب ابن أخيه الأستاذ عمار بن محمد علي الهاشمي : 

الدكتور محمد عادل الهاشمي وعلى يمينه ابن أخيه عمار وعلى يساره ابنه النضر

ننعي للأمتين العربية والإسلامية وفاة الأديب الإسلامي الأريب وصاحب أول دراسة دكتوراة في الأدب الإسلامي وتأسيس علم الأدب الإسلامي العم الحبيب الفاضل الدكتور محمد عادل الهاشمي أخو الوالد رحمه الله. الشقيق الذي فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها المولى عز وجل عصر هذا اليوم الأربعاء، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا نقول إلا ما يرضي الله، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

كان عالماً فذا في اللغة العربية والأدب الإسلامي، وداعية إسلاميًا كبيرًا وأديبًا إسلاميًا رائدًا وضع الخطوط الرئيسية الأولى في علم الأدب الإسلامي، وقد درس الأدب الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عقودًا عديدة في المملكة العربية السعودية.

رحم الله العم الحبيب، وتغمد روحه الجنة، وغفر له وجعل قبره روضة من رياض الجنة. 

وكتب أيضا:

نجمان هاشميان أفلا......

الدكتور محمد علي الهاشمي ... 

صاحب كتاب "شخصية المسلم" و"المرأة المسلمة " و"المجتمع المسلم كما يصوغه الإسلام في الكتاب والسنة" وكتب أخرى عديدة إسلامية وأدبية ودعوية وعلمية.... 

والدكتور محمد عادل الهاشمي....

الرائد الأول ومؤسس نظرية الأدب الإسلامي، وصاحب كتاب "الإنسان في الأدب الإسلامي" وكتب أخرى عديدة أدبية وفي الأدب الإسلامي...

الشقيقان المبدعان في سماء الأدب والحياة الملتزمة الإسلامية ... بدءا حياتهما بالجد والاجتهاد والكفاح والعصامية والنزاهة وخوف الله عز وجل...

قادا الحركة الإسلامية في سوريا وخاضا الصعاب والمخاطر والتضحيات ثم الغربة والبعد عن الوطن من أجل الدعوة في سبيل الله....

أفلا وقد سطرا حياة حافلة وعامرة بالعطاء والعلم والأدب الرفيع والخلق الإسلامي ويشهد لهما القاصي والداني بسيرتهما العطرة.

رحمهما الله رحمة واسعة، وأسكنهما فسيح جناته.

وكتب تلميذه: عبد الحميد حسن عبد الحميد - سورية يقول:

ودعنا بالأمس رجلا من رجالات الدعوة، بكاه كل من عرفه وسمع عنه، طيب الله ثراه وأجزل له المثوبة الأستاذ الأديب الأريب محمد عادل الهاشمي رحمه الله، الذي عاش مع دعوته وقيادته هذا العمر المديد في السراء والضراء، وفي العسر واليسر.

أستاذي الهاشمي ما هادن باطلا، ولا لانت له قناة، ولا أتكلم عن أستاذنا رحمه الله من فراغ، وإنما نتيجة المعايشة والاقتراب من شخصه الكريم، حين كنت على صلة متينة به على مدى سنوات دراستي في كلية اللغة العربية بأبها جنوب السعودية، كنت له تلميذا وبه متأسيا، آخذا بنصائحه وتوجيهاته في الأمور العامة والخاصة.

أستاذي محمد عادل الهاشمي كان سمحا، رفيقا بطلابه، عطوفا عليهم، رحيما بهم، جمّ الأدب، وافر العطاء، عظيم التواضع، يسألك عن أدق الأمور، قليل الكلام، كثير الصمت، لكن إذا تكلم بزّ القائلين، لا يعتلي المنابر ولا يكثر الخطب، لكنه كان (كاريزما) بارزة، وطلعة مهيبة، ومسحة بادية على محياه الجميل البهي، تلزم كل من يراه على احترامه وحبه وتقديره.

أستاذي الهاشمي يذكرني بقول المصطفى عليه السلام في امتداحه لقبيلة من قبائل العرب: (إن فيكم خلصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة)، فقد كان أستاذي الهاشمي يتحلى بالحلم والأناة.

أستاذي الهاشمي يصدق عليه قول الحق تبارك وتعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا).

حقا هم رجال لا نسبة للذكورة، ولكن نسبة لأعمال اتصفوا بها:

الصدق مع ربهم، الموفون بعهدهم، الباذلون الروح فداء لدينهم ودعوتهم، فاستحقوا أن يخلدوا مع الصديقين والشهداء والصالحين.

هكذا كان أستاذي الذي درسني الأدب ومبادىء الدعوة، فكم كنت أسمع في صوته أنات المعذبين، ودموع الثكالى واليتامى، حين تحولت دروسه إلى أحرف من نور تضيء الطريق للأجيال، وتقدم لهم القدوة الحسنة والمثل الأعلى.

أستاذي محمد عادل الهاشمي مخلص لدينه ولدعوته مع فهم عميق، إذ كان متجردا من كل هوى شخصي أو نظرة ذاتية، آثر الحياة الأخرى على الدنيا الفانية، في زمن احتل البعث وطننا، وانتهك حرماتنا، ونهب خيرات بلادنا، نشر الفجور والانحلال، وعمل على السيطرة على مقاليد الأمور، اشترى ذمم الكثيرين، ولهث وراءه كل مفتون، ضرب الأخلاق في محرابها، أخرج المرأة سافرة، طمس هوية التعليم في ظل هذه الظروف وقف أستاذي الأنيق المربي الفاضل محمد عادل الهاشمي يربي الجيل على معنى الإسلام قولا وعملا، وفهم الإسلام على أنه نظام كامل يتناول مظاهر الحياة فهو : خلق وقوة ورحمة وعدالة .

وقف يربي أستاذنا الإنسان، فكان (الإنسان في الأدب الإسلامي) عنوان اطروحته لرسالة الدكتوراه، قدم مادة تستحق أن تدرس، وأن تكون نبراسا تضيء للعاملين للإسلام الطريق في كيفية إدارة الأزمات.

فكان الأدب الإسلامي مادة مقررة علينا نحن طلاب اللغة العربية في أبها، ورغم ما واجهته من صعاب صبر وظفر، ووضع الأسس التربوية بمنظور شامل ومنهجية ثابتة رحمه الله.

في المساء نلتقي في بيته يشرح لنا الأسس الدعوية ورجالاتها الذين تركوا أثرا عظيما في حياته الدعوية، رغم الكيد لهم والمحن التي اعترضت طريقهم، والصعاب التي واجهتهم.

كان أستاذي رحمه الله نموذجا صادقا في مدرسة الدعوة، اضطلع بمسؤولية الدعوة إلى الله في هذا العصر على هدى وبصيرة من الله، لأن مرضاته غايته، وسنة رسوله طريقه، وكتابه منهجه، والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله أسمى أمانيه، والجنة غايته.

ربى أستاذي شباب أبها على كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام مستعينا بسير الصحابة والتابعين، وسير المجددين من أئمة الهدى على مر التاريخ.

كان أستاذي محمد عادل الهاشمي قائدا فذا، عمل للإسلام سلوكا وفهما وإخلاصا، وعملا وتضحية وجهادا، وطاعة وثباتا وتجردا، وأخوة وثقة.

رحم الله أستاذي الدكتور محمد عادل الهاشمي، وجزاه المولى خير الجزاء على مابذل وقدم لأمته ...

مصادر الترجمة:

١- موقع رابطة العلماء السوريين: يشرف عليه د. مجد مكي.

٢- رابطة أدباء الشام: يشرف عليه د. عبد الله الطنطاوي.

٣- مجلة الأدب الإسلامي: عدد ٨٤ .

٤- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 975