الداعية الحاج توفيق راشد الحوري

saasasdsas1019.jpg

( ١٩٣٣ - ٢٠٢٣م )

هو الداعية الحاج توفيق راشد الحوري رجل الأعمال والمناضل الوطني الذي أسس جامعة الإمام الأوزاعي في بيروت، وكان له دور كبير في إنشاء جامعة بيروت العربية، ورحل الحاج المناضل الوطني توفيق راشد حوري، وله فضل كبير على المثقفين والسياسيين في لبنان والعالم العربي والإسلامي.

المولد، والنشأة:

   والحاج توفيق راشد حوري من مواليد مدينة بيروت عام 1933م، وهو أبن رجل الأعمال، ورجل الخير الحاج / راشد الحوري الذي توفى عام 1973م، والذي كان له دور رئيسي في إنشاء جامعة بيروت العربية برعاية مصرية، والتي افتتحت عام 1960م، فهو سليل عائلة بيروتية عريقة، عروبية الانتماء، فلسطينية الالتزام معروفة بنشاطاتها الاجتماعية الخيرية البارزة.

الدراسة، والتكوين:

أنهى دراسته الأساسية والإعدادية، وحصل على شهادة البكالوريا من مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت.

ثم التحق بالجامعة الأمريكية قسم إدارة الأعمال (1948م - 1952م).

وأكمل دراسته العليا في بريطانيا حيث حصل على الماجستير في العلوم الاقتصادية والسياسية (1952م – 1954م).

الوظائف، والمسؤوليات:

بعد تخرجه عاد إلى بيروت يشارك في بدايات حركة (عباد الرحمن) التي أسسها الشيخ محمد عمر الداعوق حيث كان ناشطاً فيها.

ثم أصبح أمين سر المجلس الإسلامي الذي كان يمثل الجماعة الإسلامية في لبنان.

وبعدها عمل في الميدان التجاري في مشاريع العائلة عام 1954م – 1964م.

ويُعد الحاج توفيق حوري أحد المساهمين في تأسيس جامعة بيروت العربية، وهو شخصية إعلامية اجتماعية لبنانية بارزة.

والحاج توفيق حوري أحد المشاركين في تأسيس حركة فتح، ولعب دوراً عظيماً لا ينسى في الدعوة لحركة فتح أيام العمل السري، وهو الذي تولى المسؤولية والإشراف على إصدار مجلة (فلسطيننا) الاسم الكامل (نداء الحياة – فلسطيننا) في لبنان واستقبال مراسلاتها، وكانت تطبع، وترسل إلى الكويت حيث يتم توزيعها هناك.

وهي المجلة التي عرفت حركة فتح إلى العالم، ووجهت الشتات الفلسطيني للانضمام إليها (1959م - 1964م)

وكانت معبرة عن أفكار حركة فتح، وله دور رئيسي في تسهيل العمل في لبنان وكان صديقاً للشهيدين أبو عمار، وأبو جهاد رحمهم الله آنذاك، وهو الذي صاغ البيان الأول لانطلاقة حركة فتح عام 1965م.

لقد لعبت هذه المجلة دور الشمعة في ظلام النكبة، وكانت تتجه إليها عيون الحيارى، فتيسر عليها حيث كان صوت المجلة ينادي من أجل كيان ثوري فلسطيني حيث أنضوى تحت راية حركة فتح العشرات من الأخوة بسبب ذلك، وشكلت حركة فتح لهم نهراً تصب فيه، وتلتقى كل جداول العمل التنظيمي الثوري الحقيقي التي تعددت، فأصبح النهر زاخراً بالحياة والمياه، وأصبح نهر حركة فتح بكفاحها ونضالها العظيم الخلاق.

من جهة فقد قدم الحاج توفيق حوري دعماً لوجستياً لحركة فتح في بداياتها عندما وفر لهم غطاء التدريب وتهريب السلاح خلال مزرعته حيث أصبحت معسكراً سرياً للتدريب إضافة إلى تهريب السلاح عبر البحر.

الحاج توفيق حوري كان نشطاً في حملات الدعم وتوفير الغذاء والألبسة للاجئين الفلسطينيين وتوفير احتياجاتهم والتوعية الثقافية بالقضية الفلسطينية.

كان من الناشطين الذين يعملون بصمت دون ضجيج لأجل حركة فتح، وعشق فلسطين قولاً وعملاً.

ساهم الحاج توفيق حوري في دعم حركة فتح حيث كانت التبرعات التي تصله ويقوم بتسلميها إلى قيادة حركة فتح في لبنان حيث كان يساعده كلاً من الأخ هاني فاخوري الذي عمل موظفاً في أحد البنوك اللبنانية، والأخ إبراهيم المصري وإخوانه.

إنه الحاج توفيق حوري المفكر والمثقف، والإنسان المناضل الوطني، والعروبي اللبناني – الفلسطيني، رجل الخير المعروف، ولا تزال أعماله الجليلة ظاهرة وملموسة في مدينة بيروت الصامدة.

تأسيس جامعة الإمام الأوزاعي:

يعد الحاج / توفيق حوري من أبرز المشاركين عام 1980م بإنشاء جامعة الأوزاعي للدراسات الإسلامية، ومن ثم أصبح مستشاراً لجامعة بيروت العربية، ورئيس مجلس أمناء وقف المركز الإسلامي.

لقد أعطى الحاج / توفيق حوري فلسطين كل ما تستحق من تضحيات في سبيلها وقام بواجبه القومي والوطني في الدفاع عن فلسطين وشعبها، كما قام ومن خلال مؤسساته الخيرية إلى تقديم العون لأهله في بيروت ولبنان على أكمل وجه.

ومن باب الوفاء فأن شعب فلسطين لن ينسى الحاج / توفيق راشد حوري أبداً، هذا الرجل الذي شارك في وضع المداميك الأولى لحركة فتح والثورة الفلسطينية في كل مراحلها.

وفاته:

يوم السبت الموافق 28/1/2023م فاضت روحه إلى بارئها بعد مسيرة حافلة بالعمل الخيري والإصلاح عن عمر يناهز ال (90) عاماً.

رحم الله الحاج / توفيق راشد حوري، وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

الرئيس محمود عباس ينعى المناضل اللبناني العروبي الكبير توفيق الحوري

نعى رئيس دولة فلسطين محمود عباس، المناضل اللبناني العروبي الكبير توفيق الحوري، أحد مؤسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، الذي وافته المنية اليوم السبت عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد مسيرة حافلة بالنضال والعطاء.

وقال سيادته “إننا فقدنا قامة عروبية كبيرة، كرس حياته من أجل وطنه والقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي ناضل من أجلها منذ نعومة أظفاره حتى الرمق الأخير، وشارك معنّا في تأسيس حركة “فتح” وانطلاقة الثورة الفلسطينية وكتابة البيان الأول”.

وتقدم سيادته بالتعازي الحارة لأسرة الفقيد ورفاقه في النضال وعموم الشعب اللبناني الشقيق، داعياً الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

وهاتف محمود عباس، مساء اليوم السبت، أيمن الحوري، معزياً بوفاة والده المناضل اللبناني العروبي الكبير توفيق الحوري، أحد مؤسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، الذي وافته المنية اليوم السبت عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد مسيرة حافلة بالنضال والعطاء.

وأشاد سيادته بمناقب الراحل الكبير الذي كرس حياته من أجل وطنه والقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وأعرب الرئيس خلال الاتصال الهاتفي عن تعازيه الحارة لعائلة الفقيد وعموم الشعب اللبناني الشقيق، سائلا العلي القدير، أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

من جهته، شكر أيمن الحوري، الرئيس على هذا الاتصال.

منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في لبنان تنعيان المناضل الوطني الكبير الحاج توفيق الحوري

منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في لبنان تنعيان إلى جماهير الشعبين اللبناني والفلسطيني وجماهير أمتنا العربية والإسلامية المناضل الوطني الكبير الحاج توفيق الحوري الذي توفاه الله اليوم، بعد مسيرة حافلة بالنضال والثقافة والتربية وأعمال البر والخير والإحسان.

وبرحيله خسرت فلسطين ولبنان والأمة العربية والإسلامية قامة وطنية عروبية وإسلامية كبرى، آمن بنصرة القضية الفلسطينية وعدالتها والنضال من أجلها حيث بدأ الراحل مبكرا بالنضال من أجل فلسطين وكان عمره 21 عاما عندما أطلق حركة "الطوابير"، عام 1954، التي نظّمت تشكيلات سريّة عسكرية من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، وكان هدفها استئناف الجهاد ضد العدوّ الإسرائيلي الذي احتلّ فلسطين عام 1948، برعاية سماحة مفتي عموم فلسطين المرحوم الحاج أمين الحسيني.

وفي عام 1959 تعرّف إلى القائد ياسر عرفات، وأمير الشهداء القائد الرمز خليل الوزير وارتبط بعلاقة مميزة معهما وشهِدَ معهما من بيروت إعلان حركة "فتح"، انطلاقة الثورة الفلسطينية، وكتبة البيان الأول، وكان هو بالذات من أشرف على إصدار "مجلة فلسطيننا" بين أعوام 1959 – 1964 التي نشرتها حركة "فتح" في بداياتها السرية، التي ساهمت بشكل كبير في حشد الفلسطينيين والعرب حول الثورة الفلسطينية في بداياتها.

وكان الراحل الكبير من أكبر المؤيدين والداعمين للثورة الفلسطينية المعاصرة وعمل بصمت، وبقي على العهد حتى الرمق الأخير من حياته التي أفناها من أجل فلسطين والقضايا العربية والإسلامية.

وكان للراحل الكبير أياد بيضاء في الثقافة والتربية والعمل الخيري والاجتماعي في المجتمع البيروتي واللبناني.

وبهذا المصاب الجلل تتقدم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" من أسرة الراحل وعائلته ومن الشعب اللبناني الشقيق ومن جميع رفاقه وأصدقائه وجميع من عرفه بأحر التعازي وخالص المواساة سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته مع الش/ه/داء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

ونعاهد الراحل الكبير وكل الشهداء على أن نبقى أوفياء لمسيرتهم وأن نسير على نهجهم وطريقهم حتى النصر والعودة وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..

الحاج توفيق الحوري: رافعة الوعي والهمة والعمل..!!علماً وفكراً وممارسة واستدامة وأثراً:

وكتب (عبد الحليم زيدان) يقول:

قد تشتهر صورته واسمه عند جيل عريض، كأمينٕ عامٕ للجامعة العربية في بيروت لسنوات طويلة، حققت خلالها الجامعة نقلات وثبات وتطور واستدامة، رغم الظروف القاسية التي مر بها لبنان في تلك الفترات المسماة بالحرب الأهلية (١٩٧٣-١٩٨٢)، ثم الاجتياح الاسرائيلي الغاشم (١٩٨٢)، وما أعقبه من مراحل الصراعات، (١٩٨٤-١٩٨٩)، ثم محطة اتفاق الطائف (١٩٩٠)، وبداية الاستعادة الاستقرار وتجديد البناء(١٩٩١-١٩٩٧)...

فهو سليل أسرة ناشطة في الخدمة، منذ جده توفيق في العهد العثماني، ووالده راشد، مؤسس جمعية البر والإحسان والجامعة العربية..

   كما إن زوج خالته، المفكر والمؤلف الموسوعي الشهير د. عمر فروخ، صاحب الكتاب الأشهر "الاستعمار والتبشير"، كان له أثر هام في تطعيم معاني الخدمة الاجتماعية لديه، بروح المواقف الثابتة، والقيم الأصيلة، والثبات على الهوية.

   لم تتوقف مسيرة العطاء عنده على الإرث التاريخي، بل جدّد وطور، وأنشأ بدوره مؤسسات ومرافق جديدة.. وبات علماً على المعالم، ونهضتها، وخدمتها..!!

   بل وشارك حماه الشيخ الداعية الشهير، محمد عمر الداعوق، تأسيس جماعة عباد الرحمن الدعوية، وترأس مجلسها لفترات.

فكان خليطاً من الروحين، ومزيجاً من المسيرتين.

ثم إنه كان عامل تحديث وتطوير في عضويته بلجنة المعادلات في وزارة التربية والتعليم آنذاك، وطور من خلالها صيغ توأمة الجامعات واعتمادها.

وإلى ذلك فقد اشتهر عند الحركات الإسلامية والوطنية وحركات التحرر الوطني، وخاصة بواكير العمل الفدائي الفلسطيني، انه كان الحضن الدافئ، والمنارة الهادية، واليد الداعمة، لفصائل التكوين والتشكيل في بواكير نشأتها، حتى انه كان محرر البيان الأول لحركة فتح، ورديفاً داعماً للنشاط الفلسطيني في لبنان والمنطقة.

   وذكره بالفضل والتوثيق، عدد من قادتها الكبار ومنهم القائد أبو جهاد في مذكّراته على سبيل المثال.

كما وثقت لذلك مراكز ومواقع مختلفة (الزيتونة، أساس ..مثلاً)

كما أنه أحد أهم رواد الإحياء الوقفي، علماً وفكراً وممارسة وتوجيهاً، في لبنان والعالم العربي.

   فهو مؤسسُ عددٕ من المؤسسات الوقفية العلمية، كجامعة الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية.

وهو مطلق نظرية تحويل الجمعيات التقليدية العريقة، إلى تسجيل أملاكها أوقافاً، لحمايتها ولحفظها ذخراً للأجيال..

   ونفذت هذه الآلية في عدة مؤسسات كبرى وتحت إشرافه، وعلى رأسها جمعية البر والإحسان، منشئة ومالكة الجامعة العربية في بيروت ومرافقها.

   كما أطلق أول طرح توجيهي (١٩٨٣م)، لإنشاء وتأسيس الجمعيات بصيغة وقفية خيرية إسلامية، مسجلة ومشهرة في المحاكم الشرعية، ونشر لها لاحقاً دليلاً توجيهياً بعنوان "الوقف الخيري الإسلامي" (١٩٨٩م)..

   ونفذ ذلك في المركز الإسلامي للتربية، وحذت حذوه أكثر من ٣٠ جمعية ومؤسسة في سائر المدن والمناطق اللبنانية.

   لم يكن الحاج توفيق رحمه الله، الا بصمة منيرة، مشعة، هادية، ملهمة، رافعة للهمة والوعي والجد والعمل.

شهدت له بحادثة في الثمانينات الاولى، يوم وجدته في الجامعة يمارس عمله، ولكن بوجهه بعض التوتر والحزن، فسألت مساعده عن حاله، فأبلغني أن ابنه الكبير "راشد" قد تعرض لمحاولة اغتيال في الليل، وأنه "الآن" يخضع لعملية جراحية دقيقة في المستشفى..!!

   صدمني الخبر مرتين، مرة بحجم الفاجعة، والأساليب الدنيئة لإطفاء شعلة نور في زمن الظلمة والظلم، ومرة بان الرجل "الجبل" موجود هنا في مكتبه، يمارس عملاً مكتبياً، وابنه تحت مبضع الجراحين..!

فتقدمت منه على وجل وتهيب، وسألته ما الذي تفعله هنا يا مولانا؟

فكان الجواب الثابت الملهم:

انا لست طبيباً ولا جراحاً، وابني بأيدٕ أمينةٕ مختصة، معه الأهل والمخلصون، وتحت رحمة رب العالمين وقضائه وقدره.

لكن اليوم امتحانات الجامعة العربية، وفيها خمسة آلاف "راشد" آخر، كلهم أبنائي، ولا أعطل امتحاناتهم، لأن الأسئلة موجودة بالخزنة، ومفتاحها عندي، وتوقيت وتوقيع اخراجها وتسليمها كذلك.

نعم.. هذه هي بصمته العلمية والقيادية والإدارية في الأجيال التي عرفته، بصمة أصالة ونبل وشهامة وإيثار، ومواقف عزة وثبات وخدمة.

وحركة دؤوبة برؤية ومنهجية ومثابرة واستدامة.

رحم الله الوالد الموجه لي شخصياً، ولكثيرين غيري، ولا أتردد في الاعتراف بفضله الأثير الأول في تعريفي بفهم جديد لمعنى الوقف والأوقاف، منذ حملته منه، سنة ١٩٧٩م ومعه في الجلسة رفيق دربه أ.د. عبد الله الخالدي رحمه الله، بات محركاً متجدداً داخلي عندي من وقتها..!!

   وكنت أعرض عليه كل فترة، ما نعمل على تطويره في الفكر الوقفي المستقبلي، وأسر باهتمامه وانصاته وتفهمه، وأهتم بملاحظاته وتوجيهاته وتسديداته، وأعمل بها، وقد افادتني كثيراً، وضبطت إيقاع تحمسي الوقفي في كثير من المواقف.

وكانت آخرها جلسة موثقة ومسجلة صوتياً في ٢٠١٦م، في منزله ببيروت، وذلك في فترة دخوله ببعض أمراض الشيخوخة المرهقة، وتخففه من الدوام المكتبي، فقبل بالموعد كاستثناء خاص، وكعلامة من علامات الحب والرعاية الأبوية والعلمية، واستبشر ولده، الصديق الصيدلي د. أيمن، من قبوله الموعد، كما سره ما لاحظه من تجدد همته في الحوار، وحضور ذهنه في التنبيه والتصويب، وكان تفسيري لهذا، انه قد حضر بين يديه ثلاثة من أبنائه، أيمن، وعبد الحليم، والابن الثالث وهو العزيز جداً عليه.. "الوقف"، موضوع اللقاء.

الحديث عن الحاج توفيق يطول، وهو دون شك حديث ذو شجون، وسيكتب، ويشهد له كثيرون بتجاربهم معه، وتأثرهم به، وبصماته فيهم..

   ونسأله تعالى أن يجعلها كلها من نوع مقولة: "شهادات الخلق أقلام الحق"، المقبولة والمشهودة والرافعة لمقام الفقيد وأجره وفضله وأثره.

توفيق الحوري يترجّل.. و«فلسطيننا» لا تزال فتيّة:

30 كانون الثاني 2023

وها هو (هيثم زعيتر) ينعي الحاج توفيق حوري، فيقول:    

بيروتي عتيق، وسليل أسرة بيروتيّة عريقة، أبصر النور في العام 1933، قبل استقلال وطنه من نير الانتداب الفرنسي.

وعى العمل السياسي باكراً، حتى شبَّ قيادياً، وشَابَ أيقونة في تاريخ النضال العربي دفاعاً عن القضايا الوطنية والقومية، وفي الطليعة فلسطين.

إنّه المناضل العروبي الحاج توفيق راشد توفيق الحوري، نجل رجل الخير الحاج راشد حوري.

ترك بصمات مميزة، في كل المراكز التي تولّاها وتبوأها، خاصة في المجال التربوي، لإيمانه بأهمية العلم.

له الفضل على العديد من العلماء والباحثين والمفكّرين من لبنانيين وفلسطينيين وعرب، من خلال عمله ودوره في جامعة الإمام الأوزاعي وجامعة بيروت العربية.

في خمسينيات القرن الماضي ساهم في تأسيس جماعة «عباد الرحمن»، التي حاز فيها منصب نائب الرئيس، واقترن بالسيدة ليلى كريمة الأمين العام المؤسِّس لـ«عباد الرحمن» عمر الداعوق، لينشط في العمل السياسي، ويبرز دوره في الدعوة الإسلامية بين فلسطينيي لبنان.

مُنذ كان على مقاعد الدراسة الجامعية، وهو من روّاد العمل العربي الداعم والمدافع عن فلسطين، حيث نشط مع إخوانه في حملات الدعم وتوفير الغذاء والألبسة للاجئين الفلسطينيين، وتوفير احتياجاتهم، إضافة إلى التعبئة الشعبية والتوعية الثقافية بالقضية الفلسطينية.

في العام 1954، وفيما لا يزال بعمر الـ21، أطلق حركة «الطوابير»، التي نظّمت تشكيلات سريّة عسكرية من اللاجئين الفلسطينيين في مُخيّمات لبنان، بهدف استلام زمام المبادرة ومعاودة الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلي.

تعرّف باكراً على الرئيس الشهيد ياسر عرفات والشهيد خليل الوزير «أبو جهاد»، وكان له الفضل بإصدار مطبوعة مجلة «نداء الحياة: فلسطيننا» من لبنان، التي أبصر عددها الأوّل النور في تشرين الأوّل/أكتوبر 1959.

استمرّت المجلّة غير المرخّصة بالصدور العلني 5 سنوات، رغم تعرّض حوري للاستدعاء من «دائرة رقابة المطبوعات اللبنانية»، للاستفسار عن وضعها، إلّا أنّ المسؤولين اللبنانيين يومها اكتفوا بطلب حذف عبارة «طُبِعَتْ في بيروت»، انطلاقاً من تفهّمهم وتعاونهم مع النشاط الفدائي.

وللتاريخ هناك الكثير من الحكايا التي تربط الثلاثة ببدايات تأسيس حركة «فتح»، وإصدار بيانها الأول في العام 1965.

ارتبط بصداقة متينة مع مفتي فلسطين المُناضل الحاج أمين الحسيني - حين كان مُقيماً في بيروت.

بين عامي 1956-1960، ساهم في تأسيس جامعة بيروت العربية.. كما ساهم في العام 1980 بإنشاء جامعة الأوزاعي للدراسات الإسلامية.

بقي توفيق الحوري يحظى بحفاوة وتقدير من قِبل القيادة الفلسطينية، حيث منحه رئيس دولة فلسطين محمود عباس، وساماً تقديرياً.

وُلِدَ الحاج توفيق، في الطيونة، وتلقّى دروسه الأولى في مدارس «جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية» - الحرش، ليلتحق بعد ذلك بالجامعة الأميركية في بيروت لدراسة إدارة الأعمال (1948-1952).

سافر إلى المملكة المُتّحدة، ونال الماجستير (1952-1954) مُتخصّصاً في علوم «الرادار والمحاسبة الميكانيكية - الكمبيوتر».

شخصية توحيدية، إصلاحية، تربوية، أكاديمية وتوثيقية. ساهم في تأسيس «التقرير الإسلامي»، وإنشاء مركز توثيق وأبحاث حول القضايا الإسلامية في العالم.

مآثر الحاج توفيق، هي مصداق لقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له»، وهو ما تحقق في حياتك، ويبقى جارياً بعد الرحيل.

يغفو الحاج توفيق الحوري اليوم، عن عمر ناهز الـ90 عاماً، فيما القضية الفلسطينية لا تزال ولّادة، تُنجب جيلاً بعد آخر أبطالاً يُدافعون عن مسرى الأنبياء ومعراج السماوات العلى.

‏سيبقى أبناء فلسطين يحفظون نضالات الحاج توفيق حوري، ويتناقلونها من جيل إلى آخر.

تغمد الله الراحل بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومحبّيه الصبر والسلوان.

الحاج توفيق راشد الحوري في ذمّة الله:

30 كانون الثاني 2023

وكتب المهندس هشام جارودي يعدد صفات الراحل الكريم:

غادرنا بالأمس من دار الفناء الى دار البقاء عميد آل الحوري الحاج توفيق راشد الحوري رحمه الله.

قامة إنسانية وأخلاقية عظيمة سيذكرها الأجيال القادمة بكل فخر!

ابن بيروت الأبيّ سطّر بيديه تاريخاً مشرفاً في العمل الخيري والاجتماعي والوطني!

نعم!! هو ابن المرحوم الحاج راشد الحوري رجل الخير والعطاء..

وهنا تعود بي الذاكرة لأيام الخمسينات والستينات، أيام كنت في مدرسة الـIC وكنت أنزل الى محل والدي تاجر (مال القبان) في شارع فوش لصلاة الجمعة في جامع الصديق والتقي قبل الصلاة بالحاج راشد الحوري والحاج جميل الرواس عند والدي ليصحبهم لعند أصدقائه تجار شارع فوش للتبرع لبناء جامعة بيروت العربية مكان سجن الرمل قديماً وحيث هي اليوم!

وكانا، الحج راشد الحوري والحج جميل الرواس، بعد الصلاة يقفون مع والدي ومع الحاج عثمان الحبال حاملين منشفة مفتوحة لتقبل التبرعات من المصلين لبناء الجامعة.

هكذا كانت إرادة الخيّرين بمساعدة المحسنين وأهل الخير!! رحمكما الله يا عمدة «طريق الجديدة» ومنطقة حبس الرمل - أرض الجامعة اليوم!

نعود الى المرحوم الحاج توفيق لنقول له رحمك الله، لقد كنت قامة إنسانية وأخلاقية عظيمة!!!

لقد كانت له أيادٍ بيضاء في جمعيات ومراكز تربوية عديدة بداً من جماعة عباد الرحمن منذ تأسيسها وللجمعيات الخيرية والإنسانية في منطقته، ولن ننسى كتابته الدائمة في مجلة «التقوى»!

تعازينا الحارّة لأسرة جامعة بيروت العربية وجمعية عباد الرحمن والدكتور محمد حوري ولعائلة الحوري الكريمة ولأهالي بيروت الأعزاء.

رحمه الله، وأسكنه فسيح جنانه مع الطيبين الأبرار.

مصادر الترجمة:

  • الجرائد والمجلات والمواقع اللبنانية.
  • الموسوعة التاريخية الحرة.
  • جريدة اللواء (لبنان).
  • وكالة معاً الإخبارية.
  • موقع جريدة المجد.
  • مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1019