من قتل الشيخ البوطي، ولماذا قُتل

بيانان مُهمَّان جِدًّا للاتِّحاد العالمي لِعُلماء المسلمين

ولِلعَلَّامة محمد أبي الهُدَى اليعقوبي

ومقالتان مهمتان جدا جدا جدا

للأستاذين محمد غياث الحموي،

والمٌؤرِّخ المعروف الأستاذ محمد خير رمضان يوسف

تُبِّينَ جميعٌها يقينًا من قتل الشيخ البوطي، ولماذا قُتل

بين يدي هاتين المقالتين بالِغَتَي الأهَمِّيَّة:

*أما المقالة الأولى فهي بعنوان:

براءة العلامة البوطي من أكاذيب وافتراءات محمد خير موسى

وقد كتبها الأستاذ محمد غياث الحموي، في "منتدى الأصلين، منتدى طلاب العلم، منتدى أصول الدين، وأصول الفقه"، وقد نشرها الأستاذ الحموي بتاريخ 7/7/2020م.

تأتي أهمية هذه المقالة من كشفها وإماطتها اللثام عن حقيقة كبرى يعرفها الكثير من عُقلاء الصالحين.

هذه الحقيقة الكُبرى لها شِقَّان أو جانبان وطرَفان:

*أولهما: ألا وهو إدانة مُجرم وسفَّاح كبير بقتل علامة رباني كبير، وهو الشيخ د. محمد سعيد رمضان البوطي، رحم الله روحَه، ونوَّر ضريحَه، وهو نظام بشار الأسد البعثي الفاجر، وطغمته الخانزة النَّتِنَة.

1

*ثانيهما: تبرئة الضحية والقتيل نفسه، وهو العلامة البوطي من التُّهَم الخطيرة التي نُسبت إليه زُورًا وبهتانا، وهي الإفتاء بجواز قتل المُتظاهرين، وأن جِباههم لا تعرف السجود ... .

فمن يقرأ هذه المقالةَ النفيسة والمُهمَّة جِدا بإمعان يجد جوابًا شافيا وافيا كافيا عن سُؤالين مُهمين جدا؛ بل حَلًّا لِلُغْزَين مُهِمَّينِ ومُحَيِّرَين لِمَلايين من الناس عامَة، ومن السوريين خاصة؛ ألا وهما:

1- من قَتل الشيخَ البُوطي؟     2- لماذا قُتل هذا العلامة والشيخُ الجَليلُ؟

ومن يقرأ هذه المقالة يجزم بل يتيقَّن بأن قاتل الشيخ البوطي هو نظام بشار الأسد، لا غيرُه، وأن الشيخ البوطي قُتل لِصدقه وإخلاصه، وإفتائه الفتاوى التي ستقلب "الطاولة" - كما يُقال- على نظام بشار الأسد، وستُبطل كل أباطيله وأسحاره؛ فهي كعصا موسى عليه السلام؛ التي التَهَمَتْ كل أباطيل فرعون ومكره، وهي التي قال فيها الشاعر لله دره:

إذا جاء مُوسى وألقى العصا           فقد بطلَ السِّحْرُ ، و الساحِرُ

فلذلك عجَّل النظام الداهية الغدَّار المكَّار بقتل الدكتور البوطي والتَّخَلُّص مِنهُ، قبل أن تقوم القيامة عليه، وينقلبَ السِّحْرُ على الساحر؛ بميل الناس إلى الشيخ البوطي، وعِندئذ ينهار النظامُ الفَسْلُ الفَدْمُ تمامًا، وتَتَضَعْضَعُ أركانُه، ويتَقَوَّضُ بُنيانُه، وتذهب رِيحُه، ويُمسِي أثَرًا بعدَ عَين.

ومما يُؤكِّد هذا المقالَ المُهم والبديع وفوق الرائع بيانان:

*أوَّلُهما: للاتحاد العالمي لِعُلماء المُسلمين، واستنكاره لقتل الشيخ البوطي، واتِّهام النظام بذلك، ودعوته إلى التحقيق فيه.

*ثانيهما: ما ذكره العلامة والمُحدِّث الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي من استنكاره لقتله، واتهام النظام به، وقوله بُعيد مقتل الشيخ البوطي واستِشهاده:

لقد كُنَّا نُعِدُّ العُدَّة لإخراج الشيخ البوطي وأسرته من سورية؟؟!!

2

وهو ما أكده مُحللون آخرون؛ من أن الشيخ البوطي كان على وشك الانشقاق، وتغيير موقفه من النظام المُجرم، وأنه عارَض الحُكومة، ولم يعُد يحتمل ما يفعله النظام الجاني والمُجرم بشعبه من الفظائع والشناعات، كما قال الأستاذ محمد خير رمضان يوسف في ترجمته للشيخ البوطي في كتابه "تتمة الأعلام" 8/24، وسترِد مقالته تلك المطولة والمُهمة كاملة بعد مقالة الشيخ الحموي بإذن الله تعالى.

*أما المقالة الثانية فهي ليست مقالة -في الحقيقة- بالمعنى الحرفي المعروف للمقالة، ولكنها جزء من كلام طويل مُهم للغاية من ترجمة العلامة الشيخ البوطي، للمؤرخ المعروف الأستاذ محمد خير رمضان يوسف، وهي قريبة من موضوع المقالة الأولى، وتُؤدِّي النتيجةَ نفسَهَا، وهي أيضا تبرئة للعلامة والشيخ محمد سعيد البوطي، وفيها إدانة لبشار الأسد وجهاز استخباراته، لكن بطريقة مُختلفة عن المقالة الأولى.

وتتضمَّن انخداعَ الشيخ البوطي والكيد له بجيش من المخابرات الأسدية منذ عهد الأب حافظ أسد، وانتهاء بعهد بشار أسد الابن، إلى ما بعد الثورة، وقُبيل مقتل الشيخ البوطي، وكلام الشيخ محمد خير نقله من مصادر عدة، ومنها مصادر خاصة من مُقرَّبين للشيخ المُتَرجَم.

*ملاحظة عن المقالة الأولى:

لقد اخترت المقالة الأولى للأستاذ الحموي لمضمونها المُهم، وبغض النظر عن الشخص الذي قيلت في الردِّ عليه وهو الأستاذ محمد خير موسى.

- كما أنني ذكرتُ أكثر تلك المقالة، وحذفت نحو رُبعها الأخير؛ لعدم تعلقه بموضوع الشيخ البوطي، ولتهجمه على الشيخ مجد مَكِّي، وعلى ورابطة العُلماء السوريين"، وهو ليس من موضوعي.

*والآن إلى ذانكما البيانين المُهمَّين، وتِلكما المقالتين النفيستين والمُهمَّتين جِدًّا جدا، وجزى الله كاتبيهم خيرا، ورحم من تُوفي منهم وانتقل إلى الرفيق الأعلى؛ جزاهم الله خير الجزاء، كِفَاءَ صَدْعهم بالحقِّ، ودِفاعهم عن علامة رباني كبير، ومُفكر إسلامي خطير قل أن يجود الزمان بمثله.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يُندِّد بمقتل العَلَّامة البوطي،

ويُحَمِّل النظام المسؤولية

ندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "بمقتل العلامة الشيخ البوطي، ومقتل أي عالم على فكره واجتهاده مهما اختلفنا معه، لأن ذلك مُحرَّم حتى لرجال الدين من غير المسلمين"، كما ندَّد بالاعتِداء على المساجد وقتل الأبرياء داخلها، مُحَمِّلا المسؤولية عن ذلك للنظام الأسدي الظالم.

وقال بيان الاتحاد بهذا الصدد:

هال الاتحادَ العالمي لعلماء المسلمين ما حدث في مسجد الإيمان بدمشق، حيث أدى تفجير داخل المسجد إلى مقتل أكثر من 40 شخصًا بينهم الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي العالم المعروف بعلمه، وبتأييده للنظام، وذلك أثناء درسه الأسبوعي، في مسجد الإيمان، حيث يعد هذا تطورًا خطيرًا؛ لأنه لأول مرة يحدث تفجير داخل المسجد يُؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير، وإن كان النظام الأسدي الجائر دمر مئات من المساجد، ولم يرعَ حُرمة لا لمسجد، ولا لعالم، ولا لحي ولا لميت.

وأمام هذا التطور الخطير فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى ويُؤكد ما يلي:

أولا: يندد الاتحاد بمقتل العلامة الشيخ البوطي، ومقتل أي عالم على فكره واجتهاده مهما اختلفنا معه، لأن ذلك محرم حتى لرجال الدين من غير المسلمين.

ثانيا: يندد الاتحاد كذلك بشدة الاعتداء على المساجد وقتل الأبرياء داخلها، من أي طرف كان، حيث تدل النصوص الشرعية الكثيرة على أن القتل لا يترك فُسحة للمسلم، وأنه أعظم الذنوب بعد الشرك فقال تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (سورة النساء 93) كما أن تدمير المساجد من الكبائر،

4

قال تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة البقرة -114).

ثالثا: يُحَمِّل الاتحاد النظام الأسدي الظالم مسؤولية مقتل العلامة البوطي ومن معه (يرحمهم الله)، لأنه هو المسؤول عن أمنهم، كما أن أصابع الاتهام توجه إليه بعدما تبرَّأت المُعارضة السورية العسكرية والمدنية عن ذلك.

رابعا: يُطالب الاتحاد الأمم المتحدة بتشكيل لجنة مُحايدة للتحقيق في هذه الجريمة؛ لكشف الجُناة الحقيقيين.

خامسا: يُؤكد الاتحاد على دعواته السابقة لجميع فصائل المعارضة بالالتزام بالأخلاقيَّات الإسلامية في الحروب.

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. (سورة يوسف -21)

الدوحة: 10/ جماى الأولى/ 1434هـ

                                         الموافق: 22/مارس/2013م

أ.د علي القره داغي                                   أ.د يوسف القرضاوي

الأمين العام                                           رئيس الاتحاد

5

النظام يغتال العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي

بيان من الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي

fsgdgdgh10281.jpg

نُعزِّي أنفُسَنا ونُعزي العالم الإسلامي باستشهاد العلَّامة الجليل الشيخ محمد سعيد رمضان البُوطي، وقد ختم الله تعالى له بالخير، وأكرمه بالشهادة.

إنها خسارة كبيرة للمسلمين بفقد هذا العلامة الجليل الذي كان مُجدِّدًا في الفِكر والعقيدة عالما ربانيا دافع عن الإسلام ونصر مذهب أهل السنة عقودا طوالا على منابر دمشق وفي كلية الشريعة.

وفي الأخبار التي وردت من التلفزة السورية أنه تُوفِّي في تفجير انتحاري. ونحن نُوجِّه أصابع الاتهام إلى النظام؛ لأن لدينا معلوماتٍ حسَّاسةً ودقيقة من المُقرَّبين إليه تُفيد بأن الدكتور البوطي كان يبحث عن طريق للخروج من سورية، وكان النظام قد فرض عليه طوقا أمنيا شديدا، وكان في مجالسه الخاصة يسُبُّ النُّصَيرِيِّين ويدعو عليهم بالهلاك.

إننا نستنكر تفجير المساجد، وقتل المصلين، ولا نظن أن مُسلما يفعل هذا. ونُدين هذا العملَ سواء قام به النظام، أم الجماعات التكفيرية كما يدَّعي النظام، ونترحَّم على الفقيد ومن استُشهد معه، ونسأل الله تعالى له ولهم منازل الشهداء. ونذكر العلامة الفقيد بكل الخير والثناء والإجلال، وسيبقى علما من أعلام الإسلام. لقد كتبنا سِتَّ مقالات في الرد عليه، وتصدَّينا لتفنيد كلامه في الفضائيَّات. ونحن رغم خِلافنا معه في قضية تأييد النظام، لم نكن نحمل له إلا الحُبَّ والإجلال.

رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وعوَّض المسلمين خيرا، ورزق أهله وأولاده وأحفاده الصبر والسلوان. *"فيس بوك" في: 21/مارس - آذار/2013م.

6

براءة العلامة البوطي من أكاذيب وافتراءات محمد خير موسى

محمد غياث الحموي (*)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فقد فُوجئت كما فُوجئ كثيرون بكاتب جديد يضاف إلى سلسلة كتّاب أخذوا على عاتقهم أن يأكلوا لحوم كبار العلماء في عصرنا مستندين إلى مجموعة من الشبهات والأكاذيب والافتراءات، فقد كتب المدعو محمد خير موسى مقالتين إحداهما بعنوان: البوطي الساكن في جلباب أبيه"، والثانية بعنوان: "البُوطِي؛ طباعٌ وسِماتٌ نفسيَّةٌ خلفَ المواقِف السّلوكيّة"، ومقالة ثالثة، وسنناقش بأسلوب علمي وموضوعي ما تناوله الكاتب في مقالاته.

يقول محمد خير موسى : "إنّ الحديث عن أستاذنا الدّكتور محمّد سعيد رمضان البوطي ..هو كالسّير في حقل الألغام؛ ..، ولكنّ شقَّ الطّريقِ في حقل الألغام هذا بل مسحه، هو مما لا بدّ منه؛ حتّى يُجابَ عن كثيرٍ من الأسئلة العالقة التي ما تزالُ تؤرّق كثيرًا من الشباب والكبار على حدًّ سواء، متعلّقة بتصرف وتعامل العلماء على مستوى المؤسسات والأفراد، لا سيما بعد الثورات.

أسئلة عن المواقف الصّادمة إذ تصدرُ عمّن بلغَ في العلم رتبةً عزّ نظيرُها في أعين النّاس، وعن التّصريحات المعاكسةِ تمامًا لما كانوا يترقّبونَه وينتظرونَه، وأسئلة عن البنية الفكريّة التي تنتجُ هذه القناعات والمواقف الصّادمة.
فكيفَ يساندُ عالمٌ كبيرٌ مثل البوطي بشّارَ الأسد في إجرامِه، وكيفَ يصفُ شبابَ الثّورات - وكثيرٌ منهم من روّاد مسجده وطلّابه- بأوصاف لا تليقُ ولم يخطر لهم ببالٍ أن يوصموا بها، من علّامة الشّام البوطي". اهـ من كلام الكاتب. ------------------------------------------------------------

(*) أحب أن أقدِّم اعتِذاري لأخي الأستاذ محمد غياث الحموي لعدم عُثوري على صورة له في الشابكة لأضعها؛ والعُذر عِندَ كِرامِ الناسِ مَقْبُولُ

أقول: (محمد غياث) ذكر الكاتب سبب تأليفه هذه المقالة أنه يريد أن يحلل سبب وقوف الدكتور البوطي مع الحكومة في إجرامها، وكيف وصف شباب الثورات بأوصاف لا تليق ولا تخطر لهم على بال، إذن فكل المقالات التي سيكتبها هذا الكاتب إنما هي تحليلات لهذا الأمر الذي يدَّعيه الكاتب :
ولنا هنا وقفة: فهل ساند العلامة البوطي قتل المتظاهرين وهل وصف شباب المعارضة بأوصاف لا تليق؟

*أقول وبالله التوفيق: هذا الكلام كله هُراء لا صحة له وهذا كلام العلامة البوطي بحذافيره، وقد وضعتُ له عناوينَ توضيحيَّة:

د. البوطي: لا يجوز للجندي أن يقتل المتظاهرين حتى لو قُتل :
وردَ الشيخ البوطي هذا السؤال على موقعه نسيم الشام :
شيخي الفاضل! أنا جندي في الجيش السوري وقد اختلفنا مع بعض هنا في حال إذا أمرنا الضابط المسؤول عنا بضرب المتظاهرين بالرصاص الحي هل نمتثل للأمر أم لا؟ وللعلم فإننا إن لم نقم بضرب المتظاهرين سنقتل حتمًا، ونريد جوابًا شرعيًّا فكلنا نثق بعلمكم لنعرف كيف نتصرف، نرجو الجواب بأقصى سرعة، وشكرًا.

أجاب الشيخ: نص الفقهاء على أن الملجَأَ (قلت أي المجبر) إلى القتل بدون حق لا يجوز له الاستجابة لمن يلجئه (قلت أي يجبره) إلى ذلك، ولو علم أنه سُيقتل إن لم يستجب له، ذلك لأن كلا الجريمتين في درجة الخطورة سواء، ومن ثم فلا يجوز للملجَأ إلى القتل تفضيل حياته على حياة برئ مثله. اهـ

د. البوطي يعلن على التلفاز قتل الناس حرام :
ورده السؤال التالي على موقعه :إلى أين تذهب سوريا ... ؟ أفتيتَ لأحد المُتسائلين أنه لا يجوز قتل المتظاهرين ...، لماذا لا تَظهر على التلفزيون وتُعلن وتكرر هذه الفتوى؟! والله لو أعلنت هذه الفتوى على شاشة التلفاز لحقنت الكثير من الدماء في سوريا؟!

8

أجاب الشيخ البوطي: قلت هذا من قبل، وقلته في آخر حديث تلفزيوني لي، ألم تسمع استشهادي في هذا بقول رسول الله: "وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَ فَاجِرَهَا، ولا يتحاشى مؤمنها، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ، فَلَيْسَ منْ أُمَتِي" (رواه مسلم وأحمد) هل هنالك تحذير وتحريم لما ذكرته من قبل أوضح وأقوى من هذا الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
توبة الجنود من قتل المتظاهرين لفتوى د. البوطي :
ورده السؤال التالي : فضيلة الشيخ الحبيب أنا مجند في الجيش السوري أطلقت النار على بعض المتظاهرين، بعد صدور الأوامر، فلا أدري من قتل ومن جرح، غير أني منذ ذلك الحين في عذاب وضيق صدر لا يعلمه إلا الله، حتى تأتي أفكار ولم أعلم بفتواكم في حكم الجندي الملجأ إلى القتل إلا مؤخراً. سؤالي: تطاردني الكوابيس المفزعة ليل نهار، وتفكر النفس كثيرا بالانتحار، هل يجب أن أقدم نفسي للقصاص، أم يجب علي الدية مع العلم أني لا أعلم من قتلت أو جرحت، أم ماذا أفعل؟

أجاب الشيخ البوطي: هوّن الأمر على نفسك، فإن ربك عز وجل أرحم مما تتصور. تقول: إنك لا تعلم من قتل أو جرح من جراء إطلاقك النار، فإذا كنت تقصد أنك لا تعلم هل كان ما أقدمت عليه سبباً لجروح أم سبباً لقتل، ولم تتأكد أن في الناس من قد قتل بسببك، إذن فالشرع لا يُجرِّمك ولا يُحمِّلك جريرة القتل، لأن الأصل براءة الذمة.

وفي هذه الحال يكفي أن تتوب صادقاً إلى الله تعالى، وأن تدعوا الله لمن تسببت لهم بالجروح أن يصفحوا عنك.
أما إن تأكدت أن في المصابين من قد قتل، فالمطلوب أولاً إعطاء الدية لأولياء المقتول، ونظراً إلى أنك لا تعرفهم، فالمطلوب منك أن تُعاهد الله إذا ظهر الشخص الذي قتلته وعرفته فستعطي ورثته الدية التي يطلبونها، ثم يطلب منك بالإضافة إلى هذا أن تصوم شهرين متتابعين، فإذا علمت أنك لا تطيق ذلك، فينبغي أن تخرج عن صيام كل يوم قيمة وجبة طعام لفقير من أوسط الوجبات التي تتناولها في بيتك. وكن على يقين بعد هذا بأن الله قد عفا عنك وغفر لك ذنبك وإياك أن تعود. انتهى.

9

قلتُ -محمد غياث الحموي-: لقد نهى عن القتل نهيًا صريحا، وأوجب على التائب من القتل دفعَ الديَة .
د. البوطي: الهروب من الجيش جائز إذا علم الجندي أنه سيجبر على قتل نفس بريئة :
ورده السؤال التالي: أنا كنت في صفوف الجيش السوري لغاية 2012م أكملت الخدمة الإلزامية سنة ونصف وعشرة شهور كاحتياط ولكن لم أتسرح فهربت، علما بأني لم أقم بالأعمال القتالية كي لا أتسبب في مقتل أحد، وإلى الآن أنا فارٌّ خوفا من الفتنة والقتل. هل يعتبر فِرارًا من الزحف علما أني هربت لأن الأمر اختلط علي واستخرت الله سبحانه وتعالى وتحت إلحاح الأهل والأقارب قررت الهرب .
أجاب عنه د. البوطي: إن عرفت أو غلب على ظنك أنك ستكلف بقتل نفس بريئة بغير حق، من خلال وجودك في الخدمة العسكرية، ففرارك مشروع، وإن علمت أنك ستُدعى إلى قتال الصائلين الذين يقصدون إلى العدوان على الأرواح البريئة، أو تخريب المنازل والبنى التحتية، أو اغتصاب البيوت من أصحابها، فالاستجابة واجبة، والفرار من هذا الواجب فرارٌ من الزحف، وقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن من قُتِل دون دمه أو ماله أو دينه فهو شهيد. انتهى.

د. البوطي: المُعتدي من جيش الدولة أو الأمن على العرض مجرم ودمه مُهدَر :
ورده السؤال التالي: السلام عليكم فضيلة الدكتور بارك الله لنا بكم وحفظكم وامد في عمركم فضيلة الدكتور انا من قرية الزيارة التابعة لجسر الشغور سيدي الفاضل الفقير لم يكن يوما مشاركا في مظاهرات ولن اشارك ولكن سيدي دخل الى بيتنا الجيش بعملية تفتيش وفتشوا الرجال والنساء وحتى الاطفال كان تفتيش النساء بطريقة مهينة ووضع ايديهم على اجسادهن ولمس اماكن العورة امام اعيننا اخي لم يستطع التحمل وهاجمهم بيده فما كان منهم الا انهم قتلوه فهل يعتبر شهيدا فنرجو منكم توجيه رسالة الى الجيش مع العلم ان قريتنا عشائرية وقد اقسموا اليمين على ان يأخذوا بالثأر جراء ما فعل الجيش بحقهم نرجو منكم التبيين سيدي فإننا نثق بعلمكم ولكم جزيل الشكر.

أجابه الشيخ البوطي :
إن هذا المجرم الذي تجاوز حدّ وظيفته إلى ممارسة عمله الغريزي صائل ولو أن أخاك عاجله وكان هو القاتل له، لكان دمه (أي الجندي) في شريعة الله هدرًا، ولتعلم يا أخي أن مثل هذه الأعمال يُدعى إلى القيام بها أناس لم يتلق كثير منهم تربية فكرية أو سلوكية، بل لا يخلو حشدهم من أراذل أصحاب الموبقات، ومن ثم فلا بدّ أن تتعرض البيوت الآمنة، أو بعضها لشيء من هذه الجرائم المؤسفة.

ذم ومدح العلامة البوطي للجيش السوري، وتفنيد شبهة وصف جنود الجيش النظامي بالصحابة
انتشر مقطع مبتور للدكتور البوطي ادعى فيه ناشروه أنه يصف القتلة من جيش الدولة بالصحابة، فهل ما زعموه صحيح؟.
الصحيح أن الدكتور البوطي وصف جنود جيش الدولة الذين قتلوا المتظاهرين و المدنيين بالمُجرمين ولم يصفهم بالصحابة، وقد مرَّت معنا الفتاوى الواضحة في ذلك، وأما المقطع المبتور فقد كان في معرض حديثه عن قتال قُطَّاع الطريق من الخاطفين واللصوص و من شابههم من الصائلين، وقد أوضح ذلك في فتواه السابقة عن جواز الهروب من الجيش إن علم أنه سيقتل نفساً بريئة وعن عدم جواز الهروب إن كان سيدعى لقتال الخاطفين واللصوص ومن شابههم ،وبيّن في فتوى أخرى أنه لا يقصد بذلك المعارضة المسلحة، فقال عن هؤلاء الذين يقاتلون هؤلاء الخاطفين أن لهم أجرا مثل أجر الصحابة، بشرط أن يتقوا الله و يرعوا حق الله في أنفسهم، و يتوبوا إلى الله جهد استطاعتهم، فوصفه هو لهذا الصنف حصرا من المسلمين الذين يقاتلون الصائلين بشرط التقوى، وهي تعني عدم سفك دماء الأبرياء، والامتناع عن كل الكبائر والصغائر، و القيام بكل الفرائض، وهو لم يساو بينهم وبين الصحابة وإنما قال: إنه سيكون لهم أجر كأجر الصحابة لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن من ورائكم أيامَ الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله مِنَّا أو منهم؟ قال بل منكم) أخرجه أبو نصر في كتاب السنة، والبزار والطبراني بنحوه.

11

ولكن كثيرا من الناس زعموا أن الشيخ يصف قتلة المتظاهرين بأنهم صحابة، وهذا كلام باطل كما بيَّنَّا، كما أنهم أيضًا بتروا كلامه، ولم يذكروا الشروطَ التي اشترطها لهذا الأجر .

*إذن، نتبين مما سبق: أن الكاتب محمد خير موسى كذب وافترى عندما زعم أن العلامة البوطي دعم قتل المتظاهرين، بل العكس هو الصحيح، فقد وجدنا بالأدلة القاطعة أنه حرّم وجرّم قتل المتظاهرين، حتى لو هُدّد الجُنديُّ بالقتل، ورأينا كيف أوجب الدية على من تاب، وأهدر دم الجنود في حال اعتدوا على أعراض الناس، وأباح الهروب من الجيش إذا علم الجندي أنه سيُدعى إلى قتل أنفس بريئة.

فالكاتب كما يظهر لا يعرف من موقف العلامة البوطي نقيرًا ولا قطميرًا، وإنما استقى موقفه من مواقع التواصل التي يكتب عليها من هبّ ودبَّ دون تحقيق أو تمحيص، ولقد شاهدنا حملة مسعورة ضد الشيخ رحمه الله في أوائل الأحداث؛ فاجتزؤوا من دروسه وخُطبه ما شاؤوا اجتزاء مُخِلًّا على طريقة (فويل للمصلين)، مُوهمين الناس أن الدكتور البوطي مؤيد للقتل، وضد الشعب، والعكس صحيح؛ ففتاواه تؤيِّد جانب الشعب لا جانب الحكومة، فكان المفروض على الكاتب الذي ادعى أنه سيكتب بعلمية وموضوعية أن يجعل أمامه قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فيتحقق ويتثبت، ولا يكون كبعض البسطاء والسُّذَّج يصدقون أي إشاعة، ويُبادرون إلى اعتماد أي مقطع، دون رجوع إلى الأصل، وكان عليه أيضا أن يُشاهد العديد من المقاطع، مع قراءة كل فتاوى الشيخ قبل أن يكتب ما كتب .
وأما ما ادعاه الكاتب أن الدكتور البوطي وصف المتظاهرين بأوصاف لا تليق ولا تخطر لهم على بال فهو يُشير بذلك إلى ذلك المقطع المبتور الذي انتشر في أوائل الأحداث وفيه يقول الشيخ البوطي: وجوههم لا تعرف الصلاة، جباههم لا تعرف السجود، وكانوا يُخرجون هذا الفيديو مع صور المُتظاهرين؛ لإيهام الناس أنه يتكلم عن المتظاهرين، فهل كان الدكتور البوطي يصف المتظاهرين بعدم الصلاة ؟؟؟

12

*أقول: إن أي شخص عنده تحليل دقيق وتفكير عميق، سينتبه إلى أن قول الشيخ "وجوههم لا تعرف الصلاة" فيه ضمير يعبر عن جماعة، ولا نعلم على من يعود، يقول وجوههم: فوجوه مَن يقصد؟ ولماذا لم يأتوا بأول المقطع؟ وكيف عرفتم أن كلمة "وجوههم" يعني بها وجوه المتظاهرين؟ وما دليلكم على هذه الدعوى؟ والجواب أنه لا جواب لديهم سوى سوء الظن بالعلماء وعدم التحقق .
والسؤال المطروح: هل هناك ما يدل على كذب هذه الدعوى من كلام الشيخ نفسه؟ الجواب نعم .
يقول العلامة البوطي في فيديو على موقع يوتيوب بعنوان موقف البوطي من منتقديه :
(لم أتهم المتظاهرين سواء المؤيدين أو المعارضين بأن جباههم لا تعرف السجود أو الصلاة) وقال أيضا: (نحن الآن أيها الأخوة نرى شيئًا غريبًا عجيبًا، عصر المونتاج وعصر الغرف السوداء وعصور غريبة وعجيبة جدا، صور لا أصل لها تركب، الآن وصل المونتاج لعندي، في أول أسبوع قامت به مسيرة كنت خطيب الأموي أثناء الخروج من المسجد كان في ثلة قليلة في مدخل المسجد من الداخل، أُناس لم يشتركوا في الصلاة ولكنهم كانوا ينتظرون خروج المصلين ولما خرج المصلون اندسوا بينهم و بدؤوا بالهتاف، طبعاً أنا قلت عن هؤلاء الناس أن جباههم لا تعرف السجود، كانوا ينتظرون في داخل المسجد ريثما يخرج المصلون، فيندمجوا فيهم، وكأن الكل يهتفون، ويأتي من يسقط كلامي هذا على كل المسيرات في كل المحافظات ويجعلني أتهم كل الناس بأنهم لا يصلون، هذا مثال للمونتاج الذي يُختلق بواسطته شهادة زور، هذا شيء لا نرضى عنه ولا يرضى الله عز وجل عنه). انتهى كلام د. البوطي.

وقد تكلم جورج صبرة عضو الائتلاف الوطني في فيديو منشور على موقع يوتيوب وهو ينتمي لأسرة مسيحية أنه ابنه في أوائل الأحداث في سورية كان يذهب إلى المسجد الأموي يوم الجمعة ليس للصلاة وإنما للتظاهر وهذا ما يؤكد صدق البوطي فيما قاله.

13

كما أحب أن أبين موقفه المُعارض للفساد؛ الذي يظهر من بعض الجهات الحكومية وبعض أياديه البيضاء، و الكاتب تغافل عنها ولم يذكر شيئًا منها وهي:
1- كان سبَبًا في العفو عن 150 من السجناء السياسيين حيث طلب ذلك من الحاكم.
2- تحدَّث مع النظام حتى قبل وجود المظاهرات عن مُشكلة الحريات، وعن مُشكلة الحِزب الواحد .
3- استنكر من الحكومة عرض مسلسل "ما ملكت أيمانكم ".
4- استنكر من الحكومة بعض المقاطع في مسلسل "بقعة ضوء" .
5- استنكر منع الصلاة في بعض قطع الجيش وقال: (أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى) في أحد دروسه .

6- استنكر من الحكومة تسريح مئات من المُنقَّبات من وزارة التربية.
7- استنكر العبث بمناهج التربية الإسلامية؛ ولا سيَّما في المدارس الخاصة.
8- استنكر قرار وزير الداخلية بعدم السماح لمدير الفندق بسؤال النُّزَلاء عن عقد الزواج إذا اصطحبوا نساء معهم.
وما سبق يُفَنَّد الكذبة الصَّلْعاء التي كذبها محمد خير موسى: أنه مُؤيِّد للسلطة؛ فكيف يكون ذلك؟! وهو قد جهر بإنكار الفساد قبل الناس جميعًا، وقبل أن يخرج مُتظاهر واحد في سوريا.
هل د. البوطي مع النظام؟ :
ورد الشيخ البوطي السؤال التالي: ما موقفكم من النظام في سورية؟ أجاب الشيخ :لست مَعْنِيًّا بالنظام السوري من حيث هو، ولكنِّي معنيٌّ بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما يأمر به الله ورسوله، وهذا ما قمت به من قبل، ولا أزال جهدَ استطاعتي، والقتل بغير حق من أكبر الكبائر التي يجب إنكارها .
*وقال في موضع آخر: لست مؤيدا أو معارضا، إنما أحذر من بلاء أعم .اهـ

14

هذا هو موقف الشيخ من الدولة، فكان من أشد معارضي الفساد، خلافا لما افتراه الكاتب، ولكنه مع التغيير بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بحمل السلاح، فقد كان الشيخ يُفتي بما أجمع عليه أهل العلم بناء على الأحاديث النبوية الصحيحة التي حرمت الخروج بالسلاح على الحاكم الظالم، والتي بلغت مبلغ التواتر المعنوي، كما يقول العالم الشوكاني، بل إن العلماء حرموا الخروج على الكافر إن كانت المفسدة بالخروج عليه أكبر من المفسدة بالبقاء معه، وهذه بعض النصوص النبوية الصحيحة التي تؤكد ذلك :
قال عليه الصلاة والسلام:

(من كره من أميره شيئًا فليصبر فإن من خرج من السلطان شِبْرًا مات مِيتةً جاهلية). رواه البخاري ومسلم.

(سأل سلمة بن يزيد الجعفي النبي عليه الصلاة والسلام: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثالثة فجذبه الاشعث بن قيس فقال عليه الصلاة والسلام: اسمعوا واطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حُمِّلتم). رواه مسلم.

قال عليه الصلاة والسلام: (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنُّون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع). رواه مسلم.

*ومن أقوال العلماء :
قال الإمام أحمد: لا يتعرض إلى السلطان؛ فإن سيفه مسلول .
و قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:

(وأما الخُروج عليهم- أي الحكام- وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد تظاهرت الأحاديث على ما ذكرته وأجمع اهل السنة انه لا ينعزل بالفسق).

15

ونقل ابن حجر العسقلاني رحمه الله عن ابن بطال: الإجماع على عدم جواز الخروج على السلطان الظالم وإن كان متغلباً فقال في الفتح:

(قال ابن بطال: وفي الحديث حجة على ترك الخروج على السلطان ولو جار- ظلم - وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء). فتح الباري 13/7.

*أقول: يتبين لنا مما سبق أن الحكم الذي أصدره الكاتب على الشيخ البوطي حكم باطل، وأراد أن يذكر تحليلات لهذا الحكم الباطل، وإذا كان الحكم فاسدا فما سيأتي من تحليلات ستكون فاسدة حتمًا، كالذي يصدق إشاعة بأن أمرًا مُعيَّنًا قد حصل، ثم يريد أن يذكر أسباب وقوع هذه الأمر الذي لم يقع أصلًا، وبذلك نكون قد وأدْنا مقالاتِه وما تضمَّنته من أباطيلَ وأكاذيب في مهدها .

*"منتدى الأصلين" 7/7/2020م.

*ملاحظة مهمة:

أتيت بأكثر مقالة الأستاذ محمد غياث الحموي؛ لأهميتها، وهو المتعلق بالرد على الأستاذ محمد خير موسى، وتجنيه على الشيخ البوطي في بعض مقالاته، وحذفت ربعها الأخير؛ لعدم تعلقه بالموضوع، ولتهجمه على الشيخ مجد مكي، و"رابطة العلماء السوريين".

16

fsgdgdgh10282.jpg

 

كلمة عدل وإنصاف في الشيخ د. محمد سعيد البوطي

للشيخ والمؤرخ الأستاذ محمد خير رمضان يوسف

قال الأستاذ محمد خير يوسف عن الشيخ د. محمد سعيد رمضان البوطي:

"... وكان وجها مألوفا على الساحة الإعلامية الإسلامية، وفي المنابر العلمية والتعليمية، ألقى دروسا تعليمية وتربوية في أنواع العلوم الشرعية، على مدى عقود في مساجد دمشق، وخاصة جامع سنجقدار، استفاد منها آلاف الناس، بل جيل كامل بجميع فئاتهم ودرجاتهم العلمية، وحتى العامة، وتابع نشاطه الديني في الإذاعات والتلفزيونات والقنوات الفضالية، وخاصة في مجالات العقيدة، والتفسير، والفكر الإسلامي عامة.

وألقى محاضرات، ورد على شبهات، وجادل وناظر، وصارع ولم يلن، إضافة إلى مشاركته، وإسهامه في ندوات ومؤتمرات على مستوى العالم العربي والإسلامي عامة، وكتابة مقالات في الدوريات العربية.

17

فلا ينكر فضله في نشر الثقافة الإسلامية والردّ على الشبهات على مستوى العالم الإسلامي، وكان له أثر واضح على تشكيل الثقافة الإسلامية، واهتمامات الناس الدينية، في المجتمع السوري خاصة.

والمثقفون العلمانيون يعملون له ألف حساب؛ لسعة علمه وقوة حجته.

وكان يرد على الشيعة، والعلمانيين، والشيوعيين، والمستشرقين، والقوميين، وأمثالهم.

وكان سنيا أشعريا شافعيا، مدافعا عن المذاهب الفقهية الأربعة.

وقف في وجه الآراء السلفية، ونبذ العنف.

ولم يتآلف مع جماعة الإخوان المسلمين.

وما كان تابعا لشيخ، ولا متعصبا لطريقة صوفية، وإن بدا روح التصوف في ثقافته، وحاصة من خلال شرح الحكم العطائية مرات، بل كان شخصية إسلامية مستقلة، مهتما بالعلم ونشره.

وكانت له مناظرة مشهورة مع الشيخ السلفي محمد ناصر الدين الألباني، نتج عنها انقسام كبير، شائك ومتجذر بين فئتين من المسلمين، أو تكريسه؛ هما فريقا السلفية والأشعرية ألف إثرها كتابه "اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية".

وما كان من أهل السياسة، ولا عارفا بخفاياها وأحابيلها ودهاليزها، ولكنه انغمس فيها؛ بتصريحات له ومواقف، لا تناسب مكانته العلمية مُنجَرًّا بذلك إلى التوجهات الحكومية في عهد حافظ الأسد، وابنه بشار؛ فحَطَّ هذا من مكانته وسُمعته الطيبة، بل إلى نبذه وعداوته عند كثير من أهل العلم والفكر؛ فلم يبق محمود الوِجْهة، حتى عند الأكراد؛ لأنه لم يكن في خَطِّهم، بل مع سياسة الدولة، ولذلك تهجَّمُوا عليه وأذوه.

18

وقد عرفت الدولة مكانة هذا الرجل عند الناس، ووزن كتاباته، وثقل جانبه العلمي، ونشاطه ودروسه، وقوة حجته؛ فهيأت له جيشا من المُخابرات؛ للإيقاع به وجره إلى صَفِّ الحكومة؛ فكانوا يحضرون دروسه، ويجعلون أنفسهم تلامذة له، ويطلبه حافظ الأسد إلى بيته، والتقى بأسرته لقاءات خاصة؛ منهم باسل وبشار، حتّى طُوِّق وشُدِّد عليه الخِناق، مما أولي من احترام وتقدير ومعروف، من أكبر رأس في الدولة؛ فلانَ لهم وبكى على حافظ الأسد لما مات!

ومع ذلك كانت عاطفته قوية نحوَ الإسلام ومبادئه؛ فقد طلب تحقيق مشروعات علمية كثيرة استجاب لها الأسد، وخاصة المعاهد الشرعية، ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، وما إليها... .

بل طلب منه أن يفرج عن جميع المساجين من الإخوان المسلمين إثر أحداث حماة المنكوبة، إلا أنه جوبه بجواب الأسد: أن أهالي المقتولين الذين فتكت بهم تفجيرات الإخوان لا يقبلون، ويقولون: هؤلاء قتلة أبنائنا عادوا!! وهو الذي فتك بأهالي سورية كلهم، وأكل خيراتهم، وأطعمها مُخابراتِه وجنودَهُ المُخْلِصين له.

وكان يعرف بُغض الشعب للأسد وحكومته؛ ولذلك ما كان يبوح بعلاقته معهم في أوائل عهده بهم.

وعندما أنشِئت مجلة (نهج الإسلام) الصادرة عن وزارة الأوقاف، وعليها صورة حافظ الأسد وأخيه (رفعت)، كان له فيها مقال؛ فانتُقد نقدًا شديدا من قِبل مُحِبِّيه المُتابعين لكتاباته ودروسه؛ فذكر أنه مقال قديم له، أخذته منه هيئة التحرير، وما إلى ذلك من الأعذار، ثم تتالت مقالاته فيها.

وكان يعرف مسلكه وخطورته، ويقول: إني أعرف بأنني انجررت معهم، ولكن أعرف أيضا بأن عقيدتي صافية لم تتأثر بشيء من هذه العلاقات.

19

ثم إنه لم يعُد يخفى على أحد ارتباطه بالدولة؛ فكان في فريق خاص مع المُفتي يُطلعهم المُخابرات على أسرار ما يجري، بتلفيقات أمنية وإخبارية ماكِرة؛ حتى لا يُصدِّقُوا ما تقوله المُعارضة، حيثُ بدا توجُّهه أكثرَ أثناء الثورة الشعبية على حكم بشار الأسد؛ الذي سلك مسلك أبيه في إذاقة الناس أنواع الذل وألوان القهر، وتطبيق الحكم الطائفي بكل أبعاده، والتوجه نحو إيران، وما يسمى بحزب الله الشيعي في لبنان، وجعل حكم المواطنين كلهم إن المخابرات، مع انتشار الفساد والجوع والبطالة ومنظومة التخلف بأبعاده؛ فكان المُتَرجَم لَهُ مع كل هذا في طرف الدولة، ويقول: إن هؤلاء الذين قاموا بالثورة هي حُثالة الناس، وإن الثورة "مؤامرة خارجية تقودها إسرائيل"، وأكبر منها!

وتتابعت تصريحاته من هذا النوع؛ بالوقوف مع الطاغية وأعوانه، حتى لجأ الناس إلى جمع كتبه في مدينة دير الزور، وأحرقوها استنكارا لمواقفه المنبوذة!

وانتهى إلى أن قُتل في تفجير وهو يعطي درسا في "مسجد الإيمان" في "حي المزرعة" في دمشق، مع أكثر من (40) آخرين وجرح ضعفهم، يوم الخميس 9 جمادى الأولى، 21 آذار(مارس)، ولم يُعرف مصدر هذا التفجير، وقد استنكرت المعارضة والنظام كذلك اغتياله، وتبادلا الاتهامات، كما استنكرت رابطة العلماء السوريين الحادث، ودفن بجانب قبر السلطان صلاح الدين الأيوبي.

وقد ظهرت صورته بعد مقتله في شريط فيديو، وتبيَّن أنه لم يُقتل في التفجير، ثم تقدَّم إليه شخص مُباشرة وصار بينه وبين الكاميرا- ورجَّحت المُعارضة ومُحَلِّلون كثيرون بأنه هو الذي أطلق النار عليه وقتله-؛ وذلك لأنه عارض الحكومة، ولم يتحمل ما توقعه بالشعب... ويكون بذلك خلط عملا صالحا، وآخَرَ سيِّئًا.

*"تتمة الأعلام"8/23- 24.

وسوم: العدد 1028