الأديبة الداعية أمينة قطب إبراهيم

sgsg1036.jpg

 (1927 - 2007م)

     هي أديبة وكاتبة؛ وشاعرة مصرية، وشقيقة الأديب والمنظر الإسلامي سيد قطب، وشقيقة الأديب الداعية؛وزوجة كمال الدين السنانيري.

وأختها الصغرى الداعية حميدة قطب .

حياتها:

   ولدت بمحافظة أسيوط في صعيد مصر عام ١٩٢٧م؛ وتربت في أسرة متدينة بين أب وأم على خلق ودين، وهي أخت سيد قطب؛ ومحمد قطب وحميدة قطب. انتقلت للعيش في القاهرة بعد وفاة والدها. 

اعتقلت لعدة شهور بالسجن الحربي مع أخيها سيد قطب.

  تزوجت من كمال السنانيري والذي حكم عليه بالسجن لمدة 25 سنة؛ وبعد خمس سنين من السجن دخل المستشفى قابل سيد قطب؛ وطلب منه لزواج من أخته أمينة؛ ووافقت أمينة رغم أنه ما زال أمامه عشرين سنة سجن؛ ولكنها أثبتت أن الإيمان لا تقف أي حواجز في طريقه؛ وكان عمرها عند الزواج عشرين عاما وبعد 17 عاما؛ وفي عام 1975 خرج كمال لزوجته الحبيبة أمينة ولكن تم اعتقاله مرة أخرى بعد ست سنين ومع شدة التعذيب مات في السجن في عام 1981م. 

  كتبت السيدة أمينة القصة؛ ونشرت في عدد من المجلات المصرية مثل الأديب والآداب والعالم العربي واشتغلت بعد وفاة زوجها وأخيها سيد بكتابة الشعر ولها ديوان باسم رسالة إلى شهيد الذي يصور مدى صبر أخيها وزوجها في وجه التعذيب ومدى ظلم وجبروت من خانوا الدين والوطن وعذبوا زوجها وأخوها ومئات من الشباب الطاهر.

  انتشرت قصيدتها «هل ترانا نلتقي» انتشار النار في الهشيم؛ وسارت بها ركبان الحُداة في وطننا العربي.. باكين ومبكين.. تقول الكلمات:

" هل ترانا نلتقـي أم أنهـا كانت اللقيا على أرض السراب؟!

ثم ولَّت وتلاشـى ظلُّهـا واستحالت ذكـرياتٍ للعذاب

هكذا يسـأل قلبي كلمــا طالت الأيام من بعد الغياب

فإذا طيفك يرنـو باسما وكأني في استماع للجـواب

أولم نمضِ على الدرب معًا كي يعود الخـير للأرض اليباب

فمضينا في طريق شائـك نتخلى فيه عن كل الرغـاب

ودفنَّا الشوق في أعماقنا ومضينا في رضــاء واحتساب

قد تعاهدنا على السير معـًا ثم عاجلت مُجيبًا للذهـاب

حيـن ناداك ربٌّ منعم لحيـاة في جنـان ورحـاب

ولقاء في نعيم دائم بجنود الله مرحى بالصحـــاب

قدَّموا الأرواح والعمر فدا مستجيبين على غـير ارتياب

فليعُد قلبك من غفلاته فلقاء الخلد في تلك الرحــاب

أيها الراحل عذرًا في شكاتي فإلى طيفك أنَّات عتـاب

قد تركت القلب يدمي مثقلاً تائهًا في الليل في عمق الضباب

وإذ أطوي وحيدًا حائرًا أقطع الدرب طويلاً في اكتئـاب

فإذ الليل خضـمٌّ موحِشٌ تتلاقى فيه أمواج العـذاب

لم يعُد يبـرق في ليلي سنًا قد توارت كل أنوار الشهاب

غير أني سوف أمضي مثلما كنت تلقاني في وجه الصعاب

سوف يمضي الرأس مرفوعًا فلا يرتضي ضعفًا بقول أو جواب

سوف تحذوني دماء عابقات قد أنارت كل فجٍ للذهـاب

وفاتها:

فاضت روح السيدة أمينة قطب في منزلها بالهرم في حوالي الساعة الخامسة مساء الأحد 8/نوفمبر/2007

أعمال أدبية:

ديوان رسائل إلى شهيد

ديوان مع القافلة.

أصداء الرحيل:

_ المرشد العام وقيادات الإخوان يشيعون الداعية الكبيرة أمينة قطب

    

الاثنين 8 يناير 2007 م.

كتب- أحمد رمضان

  شارك فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف اليوم الإثنين 8/1/2007م في تشييع جنازة الداعية المجاهدة الحاجة أمينة قطب الشقيقة الصغرى للشهيد سيد قطب المجاهد والقطب الإخواني، صاحب (في ظلال القرآن)، والذي أُعدم في الحقبة الناصرية من القرن الماضي.

  وأمَّ فضيلة المرشد العام المصلين في صلاة الجنازة عقب ظهر اليوم بمسجد الصبَّاح بحي الهرم، وحضر الجنازة الدكتور محمود عزت الأمين العام للجماعة، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد، والأستاذ سيد نزيلي.

  والحاجة أمينة قطب هي زوج الشهيد كمال السنانيري، والذي لقي ربه شهيدًا بعدما تعرَّض للتعذيب النفسي والبدني على يد زبانية السجن في 1981م، وكان الشهيد قد عقد على الفقيدة- رحمهما الله- أثناء وجوده في المعتقل، وكان للفقيدة ديوان شعر رثَت فيه زوجَها الشهيد كمال السنانيري تحت عنوان (رسالة إلى الشهيد).

  وقد كان للحاجة أمينة- رحمها الله- دورٌ دعويٌّ وأثرٌ ملموسٌ؛ حيث كانت همزة الوصل بين شقيقها الشهيد سيد قطب وبين الحاجة زينب الغزالي والإخوان، وقد اعتُقلت أكثر من مرة في العهد الناصري.

  وقد لقيت الفقيدة- رحمها الله- ربَّها مساء أمس الأحد في منزلها، وتتلقى أسرتها العزاء مساء اليوم الإثنين في منزل أسرة الشهيد سيد قطب في 44 شارع حيدر في حلوان جنوب القاهرة.

أمينة قطب وداعا اختاه.. كلمات بعد الرحيل

من وحي جراح القلم

عندما علمت برحيلها

لم أتمالك نفسي ووجدتني أفشل في حبس دمعتين تحجرتا في محجري فأطلقت سراحهما طوعا لا كرها….ولذت لصمت عميق قبل أن أبحر في زورق الذكريات التي حملتني لبدايات رحلتي الى الله… عندما كنا نرهف السمع للنشيد الاسلامي في شغف ونهم كانت كلماته شاعرية رقراقة تهزني من الأعماق.. كتبتها أخت فاضلة لم تزل تحتل مكانة رفيعة في القلب والوجدان.. إنها أمينة قطب شقيقة الفرقدين سيد ومحمد قطب

  تلك المنارة السامقة في سماء وسمو الأخلاق والتجرد لله ومعرفة الله ومعيته …

إن القلم يجاوز قدره وهو يخط كلمات ما بعد الرحيل….

كلمات وفاء وذكرى…

أنها إحدى الاخوات من الرعيل الاول في الخط النسائي للحركة الاسلامية

انها وبكل بساطة الأخت التي جمعت بين القدوة الرائعة في أبهى تجلياتها قدوة تتحرك ولكن في صمت تترجم الفكرة المتألقة إلى عمل بناء متواصل المدد والقيادة بالمواقف والثبات على العهد

  هي نبتة خير وعطاء ترعرت؛ وأزهرت في بيت آل قطب… وأنعم به من بيت وأكرم به من لبنةسامقة…

وكيف لا تكون أمينة قطب قدوةوقيادة

  ومثالا يحتذى وأنموذج الروعة التي تبهر بالاسلام والاسلام وحده….

  ماذا عساي أن أكتب من كلمات؛ وقد شق القلب حزنا بعد ان ترجلت هاته الفارسة النبيلة عن جوادها وهي تمضي في صدق لتلتحق بقوافل الراحلين الى عالم الغيب والشهادة

  ليت أمهات المسلمات وأخواتنا المؤمنات الطاهرات العفيفات يقفن وقفات تأمل عميقة في سيرتها العطرة وحركة عملها بين الناس بل وامتشاقها لليراع تكتب بإبداع وتنظم الشعر الماتع في سلاسة وعمق أخاذ ومبهر وتبدع القصة القصيرة فتعلو وتزهر

  وهي الى هذا وذاك شقيقة شهيد وزوجة شهيد وخالة شهيد

مع المحن كانت لها ألف قصة وغصة

  فقد تعرضت الأسرة لكثير من المحن، ففي عام 1954م حُكم على سيد قطب الشقيق الأكبر بالسجن لمدة 15 عامًا، وفي 1965م قبض على أفراد أسرة آل قطب كلهم، وعذبوا عذابًا شديدًا، ونصبت المحاكم العسكرية، وتولى الفريق محمد فؤاد الدجوي رئاسة المحكمة، وحكم على سيد قطب بالإعدام.

..

  وحكم عليها بالسجن 10 سنوات مع الأشغال الشاقة، قضت منها ست سنوات وأربعة أشهر بين السجن الحربي وسجن القناطر حتى أفرج عنها أوائل عام 1972م،.

  عندما كانت أمينة في شرخ الشباب وعنفوانه ومحنة الاخوان في أشدها وأخوتها ما بين المعتقلات والاقبية… تقدم لخطبتها امير دولة عربية

  فلم يهتز لها رمش أاو حاجب وقد أعرضت عنه الاعراض الجميل.. لأن مطلبها في الزوج كان بعيدا عن مطلب كل أنثى….

  وتلك وقفة للتأمل ونحن ما بين أحداث جسام ورسول يهان ودين مستبدل بشرائع بني علمان وهرج وهزيج مريج من الصخب

  هذا الموقف الرائع والصعب والمحرج يعني لنا الكثير والكثير ومن ذلك قوة وعمق مصادر التلقي التي نهلت منها أمينة فتاة وشابة

انها العودة الى الفطرة والفطرة وحدها

  تذكرنا أمينة قطب بتلك الفتاة المسلمة التي تقدم لخطبتها الصحابي الجليل جليبيب وكان ذميم الخلقة عميق الخلق… وقصته مشهورة في كتب السير..

  وكيف ان فطرة الفتاة دعتها ونادتها للظفر به زوجا وما الذمامة في الخلقة بشيء أمام سمو الاخلاق ومراتب الاستعلاء الايماني

فالقرد ذا قبح اذا زينته

والبدر لايحتاج للتزيين

  يكفيها من زواجها من جليبيب مقولة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء الغزوة التي ظفر فيها بالشهادة

ولكني افتقد جليبيا

  كلما وقفت عليها في إبحاري داخل بطون كتب سير الاعلام النبلاء بكيت بكاء شوق لتلك المرتبة السامية

ولكني افتقد جليبيبا

  كل الناس تفرقوا يطلبون قتلاهم واما جليبيب فلا أحد يبحث عنه فكان من علو منزلته عند الله جل وعلا افتقاد رسول الله لجليبيب

ولكني افتقد جليبيبا

امينة قطب انتظرت اطلالة فارس من فرسان النبل.. فرسان تحت راية النبي…

وطال الانتظار فأطل عليها خاطب جديد من العيار الثقيل دائما

ذلك العيار الثقيل الذي تلهث وراء الظفر به الكثيرات ممن ولعن وشغفن بالقشور…

جاء الخاطب يطرق بابها وهو سفير دولة عربية وجيه فأعرضت عنه ببساطة لم يتعوّدها من لم يشم ريح الإيمان ويتفيأ ظلال القرآن….

  .وكيف لا وأخوها الشهيد هو من فتح الله عليه بتفسير قوله تعالى{ ولا تهنوا ولاتحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين}

ذلك الاستعلاء بالايمان الذي يصل بالله في دقّ الأمور وجليلها فيترك في النفس طمأنينة وسكينة ورضا

وسرعان ما جاء من أقصى المدينة رجل يسعى في خطبتها فقير ولكنه غني جدا بعدة الايمان…

إنه كمال الدين السنانيري وكان يعمل في محطة القطارات فقبلت به بلا تردد

ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي النفس إذ أن الاعتقال طاله كبقية من قال {آمنا …}

وجاء وزار الفجر اقتادوه لخمسة دقائق امتدت لغياب دام 15سنة

فكانت امينة قطب قمة في الوفاء طال الانتظار, ولكن ما عيل صبرها ولم ترنو نفسها الى النكول لو للحظة فتور عابرة..

  يقول الشيخ عبد الله عزام رحمه الله وهو من أعلى طبقات الشهداء في العصر الحاضر

عن هاته الخطبة والوفاء

{انها اطول خطبة في الإسلام}

لأنها انتظرته 15سنة

  وبعد خروجه من بطن الحوت وإتمام مراسيم الزواج لم يمكث معها كمال الا قليلا وسرعان ما حزم حقائبه ليلتحق بالجهاد الأفغاني في الزمن الجميل العام 1980

  وبعد قرابة العام اقفل راجعا والأمل يحذوه لمواصلة تلك الرحلة مع زوجته ولكنه وجد نفسه مرة أخرى في بطن الحوت

  يمتد الألم ورحلة الجهاد والشقاء؛ ولكن أمل ورجاء أمينة كان في الله جل وعلا لقوله تعالى

 {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ويرجون من الله ما لا ترجون}

  ويلفظ كمال الدين السنانيري رحمه الله انفاسه الاخيرة في القبو…

  وتظل الرائدة في قمة صبرها قمة الشموخ في زمن الانكسار الذليل

  لزوجها كتبت أجمل وأروع القصائد تقطّع النياط من الألم العميق ..من قوة اللفظة وعمق العبارة وجزالة الكلمات جمعتها في ديوان شعر كان من أحب الكتب إلى قلبي إبتعته من إحدى المكتبات وظل معي زمنا طويلا

{رسائل الى شهيد…}

  من قصائد الديوان كانت أناشيد الزمن الجميل التي تذكرتها فسالت دموعي من الذكرى تقول امينة قطب رحمها الله

  وتلمس في شعرها تجسيد التصورات بكل صدق و إحساس و وصف للحركة الجهادية في الأمة في القرن الحالي و السابق و الآلام والصعوبات التي مرت بالأمة و التضحيات التي قدمت في سبيل هذا الدين

تقول لزوجها كمال :

هل تــرانا نلتقـــــي أم أنهـا كانت اللقيا على أرض السراب؟!

ثم ولَّت وتلاشـى ظلُّهــــــا واستحالت ذكــــرياتٍ للعذاب

هكذا يســأل قلبي كلمـــــــا طالت الأيام من بعـد الغياب

فإذا طيفــــــك يرنـــو باسـمًا وكأني في استماع للجــواب

أولـم نمـضِ على الدرب مـعًا كي يعـود الخـير للأرض اليباب

فمضينا فـــي طريــــق شائك نتخلى فيــه عن كل الرغاب

ودفنَّا الشــوق فــي أعماقنا ومضينا في رضــاء واحتساب

قد تعاهـــدنا على الســير معًا ثم عاجلت مُجيبًا للذهــاب

حين نــاداك ربٌّ منعـــــمٌ لحياة في جنـــــــــان ورحـــاب

ولقـاء فـــي نعيــــم دائـم بجنود الله مرحى بالصحاب

قدَّموا الأرواح والعمـر فدا مستجيبين على غـير ارتيـاب

فليعُد قلبك مـن غفلاتـــه فلقاء الخلد في تلك الرحـاب

أيها الراحل عذرًا في شكـاتي فإلى طيفك أنَّات عتـــاب

قد تركت القلب يدمي مثقلاً تائهًا في الليل في عمق الضباب

وإذ أطـوي وحيدًا حائــرًا أقطع الدرب طويلاً في اكتئاب

فإذ الليل خضـمٌّ مــوحِشٌ تتلاقى فيه أمواج العــذاب

لم يعُـد يبق في ليلي سنًا قد توارت كـل أنــوار الشهاب

غير أني سوف أمضي مثلمــا كنت تلقـاني في وجـه الصعاب

سوف يمضي الرأس مرفوعًا فلا يرتضي ضعفًا بقول أو جـواب

سوف تحذوني دماء عابقات قــد أنارت كل فـجٍ للذهـاب

وقالت:

شاقني صوتك الحبيبُ على الهاتف يدعو ألاّ يطول غـــيابي

شاقني أن تقول لي: طال شوقي قد غدا البيتُ موحشاً كاليباب

شاقــني ذلك النـــــداء حـــــنوناً فلتعـــــــودي لعالم الأحــــباب

شاقــــني أن تقــــول: حُبك بعداً لا تعــيـــدي بواعث الأســباب

  أمينة قطب الأديبة والقصاصة والشاعرة المسلمة أتحفت خزانة الادب الاسلامي بالكثير من أجمل إبداعها… وتركت بصماتها القوية في هذا الثغر المهم من ثغور الفكر والثقافة الاسلامية والانسانية

انتهت رحلتها الطويلة بوفاتها………

بلا صخب ولا وصب

  ما حز في نفسي وأثار شجوني أنني ولاعتبارات متعددة وطيلة الزمن الذي مضى ولن يعود كنت منفصلا عن معرفة ما حوالي من تطورات وأحداث… ومن جملتها أنني علمت بعد زمن على رحيلها .. خبر وفاتها العام 2007م… فعقدت العزم على كتابة هاته الكلمات التي لن توفيها قدرها مستحضرا ذكرى الرحيل

  دائما يرحل العظماء المسلمون الصادقون في صمت بينما الضجيج والصخب يعلو ان مات الحقراء التافهون

  ما أحوج اخواتنا السائرات في طريق الدعوة إلى تلمس سبيلها والاحتذاء بها فقد كانت رحمها الله منارة سامقة لاتبارى

رحم الله امينة قطب واسكنها فسيح جناته واسبغ عليها رحماته

كلماتي هاته قطرة في نهرهاته العملاقة في الادب والكلمة الصادقة

  تصب في بحر الاسلام والقيم لتضيف إليه مسحة من وفاء لمن سبقونا في الطريق ومضوا في الرحلة الى آخر الشوط

السجن المركزي القنيطرة

{{عندما غابت عنا الشمس}}

أمينة قطب.. شاعرة الشهادة والمعتقل 

 أبصرت أمينة قطب النور في قرية "موشا" بمحافظة أسيوط في مصر، ونشأت في أسرة كريمة متدينة.

وكان والدها الحاج "قطب إبراهيم" على حظ من الوعي والمعرفة والتنوُّر، وكان متديناً ووجيهاً في بلده.

وكانت أمها امرأة فاضلة ومتدينة، وكان القراء يرتلون القرآن في دارهم طوال شهر رمضان. وبعد وفاة والدها الحاج إبراهيم، غادرت أسرتها القرية إلى القاهرة واستقرت فيها.

اتصفت أمينة بالعديد من الصفات الطيبة، فهي امرأة فاضلة، داعية وأديبة وشاعرة، كانت مهتمة بالأدب، وخاصة في مجال كتابة القصة القصيرة.

وقد نشرت عدداً منها في المجلات الأدبية التي كانت تصدر في القاهرة، مثل مجلة الأديب، ومجلة الآداب، ومجلة العالم العربي، وذلك في سنوات 1947م إلى 1954م.

تجربة المعتقل!

ولجت المعتقل مع العديد من أفراد أسرتهاوظلَّت رهن الاعتقال في السجن الحربي فترة من الزمن، وتزوَّجت أمينة من المجاهد "كمال السنانيري"، وما لبثت أن فقدته شهيداً.

كانت أمينة في مطلع شبابها شغوفة بقراءة الشعر وحفظه، حتى إنَّها كانت تترك ما عليها من واجب دراسي وتسهر إلى وقت متأخر من الليل لتحفظ قصيدة أعجبتها.

وكان الجو من حولها يغذي ذلك الشغف بالشعر.. فكان شقيقها الكبير العائل والموجه شاعراً وكاتباً، وكان الشقيق الثاني شاعراً وكاتباً أيضاً.

كتبت أمينة بعد قراءة جيدة للشعر عدَّة أبيات تعبِّر فيها عن عواطفها وأحاسيسها، لكن تلك الأبيات لم تكن شعراً.

وبعد عدَّة محاولات لم تصل في نظم الشعر إلى شيء، واتجهت إلى كتابة القصة القصيرة، لكن قراءتها للشعر ظلت مستمرة.

وقد شجعها شقيقها الكبير "سيد" على المضي في هذا المجال، حيث كان ينقد لها ما تكتب ويبصرها بمسالك الدرب الذي رأى أنها تملك السير فيه، ووجهها ووجه باقي إخوته.

وهو بين جدران السجن، أن تأخذ كتابتهم الطابع الإيماني، وأن يكون تصورهم وأحاسيسهم ومشاعرهم بعيدة كلها عن تصورات الجاهلية واتجاهاتها في التعبير، في النثر والشعر.

ومن ثم كانت مجموعة أقاصيصها الثانية "في الطريق" محاولة أولية لإيجاد قصة نظيفة تأخذ طابعاً إنسانياً.

رباط داخل السجن:

وفي تلك الأثناء كان قد تمَّ الرباط بينها وبين المجاهد كمال السنانيري وهو داخل السجن، وكانت التجربة عميقة مثرية للأحاسيس والخيال والمشاعر.

وكانت كل زيارة تقوم بها أمينة للسجين المجاهد الصلب، تثري خيالها ومشاعرها بألوان الأحاسيس، فتضمنها قصة أو رسالة من رسائلها إليه، أو تضع الأقاصيص في مخابئها حتى يأذن الله بالخروج.

وتبت أمينة مجموعتين قصصيتين هما "تيار الحياة" و"في الطريق"، ولم تتجه إلى كتابة الشعر إلا بعد أن ارتبطت بالمجاهد السنانيري وهو في السجن إثر إحدى الزيارات التي كانت قد تأثرت فيها من كلام زوجها لها بأنَّ لها الخيار في اتخاذها موقفاً تراه مناسباً وتتجه لمستقبلها؛ لاحتمال أن يطول مكثه في السجن، والذي آلمها لقصر مدة الزيارة.

فبدأت بكتابة رسالة إليه تعتب فيها على "ذلك الحديث وذلك التفكير في أمر فك ارتباطهما" وهنا كما توضح أمينة وتقول: "وجدت كلماتي تخرج منظومة على غير تدبير مني".

زوج الشهيد!

وكانت أمينة قد كتبت عدة أبيات أعجب بها زوجهاً إعجاباً شديداً، وربما كان لذلك تأثير في معاودة نظمها الشعر، لا سيما أنَّ المناسبة تستدعي ذلك.. ومنذ تأثرها بكلام زوجها أخذت أمينة تنظم الشعر وتجيده.

وجاءت سنة 65 و 1966م لتحمل المصاب الجلل، وكان فيها من الأهوال ما يعجز الشعر والنثر عن وصفه أو التعبير عنه.

كانت تجربة عنيفة هائلة، صمتت فيها كل أوتار النفس، ولم تعد تملك الحديث..

وخرج شريك حياتها من السجن، ثم اعتقل مرة أخرى، ثم كان استشهاده الذي عُد انتصاراً له على الباطل، ومناراً للسالكين طريق الحق. أما الزوجة الصابرة "أمينة" فكان هذا الحادث شديد الوقع عليها، عميق الأثر في القلب والشعور، فكانت قصائدها صورة من صور التعبير لهذا الابتلاء.

ولوناً من ألوان المعاناة لهذا الفراق.. جاءت لتبرز قضية خالدة على مدى الزمان.. قضية الإيمان في مقابل الضلال، قضية العباد الذين يفردون الله سبحانه بالطاعة والعبادة، ويأبى عليهم إيمانهم أن يحنوا رؤوسهم لغير الله..

تزهر الأرض بالحق!

أمينة شاعرة إسلامية عانت الألم الذي يواجه دعاة الإسلام، وكان في أسرتها المعذب والسجين والشهيد، فجاء شعرها صورة لآلامها.. في ديوانها "رسائل إلى شهيد" صرخة استنهاض في وجه من تسميهم بالخانغين أو القطيع، أولئك الذين رضوا بالذلة والهوان..

وفيه مجموعة من القصائد جاءت كأنها رسائل وجهتها إلى الزوج الشهيد، وإلى السائرين على درب الحق رغم أشواك الطريق..

ففي قصيدة "في دجى الحادثات" تصف لقاء كيانين ألّفت بينهما العقيدة ووحَّد بينهما الإحساس المسؤول بثقل الرسالة وجسامتها ليتحركا في صبر الأباة المجاهدين صوب الهدف الذي أملاه الواجب الشرعي، تقول:

أو لم نمضي على الحق معا

كي يعود الخير للأرض اليباب

نتحدى ظلمات وطغاة

عبَّدوا الناس بإذلال الرّقاب

أبعدوا الدين سلوكا وحياة

وأرادوه سطورا في كتاب

فمضينا في طريق شائك

نتخلى فيه عن كلّ الرّغاب

ونعيش العمر ألوان عناء

في سجون قد أُعدت للعذاب

وفي قصيدة "من المنفى" كتبت أمينة عن الزوج الحبيب الشهيد، وتغنَّت بفرحة اللقاء قائلة:

شاقني صوتك الحبيبُ على الها

تف يدعو ألاّ يطول غـــــيابي

شاقني أن تقول لي: طال شوقي

قد غدا البيتُ موحشاً كاليباب

شاقــني ذلك النـــــداء حـــــنوناً

فلتعـــــــودي لعالم الأحــــباب

شاقــــني أن تقــــول: حُبك بعداً

لا تعــيـــدي بواعث الأســباب

المصادر: 

١_ موقع الموسوعة التاريخية الحرة.

٢_رابطة ادباء الشام عدد 839

٣_ إخوان أونلاين.

٤_ الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان في مصر.

٥_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1036