الأديب الداعية الدكتور محمد صلاح الدين حنطاية

dgfdsgggg1054.jpg

(١٩50هـ _ ٢٠١٩م)/ ( ١٣٦٩ _ ١٤٤٠هـ)

   هو الأديب الداعية العالم الأستاذ د. محمد صلاح الدين حنطاية.

مولده، ونشأته:

- ولد الدكتور محمد صلاح الدين حنطاية في شهر جمادى الآخرة للعام 1369 هجرية/ المصادف لشهر شباط/ فبراير من عام 1950 ميلادية بحي قسطل الحرامي في مدينة حلب.

   ونشأ د. محمد صلاح الدين حنطاية يتيم الأم حيث توفيت، وهو بعمر 12 من عمره,

فنشأ في أسرة كانت تعرف بانتمائها القومي، وكان جده زعيماً للأسرة ومشاركاً في السياسات إبان الحكم الديمقراطي في سوريا، ونهل منه الكثير من العلم بأحوال الناس وتصرفاتهم .

   عرف منذ صغر سنه -رحمه الله- بنهمه الشديد للقراءة، فلا يقع شيء تحت يديه إلا وقرأه، وقد قرأ في سن 16 سنة كتب صادق الرافعي، وقرأ كتاب في ظلال القرآن.. وعدة مجلدات أخرى .

   التزم دروس الشيخ أحمد عز الدين البيانوني حيث تثقف ثقافة إسلامية مميزة وتربية إسلامية انعكست عليه وعلى أسرته وبيته ومجتمعه .

الوظائف، والمسؤوليات:

   عمل مدرساً للغة العربية في قرى وأنحاء محافظة حلب منذ عام 1973م حتى تاريخ هجرته القصرية عن بلده سوريا عام 1980م.

   هاجر -رحمه الله- من سوريا مطلع العام 1980 بعد قيام حزب البعث وعصابة الأسد بمطاردة المتدينين بحجة الإرهاب وقتل الالاف من المدنين بمدينة حلب حيث رحل إلى مصر، ثم الأردن، ثم السعودية، ثم الإمارات، فاليمن، وقطر.

عمل مدرساً للغة العربية و أصولها والنحو والصرف بالمدارس والمعاهد العلمية والجامعات في البلدان التي استقر بها، وكان معروفاً بعلمه الوافر وخلقه الكريم وحيائه الشديد .

     مع انطلاقة الثورة السورية في العام 2011 كان رحمه الله من السابقين في دعم تحركات شعبه وطموحاتهم بالحرية والكرامة، وكان سخياً في مد يد العون بما تجيد به نفسه ومرؤته، وكان كثير الدموع على مصاب اهل سوريا من طاغيتها الاسد ابن الطاغية الأكبر. ولقد كان حزنه عميقاً اشد العمق ايام اجتياح حلب وقد ناله من جرائم الاسد الإبن من تدمير لمنزله واعتقال لإبنته وملاحقة امنية بعدم تجديد الجوازات وكان كل ذلك لا يثنيه عن قول الحق والصدع به وعدم الاعتراف بأن نظام الأسد الأب او الإبن نظام شرعي مخلص لسوريا وأهلها رغم وقف الأقارب ضده قبل غيرهم إلا ان عنده قول الحق مقدم على المنفعة الشخصية والدنيوية.

   انتقل للعيش بتركيا بمدينة مرسين في العام 2016م عند ولده الدكتور حذيفة حنطاية وبعد انتقاله بعدة أيام توفي ولده الدكتور حذيفة حنطاية إثر حادث أليم مما فتح له باب اخر من ابواب الحزن لم يغلق حتى وافته المنيه رحمه الله.

الدراسة، والتكوين:

تخرج رحمه الله من كلية الأداب بجامعة حلب قسم اللغة العربية – ليسانس عام 1976

حصل على دبلوم الدراسات الإسلامية من القاهرة 1978م.

حصل على الماجستير في اللغة العربية، ثم الماجستير في التربية.

ثم حصل على الدكتوراه باللغة العربية في فرعها النحو والصرف في العام 2001م.

اعماله الفكرية:

١ - راجع ودقق العديد من المخطوطات والمؤلفات للإمام الشوكاني اليمني مع المحقق القدير ابو مصعب حلاق.

٢- تحقيق لمخطوط كتاب عمدة ذوي الهمم على المحسبة في علمي الكتاب والقلم لابن هطيل اليمني.

٣- تحقيق كتاب اللغة العربية لابن حمزة اليمني.

٤- مراجعة كتاب إعراب القرآن الكريم على وجه واحد.

٥- برامج المحادثة بالفصحى والتي اعتمدت منهجية ببرنامج قطر الخيرية لتعليم اللغة العربية بالممارسة .

٦- عدة ابحاث في اللغة العربية مدونة على صفحته بالفيس بوك وصفحة الأدب الخاصة به.

٧ - برنامج اللغة العربية على اليوتيوب عدة حلقات فقط.

حياته الأسرية:

تزوج من ابنة خالته التي رافقته طيلة حياته حتى وافته المنية، وقد أنجب منها: ياسر، ومحمد، والشهيد د. حذيفة حنطاية، الذي توفي إثر حادث أليم عن عمر يناهز 26 عاماً، وقد كان ولده حذيفة المشرف التقني، ويؤسس لبرنامج اللغة العربية لطلبة الجامعات يتداول على الانترنت كمرجع إلا أن هذا المشروع لم يكتب له النجاح .

وفاته:

   توفي د. محمد صلاح الدين حنطاية يوم الخميس 24 ربيع الآخر 1440هـ/ الموافق في 3 / 1/ 2019م عن عمر ناهز 70 سنة هجرية، في مهجره بمستشفى باجلر الحكومي، ووري الثرى بمدينة اسطنبول بتركيا، بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء، والتعليم والغربة.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

   كتب الأستاذ زهير سالم يقول: توفي صبيحة هذا اليوم في مستقر هجرته الأخير (إسطنبول) الأخ الداعية العالم العامل محمد صلاح الدين حنطاية رحمه الله تعالى وألحقه بالصالحين ..

   عرفته لسنين طويلة داعية لطيفا ودودا محبا للعلم وأهله متخلقا بأخلاق الكرام من العلماء في تواضعه ودماثته وعذوبة حديثه ولطف مدخله ومخرجه وتجويده وإتقانه وغيرته على دينه ودعوته .

صحبنا، وصحبناه في سنوات الهجرة الطويلة فما زاده تقلب الأيام وتنكر الليالي إلا صبراً وثباتاً ويقيناً ..

   نسأل الله له القبول وأن يغفر له، ويرحمه، ويعلي نزله، ويخلفه في أهله خيراً ..

   وأتقدم بأحر مشاعر العزاء والمواساة لأسرته وأنجاله لياسر ولإخوانه وأحبابه والسائرين على دربه.

اللهم عوض المسلمين وأهل سورية في مصيبتهم خيراً ..

   إيهِ أبا ياسر أسأل الله أن يجمعنا على ما وعدنا ..على منابر الحب فيه، واللقاء عليه، نستودعك الله الذي لا تضيع عنده وديعة، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا:

إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب الشيخ مجد مكي على صفحته يقول في رثائه:

   رحم الله أخانا العالم الهادئ الصالح الفاضل اللغوي الأديب الواعي محمد صلاح الدين حنطاية.

   نشأ الأخ الكريم الراحل في جامع أبي ذر، وتربى في مدرسة الشيخ أحمد عز الدين البيانوني، وخرج من حلب في الثمانينيات .

   وهو خريج كلية اللغة العربية بحلب، ونال درجة الدكتوراة، وأقام في اليمن فترة طويلة، ودرس فيها.

ثم انتقل إلى قطر .

   وقد تعرفت على هذا الأخ الحبيب، ولمست منه التواضع والعلم والوعي والحب لإخوانه.

   وكان يعمل في جمعية قطر الخيرية لسنوات.

ثم انتقل أخيراً إلى تركيا بعد انتهاء عقده، وفجع هناك بفقد ابنه حذيفة عن عمر 26 سنة في ليلة الثلاثاء 26/01/2016 إثر حادث مروري .

ومن تابع صفحته وجد فيها الكثير من آرائه وتحليلاته.

رحمه الله تعالى وتقبله في عباده الصالحين

وتنظر روابط بعض مقالاته المنشورة في موقع رابطة العلماء السوريين:

هل العالم الصوفي الأشعري يسير في ركاب الطغاة

حديث في الفتنة.

الإعلام المصري.

هل السلفية حزب سياسي أم انتماء لمنهج علمي ؟‎

وكتب صاحبه وصديقه الأخ الحبيب مصطفى بلال ( أبو معاذ) هذه الكلمات:

( رحم الله أخانا التقي النقي الصالح كما عرفناه خلال صحبة خمسين عاماً ما رأينا منه إلا كل خير رقيق الحاشية غزير الدمعة، بكاء محبا لله ورسوله ودينه داعيا إلى الله بحاله وقاله بالحكمة والموعظة الحسنة .

كان كبير النفس عزيزها يتألم لما حلَّ بالمسلمين من محن، جوادا في عطائه لسد حاجة محتاج، ولكف دمعة يتيم وآهات أرملة، يمنع الخير عن نفسه ويجود به لغيره من الذين{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}.

شديد التواضع هين لين مع الناس يتواضع لإخوانه ويحنو عليهم كحنو الأم الرؤوم على فلذات أكبادها

وكان شغوفا بالعلم والمطالعة، كثير القراءة والدراسة يقضي الساعات بين الكتب ويرى في ذلك لذة ما بعدها لذة.

عين مدرسا في مدينة منبج، وكان يقضي جل وقته في المركز الثقافي بين الكتب حتى قال له أمين المركز: مرَّ علي شخصين في هذا المركز نهمين قلَّ كتاب لم يطَّلعا عليه أنت والشاعر محمد منلا غزيل رحمهما الله تعالى

   كان شديد الغيرة على العربية محبًّا لأدبائها يعيش تارة مع الجاحظ وأخرى مع أبي حيان معرِّجا على أساطين النحو .

   وقد أكرمه الله تعالى بتحقيق كتابين في النحو لنحاة من اليمن فترة إقامته هناك مدرسا في المعاهد والجامعة وختم حياته في تعليم اللغة العربية بالمحاكاة.

   وحصل على شهادة الماجستير في ذلك، وأعد رسالة الدكتوراة غير أنه لم يناقشها لبعده عن وطنه في هجرة قسرية لم تستغرق سوى أربعين عاما من عمره المبارك .

   اللهم تغمده بالرحمات. فقد وفد عليك ونزل في ساحة جودك وكرمك وأنت خير منزول به. يا رب فأكرم نزله وأكرم وفادته. واجعل قراه منك الجنة .

   ارحم غربته وأكرم شيبته ولقنه حجَّته ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده وارحمنا إذا صرنا مثله، واجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب صاحبه وصديقه الأخ الدكتور عبد المجيد البيانوني:

إنّا لله وإنّا إليه راجعون .. والحمد لله تعالى على كلّ حال ..

توفي يوم الخميس 24 من ربيع الآخر 1440 الموافق 3 / 1 / 2019 الأخ الحبيب الدكتور محمد صلاح الدين حنطاية، عن 70 عاماً، في استنبول بمستشفى باجلر الحكومي ... وقد جلست لأكتب كلمات أرثي بها نفسي على فراق أخي الحبيب أبي ياسر، الدكتور محمد صلاح الدين حنطاية، أكرمه الله بأعلى الفردوس مع الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم .. فاقتحم القلمَ الشعرُ .. وابتعد النثر .. وكأنّه يقول لي: لا يليق بك أن ترثي الأديب إلاّ بما كان يؤثر من الأدب .. فأرسلت للقلم العنان .. ونحّيت التكلّف عن الميدان .. أيّها الأحبّة: إنّ علاقتي بالأخ الحبيب أبي ياسر تنوف عن خمسين عاماً، اجتمعنا فيها على الحبّ في الله تعالى، لنصرة دينه، وإعلاء شريعته، وطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وعلى مائدة شيخنا التربويّة الدعويّة، أستاذنا ومربّينا، الشيخ أحمد عزّ الدين البيانوني، رحمه الله تعالى، وأعلى منزلته عنده ..

وها أنذا أكتب في رثاء أخي بدموع قلبي لا بمداد قلمي هذه القصيدة:

يعذر المرء إن جفاه كراه * * *   لمُصاب بقَلبه أصماه

بأخي أبي ياسر صلاح الديـ * * * ـن نعم الفتى الأوّاه

جمعَ الله قلبَنا في رضاه * * * فَلهُ الحمدُ ربُّنا في علاه

في سبيل الهدى ونصرة دين * * ومع الشيخ أحمد وسناه

وافترقنا في حبّه ما انتقصنا* * من هداه وما ابتغينا سواه

إيه يا خلّ يا خليل فؤادي* * عهدنا الحُبّ كم رعينا حماه

ونهلنا من القلوب صفاء* * لم تكن في الهوى تروم سواه

كم طوينا مع الهداة زمانا * * * وغنمنا أوقاتنا في رضاه

ومضينا مع الهوى لا نبالي* * أعلنَ اللومَ مُعرضٌ أم طواه

إيهِ يا أخي وبلسَمَ رُوحي * * كنت للقلب أنسَه وشِفاه

لستُ أنسَى مجالساً كنتَ فيها* * تُغدقُ الودّ والهوى تَرعاه

كنتَ للصدق مَعلماً لعُلاه * * * كنتَ للبرّ راعياً ودواه

لم تكن بالودّ يوماً ضَنيناً * * *.   لم تُفارق وفاءَه ونقاه

رحم الله شيخنا إذ رعانا * * وسَبيل الهدى بحبّ سَقاه

منه قد أغدق الإله علينا * * *   نَفَحاتٍ تحفّنا برضاه

كم نهلنا خلائق الحبّ منه * * * وسَعِدنا بما يُحبُّ الله

وجنينا وَعياً ورُشد فُؤاد* * وانتصاراً للحقّ عزّت خطاه

يا إلهي إنّي لأشهد حقّاً * * * لأخي الصدقَ والهدَى وتُقاه

فاقبل الله ما شَهدنا شَفيعاً* * وتجاوز عن أخي ما جَناه

وأنله الرضا بخالص فضل * * * إنّما العبدُ ذُخره مَولاه

الأستاذ الممتاز صلاح الدين حنطاية في ذمَّة الله:

ويقول د. محمود عكام في رثائه: صورتُه ماثلة أمام ناظري، كلما ذكرته وتذكَّرتُه: مكوِّناتها وَداعة وسماحة، وأنسٌ وجدّ وفهمٌ وبحث وعلم، هو صالحٌ والصلاحُ الفعلي لَبوسه بل شعاره ودثاره، عرفتُه في جامع أبي ذرّ يومَ كنَّا نغرف بحبٍّ من مَعين شيخنا الجليل المربي أحمد عزّ الدِّين البيانوني رضي الله عنه.

نعم عرفتُه لأنَّ شخصيَّته قابلةٌ بشكلٍ عجيب لأن تُعرَف بمجرَّد أن تراه أو تجلس معه وإليه، وكثيراً ما كان يتحدَّث معي سراً عن طموحه العلمي المعرفي والأدبي، وأحسستُ يومها أنه واعدٌ بذلك، فقد كان يقرأُ بفهمٍ ويتابعُ ويثابر ويكتبُ ويحضِّر وكل ذلك وضمن مسار الهدوء والأنس إلى أن حقَّق الله له جُلَّ ما طمح ونشد، ولو أنَّه عاشَ سنواتٍ أكثر لنالَ ما تمنَّى وأكبر، لكنَّها إرادةُ الله ومشيئته وحكمتُه، فكُن يا مولانا به رؤوفاً وله راحماً وعليه راضياً وتقبَّله مع أهلِ التقوى فإنَّك أهلُها والمغفرة.

   (يا أيَّتها النَّفسُ المطمئنَّة ارجعي إلى ربك راضيةً مَرضيَّة، فادخُلي في عبادي، وادخُلي جنَّتي).

حلب

6/2/2019م

   رحم الله الأديب الداعية د. محمد صلاح الدين حنطاية رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

مصادر الترجمة:

١_ رابطة العلماء السوريين.

٢_ مركز الشرق العربي.

٣_ صفحة د. محمد صلاح الدين حنطاية على الفيسبوك.

٤_ موقع د. محمود عكام.

5-مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1054