الكاتب والمربي الأستاذ عبدالرزاق دياربكرلي!!
رجال في ذاكرتي :
علماء - أدباء - دعاة
جمعتنا الفكرة والهدف ، والزمالة في جامعة حلب ، وقد كان رحمه الله في الدفعة الثالثة في كلية الآداب - قسم اللغة العربية ، مع أخينا محمد هدى قاطرجي رحمه الله ! وكنت مع الزملاء أحمد الخراط وعصام قصبجي وفاروق الغباري وعثمان مكانسي وعبدو لاطة ، ومحمد فاتح رشيد ، وعمر علبي في الأولى ، وضمت الدفعة الثانية زهير سالم ومحمد رشيد العويِّد وحسني ناعسة ويحيى مصري وبدر الدين قصاص وغيرهم !
جامعة حلب في أواخر ستينيات القرن الماضي منذ افتتاح كلية الآداب وأوائل السبعينيات شهدت ويشهد لها كل من عايش تلك الفترة شباباً يحملون الإسلام في قلوبهم محبة وولاءً ، وفي عقولهم فكراً وثقافة ، وفي سلوكهم تطبيقاً والتزاماً ! وفي حواراتهم اعتدالاً ووسطية وانفتاحاً !
كانوا نجوماً !ومن يستطيع أن يعد النجوم ، من حلب المدينة ،ومن الأرياف المجاورة ، ومن المحافظات المختلفة !
إذا ذُكروا يهزُّ الشوقُ قلبي وتملأمقلتيّ دموعُ حزني !
فأين عصام قصبجي ، وأين فاروق الغباري ، وأين عدنان شيخوني ؟ وأين محمد هدى قاطرجي ، ومحمد رشيد الطويل ؟ وأين حسني ناعسة ، وأديب صالح ،ومحمد رشيد العويد ، وأحمد فوزي الهيب ، ونوري بارتجي ، ومروان خصيم ... وأين وأين ؟
أصحو على همي ، وأذكر إخوةً بالأمس ، كانوا زهوةَ الإسلامِ
وأنام - لاواللهِ مافارقتهم .....- فجميلةً تغدو بهم أحلامي !!
قدمت إلى حلب من جسر الشغور طالباً في المرحلة الثانوية ، ثم في جامعتها ، فوجدت فيهم الأهل والصديق والأخ ، وتخرجت فيها ، وعُيّنت في قرية بعيدة ! فلايأتي يوم الخميس ، حتى أكون في حلب ، في بيت الأخ الحبيب فاروق ... ويتوافد الأحباب ، ويحلو اللقاء ، ويطيب النقاش والسمر في مجلس لاتؤبن فيه حرمة ، ولاينتهك فيه خُلق ولا أدب !!
قضيناها سنوات ماتعة تضمنا اللقاءات الأدبية والفكرية والدراسية ودراسة في كتاب ، ومناقشة لقضية !
قلوب اجتمع أصحابها على المودة والخير ، ويشاء الله أن يكون الأخ عبد الرزاق عريف لحفل عقد قراني بحلب في جمع يزينه الشيخ محمد النبهان وشيخنا عبد الباسط أبو النصر وأساتذتنا إبراهيم عاصي ومحمد الحسناوي ومحمد فاروق البطل ، فحيا ورحب وبارك ، وقدمني لألقي قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم !
وفي أحد الأيام قدمت إلى حلب على غير ميعاد ، فلقيني أخ فاضل ، وصحبني إلى منطقة السبيل ، ومضى بي إلى بناية الشيخ طاهر خير الله - رحمه الله - لحضور حفلة زواج الأخ عبد الرزاق الذي ألح أن ألقي قصيدة في المديح النبوي ، كان قد سمعها في أمسية على مدرج كلية العلوم الاقتصادية ، جاءت بعد كلمة عن الزواج في الإسلام لشيخنا أبي سعد عبد الله علوان - طيب الله ثراه !
ثم غادرنا أبو علاء عبد الرزاق متعاقداً للتدريس في المملكة العربية السعودية ، والأخ محمد هدى إلى الكويت ... ومضت الأيام والسنوات نتنسم أخبارهما إلى أن قدر الله أمراً بعد أحداث الثمانين فجئت متعاقداً للتدريس في المعهد الثانوي بالجامعة الإسلامية في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ! فلم ينسيا عهدا ، ولم يضيعا ودا ، واتصلت حبال المودة التي لم تنقطع، ففتح لي الأخ محمد هدى أبواب مجلة المجتمع للكتابة في الزاوية الأدبية ، وكان مديراً للتحرير ، فكان من ثمرة ذلك كتبي : في مواجهة الغزو الإعلامي ، وأثر القصة في الطفل المسلم ، وقبضة من حروف ، ورياحين القلوب !
واقترح الأخ عبد الرزاق اسمي لإخراج موسوعة القصص التربوي، على دار منار الرائد للاستشارات التربوية والتعليمية ، وكان مديراً تنفيذياً فيها ، وقد تابع الموسوعة تحت إشراف الدكتور حيدر الغدير ، وتوجيه الدكتور عبد الحميد أبو سليمان ، فجاء العمل في ثلاث مجلدات / ١٠٠٠/ صفحة ، وكذلك موسوعة الأناشيد التربوية ، فكان رحمه الله لايضن بملاحظة ، نختلف حيناً ، ونتفق أحياناً ، ونسعى في الحالتين إلى خدمة الأدب الإسلامي والجيل المنشود ! رحمك الله أبا علاء أخاً حبيباً وصديقاً ناصحاً! ترك فقده لذعة في قلوب إخوانه ومحبيه ، وفراغاً في ساحة التربية ! وماأكثر مافقدت هذه الساحة من رجالات وإخوة كرام !!
توفي - رحمه الله تعالى - في مدينة الرياض في ٥/٤ / ١٤٣٩!! ودفن فيها ، معروفاً له قدره ، مشهوداً له فضله !
وسوم: العدد 1127