الدكتور محمد فريد عبد الخالق

محمد فاروق الإمام

الدكتور محمد فريد عبد الخالق

موسوعة الإخوان المسلمين وبيت سرهم

محمد فاروق الإمام

[email protected]

رحل عن عالمنا، الدكتور محمد فريد عبد الخالق، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين, وسكرتير مؤسس الجماعة الإمام الشهيد حسن البنا، وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، مدير عام دار الكُتب والوثائق القومية سابقًا.. رحل يوم الجمعة الموافق 12 نيسان 2013 عن عمر يناهز ال 98 عام, وتم تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، من مسجد الحصري، يوم السبت الموافق 13 نيسان 2013.

حصل على درجة الدكتوراه من قسم الشريعة بكلية حقوق جامعة القاهرة عام 2009، وهو في الرابعة والتسعين من العمر،  وكان عنوان الرسالة "الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان"، وقد دخل بذلك الإنجاز موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية كونه أكبر باحث في السن يحصل علي درجة الدكتوراه في العالم، متفوقا على صاحب اللقب السابق الذى كان عمره 91 عاما.

الشرقيةة في الثلاثين من تشرين الثاني لعام 1915م مولد الدكتور "فريد عبد الخالق"، حيث انتقل بعد ذلك مع عائلته إلى مدينة القاهرة وأكمل دراسته في معهد التربية العالي وتخرج منه عام 1936م، ولقد جمع في دراسته العليا بين القانون والشريعة، والعلوم والرياضيات.

كما أنه كان خطيبًا وشاعرًا وباحثًا ومفكراً، وبعد تخرجه عمل مديراً عاماً لدار الكتب المصرية ودار الوثائق القومية في السبعينيات، ثم وكيلاً لوزارة الثقافة لشئونهم.

يعتبر فريد عبد الخالق واحداً من الرعيل الأول للإخوان المسلمين أكثر من مرة بمحاولة قلب نظام الحكم قبل الثورة وبعدهاا .

تعرف محمد فريد على الجماعة بعدما سمع الإمام "البنا"  يلقي كلمة في احتفال إسلامي بمدينة "إيتاي البارود" بمحافظة البحيرة عندما كان في زيارة لصهره الأستاذ "صلاح شادي"، ويصف الأستاذ "فريد" ذلك اللقاء بقوله: أنه منذ سمع الإمام "البنا" في هذه الاحتفالية، قد تغير وجدانه وانقلب تفكيره حيث وجد ضالته في جماعة قربت المسافات بين الالتزام الديني والواجب السياسي، وفي رجل يقودها له طريقته التي تميزه عن مشايخ وعلماء الدين، رغم أنه أحدهم، كما كان له أسلوبه السياسي المميز والخلاب، الذي اختلف اختلافًا شاملاً عن كلام رجال الأحزاب والسياسة الذين تجمعهم المصالح وتفرقهم الواجبات، ويصف الأستاذ "فريد عبد الخالق" شعوره بعد اللقاء الأول مع الإمام "البنا" بأنه أوصله لأن يكون مسلمًا نافعًا يجعل مصلحة وطنه من العبادات مثلها مثل الصلاة والزكاة .

تولى الدكتور فريد أحد الأقسام المهمة في الجماعة وهو قسم الطلبة، ثم اختير عام 1948م عضوا في الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين، كما أنه كان عضوا بمكتب الإرشاد، وليس ذلك فحسب بل عمل لفترة سكرتيراً للإمام حسن البنـا، ويعتبره الكثيرون "كاتِـم أسرار" الجماعة وأحد "الآباء الرّوحيين" للكثير من شباب الإخوان.

كان الأستاذ فريد عبد الخالق أيضًا أحد القيادات التى اختارت المرشد الثاني للجماعة المستشار حسن الهضيبي عام 1951م، وهو أحد الذين تفاوضوا مع جمال عبد الناصر قبل وبعد قيام ثورة يوليو/تموز عام 1952م.

ويعتبر أحد الشخصيات الهامة التي عاصرت وعايشت الثورة في مهدها، ثم اكتوت بنارها بعد ذلك.

وترجع أهمية شهادة الأستاذ "فريد عبد الخالق" إلى أنه كان صديقًا للرئيس الراحل "جمال عبدالناصر"، كما أنه هو الذي أبلغ المستشار "حسن الهضيبي" - المرشد العام للإخوان المسلمين وقتها- بموعد الثورة وحصل على تأييده وتأييد الإخوان للضباط الثوار.

اعتقل الأستاذ فريد عبد الخالق أكثر من مرة فقد اعتقل بعد مقتل الخازندار بتهمة أنه كان المسئول عن قسم الطلبة وأن من قام بهذا الحادث بعض الطلبة غير أنه أفرج عنه بعد فترة لعدم ثبوت التهمة عليه، وأيضا وبعد حل الجماعة في 8 كانون الأول من عام  1948م تم اعتقاله هو وكثير من الإخوان وتعرض للتعذيب على يد زبانية إبراهيم عبدالهاديرئيس الوزراء آنذاك- أو ما سمي عصره بالعسكري الأسود، ولم يخرج إلا بعد أن أقال الملك إبراهيم عبدالهادي.

وبعد قرار حلِّ الجماعة الذي أصدره قادة الثورة أوائل عام 1954م اعتُقل في كانون الثاني عام 1954م مع جميع قيادات الإخوان، ثم أُفرج عنه في آذار، ثم اعتُقل مرةً أخرى فيتموز عام 1954م بعد حادث المنشية الذي وقع في تشرين الأول 1954م، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات في القضية التي اتُّهم فيها الإخوان المسلمون بمحاولة قلب نظام الحكم واغتيال جمال عبدالناصر، ثم أُفرج عنه عام 1958م بسبب ظروفه الصحية.

للدكتور فريد عبدالخالق كثير من المؤلفات الموجودة فى المكتبات ويعتبر أول نتاجه العلمي بحث قيم بعنوان: أساسيات في موضوع "الإسلام والحضارة"، وألقي في "الندوة العالمية للشباب الإسلامي" بالرياض عا 1979م، وبحث بعنوان "الإخوان المسلمون.. فكرة وحركة" وألقي في ندوة البحرين بتكليف من مكتب التربية للخليج العربي عام 1984م، ثم  "الإخوان المسلمون في ميزان الحق" كتاب صدر له عام 1987م، وتلاه "مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك" ملحمة شعرية عام 1993م، وتبعه "ديوان المقاومة" تقديم فهمي هويدي عام 2003م، ثم "تأملات في الدين والحياة" عام 2003م، وأخيرًا "في الفقه السياسي الإسلامي" عام 2007م.

قدم الدكتور رسالة الدكتوراه وكان موضوعها "الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان" وحصل عليها وعمره تجاوز 94 عاماً، ولقد وصفها بقوله:

أعترف بأن الرسالة أخذت وقتًا طويلا، ربما بسبب اعتقالي لعدّة مرات، فضلا عن وجودي خارج مصر لفترات طويلة، لكن ما أودّ أن أقوله، إنه منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه العمل بتلك الرسالة وأنا شَـغوف لأن انتهي منها، بسبب أهميّـتها الشديدة جداً هذه الأيام ولمعرفتي بأن المجتمع في أشدّ الحاجة لموضوعها، فكل القوى الموجودة في المجتمع باختلاف اتِّـجاهاتها الفكرية، يسارية ويمينية وإسلامية وحتى الليبرالية هي بحاجة إليها.