صفحات من طفولة الأستاذ محمد فتح الله كولن

حازم ناظم فاضل

[email protected]

* المعلمة الأولى

كانت والدة «فتح الله» المعلمة الأولى له ، فكان لها دور أساس في تربية إبنها وتقويم سلوكه ومعالجة أخطائه بما لها من شعور إيماني رفيع، وعشق ومحبة تجاه القرآن الكريم وتعليمه، وإحساسها الرقيق تجاه الجيل الجديد والنسل القادم.

 تقول والدته :« كان فتح الله طفلاً ذكياً جداً بحيث لو قرأ الموضوع مرة أو مرتين حفظه ».

وتقول أيضاً: «في أيام صغره وأنا أعلمه، كان يختبئ أحياناً كي لا يقرأ الدرس. فأخرجه من مخبئه وأضربه ومن ثم أنصحه وأعلمه. وبعد فترة بدأ يقرأ بنفسه وأحب القراءة لم تحدث مثل هذه الأمور بعد ذلك»(1).

وتذكر أيضاً: «بعد ما يؤدي أولادي صلاة الجمعة ويرجعون إلى البيت، كنت أسألهم: عن ماذا تحدث والدكم (في الوعظ)؟ يجيبني «صبغة الله» قائلاً: أمي، بعدما خرجت من الجامع نسيت كل شيء. أما «فتح الله» فينقل ما قاله والده في الموعظة كلمة بكلمة، ومن ثم يقول: أفديك بنفسي يا أمي، لا تقصي هذا على والدي ..أرجوكِ. فإن حدّثت والدي عمّا أنقله عنه فسوف لا أقص عليكِ بعدها شيئاً. وأنا أيضاً كتمتُ أمر ولدي ولم أحدث أباه بشيء مما قال» (2).

ختمه القرآن الكريم

يقول الأستاذ «فتح الله» :«والدتي هي التي علمتني قراءة القرآن الكريم. فحسب إفادتها أنها علمتني قراءة القرآن الكريم وأنا أناهز السنة الرابعة من عمري، وتقول بأنني قد ختمت القرآن الكريم وحفظت قصار السور خلال شهر واحد ولكنني لا أتذكر ذلك. فأولموا وليمة لجميع أهل القرية. والذي أتذكره من ذلك اليوم هو؛ أن رجلاً خاطبني قائلاً: «اليوم يوم عرسك». فاستحييت وبدأت أبكي.

وكانت والدتي توقظني من النوم بعد انتصاف الليل وتعلمني دروساً خاصة في قراءة القرآن الكريم خفية بمعزل عن رقابة الرقباء حيث لم يكن مسموحاً بقراءة القرآن الكريم أو تعلم اللغة العربية بأمر الدولة .»(3).

المحافظة على الصلاة

وكان محافظاً على صلاته منذ صباه الأول، فلم يذكر أنه ترك صلاة واحدة قط، منذ أن شرع في التتلمذ على والدته.

يذكر لنا الاستاذ «فتح الله»: «إنني لم أنسَ أبداً، عندما كنت في الثامنة من العمر دخلت فراشي للنوم ولم أؤدِ صلاة العشاء، فلم أكن أعلم ما سببت لها من الغضب بتصرفي هذا إلى هذا الحد، وعلى الرغم من أنها لم تستعمل يدها معي لتضربني إلاّ أنها أنهضتني من الفراش ورفعت يديها إلى السماء داعية وقالت: إلهي، عبد عاصٍ متمرد في بيتي، فقد دخل فراشه الدافئ قبل أن يؤدي الصلاة، فالذي أتمناه أن أجده في الصباح بارداً متخشباً قد فارق الحياة»(4). فكان لها دور أساس في تربية إبنها «فتح الله» وتقويم سلوكه ومعالجة أخطائه بما لها من شعور إيماني رفيع، وعشق ومحبة تجاه القرآن الكريم وتعليمه.

لبيك يا رسول الله

عندما ناهز الأستاذ «فتح الله» السابعة من عمره شوهدت حالة غريبة حيث يقوم من فراشه منتصباً في منتصف الليل ويقول: «لبيك يا رسول الله» .

فحسب ما صرحت والدته «رفيعة خانم» أنه كان يقول هذا الكلام بكل صدق وإخلاص:«لبيك يا رسول الله» وكأنه واقف أمام الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم).

وعندما تنتابه حالة من هذه الحالات تقوم والدته من فراشها كالحمامة الطائرة بشفقة أم حنون على ابنها وتطمئن عليه (5).

وعندما رحلت عائلة الاستاذ «فتح الله» إلى قرية «آلوار» بقيت «رفيعة خانم» وحيدة فريدة ليس معها أحد كي تساعدها في أمور المنـزل إلاّ «فتح الله»، كان يقوم بكافة الأعمال المنـزلية كعجن العجين وطبخ الطعام وغسل الملابس وتنظيف المواعين، إضافة إلى ذلك يستمر في حفظ القرآن الكريم مع أنه كان يبلغ من العمر حينها تسعة أو عشرة أعوام.

رعي الأغنام

كان الاستاذ«فتح الله» يرعى الأغنام حوالي قريته، وهو في  السن السابعة من العمر ، وكان يتأبط كتابَه ويحتضنه بشوق غامر، فيختلي بمناجاته في جلوات المراعي، يلتهم بروحه الصفحات تلو الصفحات، ويدس في أعماق صدره الكتاب تلو الكتاب ولم يكن يعلم اللغة العربية ولكنه في هذا العمر بدأ بقراءة الخطوط والكتب العثمانية !(6).

انخراطه في المدرسة

في عام 1946 افتُتِحَت أولُ مدرسة ابتدائية في القرية وانخرط فيها«فتح الله» مستمعاً لصغر عمره حيث لم يبلغ السن القانوني.  واستمر بالدراسة مدة سنتين ونصف السنة، ولكنه مع ذلك أثبت أنه كان أذكى من كل زملائه وأوعى! ولم يزل أثناء دراسته الابتدائية محافظاً على صلاته، مرتبطاً بمواقيتها بصورة عجيبة!.

يذكر الأستاذ «فتح الله» خاطرة عن سنواته الدراسية :

«إنني التلميذ الوحيد في المدرسة الذي يؤدي فريضة الصلاة، وبما أنني كنتُ أصلي وأنا في الخامسة أو السادسة من العمر فقد كانوا يخبؤني في السراديب خوفاً من انكشاف أمري.»(7).

المعلم الملحد

وفي المدرسة صادف معلماً، كان يمنعه من أداء صلاته، ويطارده من أجلها حتى في أوقات الاستراحة!

 ولكن بقدر ما كان المعلم يسخر بالدين وأهله، ويُشدد الحصار على براءة الطفل الوديع، كان «فتح الله» أشد ارتباطاً بصلواته، وأكثر إصراراً على الحضور بمواعيدها؛ مما أفشل جهود المعلم الملحد ، فأثار ذلك كله حفيظته وأذكى غضبه، فجعل يسخر من الطفل وينعته بلقب «الْمُلاَّ!» وكل ذلك إنما كان يزيد «فتح الله» محبة في صلاته!(8) .

المعلمة«بَلمَا اوزباتور»

  كانت معلمة لطيفة حقاً.. جاءت من إسطنبول، وعندما رأت «فتح الله» اكتشفت فيه مخايل العبقرية فاهتمت به اهتماماً خاصاً. وقد زادها خُلُقُهُ الرفيع وأدبُه الجم حباً له وتقديراً ! فلم تزل تلاطفه وتواده إلى أن فارق المدرسة..

كانت تنظر إليه أحياناً، فتقول بأسلوب التنكير، مشيرةً إليه أمام التلاميذ جميعاً:

«سيأتي يوم يتجول فيه ضابطٌ سَامٍ على جسر غلَطَة!»(9)..

 فكانت المعلمة «بَلمَا» تغمض عينيها ثم تتخيل هذا الفتى ذا العبقرية الخارقة، قد كبر وترقى بمراتب الدراسة، كما يترقى الجندي البسيط بالمراتب العسكرية، حتى يحوز على الألقاب العليا؛ فيكون من كبار الضباط! وتشاهد الفتى بخيالها وهو يتدرج من قريته النائية الصغيرة، شيئاً فشيئاً إلى أن يصير من الخواص بمدينة إسطنبول متنبئة للطفل بمستقبل زاهر، يكون فيه أحد أعلام الفكر والثقافة في البلد لما كانت تراه من «فتح الله» من نظام وترتيب وذكاء ومتميز في دروسه واهتمامه بهندامه.

ولا ينسى «فتح الله»أبداً ذلك اليوم الذي أحدث فيه التلاميذ ضجة وفوضى في قاعة الدرس،فعاقبتهم المعلمة،ولم يدر الطفل كيف وجد نفسه وسط جماعتهم وهو ليس منهم؟! فجعلت تضربهم واحداً واحداً، حتى إذا جاء دوره للعقوبة ووقف أمامها، قالت له: «حتى أنت!» فأخذت شحمة أذنه ثم أرسلته ولم تضربه(10).

يذكر الأستاذ «فتح الله» هذه الواقعة قائلاً: «انني لا أنسى هذا التأديب من معلمتي لي أبداً إلى اليوم فقد أخذت بشحمة أذني، وارسلتني وقالت كلمتها التي لا أنساها: «وأنت أيضاً؟»..فهذا الكلام أثر بي تأثيراً عميقاً جداً، فلو عاقبتني بأي عقوبة كانت لم تكن تؤثر بي بهذا الشكل.»(11).

وكم كان أسف المعلمة «بَلمَا» كبيراً لما فقدت الطفل بعد ذلك في الصف! وإنما كان السبب رحيل أسرته الصغيرة من قرية «قوروجك» إلى قرية «أَلوارلي»، حيث صار أبو «فتح الله» إمام القرية الجديدة، فاضطر الطفل للانقطاع عن الدراسة في منتصف الصف الثالث!

ذات مرة زار قريته الأولى حيث الجد والأعمام، فأبصرته المعلمة ونادته بتَرَجٍّ:

- «فتح الله»!.. لقد نقلتك إلى الصف الرابع، ما رأيك؟ ألا تستأنف الدراسة؟ ..هكذا بلا امتحان، ولا حتى إتمام لما فاته من برامج الصف الثالث كان رجاؤها أن يتحقق حلمها فيما رأته من عبقرية هذا الطفل الصغير، ولكن دون جدوى. فقد اختار «فتح الله» طريقاً آخر! فكان ذلك آخر عهده بالمدارس الرسمية. ولم يتتبع مسلك الشهادات والبرامج المقررة، وإنما اكتفى بالشهادة الابتدائية، التي حصل عليه -فيما بعد- بالمشاركة الحرة في أرضروم.

إلى قرية آلوار

انتقلت العائلة إلى قرية «آلوار» لأن والده كان إماماً في تلك القرية عام 1949،فلم يكمل الأستاذ «فتح الله» دراسته في قرية «قوروجك» وبدأ بدراسة العلوم الدينية في قرية «آلوار» إمتثالاً لرغبة «الشيخ الألوارلي» في ذلك كما أفضى بها إلى والده رامز أفندي قائلاً : «علينا أن ندّرس هذا الطفل»(12).

لقاء فتح الله جده شامل

بعد أسبوع واحد من رحيل الأسرة الصغيرة إلى قرية «آلوار».. ولم يكن قد جاوز «فتح الله» التاسعة من عمره .

وإنه ليذكر كيف كانت فرحته عظيمة عندما أمره والدُه بالذهاب إلى «قوروجك» لجلب بعض أغصان الصفصاف، من حديقة بيت الأسرة الكبير كي يغرسها  أمام بيته في «آلوار».

كان الطفل قد بلغ به الشوق إلى «قوروجك» حد الجنون! فلم يكد الوالد ينتهي من كلماته، حتى انطلق «فتح الله» يركض في اتجاه قريته الحبيبة!  كان يشعر وكأنه يطير؛ بما يجد من خفة ساقيه ونشاط خطوه السريع! ودخل «فتح الله» الحديقةَ واندَسَّ ببدنه الصغير بين الأشجار!  فإذا به يبصر جده «شاملاً » وهو واقف بين يديه ..خَطا الجد نحو الحفيد خطوات.. ثم احتضن الغلامَ بكلتا يديه وأجهش بالبكاء..! ما ان رأى «فتح الله» جده ، كلمت نفسه حينها : «جدي شامل يبكي؟»..لأنه كان رجلاً مهيباً يخاف منه أهل القرية.وكلما تذكر فتح الله هذا اللقاء تدمع عيناه(13).. وجعل الجد شامل يردد كلمات من الشعر التركي الحزين، شعر رسخت أبياته في ذاكرة «فتح الله» ألماً لذيذاً لم ينسه قط:

«قد غادرت الوردةُ المكان..

ورحل العندليب!

فكيف يطربنا ضحك؟..

وما يجدينا النحيب؟»(14).

حفظه القرآن الكريم

بعدما فارق الأستاذ «فتح الله» التعليم المدرسي أشرف والده نفسه على تحفيظه القرآن الكريم فكان يحفظ عشر صفحات أي نصف الجزء يومياً من القرآن وأصبح حافظاً للقرآن وهو أبن عشر سنوات.

يذكر الأستاذ «فتح الله» بانه حفظ القرآن الكريم مرتين :

المرة الأولى: بمساعدة وتعليم والده وهو في العاشرة من عمره ولكنه نسي ما حفظه لعدم تكراره له ولظروف خاصة.

المرة الثانية: في شتاء عام 1980 حيث حفظ القرآن الكريم خلال أربعة أشهر (15).

قرار مقاطعة التدخين إلى الأبد

وليس ينسى «فتح الله» أبداً ذلك الدرس التربوي الهادىء الذي تلقاه يوماً من والده ،فكان درساً عملياً بليغاً، كفيلاً بجعله يتخذ قرار مقاطعة التدخين إلى الأبد! .

يقول الاستاذ «فتح الله» عن نفسه :

«عندما بلغت سني الرابعة عشر أو الخامسة عشر بدأت بالتدخين لمدة شهر تقريباً، أما والدي فقد عرف وأحس بأنني أمارس عادة التدخين، فلم يواجهني بذلك وجهاً لوجه، ففي أحد الأيام أخرج علبة سجاير من جيبه –وقد أخذها من تحت وسادتي- وجلس أمامي واضعاً رِجلاً على رجل وأشعل سجارته بقداحتي.

فاستحييت استحياءاً لم أستحِ مثله من قبل قط وبدأت أعرق وتمنيت في تلك الساعة أن تنشق الأرض وأُدفن تحتها ولا أتعرض لمثل ما تعرضت له.

 فهذه الحادثة أصبحت عبرة وسبباً في تركي عادة التدخين منذ تلك الفترة« (16) .

اللهم توفني حتى أرى جدي وجدتي

بينما كان «فتح الله» بمدرسة«قورشنلي» منهمكاً في مطالعة كتاب«المراح» في علم الصرف، كان الطلبة من حواليه يتهامسون بشيء..! ففهم من هيأة نجواهم أنهم يحاولون إخفاء خبر ما عنه. لكنه ما لبث أن طار إلى سمعه من تخافتهم أن جده «شامل» وجدته «مؤنسة خانم» قد توفيا هذا اليوم -بقرية «قوروجك»- في ساعة واحدة. فطار «فتح الله» مِن عَلَى الأرض فَزِعاً، وازَّلزلت به الأرضُ زلزالاً شديداً، وكأنما الدنيا كلها قد انهدمت فوق رأسه، فتَحَطَّمَ كُلُّ شيء من كيانه.

ولكن المأساة كانت أعظم بالنسبة إليه لَمَّا وصل القرية، فعلم أنهما قد دفنا قبل وصوله، وانتهى كل شيء، فلم يحضر «فتح الله» مراسيم الجنازة والدفن كان ذلك بداية عام 1954، توفاهم الأجل في نفس اليوم بفارق ساعة بين كُلّ وفاة (17). توفيت جدته ومن ثم بعد مرور ساعة تقريباً توفي جده رحمهما الله.

 كانت «مؤنسة خانم» مريضة طريحة الفراش، فقبيل وفاتها بساعة.. تنادي زوجة ابنها وتنهض من الفراش بمساعدتها وتتوضأ ومن ثم تؤدي صلاة العصر وتقول وهي تقصد زوجها: «نحن الأثنين لم نأخذ نصيبنا من الدنيا كاملة، جنازتنا ستبقيان هنا هذه الليلة ». وتنطق بكلمة التوحيد وآخر كلمة تتلفظها «الله» وتسلم روحها إلى العلي القدير.

 أما جده «شامل آغا» فكان جالساً في الغرفة الثانية ولا تظهر عليه أمارات الوفاة، ولم يكن يشتكي من أي مرض.

 فأهل البيت انشغلوا بوفاة المرحومة «مؤنسة خانم» وإذا بهم يسمعون صراخاً من الغرفة الثانية حيث يصرخ أحد أحفاده وهو يبكي: «مات جدي.. مات جدي»..

بقيت الجنازتان في تلك الليلة في البيت ودفنتا في اليوم الثاني في مقبرة قرية «قوروجوك».

يقول الأستاذ «فتح الله»: إن جدي «شامل آغا» كان بالنسبة لي كل شئ في حياتي، أما جدتي «مؤنسة خانم» فلا أستطيع أن أتصور العيش من دونها. ولكن الآن الاثنان يتوفيان معاً وبفارق ساعة بينهما ،وكيف أتحمل الحزن والأسى والفراق عنهما... لا أدري!

وبكى «فتح الله» على جديه طويلاً..!

 لم يستطع أن يصدق أن جده الأثير قد فارق الدنيا إلى الأبد فعلاً، ولا أن جدته الصالحة قد غادرته من غير كلمة وداع! فقد كان حبه لهما غير عادي، وكانت علاقته بجده العظيم موصولة بلغة الروح والوجدان، فصعب على قلبه الغض هذا الفراق الأليم حتى إنه جعل يدعو صادقاً: «اللهم توفني حتى أرى جدي وجدتي!»(18).

               

 M. Fethullah Gülen,Kaset 17, Elmalı dersleri.(1)

   M. Fethullah Gülen : Kaset 17 Elmalı dersleri.(2)

  Küçük dünyam ,S.25.(3)

  Himmeti milleti olan insan, S.19.(4)

   Himmeti milleti olan insan S.24.(5)

  M. Fethullah Gülen : Sohbet , 23.6.1995.(6)

M. Fethullah Gülen : Sohbet ,10.4.1994.(7)

Gurbetteki öğretmen ,S.24.  Küçük dünyam ,S.33.(8)

Gurbetteki öğretmen, S.23.(9)

Gurbetteki öğretmen, S.23.  Küçük dünyam , S.34.(10)

M . Fethullah Gülen , Bamteli , Kiraat.(11)

    Küçük dünyam, S.35.(12)

  M . Fethullah Gülen , Sohbet  5.2.1996.(13)

    Gurbetteki öğretmen,S.23  .  Küçük dünyam,S.34.(14)

   M . Fethullah Gülen , Prizma -4 , S.157.(15)

  Küçük dünyam ,  S.24.(16)

  Gurbetteki öğretmen , S.15.(17)

  M. Fethullah gülen bir portre denemesi, S.492.(18)