جميل صدقي الزهاوي

محمد فاروق الإمام

الشاعر الفيلسوف

محمد فاروق الإمام

[email protected]

جميل صدقي بن محمد فيضي الزهاوي شاعر وفيلسوف عراقي كبير كردي الأصل، يرجع نسبه إلى أسرة بابان وهي من الأسر المشهورة في شمال العراق، التي يرجع نسبها للقبيلة العربية بني مخزوم، وولد جميل الزهاوي في بغداد يوم الأربعاء 29 ذي الحجة 1279هـ/9 حزيران 1863م ، وبها نشأ ودرس على أبيه وعلى علماء عصره، وعين مدرساً في مدرسة السليمانية ببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضواً في مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديراً لمطبعة الولاية ومحرراً لجريدة الزوراء عام 1890م، وبعدها عين عضواً في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى إستانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها وتأثر بالأفكار الغربية، وبعد الدستور عام 1908م، عين أستاذاً للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإستانبول ثم عاد لبغداد، وعين أستاذاً في مدرسة الحقوق، وأنضم إلى حزب الاتحاديين، وأنتخب عضواً في (مجلس المبعوثان) مرتين، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضواً في مجلس الأعيان. ونظم الشعر بالعربية والفارسية منذ نعومة أظفاره فأجاد وأشتهر به.

كان له مجلس يحفل بأهل العلم والأدب، وأحد مجالسه في مقهى الشط وله مجلس آخر يقيمه عصر كل يوم في قهوة رشيد حميد في الباب الشرقي من بغداد، وأتخذ في آخر أيامه مجلساً في مقهى أمين في شارع الرشيد وعرفت هذه القهوة فيما بعد بقهوة الزهاوي، ولقد كان مولعاً بلعبة الدامة وله فيها تفنن غريب، وكان من المترددين على مجالسه الشاعر معروف الرصافي، والأستاذ إبراهيم صالح شكر، والشاعر عبد الرحمن البناء، وكانت مجالسه لا تخلو من أدب ومساجلة ونكات ومداعبات شعرية، وكانت له كلمة الفصل عند كل مناقشة ومناظرة، ولقد قال فيه الشيخ إبراهيم أفندي الراوي وفي قرينه الرصافي:

مقال صحيح إن في الشعر حكمة ... وما كل شعر في الحقيقة محكم

وأشعر أهل الأرض عندي بلا مرا ... جميل الزهاوي والرصافي المقدم

 

كان الزهاوي معروفا على مستوى العراق والعالم العربي وكان جريئاً وطموحاً وصلباً في مواقفه، فاختلف مع الحكّام عندما رآهم يلقون بالأحرار في غياهب السجن ومن ثم تنفيذ أحكام الإعدام بهم فنظم قصيدة في تحيّة الشهداء مطلعها:

على كل عود صاحب وخليل ... وفي كل بيت  رنة  وعويل

وفي  كل  عين  عبرة  مهراقة ... وفي كل قلب حسرة وعليل

كأن الجذوع القائمات منابر ... علت  خطباء عودهن نقول

 

 

دافع الزهاوي عن حقوق المرأة وطالبها بترك الحجاب وأسرف في ذلك ، حيث قال :

أسفري  فالحجاب يا ابنة فهر ... هو داء في الاجتماع وخيم

كل  شيء  إلى التجدد ماض ... فلماذا   يقر   هذا   القديم؟

أسفري فالسفور للناس صبح ... زاهر  والحجاب  ليل  بهيم

أسفري  فالسفور فيه صلاح ... للفريقين   ثم   نفع   عميم

زعموا أن في السفور انثلاماً ... كذبوا  فالسفور  طهر سليم

لا يقي  عفة الفتاة حجاب ... بل  يقيها   تثقيفها   والعلوم

 

 

 

 

 

وقال أيضا :

مزقي يا ابنة العراق الحجابا ... أسفري فالحياة تبغي انقلابا

مزقيه  واحرقيه  بلا  ريث ... فقد  كان  حارساً   كذابا

 

وكتب فيه طه حسين: "لم يكن الزهاوي شاعر العربية فحسب ولا شاعر العراق بل شاعر مصر وغيرها من الأقطار.. لقد كان شاعر العقل.. وكان معري هذا العصر.. ولكنه المعري الذي اتصل بأوروبا وتسلح بالعلم..".

وهناك شارع سمي باسمه يقع في الأعظمية قرب البلاط الملكي وهذا الشارع يربط بين الطريق إلى جامع الإمام الأعظم ومنطقة الوزيرية العريقة في بغداد.

وكانت العداوة بينه وبين معروف الرصافي شديدة (حيث قال الرصافي أشياء كثيرة في النيل من الزهاوي) ولكن فرصة مواتية للزهاوي جاءت للرد الصاع صاعين للرصافي عندما سألوه عن رأيه في أحمد شوقي (وهذا مجال لعداوة أخرى) فأجابهم قائلا بلهجته البغدادية:

«هذا شنو أحمد شوقي، ولا شيء! تلميذي معروف الرصافي ينظم شعرًا أحسن منه!»

في الوقت الذي كان كلاهما أستاذ بأدبه وشعره. هذا ما وثقه خالد القشطيني بمذكراته الطريفة عن هذا الصراع بين الشاعرين القمتين.

قال عنه العلامة الشاعر وليد الأعظمي : ((كان الزهاوي شديد الإعجاب بنفسه محباً للشهرة ويميل إلى مخالفة الناس، ويدعي المعرفة بالعلوم كلها كالفلسفة والفلك والجاذبية والتشريح مما أثار ضجة كادت تودي بحياته، وهو شاعر مكثر، وشعره ثقيل غير سائغ بسبب حشر النظريات العلمية فيه، وكان يحسن اللغة العربية والتركية والفارسية والكردية، وشيئاً من اللغة الفرنسية، وترك عدة دواوين منها (الكلم المنظوم) وديوان (اللباب) ، وديوان (الأوشال)، و(الثمالة)، و(رباعيات الزهاوي)، وهي ترجمة لرباعيات الخيام)).

وتوفي الزهاوي في شهر ذي القعدة عام 1354هـ/كانون الثاني 1936م، ودفن بمشهد حافل في مقبرة الخيزران في الأعظمية، وبنيت على قبره حجرة ودفن على مقربة منه علامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي ابن اخيه.

أخذ الزهاوي العلوم العقلية والنقلية على يد علماء بغداد ونبغ في مختلف المجالات العلمية والفلسفية، وكان نبوغه باللغة العربية والشعر العربي طاغياً على بقية تحصيله العلمي. وله مؤلفات علمية وأدبية منها:

  • دواوين شعره.

  • الجاذبية وتعليلها.

  • الظواهر الطبيعية والفلكية.

  • الخيل وسباتها.

  • الدفع العام.

  • الفجر الصادق.

  • المجمل مما أرى.

  • الكائنات.

  • سمير وليلى - رواية.