الشيخ ربَّاع بن علي

قدَّس الله أسرارهم "

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

باسم الله السميع العليم ، التواب الرحيم ،معز المؤمنين ، وخاذل المشركين ،اله الكون الأعظم ،ومدبر شؤونه  ، لا يجري أمر دون إرادته، ولا يسكن إلا بإذنه سبحانه وتعالى عما يشركون به، وتعالى علوا كبيرا ، واصلي واسلم على محمد النبي العربي الهادي الأمين ،اصل الشجرة النورانية ، النور الذاتي والسر الساري في الأسماء والصفات ، أول الخلق روحا وآدم عليه السلام منجدل في طينيته ، وعلى آله الأطهار وعترته الأبرار، مصابيح الهدى في الليالي  المدلهمات والهداة المهديين ، في كل لحظة من زمان الليل والنهار ، وعلى صحبه من مهاجرين وأنصار ، ممن تابعوه في نشر دينه ، دين الفطرة ، وبلغوا رسالته ، بأقلامهم وسيوفهم ، التي ما عليها مزيد ، فاقروا برسالة التوحيد ، ما أراده العزيز الجبار ، وفتحوا من بلاد الله ، ما أراده الله ، وان كانت رسالة الإسلام ستصل ذات يوم   إلى ما وصل إليه الليل والنهار ، كذا زوى الله تعالى الأرض  لنبيه الأمي ، فرأى وحدث صحبه بذلك في سر واجها ر ، وبعد،

الشيخ الأديب الروائي المسرحي  المعروف عبد الله الطنطاوياحمد الرفاعي الحسيني ، فمد عنقه امتثالا للأمر ، ولما سئل بعد خطبته عن سبب مدِّ عنقه ، في إشارة يسمعها الأولياء ويمتثلون لها ، كما اسمع الفاروق رضي الله جيش سارية الجبل الجبل، وامتثل للأمر الفاروقي ، فنجا سارية  ونجا الجيش بنجاته.

  مر بخاطري والمواقع  تعرض لنسب عشيرة الربابعة غير ذكرى، فأردت توضيح عدة أمور منها ، إن عشيرة الربابعة تنتسب إلى جدها الكبير الشيخ رباع بن علي بن عبد الرزاق بن عبد القادر الكيلاني قدس الله أسراهم وأسرار غيرهم من الأولياء الصالحين، الذين هم ملحة الأرض وأوتادها، وهم المسبحون يوم تسكن الأصوات الذاكرة لله في أي وقت من الأوقات ،

   لقد قدم الشيخ رباع قدس سره من دمشق إلى الكورة من محافظة اربد اليوم ، ثم إلى بلدة اجديتا ، كما هو متواتر  ذلك  عندنا كابرا عن كابر ، وأقام فيها مدة ، تم  ارتحل إلى بلدة "حلاوة " من محافظة عجلون اليوم ،وبدأ يعمل حارثا في حقول الأرض بحد وإخلاص ، عند شيخ جليل من النجادات في حلاوة ، وكان على عادة بعض الأولياء أن  يقوم بخدمة من يطلب منه ، بتواضع وحياء ، فالحياء من سمات المؤمنين ، و الأولياء يستحيون من الكرامات كما تستحيي المرأة من الحيض ، والعمل في الأرض او بالمهنة  عامة ديدن الأنبياء والصالحين ، فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ، على قول الفاروق ،وحبلة الرسول الكريم  إلى من طلبها للعمل أمثلة تطبيقية ، إذ إن العمل لا يمنع اللسان أن يظلَّ رطبا  بذكر الله " ولذكر الله أكبر "  عمل حارثا وهو الولي المتستر على سره ، خشية أن يعتقد فيه وليا ، يشارك الله في قدرته ، او يفتتن  به أو يفتن  ، بل خشية أن تنتزع الولاية منه عقوبة من الله إليه ،فيكون بلعمُ بن باعوراءَ مثله المحتذى .

     ويستمرُّ الشيخخ ربَّاع في حراثة حقله ، ويترك من أدوات الحراثة "الشرعة والسكة " في مكانهما دون أن يحرص على إخفائهما، او يحملهما معه يوميا ، شأن كثير من أصحاب العمل المشابه ،فطمع في سرقتهما بعض الفضوليين ،إما طمعا ، او لإيقاع فتنة بين الشيخ ربَّاع وصاحب الأرض ، فأزمعوا على سرقتهما ليلا ، رصدوه ، فلم يخفهما ، ولم يحملهما معه، شانه كل يوم ، فكانت كما ظنوا فرصة سانحة ، ولما اقبل الليل، واسودَّت فحمته ، حاولوا سرقتهما فلم يجدوهما ، على بحثهم الحثيث عنهما ، فعزوا ذلك  إلى الليل أبي ساتر ، فحاولوا غير مرة ، في الليالي المقمرة ،والليالي البيض ، وفشلوا  ، إذ كلما دنوا منهما " السكة والشرعة " ،بدا لهم كأنهم في بحر لجي ، يرجعون للخلف مسافة فيرونهما ، وعندما يقتربون منهما يختفي كل شيء رأوه قبيل هنيهات ، قالوا "لعلّ الشيخ رباع ولي يقرا على عدة الحراثة آيات من القرآن ،  يحرس بالآيات  متاعه "، وقال غيرهم لا بد أن نخبر معلمه النجادي  الأمر ، فابلغوه الأمر،  فجرب الشيخ النجادي معهم ، فتيقن من  صحة الأمر الذي قيل له .

     قرَّر الشيخ النجادي أن يفاتحه في الأمر قائلا :"أنت يا سيِّدي الشيخ ربَّاع سيدي منذ اليوم وأنا خادمك ، مرني بما تريد" " فشكره الشيخ ربَّاع

    وفي غابات عجلون اعترضه وليٌّ لله وقال له :" ياشيخُ ربَّاع ُ، إلى أين تتجه ؟ عُدْ من حيث قدمت ، فإنَّ في ظهرك ذريةً منهم " واختفى الولي ، ولا يعرف أهو ولي أم ملك من جند الله ، فعاد الشيخ ربَّاع إلى حلاوة ، ليتلقى منهم كل حبور، وطيب بسرور .

   قرَّر الشيخ أبو نجاد أن يصاهر الشيخ ربَّاع، فعرض عليه أختا  له عقيما او متقدمة في السنِّ ، فقبل بها وتزوج بها ،وأهداه مهراس زيتون(شجرة ضخمة ) ،وقطعة ارض يعتاش بهما ،فرزقه الله تعالى توأمين ذكرين هما ،موسى الأكبر وعيسى ، وتقول الحكاية المتواترة عنه رضي الله عنه وآبائه، بانَّ   كرامة أخرى برزت له، بين يدي ولديه ، إذ كانت بين أيديهما ، طاسة(طنجرة ) لبن يشربان منها ، وأبواهما يحصدان القمح ، إذ سعت بين أيدي الطفلين المذكورين حية سوداء ، فمسكاها بايديهما الطفولية الصغيرة ، أحدهما بعنقها والآخر بذيلها يخاطبانها:"يا بُعة كلي لبن "

   فانتبهت الأم إلى تلك الصورة المفزعة، فصاحت مذهولة :" ياشيخُ ربّاع ُ، التوأمان ، حية " كلماتها متقطعة متهدجة الصوت،مذعورة ، ولداها هما حياتها كلها ، وهما كل أملها  ، فهي أم ، وولداها رزقة الله المتأخرة ،على سن العقم  ، تتخشى من أن أملها كله ضاع سدى ، فنظر الشيخ ربَّاع إلى الصورة المرعبة واستحضر قدرة الله الذي إن شاء جعل من لا شيء  كل شيء ، فقال مقالة واثق بالله ، هادئ الأعصاب يمضي في حصيده  منجلُهُ :" إن كان جدَّهم أبو نجاد تقتلهما، وان كان أبو الغربان يقتلاها" يعني إن كانا وليين لأبيهما من جدهما عليٍّ المكنى بابي الغربان ، قتلاها، لان مجموعة جند أيوبيين، اجبروه  دون أن يعرفوا شانه ،على أن يهفهف على   خيلهم العرقة ،بملابسه لتبترد ، فأطاع أمرهم، وما كاد يبدأ  بالهفهفة ،حتى استبدله الله تعالى بأسراب الغربان نازلة صاعدة فوق الخيول المتعبة  المتصببة عرقا ، فما إن رأى الجند  الأيوبيون، هذه الكرامة للشيخ عليي والد الشيخ رباع حتى خروا لله سجدا، يباركون له هذه الكرامة التي انجلت على يديه ، فكني بابي الغربان ..

رباع ينظر لقضاء الله تعالى  باسما هانئا مطمئنا إلى قدر  الله في ولديه ، وما هي إلا دقائق كأنها سنة ميلادية ، وإذ بنصر الله يحلُّ  فيهم و يرف فوقهم، فيغطسان رأسها باللبن "كلي يا بُعَّة لبن "وتموت بقدرة الله  بينهما ، وتنفرج أسارير المرأة ، وتحمد الله الحفيظ الذي أعادهما إلى الحياة ،من فم الموت الذعاف ،  .

   وتزداد كراماته ، ويترحل في بلاد الله داعية لله ، شان آبائه من أولاد عبد القادر الكيلاني السبعة والعشرين الذي أنجبهم من أربع نساء ، وفرقهم في الأرض دعاة إلى الله ورسالة جده صلى الله عليه وسلم

     ويوصي الشيخ ربَّاع   قدس سره ،بعد آن طاف في أصقاع الأرض ، أن يدفن في بلدة اجديتا ، بطلب لحوح من أهل البلدة للتبرك  به ، فيوصيهم أن يدفنوه فيها  تحت خروبة  ، فسألوه عن إشارة موته ، فاخبرهم :"أن إذا رأيتم جذور(شروش ) شجرة الخروبة  التي في راس الدير للأعلى  فهي إشارة موتي" وتمضي الأيام ، ويطوف الشيخ رباع في آفاق ، لا يعلمها إلا الله .

   ويستيقظ  أهل بلدة اجديتا ذات يوم فيرون شروش الشجرة  للأعلى، كما وصفها لهم الشيخ رباع قدس الله سره ، فهُرعوا إلى حلاوة ؟، لحمل النعش من هناك لدفنه في بلدته اجديتا ، حسب وصيته، لكن أصهاره في حلاوة أصروا على دفنه في بلدتهم ، للبركة ولحكم المصاهرة ،فقال حكيم منهم ، :" من يستطعْ حمل نعشه فيدفن عنده، إن لم تأخذوا بوصيته ودلالاتها " واتفق الفريقان على ذلك ، فبدا أهل حلاوة  بحمل نعشه فعجزوا ، فاقروا لأهل اجديتا بحمله ، فحملوا نعشه ، وساروا به ، إلى رأس الدير الذي ما يزال يسمى حتى اليوم ، ثم واروه الثرى في فستقيه "لحد مجصص" تحت شروش الخروبة  ، وما يزال قبره شاهدا بقبته الدائرية ، بهندسة معمارية تشهد للإبداع الفني، منذ ما لا يقل عن ثمانية قرون مضت ، كانت القبة شاهدة لغاية سنة 1991م ، حيث هبت عاصفة ثلحية ، ركمت أطنانا من الثلج عليها ، ولسوء الصيانة  أيضا ، فأسقطت جزءا من قبته ، فالتقط ( كاتب المقالة) صورة للقبة والمقام ليست الآن معي لتوثيقها ،فنهضت عشيرته الربابعة  ترمم القبة فعجزت عن إنشائها كما كانت ، فبنيت مخروطة الشكل ، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم شاهدة  .

الربابعة من هذه التجربة فهرعوا يرممون قبة احد أحفاد أحفا ده  وهو الشبخ عبده بن محمد بن سلمان بن عامر بن خليل بن إبراهيم بن محمود بن عامر بن عبيد بن موسى بن الشيخ ربَّاع  الربابعة بالقرب من المسجد الأول لبلدة اجديتا ، وهو في حالة متوسطة ، ويقدر عمر قبة الشيخ عبده بنحو ثلاثة قرون ونيف،  وهو معاصر لابن عمه الشيخ الولي محمد بن عبد الله الربابعة (ابو ذابلة )المدفون في بلدة كفر راكب ، وهو ذو قبة أوسع من قبة الشيخ عبده رحمهما الله وأوسع عليهما بشآبيب رحمته مبتغاهما وزيادة .، وتنسب الحمة إليه لأنه غرز باكوره فيها فنبع الماء ، وما تزال الحمة ، يتداوى بمائها حتى اليوم ، وهي إلى الجهة الغربية من بلدة كفرراكب على نحو خمسة كيلومترات ،  تفور على طريق كفرراكب ـ المشارع .

 ومن اللطائف أنَّ الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره  قد تصوف على يد الشيخ حماد الدَّبَّاس في العراق ، انظر (عبد القادر الكيلاني : الغنية  لطالبي طريق الحق والدين ،تقديم وتقريظ الدكتور ماجد عرسان الكيلاني ، اعتنى به الدكتور علي أبو الخير ،دار الخير ،دمشق،2005م ، تقديم (ج)، وان احد أنجال الدباس من العراق يبني مسجدا كبيرا  ملاصقا لقبة الشيخ عبده ، وارتفاع مئذنته (49) مترا ، ترى من بلدتي الهاشمية وحلاوة ، فهل لأهل الخير بقية متلاحقة من حهة ، و من أخرى فان المهندس المعماري للمسجد المنشأ حاليا هو خالد بن الشيخ بدر الدين بن الشيخ الولي احمد اليوسف  الربابعة ، وهم الذين تداولوا نسب عشيرة الربابعة منذ قرنين وربع مضيا  ولا يزال بين أيديهم ،وان الشيخ يوسف تسلمه من يد خاله الشيخ الجليل حسين الصالح الرباعي الربابعة ، وهو آخر من  صدقه من نقاية أشراف حوران قيل مائتين وثلاثين عاما ، ليضاف التصديق ذاك ، إلى غير ثلاثين  توقيعا اوتصديقا من نقابات الأشراف في دمشق وغيرها .

   ولعل من اخطر ما فقدناه من الجانب المعماري الفني قبة الشيخ رباع

   ومن ذرية الشيخ ربَّاع منذ ثمانية قرون انتشرت عشيرة الربابعة في بلدة اجديتا وكفرراكب والهاشمية "فارة "سابقا في عجلون ، والهاشمية قرب مصفاة البترول  الزرقاء ، وفي محافظة الزرقاء قرب الحاووز ، وعوجان في محافظة الزرقاء ، وهم من ربَّاع الظاهرية في محافظة الخليل ، ومنهم محمد سليمان الرباع خدم معي  عام 1980 م وكيل سرية في كتيبة أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه ، ومن الربابعة في عمان ووادي السير ، واربد وايدون اربد ، وفي المفرق ثلة منهم ، ومنهم في شجرة الرمثا ،وقد استشهد على ثرى فلسطين منهم الملازم الأول محمد عقلة الربابعة يوم 8نيسان 1948 ،  وهو أول ضابط أردني ، روى بدمه ارض فلسطين الطاهرة ، وفي عام 1956م ، رمم قبره بأمر من القيادة العامة الأردنية ، فلما كشف عن قبره ، وجدوه كما لو استشهد قبيل لحظات بشهادة الحضور ومنهم أخوه الحاج عرسان الحي المرزوق حتى اليوم ، وعمره نحو خمس وتسعين سنة ،  وهو الذي روى الحدث قبل عشرين عاما من اليوم ، ومن شهداء الربابعة سليمان العقلة الربابعة من جديتا عام 1948 ، وحمد السليمان الربابعة ، ويوسف محمد المقداد الربابعة،وغيرهم كثر لا تستوعبهم هذه المقالة رحمهم الله تعالى وأموات المسلمين ـ ،   ومنهم في كفر أسد ، وكفرأبيل  وكفرعوان والنفر فيهما قليل ،وهاتان  من بلدات  لواء الكورة  ، ومنهم فخذ في محافظة الطفيلة ،منهم الشيخ حمد والمرحوم  زعل  الربابعة رحمه الله ، كان ضابطا في الجيش ، اشترك في حرب الجولان عام 1973م ، في اللواء الأربعين المدرع ، وفي فلسطين منهم في دير أبان القدس ، وقد ارتقى منهم شهداء كمل هو على شبكات الانترنت ، ومنهم في مخيم البقعة كوكبة ، و ومنهم في  الفندقومية في محافظة جنين ، اعرف  منهم نظمي فريد ربَّاع  ،وفي ظاهرية الخليل  منهم بقية ،  أما في سورية فمنهم في أم ولد من محافظة درعا ، ومنهم في السودان وليبيا ، ونخلص للقول فان عدد عشيرة الربابعة لا يقل عن خمسين  ألفا . أما ابرز ما يميزهم فحبهم للعلم على فقرهم ، وزهدهم في الحياة ، وقد بلغ عدد حملة درجة الدكتوراه (70)سبعين وحملة الماجستير في مجالات العلوم المختلفة حوالي(300)وقد يزيدون ، أما عدد حملة الدرجات الجامعية الأولى ودبلوم كليات المجتمع فلا يكاد يخصى .

   أما عدد مؤلفاتهم كما يمكن أن تتقراه على شبكات الانترنت تحت مادة ربابعة ورباعي والرباعي ، وفقير ربابعة وكيلاني ربابعة  والرباع وكلها لجذر رباع فتنوف عن (500) مؤلف ، ذلك هو فضل الله يؤتي المال لمن يحبه ولمن لا  يحبه ولكنه لا يؤتي العلم الرباني إلا  لمن يحبه،اللهم حببنا بالقران وعلومه وما دار في حلقات ذكر الله ورسوله واجعلنا من الانقياء الأولياء من عبادك ولمن أحب الله ورسوله واكتبنا مع الشاهدين والحمد لله رب العالمين . والى اللقاء سيدي الحسيني في رحاب ذكر الله والصلاة على رسوله وذريته الشريفة ، والسلام عليكم في الأولين والآخرين .