ياسين بن محمد نجيب غضبان

محمد علي شاهين

[email protected]

عمل بإخلاص في خدمة المشروع الإسلامي الذي يتعرّض لمحاولات التشويه والإقصاء

 (  1936  /1355 ـ 1435/2014)

داعية ومفكّر وكاتب إسلامي، عضو مجلس شورى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، المشرف على المركز الإسلامي بمدينة كاستيون بإسبانيا، عضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وأستاذ التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية بجامعة الإيمان في اليمن، وبكلية الدراسات الإسلامية في دبي.  

ولد في بلدة التل التابعة لمدينة دمشق، نشأ في أسرة متدينّة توقّر الدين وأهله، أنجبت عدداً من الكتاب والمفكّرين، وفي مقدمتهم شقيقه الدكتور منير، وترعرع على حب الفضائل.

حفظ القرآن الكريم، وقرأ كثيراً من كتب الأدب والتاريخ، وكان جمّاعاً للكتب، ضمّت مكتبته مئات المجلدات القيّمة في شتى ألوان المعرفة.

أنهى مراحل الدراسة الثلاث  في بلدته، تخرّج من كلية الآداب قسم التاريخ في جامعة دمشق عام 1964، ونال درجة الدكتوراه وموضوع أطروحته: (الفكر السياسي عند الأنصار).

عمل مدرساً للمواد الاجتماعية في المدارس الثانوية  1974، ثم سافر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل مدرسا وإداريا بالمدارس الثانوية بالإمارات، ثم انتقل إلى جامعة الإمارات وعمل في مجال الثقافة والإدارة في الجامعة، ثم سكرتيرا لمجلة الإصلاح الإماراتية، ومستشارا للمدرسة الإسلامية في دبي ومدرسا لمواد التاريخ والسيرة بكلية الدراسات الإسلامية في دبي.

ثم انتقل إلى اليمن عام 1994، فساهم مساهمة فاعلة في تأسيس جامعة الإيمان بمساعدة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمجيد الزنداني، والشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان، ودرّس بالجامعة مواد التاريخ والسيرة وحاضر العالم الإسلامي، ثم عيّن وكيلا للجامعة للشؤون التعليمية ونائبا لمدير الجامعة للتطبيقات العملية.

غادر اليمن في عام 1998 إلى أمريكا، وعمل في مجال الدعوة الإسلامية في أنحاء أمريكا، وبعض الأقطار الأوروبية، واستقر به المقام في إسبانيا عام 2003، حيث عمل مديراً للمركز الثقافي الإسلامي في مدينة كاستيون، ومساهما ومحاضرا في أكبر المساجد بمنطقة فالنسيا، وأيضا مساهما في تأسيس المساجد وإداراتها.

أقام في العاصمة الأردنيّة محاطاً بمحبّة إخوانه، يدعو إلى المحبّة ونبذ الفرقة، وإصلاح البيت الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، وانتخب عضواً في مجلس الشورى.

وجد أنّ المسلمين في أوروبا لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين تلك البلاد وفهم أبعادها ودراستها، ويجهلون تماما حال تلك المجتمعات، ولا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص قانونيّة تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، وبما يمكن للمسلم أن يستفيد منها، خاصة في جو الحرية الذي يعتبر الأساس الأول في حياة تلك الشعوب، ووصفهم بأنّهم الآن في حالة من الضعف والفقر، مثل بقية الشعوب الإسلامية في أراضيها.

عاش غريباً في بلاد العرب يحمل هموم العالم الإسلامي أينما رحل، وعايش القضيّتين السوريّة والفلسطينيّة ومأساة شعبيهما، ولم يكن راضياً عن النتائج التي تمخّض عنها الربيع العربي في مصر والعراق واليمن. 

ورأى أنّ تدخّل الجيش في الحياة العامّة، وانقضاض العلمانيين على السلطة بعد الاستقلال في العالم الإسلامي، والإفراط في قمع الشعوب العربيّة وقهرها وإذلالها قد دفع البلاد إلى دوّامة العنف والتطرّف، وكان سبب تخلف الأمّة السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

وكان ينظر إلى تحرّك إيران ودعمها للأقليات الشيعيّة بالمال والسلاح وخاصّة الطائفة النصيريّة في سوريّة، والحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان بعيون الريبة والشك، وأخذ يفضح باطنيتها ومخطّطاتها وأطماعها في المنطقة كاتباً جريئاً وخطيباً مفوّها.

وهاله حجم المجازر والفظائع التي يرتكبها النظام النصيري في سوريّة أمام سمع العالم وبصره، وندّد بالصامتين وأدعياء محبّة الشعب السوري وصداقته، وسخر من دور المنظّمات الدوليّة المشبوه التي اكتفت بتقديم الخيام والطعام للفارّين من جحيم المعارك، دون وضع حد لعنف النظام.

ونظراً لخطورة الدور التنويري الذي اطّلع به الغضبان، فقد أخذ يكتب باسم مستعار (علي بهاء الدين العلوي)، ليدخل كتبه بيوت أهل الزيغ من طوائف الباطنيّة، ويخفّف من تعصبها المذهبي، وحقدها وغلوائها .    

عمل بصمت بعيداً عن الضوضاء مصلحاً اجتماعيّاً، وتمكّن بأسلوبه الشيّق، وسلامة منطقه، وقوّة حجّته، من إصلاح ذات البين في كثير من البيوت التي كادت تعصف بها النزاعات، ولم يكن مبتدعاً صاحب هوى.

صدر له العديد من المؤلفات منها كتاب: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) و(الدعوة في العشيرة الأقربين) و(نساء في حياة الأنبياء) و(الخطاب الإسلامي.. تاريخ الأنصار السياسي) و(الخطاب الإسلامي "الواقع وآفاق المستقبل") و(محمد رسول الله في كتاب الله) و(مدينة يثرب قبل الإسلام) و(حاضر العالم الإسلامي) و(مدخل لدراسة الإسلام والمذاهب المعاصرة) و(المجتمع العربي الأصول والواقع) حدّد فيه الصلة التي تربط المجتمع العربي بأصوله وبين المشكلات التي يعاني منها المجتمع وسبل حلّها، و(صفحة من تاريخ أمّة " الإخوان المسلمون وثورة 23 يوليو") و(صفة كتاب الله في كتاب الله)، بالإضافة إلى عدد من الكتب المخطوطة المعدّة للنشر، والعديد من الأبحاث العلميّة والدراسات الفكريّة والمحاضرات.

توفي بالعاصمة الأردنيّة محاطاً بمحبيه ومقدّري فضله، بعد معاناة مع المرض بالمستشفى الإسلامي صباح 21/9/2014 ودفن في مقبرة بلدة ناعور بوصيّته.

___________________________

(1) المسلم نت، الرحالة الإسلامي د. ياسين الغضبان، حاوره همام عبد المعبود. (2) لقاءات عديدة مع المفكّر الإسلامي ياسين الغضبان بالعاصمة الأردنيّة. (3) مناقشات الأخ ياسين الغضبان في منتدى الحوار الإسلامي.