حسين الناصر

أبو حفص الأنصاري

الداعية , الشاب ، كان شاباً عرف الالتزام وهو طفل يافع حيث كان يخرج من الدرس للصلاة ويطلب الإذن من مدرسه، ثم انخرط في العمل الإسلامي الحركي، فكان من أنشط الدعاة .

الولادة والنشأة :

ولد أبو النعمان حسين بن علي بن ناصر بن محمد الحسين الدحدوح في مدينة السفيرة عام 1952م .

ونشأ في ظل أسرة مسلمة فقيرة , فوالده الحاج علي الناصر ( 1924- 2014م) كان أمياً فقيراً ، يعمل في الزراعة ، ثم في الفرن ، مات وهو يشتاق لرؤية ولده الشيخ ، وأما أمه فهي ( حليمة الدحدوح ) التي توفيت منذ عدة سنوات وهي تتحسر على فقد ولدها ، ولم  يعرف عن العائلة بروز في العلم .

ونشأ الأستاذ أبو النعمان نشأة عصامية اعتمد فيها على الله جل جلاله ، ثم على نفسه فأسس فرناً للخبز ، وكان يصنع اللبابيد الفاخرة ، ويقوم بأعباء الأسرة والعائلة .

دراسته ومراحل تعليمه :

درس الابتدائية في مدارس السفيرة ، وكان ملتزماً بالصلاة منذ وقت مبكر من حياته

ثم دخل في الثانوية الشرعية (الخسروية ) في حلب، وتخرج منها وكان من أساتذته فيها : الشيخ أبو النصر البيانوني ، وطاهر خير الله ، ومحمد أديب حسون.

ثم درس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة حلب ولم يكمل دراسته فيها ؛ لأنه لوحق أثناء الأحداث .

أعماله :

عمل في التربية معلماً في مدارس السفيرة والحص  ، وكان يغرس في طلابه الصدق والإيمان، ويعلمهم الصلاة، ويشجع رواد المساجد منهم , وكان دائب الحركة والنشاط , جريئاً في قول الحق , لايخشى في الله لومة لائم....

زواجه وأسرته :

متزوج من ابنة خاله ( مريم محمد عبدو الدحدوح) ، وكان زواجه مبكراً منذ عام 1969م، وكان عمره  حين تزوج: /17/ عاماً .

وله منها /6/ أولاد , وهم :

 نعمان : مجاز من كلية الآداب ( قسم اللغة العربية ) جامعة حلب، عمل مدرساً لمادة اللغة العربية في مدارس السفيرة وريفها .

أنس : درس حتى المرحلة الإعدادية، ولم يكمل دراسته، وراح يعمل طيان ؛ ليساعد العائلة ، وهو متزوج، وله عدة أولاد أكبرهم:  راتب .

مصعب : المنشد الإسلامي المعروف، وصاحب الصوت الرخيم، متزوج وله عدة أولاد أكبرهم : قيس ، وبه كنيته .

وبراء : الذي درس الثانوية الشرعية في مدينة السفيرة ، واعتقل لأسباب سياسية ، لمدة أربعة أشهر، ثم أطلق سراحه، فترك الدراسة، وتوجه للعمل في الفرن .

وله من البنات :

نسيبة : متزوجة من ابن خالتها، ولها منه عدة أولاد .

وظلال : وهي الطفلة التي لم ترَ أباها ، حيث قبض على الوالد، وهي في بطن أمها لم تر النور بعد ، وأوصى أن تسمى ( ظلال ) نسبة إلى الكتاب الذي أحبه واشترى عدة نسخ منه وزعها على إخوانه، متزوجة ولها عدة أولاد .

ومصيره في السجن مجهول فهناك أخبار تقول : إنه استشهد تحت التعذيب وهناك من يؤكد حياته داخل السجن , ولكنه لم يخرج بمرسوم العفو الذي صدر عام 2000م...

وأبرز صفات الشيخ :

الكرم والسخاء :

 حيث كان ينفق على إخوته وعائلته بسخاء، ويعمل في الليل والنهار، لا يعرف الكلل والملل، بذل ماله وروحه في سبيل المبادئ التي آمن بها، والبذل بالروح أسمى غاية الجود .

الشجاعة النادرة :

 حيث كان قوي القلب يقول الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم ، ومن المواقف الدالة على ذلك رفضه القيام لمدير المنطقة، ولما سئل عن ذلك قال : لا يجوز القيام لفاسق .

الحركة والحيوية والنشاط :

 وكان – رحمه الله – شعلة لا تهدأ ، وهمة لا تفتر، لا يكلّ، ولا يملّ، يدرس في الجامعة، ويصنع اللبابيد، يعلّم في المدرسة ، ويلقي الدروس في المساجد، و كان يقوم بتحريك الناس وتذكيرهم بأمجاد المسلمين، فهذا يوم المولد النبوي الشريف، وذاك يوم بدر، وفتح مكة ، وهذه ليلة القدر، وليلة العيد ، وتلك ليلة الإسراء والمعراج ...وكان هدفه من وراء ذلك ربط الناس بالمسجد وتوجيه الشباب وتثقيفهم بالثقافة الإسلامية الصحيحة التي يستقيها من الكتاب والسنة .

كثرة المطالعة ، وحبه للعلم:

فهو دائم المتابعة للكتب الفكرية الجديدة، يشترك في مجلة حضارة الإسلام، ويشجع الشباب على ذلك، يقرأ الكتب، ويشارك في توعية الناس، وينشر العلم، ويحارب الخرافات .

شاب قلبه معلق في المساجد :

ويكاد لا تراه إلا في المسجد مدرساً ومصلياً ، وقد ساهم في بناء مسجد أبي بكر الصديق ، وكان يخطب في جامع سلمو ، ويلقي الدروس في جامع النقشية ، وجامع الفتح ...ويطوف القرى والأرياف داعياً إلى الله ، فأنشأ شبكة من الأصدقاء الفضلاء ولا سيما في قرية الجعارة .

التواضع :

تراه يرفق بالصغير، ويحترم الكبير، ويحبب الدين إلى الناس، لا تفارقه الابتسامة، يسعى في قضاء حوائج الأرملة والمسكين، أنيق في ثيابه من غير تكبر ولا سرف ولا مخيلة .

إصلاح ذات البين :

وكانت له مساهمات معروفة في الصلح بين الناس، وكان يستثمر علاقاته الطيبة مع زعماء القبائل المشهورين، ويساعدهم في حلّ مشاكل الناس، يعقد قران هذا الشاب، ويعمل ليل نهار على تقوية روابط الأخوة وإزالة البغضاء والشحناء بين الناس، وكم من امرأة سعى لإعادتها إلى زوجها، يحترم المرأة، ويكرمها، ويرى أنها ضعيفة مظلومة، وهذه العلاقات الحميمة مع رفاقه ومع أبناء المدينة جعلته محبوباً من جميع الناس، وكانت ساعة اعتقاله كارثة على أهل السفيرة حزن لها الجميع وهذه علامة على محبة الله له، فقد ورد في الحديث الشريف : إن الله إذا أحب رجلاً نادى جبريل، وقال له : إني أحب فلان فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينزل حبه إلى أهل الأرض .

سجنه واعتقاله :

وتوارى عن الأنظار مدة لا بأس بها، حيث راح الأمن يطارده ويبحث عنه .

قبض عليه في بيته من غير مقاومة تذكر، وسجن منذ عام 1980م ، وكان عمره وقتها /28/ عاماً .

ثم انقطعت أخباره ، ولم يسمح لعائلته بزيارته، فهناك من يقوم أنه حي في السجن، ومنهم من يقول : إنه أجريت له عملية جراحية في السجن فاستشهد ، وبالرغم من مراسيم العفو في عهد حافظ الأسد وولده بشار الأسد إلا أنه لم يخرج من السجن مما يرجح خبر استشهاده .

أبو النعمان في ذمة الله

ويرحل الرجل الكبير ، ويترك شباب الحركة الإسلامية في مدينة السفيرة يواجهون الصعاب، ويترك وراءه سيرة حسنة، وذكراً طيباً :

وماذا بعدُ يا قدرٌ إلامَا              تُعَاوِدُ موتنا عاماً فعاما؟

فمضى الأهلون و الأحباب تمضي  قوافلهم ولا ندري إلَامَا

سيبقى الدّمعُ نسكبهُ حنينا          ونكتبهُ قصيداً مستهاما

كأنّكِ يا المنيّةُ ليسَ يحلو          لديكِ العيشُ إلّا بالنّدامى

أحِبّاءٍ لنا عاشوا كراما             فَهَلّا اخْترتِ غيرهمو كراما؟

هُنا في القلبِ خَلّفْني جراحاً         ينزَّ بدمعِ أوجاعِ اليتامى

هُنا في الدّربِ خَلّفْني صباحاً  صريعاً ضاقَ في الدّنيا انْقساما

هُنا كنّا نلاقيهِ بشوشاً                يبادلنا التّحيةَ والسلاما

هٌنا كان نلاقيهِ صدوقاً              وشهماً في مواقفهِ إذاما

أتيناهُ من الأيّامِ نشكوا             وقدْ أضْحَتْ لياليها زؤاما

هًنا في كلّ زاويةٍ وركنٍ          "أبو النَّعمان" يسألنا عَلَاما   

ينامً العشقُ والمعشوقُ موتاً         ويبقى العاشقون ولاهُياما

هُوَ الفكرُ الذي كم كانَ يزهو    بهِ سِفر الفضيلةِ كم تَسَامَى

هُو الوطنيّ كمْ يحلو هــــــــــــــــواهُ           إذا ما امْتَدَّ ميمنةً وشَاما

هو العربيّ يأبى الضّيمَ دوماً               ويأبى أنْ يَر فينا انْهزاما

قضى عُمراً وفي جنبيهِ قلبٌ            شبابٌ كم يطارحهُ الغراما

تَغَنّى الصَّبُ مفتوناً بِحُسنٍ          وهل كانَ الهوى يوماَ حراما؟

سَلُوا الحقلَ الذّي يَخْضَرَّ نَبْتَاً        سَلُوا الأعشاشَ عنهُ والحماما

سَلُوا الثمراتِ تنبيكمْ وتروي         لكمْ عنهُ الحكاياتِ العِظاما

هُوَ الإنسانُ من خُلقٍ رفيع              حبَاهُ اللهَ في الدنيا مُقاما

وفي الأخرى نعيماً ليس يبلى         عليك الله من قلبي السلاما

*** أخذت هذه المعلومات من أصدقاء الشيخ.