أمير المجاهدين العرب في الشيشان خطاب

محمد فاروق الإمام

أمير المجاهدين العرب في الشيشان

خطّاب

(خطّاب) ثامر صالح السويلم

محمد فاروق الإمام

[email protected]

إنه المجاهد السعودي (خطّاب) ثامر صالح السويلم، المولود في مدينة عرعر السعودية عام 1970م. وكان يجيد التحدث باللغات العربية والروسية والإنجليزية والبوشتو، وله خبرة في الجهاد امتدت لأكثرمن اثني عشر سنة. والأراضي التي شهدت جهاده هي: أفغانستان وطاجيكستان والشيشان وأخيراً داغستان.

كان يقول متعجباً: (لو قالوا لي يوماً عندما كنت موجوداً في أفغانستان أنه سيأتي اليوم الذي نقاتل فيه الروس داخل بلدهم روسيا ما صدقتهم أبدا).

 نشأ في كنف أسرة ميسورة الحال وكان معروفاً عنه في ريعان شبابه أنه شجاع وقوي لا يعرف الخوف طريقاً إلى قلبه. وبعد أن تعلم اللغة الإنجليزية التحق بمدرسة ثانوية بالولايات المتحدة الأمريكية.

 وفي نفس عام التحاقه بالمدرسة الثانوية في الولايات المتحدة بلغ الجهاد في أفغانستان ذروته ضد الجيش الروسي المحتل. في ذلك الوقت كان الشباب من كل أنحاء العالم الإسلامي يلبون نداء الجهاد الذي أطلقه رجال مثل: الشيخ عبد الله عزام رحمه الله (اغتيل في عام 1989م) والشيخ عدنان التميمي رحمه الله ( توفى في عام 1988م) وأسامة بن لادن. 

في هذه الفترة كانت المعجزات والأعمال البطولية والخارقة التي يقوم بها الشجعان البواسل من المجاهدين تصل إلى أسماع المسلمين في شتى بقاع الأرض. في هذا الوقت وعندما حان موعد ذهاب خطاب إلى الولايات المتحدة ليلتحق بمدرسته هناك ويبدأ حياة جديدة في أمريكا، اختار خطاب أن يتبع طريقاً مختلفاً آخر، اختار أن يتبع الطريق الذي اتبعه العديد من أصدقائه وأقاربه، أراد خطاب اللحاق بأحبته في زيارة قصيرة لأفغانستان، ومنذ تلك اللحظة التي رفع فيها يده مودعاً أهله في نهاية عام 1987م لم يعد خطاب إلى بلده وأهله حتى يومنا هذا.

 أحد المجاهدين يصف الشاب الصغير عند وصوله لأول معسكر تدريب في جلال آباد في أفغانستان فيقول:

كان معسكر التدريب بالقرب من جلال آباد يمتلئ يوميا بالإخوة الذاهبين للجبهة والقادمين منها. وكنا في ذلك الوقت نحضر لعملية كبيرة ضد الروس وكان هؤلاء الإخوة الذين أتموا فترة تدريبهم يعدون حقائبهم للذهاب إلى الجبهة. في هذا الوقت وصلت مجموعة جديدة من المتطوعين ولاحظت وجود ولد صغير لا يتجاوز عمره ستة عشر أو سبعة عشر عاماً له شعر طويل ولحية لم يكتمل نموها بعد. ومباشرة بعد وصوله ذهب إلى القائد يستجديه ويستحلفه أن يرسله إلى الخطوط الأمامية وبالطبع رفض قائد المعسكر أن يرسل ولداً صغيراً غير مدرب إلى الخطوط الأمامية. بعد ذلك ذهبت إليه وحييته وسألته عن اسمه فرد قائلاً: ابن الخطاب.

أكمل خطاب تدريبه والتحق بجبهة القتال. وكان أحد الذين دربوه هو الأخ حسن السريحي قائد عملية عرين الأسود المشهورة في حاجي أفغانستان (حسن السريحي مسجون منذ عام 1996م وحتى الآن في سجن الرويس بجدة على ذمة قضية تم إعدام المتهمين فيها). في خلال ست سنوات تحول هذا الشبل الصغير إلى مقاتل وقائد من أشجع وأبرع المجاهدين الذين عرفهم العالم في القرن العشرين. كان معروفاً عنه أنه يرفض رفضاً تاماً الانبطاح أرضاً خلال أي قصف، كذلك كان معروفاً عنه أنه لا يظهر أي جزع أو ألم بعد أي إصابة. 
حارب وقاتل من خلال الأكمنة والعمليات والغارات، حارب القوات السوفيتية العادية وكذلك حارب قواتهم الخاصة. كما أنه حضر أغلب العمليات الكبرى في الجهاد الأفغاني منذ عام 1988م ومن ضمنها فتح جلال آباد وخوست وفتح كابل في عام 1993م وقد نجا من الموت عدة مرات بأعجوبة وهو موقن أن وقته لم يحن بعد. 

ويصف أحد المجاهدين كيف أصيب خطاب بطلق ناري في بطنه بواسطة مدفع رشاش ثقيل من عيار 12.7 مم في أفغانستان (الطلقات عيار 12.7 مم تستخدم لاختراق الفولاذ والدروع، وكما يقول الخبراء أنها لو أصابت إنسان فإنها تحول اللحم البشرى إلى عجين من اللحم والدم.

يقول المجاهد: خلال إحدى العمليات كنا نجلس في حجرة في الخط الخلفي كان الوقت ليلاً وكان القتال في الخطوط الأمامية شديداً. بعدها بعدة دقائق دخل خطاب علينا الحجرة وكان وجهه شاحباً ومع ذلك فقد كان يتصرف تصرفاً طبيعياً. دخل الحجرة ماشياً ببطء ثم جلس في الناحية الأخرى من الغرفة بجانبنا وكان هادئاً لا يتكلم على غير عادته، فأحس الإخوة أن هناك شيئاً غير طبيعي على الرغم أنه لم ينبس ببنت شفة (بكلمة) ولم يظهر أي حركة توحي بأي شيء من الألم، فسألناه إذا كانت به إصابة؟ فرد أنه قد أصيب إصابة بسيطة أثناء وجوده في الخطوط الأمامية لجبهة القتال وأنها ليست إصابة خطيرة، فاقترب منه أحد الإخوة ليرى إصابته فرفض خطاب أن يريه شيئاً قائلاً أنها ليست خطيرة، فأصر هذا الأخ على رؤية إصابته ولمس ملابسه بيده ناحية البطن فوجد الملابس غارقة في الدماء، والنزيف لا يزال مستمراً بشدة، فأسرعنا ونادينا سيارة ونقلناه إلى اقرب مستشفى، في الوقت نفسه كان خطاب يردد طوال الوقت أن أصابته لا تستدعي كل هذا الاهتمام وأنها إصابة بسيطة.

بعد هزيمة السوفيت وانسحابهم من أفغانستان سمع خطاب ومجموعة صغيرة من أصدقائه عن حرب أخرى تدور ضد نفس العدو ولكنها هذه المرة كانت في طاجيكستان فأعد حقائبه ومعه مجموعة صغيرة من الإخوة وذهبوا إلى طاجيكستان في عام 1993م، ومكثوا هناك سنتين يقاتلون الروس في الجبال المغطاة بالثلوج ينقصهم الذخائر والسلاح.

كان خطاب في طاجيكستان عندما فقد أصبعين من أصابع يده اليمنى، حدث ذلك حين انفجرت قنبلة يدوية في يده مما نتج عنها إصابة بالغة استدعت بتر أصبعين، وقد حاول إخوانه المجاهدون إقناعه بالعودة إلى بيشاور للعلاج ولكنه رفض وصمم على وضع عسل النحل على إصابته (كما في سنة النبي صلى الله عليه وسلم). وضع العسل وربطها قائلاً أن هذا سوف يعالج هذه الإصابة وليس هناك حاجة للذهاب إلى بيشاور، هذا الرباط لا يزال ملفوفاً على يده منذ ذلك اليوم. 

بعد سنتين في طاجيكستان عاد خطاب ومجموعته الصغيرة إلى أفغانستان في بداية عام 1995م وكان في هذا الوقت بداية الحرب في الشيشان. يقول أحد المجاهدين: لقد اختلطت علينا الأمور جميعاً بالنسبة لأحقية هذه الحرب من الناحية الشرعية وكذلك بعض الانحرافات الدينية التي تعتري الشيشان.

وصف خطاب شعوره عندما رأى أخبار الشيشان على محطة تليفزيونية تبث عبر القمر الصناعي في أفغانستان فقال:

(عندما رأيت المجموعات الشيشانية مرتدية عصابات مكتوباً عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصيحون صيحة الله أكبر علمت أن هناك جهاداً في الشيشان وقررت أنه يجب علي أن اذهب إليهم).

رحل خطاب من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان كان ذلك في ربيع عام 1995م، أربع سنوات مضت بعد ذلك جعلت من تجربة خطاب في أفغانستان وطاجيكستان تظهر كأنها كانت لعبة أطفال في الحضانة. يقول المسؤولون الروس طبقاً لإحصائياتهم أن عدد الجنود الذين قتلوا في خلال ثلاث سنوات من الحرب في الشيشان فاق أضعافاً عدد الجنود الذين قتلوا خلال عشر سنوات من الحرب في أفغانستان.

في يوم 16 نيسان عام 1996م قاد خطاب عملية من أجرأ العمليات وكانت عبارة عن (كمين شاتوى) وفيها قاد مجموعة مكونة من 50 مجاهداً لمهاجمة طابور روسي والقضاء عليه مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان. تقول المصادر العسكرية الروسية أن 223 عسكرياً قتلوا من ضمنهم 26 ضابطاً كبيراً ودمرت الخمسون سيارة بالكامل. نتج عن هذه العملية إقالة ثلاثة جنرالات، وقد أعلن بوريس يلتسين بنفسه عن هذه العملية للبرلمان الروسي. وقد تم تصوير هذه العملية بالكامل على شريط فيديو توجد منها بعض الصور في موقع عزام بشبكة الإنترنت.

بعدها بشهور نفذت نفس المجموعة عملية هجوم على معسكر روسي نتج عنه تدمير طائرة مروحية بصاروخ (AT- 3 Sager) المضاد للدبابات ومرة أخرى تم تصوير العملية بالكامل على شريط للفيديو.

كما شاركت أيضاً مجموعة من مقاتليه في هجوم غروزنى الشهير في آب عام 1996م الذي قاده القائد الشيشاني شامل باسييف.

وقد ظهر اسمه مرة أخرى على الساحة في يوم 22 كانون الأول عام 1997م عندما قاد مجموعة مكونة من مائة مجاهد شيشانى وغير شيشاني، وهاجموا داخل الأراضي الروسية وعلى عمق 100 كيلو متر القيادة العامة للواء 136 الآلي ودمروا 300 سيارة وقتلوا العديد من الجنود الروس وقد استشهد في هذه العملية اثنان من المجاهدين من ضمنهم أحد كبار القادة (من مصر) في جماعة خطاب هو أبو بكر عقيدة رحمه الله.

بعد انسحاب القوات الروسية من الشيشان في خريف عام 1996م أصبح خطاب بطلاً قومياً في الشيشان وقد منح هناك ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية. وقد منحوه أيضا رتبة لواء في حفل حضره شامل باسييف وسلمان رودييف القادة العباقرة في حرب الشيشان. وقبل مقتل جوهر دودايف كان خطاب يحظى لديه باحترام ناله بعمله وليس بالكلام. 

كذلك فإن خطاب يؤمن بالجهاد من خلال الإعلام فقد نقلوا عنه انه قال: (إن الله أمرنا بمجاهدة الكافرين وقتالهم بمثل ما يقاتلوننا به. وهاهم يقاتلوننا بالدعاية والإعلام لذلك فيجب علينا أيضاً مقاتلتهم بإعلامنا)، لذلك فهو دائماً يصر على تصوير كل عملياته. ويقولون أن لديه مكتبة بها مئات الشرائط المصورة في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان. وهو يعتقد بأن الكلام وحده ليس كافياً لدحض الادعاءات الكاذبة لإعلام العدو بل يجب توثيق هذا الكلام بالأدلة عن طريق الأفلام المصورة لدحض ادعاءاتهم. وهو أيضاً قد صور شرائط مطولة للعمليات الأخيرة في داغستان تظهر مقتل أكثر من 400 جندي روسي وهذا الرقم يزيد عشرة مرات عن الرقم الرسمي للمسؤولين الروس الذين قالوا إن قتلاهم في داغستان كانوا 40 جندياً.

في عصرنا الحالي الكثير من المسلمين يقولون أن خطاب هو خالد بن الوليد هذا العصر. ولكن خطاب يؤمن إيماناً راسخاً أن أجله سوف ينتهي في الوقت الذي كتبه الله له لا يتقدم لحظة ولا يتأخر لحظة. وقد نجا خطاب من محاولات عديدة لاغتياله أقربها عند قيادته لشاحنة روسية كبيرة انفجرت وأصبحت حطاماً ومات من كان بجانبه وهو لم يصب بخدش.

وصفه إخوانه المجاهدون بأنه شجاع وذكي وذو شخصية قوية وفي نفس الوقت محبوب جداً من جنوده ومعروف أيضاً بأنه جاد لا يعرف الهزل. فهو دائماً تجده في وسط الجنود يتفحصهم ويحاول حل مشاكلهم الشخصية، وسخاؤه عليهم ليس له حدود ينفق على جنوده من حر ماله. كذلك فإن لديه فريقاً كاملاً من القادة لديهم الخبرة والمقدرة على أن يأخذوا مكانه وأن يحلوا محله في حالة مقتله.

قال ذات مرة في نصيحة للمسلمين في جميع أنحاء العالم:

(إن أكبر عائق يمنعنا من الجهاد هم الأهل، كلنا أتينا للجهاد بدون موافقة أهلنا لو كنا استمعنا إليهم ورجعنا إلى بيوتنا من كان سيحمل أمر هذه الدعوة وهذا العمل. في كل مرة اكلم أمي بالهاتف وحتى الآن تسألني متى ستعود يا بني، ومع أنني لم أرها منذ ما يزيد عن 12 سنة فإذا عدت لرؤية أمي فمن ذا الذي سيكمل العمل الذي بدأناه؟).

إن أمل خطاب وهدفه هو محاربة الروس حتى يخرجوا من كل الأراضي الإسلامية في القوقاز وجمهوريات وسط آسيا وهو دائما ما يقول: (نحن نعرف الروس ونعرف خططهم ونعرف نقاط الضعف فيهم ولهذا السبب فإنه من السهل علينا قتالهم أكثر من مقاتلة بقية أعدائنا).

اتهم الإعلام الدعائي المغرض خطاب بأنه إرهابي وإنه يقوم بعمليات إرهابية في أنحاء العالم. وإن أي إنسان محايد يقرأ هذا الموضوع سيعلم بدون شك أن طبيعة خطاب هي مواجهة أعدائه وجهاً لوجه، وإذا كان مقاتلة الجيوش والجنود الذين قتلوا أهلنا ويتموا أطفالنا ورملوا نسائنا واحتلوا أرضنا تسمونه إرهاباً إذن فليشهد التاريخ أن خطاب إرهابي. 

في عام 1979م احتل الاتحاد السوفيتي أفغانستان وبعد عشرين سنة لم يعد هناك اتحاد سوفيتي والباقي منه يغزوه المجاهدون الذين عرفوا الجهاد نتيجة لهذا الغزو السوفيتي والذي كان بلا شك أكبر خطأ ترتكبه حكومة في القرن العشرين.

الروس تحفر قبرها بشمالها              فيمينها قد شلها خطاب

جماعة صغيرة هم الذين يحملون طموح الأمة لإسلامية هم الذين يضحون بحياتهم ومصالحهم الدنيوية ليحملوا ويحققوا هذا الطموح والأمل، هم الذين يبذلون الدم والروح من أجل النصر ومن أجل هذه العقيدة. . مجموعة صغيرة من مجموعة صغيرة من مجموعة صغيرة. (كما قال الشهيد الدكتور عبد الله عزام رحمه الله).