زعيمة الحقوق المدنية روزا باركس

clip_image001_16c0b.jpg

روزا لويس باركس ناشطة من أصول إفريقية أمريكية، طالبت بالحقوق المدنية للأمريكان الأفارقة.

اشتهرت روزا باركس عندما رفضت التخلي عن مقعدها في باص عمومي لشخص أبيض، عاصية بذلك أوامر سائق الباص. فأطلق ذلك حركة مقاطعة الباصات في مونتغمري، والتي شكلت بداية عملية إلغاء التمييز العنصري الذي كان سائداً في ذلك الوقت، لتكون إحدى أهم الأحداث في تاريخ الأمريكان الأفارقة.

ولدت روزا باركس تحت اسم روزا لويس ماكولي في 4 شباط عام 1913م، في بلدة توسكغي في آلاباما. كانت ابنة كلٍ من جايمس ماكولي الذي كان يعمل بالنجارة، وليونا إدواردز التي عملت مدرسة. كما كانت ذات أصول أفريقية أمريكية، شيروكية (من قبائل الهنود الحمر)، وإسكوتلندية إيرلندية.

بعد انفصال والديها عن بعضهما عندما كانت في الثانية من عمرها، عاشت باركس مع والدتها وأخيها الأصغر في مزرعة خارج بلدة توسكغي، وتلقت هناك تعليماً منزلياً حتى بلغت الحادية عشرة من العمر، وكانت أيضاً عضوة في كنيسة ميثودية أفريقية. أكملت باركس دراستها في إحدى مدارس مونتغمري التي أنشأت من قبل بعض النساء اللاتي اعتنقن فكراً متحرراً، توافق مع نصائح والدتها في فهم قيمة الشخص نفسه. ثم انتقلت إلى مدرسة خاصة بالأفارقة الأمريكيين لإكمال المرحلة الثانوية، إلا أنها أجبرت على التخلي عن دراستها للعناية بجدتها، ووالدتها بعد أن أعياهما المرض.

ذكرت باركس في سيرتها الذاتية العديد من مظاهر التمييز العنصري الذي واجهته خلال نشأتها، خاصة وأنها قد عاشت في إحدى مناطق الجنوب، والذي كان التمييز العنصري فيه أشد من المناطق الأخرى في الولايات المتحدة. بموجب قانون جيم كرو، فقد كان المجتمعان الأبيض والأسود منفصلين، يحكمهما قوانين تفضل المجتمع الأبيض على غيره، حتى من ناحية وسائل النقل، فقد كان على الأمريكيين الأفارقة التخلي عن مقاعدهم للبيض، أما عن وسائل النقل المدرسية، فقد كانت غير متوافرة للأمريكيين السود -بحسب ما ذكرته باركس-  وكانت تلك المرات الأولى التي تمكنت من خلالها فهم الاختلاف الذي كان يجري بين هذين المجتمعين.

كذلك، فقد كانت جماعة الكو كلوكس كلان تمر بشكل مستمر في الطرقات أمام البيت الذي كانت تعيش فيه، وكانت تذكر بأن جدها كان يحرس البيت وبيده بندقية، ومشاعر الخوف الذي كان يتملكها عندما كانت هذه الجماعة تمر أمام البيت في الليل. إلا أن باركس قد صرحت بأن بعضاً من البيض كانوا يعاملونها بلطف واحترام.

تزوجت روزا رايموند باركس، الذي كان عضواً في إحدى الجمعيات المكافحة لمظاهر العنصرية، حيث انضمت إلى هذه الجمعية فيما بعد، وعملت إلى جانب زوجها في تحسين حياة بعض الأمريكيين الأفارقة.

كانت روزا باركس في الثانية والأربعين وتعمل خياطة عندما أسهمت في صنع تاريخ الولايات المتحدة. ففي الأول من كانون الأول كانت السيدة باركس تجلس في حافلة في بلدة مونتجومري عندما طالبها رجل أبيض بإخلاء مقعدها له. وقد رفضت السيدة باركس، وتمردت على القواعد التي تفرض على السود إخلاء مقاعدهم والتنازل عنها للركاب البيض. وانتهى الأمر بالقبض عليها وتغريمها 14 دولاراً.

وكانت الاحتجاجات بداية لإلغاء التمييز بين المواطنين على أساس اللون في وسائل النقل. ووصل الذروة في عام 1964م بصدور قانون الحريات المدنية الذي حرم التمييز على أساس العرق في الولايات المتحدة. وقد أدى اعتقالها إلى بدء 381 يوماً من الإضراب عن ركوب الحافلات نظمه قس يدعى مارتن لوثر كينج جونير.

وبعد ذلك بسنوات حصل مارتن لوثر كينج على جائزة نوبل لإنجازاته في مجال الحقوق المدنية.

وفي عام 1957م، بعد أن فقدت السيدة باركس وظيفتها وتلقت تهديدات بالقتل، انتقلت مع زوجها ريموند إلى ديترويت، حيث عملت كمساعدة في مكتب عضو ديمقراطي بالكونجرس.

وفي حديث لها عام 1992م قالت السيدة باركس عن احتجاجها الشهير: "السبب الحقيقي وراء عدم وقوفي في الحافلة وتركي مقعدي هو أنني شعرت بأن لدي الحق أن أعامل كأي راكب آخر على متن الحافلة، فقد عانينا من تلك المعاملة غير العادلة لسنوات طويلة".

حصلت السيدة باركس على الوسام الرئاسي للحرية عام 1996م، والوسام الذهبي للكونجرس وهو أعلى تكريم مدني في البلاد بعد ذلك بثلاث سنوات.

توفيت زعيمة الحقوق المدنية روزا بارك عن عمر يناهز الثانية والتسعين في 24 تشرين الأول عام 2005م ويشير محاميها إلى أنها توفيت أثناء نومها في منزلها بمدينة ديترويت بولاية ميشيغان.

وسوم: العدد 873