عمر فروخ

أحمد الجدع

هذا الرجل علامة بارزة وزهرة فواحة وشمعة مضيئة في تاريخ الأدب العربي والحضارة الإسلامية ، لقد انصرف بكليته لخدمة الأدب والحضارة فأبدع بهما، وقدم للمكتبة العربية مجموعة من المؤلفات سدت فراغات فيها،وأغنت الفكر الإسلامي المعاصر، وأغنت مؤلفاته الباحثين الذين كانوا يلاقون ألعنت في البحث عن مثلها.

مؤلفات الدكتور عمر فروخ كثيرة النفع، ولكن أكثرها نفعاً وأجلها فائدة كتابه الموسوعي، "تاريخ الأدب العربي" في مجلداته الست والتي جاوزت الآلاف الأربعة.

أنا لست بصدد التحدث عن حياة هذا الرجل العالم الأديب الشاعر، ولكني أكتب عنه هنا لأتحدث عن فضله عليّ، فقد كان أستاذي في مادة "معالم التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية" في السنة الثالثة في جامعة بيروت العربية عام 1969م، وكان كتابه المقرر "العرب في حضارتهم وثقافتهم" ولا زلت أحتفظ في مكتبتي بنسختي التي درست فيها.

حرصت على اقتناء كل كتاب يصدره هذا العالم الجليل، وامتد حرصي إلى اقتناء تلك الطبعات الأولى لكتبه القديمة،ولا زلت أحتفظ بالطبعة الأولى لكتابه عن أبي تمام، وهي طبعة تمتد إلى أوائل الخمسينات من القرن الماضي.

ثم إني أثريت مكتبتي بكتابه الأم: " تاريخ الأدب العربي" في مجلداته الست، وهو يتصدر القسم الخاص بالمراجع في مكتبتي الخاصة.

وقد سرني وأسعدني عندما أعلمني صديقي المحقق الثبت أحمد العلاونة أنه يؤلف كتاباً عن حياة العلامة عمر فروخ، فأسعفته بما لدي من كتبه لتكون من مراجعة،وقد صدر الكتاب في سلسلة "كتاب الأمة" التي تصدر عن وزارة الأوقاف في دولة قطر، وكان بعنوان : " عمر فروخ في خدمة الإسلام" وحقاً لقد كان هذا الرجل في خدمة الإسلام.

وعندما قرأت كتاب عمر فروخ "هذا الشعر الحديث" أعجبت به كثيرا، ذلك لأنه صادف هوى في نفسي وبل ظمأ في روحي، فقد كان الشعر الذي يسمونه حديثاً كارثة في مضامينه، معادياً بلا مواربة لدين هذه الأمة، طاعناً في معتقداتها، جارحاً لعواطفها ومثلها، فرد عمر فروخ على إسفاف هذا الشعر وحاول أن يرد الشاردين إلى الحظائر.

وذكر الدكتور عمر فروخ في مقدمة كتابه: "هذا الشعر الحديث" أن الكتاب كان في الأصل مقدمة لديوانه، فلما طالت المقدمة جعلها كتاباً مستقلاً.

وبدأت البحث عن الديوان، ولكني لم أستطع الوصل إليه ، ومثلي كان أخي أحمد العلاونة يجدُّ في البحث عنه فوفق هو، وقدم لي الديوان للاطلاع عليه، كان عنوان الديوان "فجر وشفق".

قرأت فجر عمر فروخ وشفقه، كان شاعراً عالماً، تستشعر في قصائده كل خصائص عمر فروخ، النفسية منها والعقلية ، وأنا قرأته أكثر من مرة، واخترت منه، وسجلت اختياراتي على قصاصات حتى أرجع إليها عند الحاجة ،وعندما حضرت الحاجة إلى هذه القصاصات ،كانت خير معين ،فقد كتبت عن عمر فروخ شاعراً فصلاً من ثلاثين  صفحة في الطبعة المجددة من كتابنا "شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث – شعراء بلاد الشام" في مجلده الثاني، ولعل هذه الكتابة تضيف جديداً لدى محبي عمر فروخ الذين عرفوه عالماً مؤرخاً أدبياً محققاً، فيعرفونه شاعراً.

رحم الله أستاذنا، عالم العربية ، المسلم الصادق عمر فروخ ، وجزاه عن أمة الإسلام خير ما يُجزى  المخلصون عند ربهم.