الشيخ المجاهد المعمَّر محيي الدين القادري

عبد الناصر القادري

قرنٌ مع العِلم

(نحو 1310-1418هـ / نحو 1892-1997م)

حفيده: عبد الناصر بن زين العابدين القادري

ولادته ونسبه:

ولد الشيخ محيي الدين بن أحمد بن علي القادري الجِيلاني (بكسر الجيم) الحسَني نسبًا الشافعي مذهبًا في مدينة قَطَنا في الغوطة الغربية من دمشق نحو عام 1310هـ / 1892م.

لعائلة فقيرة تعمل في الزراعة ورعي الأغنام، وكان ولدًا وحيدًا ليس له إخوة ولا أخوات. وترعرع في القرية الصغيرة حينئذٍ ما بين مقام الشيخ حسن الراعي القطناني المتوفَّى سنة 606هـ، والجامع العُمَري القديم في المدينة، وكان يساعد أهله بالزراعة والرعي.

طلبه العلم:

كان الشيخ من أوائل من طلب العلم في مدينة قطنا؛ إذ بدأ منذ نعومة أظفاره بالدراسة على العلماء حتى أصبح واحدًا منهم، مع أن طلبه كان مقتصرًا على الكتاتيب على قلَّتها في قريته التي تبعد 25 كم عن دمشق العاصمة. وعن هذه المرحلة يقول: (كان يرسلني أبي لرعي الأغنام فأذهب إلى الكُتَّاب لأحفظَ القرآن وأتعلَّم القراءة والكتابة).

لازم من بداية رحلته العلميَّة الشيخَ الزاهد العابد العالم مفتي قطَنا إبراهيم الغلاييني رحمه الله، فكان يدرس عليه عند سارية الجامع العُمَري القديم، وعلى يديه أتمَّ حفظ القرآن، والكثير من الأحاديث النبوية قبل بلوغه العاشرة من عمره. وكان الشيخ الغلاييني رحمه الله يقول لتلامذته: (كونوا مثلَ الشيخ محيي الدين ينام ثلاثَ ساعات من الليل، ثم يحيي الباقي ويتعلَّم). وبقي ملازمًا لشيخه الغلاييني قرابة خمسين عامًا، وله إجازةٌ منه.

 لكنَّ طلب العلم وتحصيله يتطلَّب الرحلةَ إلى الشام، للأخذ عن علمائها وشيوخها، فانطلق إلى جامعتها في ذلك الوقت (الجامع الأموي) كعبة العلم ومحطِّ العلماء.

فحضر مجالس المحدِّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسَني ولازمه وأخذ عنه، ودرس على مؤسِّس الجمعيَّة الغرَّاء العالم الشيخ علي الدَّقر، وانتفع بالشيخ بديع زمانه عيسى الكُردي رحمهم الله جميعًا، وغيرهم من أعيان الأعلام.

وكان من أصدقائه مفتي الجمهورية الشيخ الطبيب محمد أبو اليُسر عابدين، وكان من صحبه مع فارق العمر بينهما الشيخ عبد الله بن إبراهيم الغلاييني وأخوه الشيخ محمد رحمهم الله، وكانوا يُكثرون من زيارته.

واتصلت أسبابه بأسباب عدد من كبار علماء الشام مثل الشيخ المجاهد حسن حَبنَّكة، والشيخ أبو الخير الميداني رحمهما الله.

ولم يدرُس الشيخ في أيِّ مدرسة أو جامعة نظاميَّة، ولكنَّه تلقَّى العلم من أفواه العلماء الأجلَّة، فكان يغرف من بحر علومهم، ويقطف من ثمرات عقولهم ما نفعه الله به في قابل.

وله إجازةٌ من الشيخ توفيق الأيوبي فضلاً عن إجازته من الشيخ الغلاييني.

مكانته العلميَّة:

أثمر جلَده في طلب العلم وملازمة العلماء أن غدا مقرئًا للقرآن الكريم مجوِّدًا، ومفسِّرًا للذكر الحكيم مجدِّدًا، وراوية للسنَّة النبوية محدِّثًا، ونابغًا في الفقه ومسائله، ومتبحِّرًا في العقيدة وقضاياها، مع حفظ مجلَّداتٍ من عيون الشعر والمتون والحِكَم والعِبَر.

وحَذِقَ علم الفرائض (المواريث)، وهو من أصعب العلوم وأعقدها، لما فيه من مسائلَ متشابكة معقَّدة، تحتاج إلى ذهن رياضي متَّقد، وقد كان الشيخ يستمتع في تحقيق هذه المسائل، ويقول تلامذته: (ليس في الفرائض مسألةٌ إلا وللشيخ رسالةٌ فيها).

وكان في اللغة العربية والنحو علَمًا من أعلامها، ولا سيَّما إعراب القرآن، وأوتي براعةً في تقريب معاني القرآن للعامَّة بأسلوب سهل قريب، معتمدًا تفسير القرآن بالقرآن.

حفظ ألفيَّة ابن مالك في شهرين وهو في طريقه من قطَنا إلى قرية كَفر حَوَر حيث كان إمامًا وخطيبًا فيها، يذهب ماشيًا أو على أتانه (حمارته)؛ إذ لم يكن هناك وسائلُ نقل، فيردِّد في طريقه أبياتها حتى ختمها حفظًا، إضافة للجزَرية والشاطبية وغيرها الكثير من المتون.

وكان معنيًّا بعلم الكلام، ذا اطِّلاع على قضايا الفكر الإسلاميِّ، والسياسة الشرعية، ونظام الحكم في الإسلام، مع معرفة بالتاريخ، ومقاصد الشريعة.

دعوته وتعليمه:

كان الشيخ رحمه الله من الذين أنعم الله عليهم بحبِّ العلم والرغبة في نشره وتعليمه، فامتلك أسلوبًا لينًا رائعًا في إيصال العلوم كما أخبرني خال أبنائه الشيخ العابد بدر الدين بدر أبو حسين رحمه الله: (لقد كان كلام الشيخ محيي الدين صادقًا يخرج من القلب إلى القلب، لا يسأله أحدٌ في شيء إلا ويجيبه بما يعلم).

بدأ عمله الدعوي في مدينته قطَنا إمامًا وخطيبًا للجامع العُمَري القديم عام 1925م، ثم عُيِّن إمامًا وخطيبًا في قرية كَفر حَوَر إحدى قرى جبل الشيخ، ثم مضى مدرِّسًا وإمامًا وخطيبًا إلى قرية القرعون في بِقاع لبنان عام 1939م، وخرَّج هناك الكثيرَ من الحافظين والحافظات لكتاب الله والسنَّة النبوية، وذاع صيتُه في لبنان واشتَهر. وقد زرتُ البِقاع قبل سنة تقريبًا فما سألت أحدًا كبيرًا عن الشيخ محيي الدين إلا وأثنى عليه.

وبعد مضيِّ أكثرَ من ربع قرن على بدء عمله الدعويِّ، كان لابدَّ للشيخ العالم المحنَّك أن يفيضَ علمُه في رحاب الجامع الأمويِّ بدمشق، إذ صدر قرار بتاريخ 15/3 /1951م بتعيينه مدرِّسًا فيه، بعد خضوعه لاختبار علميٍّ دقيق؛ كان شرطًا للتدريس تحت قبَّة النسر في الجامع الأموي، ويتولَّى الاختبار أكثرُ من عشرين عالمًا من كبار علماء دمشق، ومن أعضاء مجلس الإفتاء الأعلى، وقد نال درجة ممتاز.

ثم عهد إليه المفتي الشيخ الطبيب محمد أبو اليُسر عابدين رحمه الله في 16/4 /1958م إعادةَ تأهيل سجناء القلعة بدمشق، فكان يخطُب فيهم الجمعة ويدرِّسهم، فغدا السجن مدرسةً يُتلقَّى فيها العلم لا مكانًا لنشر الرذيلة - كما هو اليوم - أو معتقلاً لأصحاب الكلمة الحرَّة!

ثم أحيلت إليه لجنة الخطابة والإمامة في قاعة جامع تنكز بدمشق.

ثم أُسند إليه التدريس الدينيُّ في عموم البلاد بقرار صادر من دائرة الإفتاء العامِّ، بتوقيع مفتي الجمهورية الشيخ عبد الرزَّاق الحمصي رحمه الله، ينصُّ: على أن الشيخ محيي الدين القادري يعيَّن مدرِّسًا عامًّا في الجمهورية العربية السورية أينما حلَّ ونزل في كلِّ جوامعها ومدنها.

ومن ثَمَّ كانت له بصَمات علميَّة وتعليميَّة في كثير من المدن والقرى السورية، منها مَضايا والزَّبَداني وسُبَينة وعَرْطُوز وبَيت جِنّ وزاكِيَة... وغيرها.

وفي السبعينيَّات الميلادية من القرن الماضي وما بعدها بدأ التضييقُ على علماء سورية، لكنَّ الشيخ استمرَّ في دعوته ونشره العلم والهدى بتأييد وتيسير من الله العظيم.

وكان يُكثر من ترداد هذه الأبيات للإمام الشافعيِّ رحمه الله:

إن الملوكَ بلاءٌ حيثُما حلُّوا   =   فلا يكُن لكَ في أبوابهم ظلُّ

ماذا تؤمِّل من قومٍ إذا غضبوا   =   جاروا عليكَ وإن أرضيتَهم ملُّوا

فاستَغنِ بالله عن أبوابهم كرَمًا   =   إنَّ الوقوفَ على أبوابهم ذُلُّ

أما مُعَضَّميَّة الشام خاصرة دمشقَ فكانت المحطَّةَ الأخيرة للشيخ خارج قطَنا، وقد قضى فيها أكثر من خمسَ عشرةَ سنة؛ مدرِّسًا وإمامًا وخطيبًا، وداعيًا محبوبًا من أصغر طفلٍ فيها حتى أكبر شيخ، وكان له صَولاتٌ وجَولاتٌ لا تُنسى في مساجدها؛ جامع الزيتونة وجامع عمر بن الخطَّاب وجامع الإيمان.

وخلَّف وراءه في  المُعَضَّميَّة الكثيرَ من طلبة العلم والمريدين الذين يبحثون عن الله ويتوقون إلى العلم الشرعيِّ النافع، ومن أشهرهم الشيخ أبو النور الجلب حفظه الله. وكان يقصده طلبَة العلم من مناطقَ شتَّى.

وألقى دروسًا في المسجد الأقصى بالقُدس قبل احتلاله، وفي المسجد الحرام بمكَّة المكرَّمة، وفي الروضة النبوية بالمدينة المنوَّرة.

عمله وآثاره:

عمل فلاَّحًا يأكل من كدِّ يده، يحمل مِعوَلًا بيد وكتابًا بالأخرى، يزرع ويسقي، ينتظر الثمر، يحلُب البقر، يرعى الغنم، وكان صوَّامًا في النهار قوَّامًا في الليل، ويقول لي أحد أبنائه: كان يصوم الأشهرَ الحرُم من كلِّ سنة، والاثنين والخميس من كلِّ أسبوع.

ويقول لي أحد أصهرته: كان ينام بعد صلاة العشاء ويستيقظ في الواحدة مساءً، يبقى يصلِّي حتى صلاة الفجر، يذهب فيوقظ أهلَ الحيِّ بطرَقاتٍ خفيفة على أبوابهم، فيصلِّي الفجرَ بالناس في جامع الغلاييني بقطَنا، ثم يلقي درسه أو يعود ليقرأ القرآن حتى الضُّحى، ثم يصلِّي الضحى بثمان ركعات يقرأ فيهنَّ سورة الكهف، ثم يَقيل قيلولةً قصيرة، ثم يمضي إلى حقله على أتانه، فيعمل فيه، ثم يعود إلى طلبة العلم في البيت أو إلى حلقته في الجامع الأمويِّ.

وكان إذا أتاه شخصٌ يطلب فتوى لا يجيبه مباشرة، ولكن يعينُه على الوصول إلى الجواب، فيقول له: اذهب إلى الرفِّ كذا في مكتبتي، واجلب الكتابَ كذا، وافتح الصفحة الفلانية، في السطر الفلاني تجد ضالَّتك! وهذه الرواية سمعتُها من أكثر من عشَرة أشخاص حدثت معهم!

لم يؤلِّف الشيخ الكثيرَ من الكتب إذ كان منشغلاً بالتعليم والعبادة والزراعة لكي يأكلَ من عرَق جبينه، ويكفيَ نفسه وأهله. فترك لنا بعض المؤلَّفات النفيسة بحسَب تلميذه أبو النور الجلب - عافاه الله - منها: (شرح شُعَب الإيمان للإمام البيهقي في عدَّة مجلَّدات، ومسائل فقهيَّة، وفقه المواريث، وكتاب في عدد من الأجزاء جمع فيه خُطَبه ودروسه) ولا تزال جميعًا مخطوطة!

شمائله وطلابه:

عُرف الشيخ بشدَّة التواضع وكان يحثُّ الناس على هذه السِّمة، وحين يستقبل الشيوخَ الذين هم دونه في العمر والعلم ما كان يرحِّب بهم إلا بقوله: أهلًا بأستاذي، وكان يقول: أنا في الصفِّ الثالث الابتدائيِّ أمام العلماء.

وعانى الشيخ طَوالَ حياته آثارَ كسر في الظهر، فكان منحنيًا إلى الأمام مذ كان في العشرين من عمره، حيث وقع على ظهره صخرةٌ كانوا يسوُّون بها الأرض (مدحلة) بقي بعدها أكثر من أربعة أشهر طريحَ الفراش، لكنَّه لم يتوقَّف عن طلب العلم واستمرَّ في دعوته.

وفقد اثنين من أبنائه، الأول شهيدًا واسمه عبد الرحيم في حرب تشرين، والآخر حرقًا واسمه بشير، وكان له من الأولاد ثلاثةَ عشرَ وزوجتان؛ الأولى من بلدته قطَنا والأخرى من كَفر حَوَر.

وكانت له مشاركة في الجهاد مع الجيش العثماني لحماية ثغور الدولة الإسلاميَّة في بدايات القرن العشرين، ومشاركة في الثورة السورية ضد الفرنسيِّين داعيًا مع الثوَّار.

حجَّ الشيخ إلى بيت الله الحرام أكثر من 23 حِجَّة، وكان يقول: لعلَّ القادمة تكون مقبولةً أكثر.

و شُيِّد في مدينته قطَنا جامعٌ يحمل اسمه في عام 2010م.

وترك كثيرًا من التلامذة النجباء، من أشهرهم العلامة الأصوليُّ الشيخ د. محمد أديب صالح([1])، ومحمد الجلب أبو النور، ود. هشام مروة، وأستاذ اللغة العربية د. ممدوح خسارة، والأستاذ اللغويُّ ميخائيل سمعان (نصراني)، وولده الدكتور شافع القادري، وابنته الداعية آمنة القادري حفظهم الله جميعًا، والأستاذ أحمد صالح شقير رحمه الله.

فضلاً عن مئات الشباب والفتيات في بلدان شتَّى؛ قطَنا ومعضَّميَّة الشام ودمشق ولبنان وفلسطين والهند وغيرها. وأجاز عددًا منهم.

كلماتٌ خالدة:

كان يقول: (شهدتُّ كل الحروب والحِقَب السياسيَّة التي مرَّت بسورية منذ عام 1900م حتى الآن، لم أصفِّق لأحد؛ لملك أو رئيس أو أيِّ ذي منصب حتى ألقى الله وهو عني راض).

وسألته ابنته الحاجَّة آمنة قبل وفاته: ما الذي خرجتَ به من هذه الحياة الدنيا؟

فقال: (شيء واحد ثابتٌ وهو: اعلمي أن الله حقٌّ، وأن الإسلام حقٌّ، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم حقٌّ، والقرآن كلام الله حقٌّ، وغيرُ هذا لا قيمة له! وهذا الكلام قانوننا ودستورنا الذي نمشي عليه وهو منجينا ومنقذنا؛ نسيرُ جميعًا في طريق الله، وإلى الله، نرجو رحمته ونخشى عذابه).

رحيله مودِّعًا الدنيا:

في منتصف التسعينيَّات وبعد أكثرَ من مئة عام في طلب العلم ونشره استقال الشيخُ من التدريس، وكان بلغَ مرتَّبه ألف ليرة سورية.

لم يمتلك سيارةً، وكان لديه أتانٌ يقضي عليها شؤونه دون أيِّ خجل من أحد.

وفي السنوات الأخيرة من عمُره عاد إلى مكتبته الملأى بالكتب النادرة والأوراق الثمينة التي تعود لعشَرات السنين، وانقطع لتدريس طلاب العلم الذين كانوا يؤمُّون بيته وسَط المدينة.

وقبل وفاته بأيام ذهب إلى المقبرة وطلب من أبنائه أن يحفروا له قبرَه في موضع حدَّده لهم، وبعد عودته إلى بيته لم يلبث أن مرض مرضَه الأخير، وكان يغفو ويصحو، ومع ذلك يستقبل من يعودُه ويتحدَّث إليهم.

وكان يراجع القرآن غيبًا مع أحد أبنائه، ومرَّة سكت هُنيهة، فردَّه ابنه، فقال له: (لم أخرَف يا ولد)! ومضى في مراجعته القرآن من أوله حتى أتمَّ سورةَ النساء. وطلب إليه أحدُ تلامذته أن يوصيَه، فتلا عليه قولَ الحقِّ سبحانه: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ} فجعل الآيةَ وصيَّته له، وأوصى أولادَه أن يبقى بيتُه بيتَ علم، مُشرعًا أبوابه لطلابه.

وفي صباح يوم الخميس 26 من جُمادى الآخرة 1418هـ (28 تشرين الأول 1997م) استقبل نداء ربِّه مغادرًا الدنيا عن مئة وثماني سنين من الجهاد وطلب العلم والدعوة والتعليم في سبيل الله.

وشُيِّع جُثمانه الكريم من جامع الشيخ إبراهيم الغلاييني رحمه الله في موكبٍ لم تشهد له المدينة مثيلًا من قبل، إذ توافدت الجموعُ إلى المدينة من كلِّ حدَب وصَوب، وخرج فيها كلُّ أهل قطَنا وما حولها، وشهدت المدينة عزاءً يليق بقامة عاشت عمُرَها من أجل رفع كلمة (لا إله إلا الله).

رحمه الله وجعله في علِّيين، وعوَّض الأمَّة بفقده خيرًا، وبارك في عقِبه وطلابه، وجعل ما يبذلونه من علم وعمل في صحيفة الشيخ.

الشيخ محيي الدين القادري مع أخيه الشيخ عبد الله بن إبراهيم الغلاييني

نموذجان من خطِّه يرحمه الله

               

([1]) ذكر الأستاذ أيمن بن أحمد ذوالغنى في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك): في زيارتي لشيخنا العلامة الأصولي المربي د. محمد أديب صالح حفظه الله ورعاه (في ثاني أيام عيد الفطر 1435هـ) سألته عن الشيخ محيي الدين القادري. فذكره بالخير وأثنى عليه جدًّا، مشيدًا بأثره الطيِّب في بلدتهم (قطَنا)، ومنوِّهًا بفضله وموسوعيَّة معارفه.

وأخبرني أن الشيخ محيي الدين أولُ مشايخه، إذ كان شيخَ الكتَّاب في قطَنا، وقرأ عليه ختمةً كاملة من =   = القرآن، وحفظ منه كثيرًا من الأحاديث الشريفة. كلُّ ذلك وشيخنا أديب في السابعة من عمره قبل دخوله المدرسة الابتدائيَّة!

وقد أحبَّه شيخه جدًّا، وحظي لديه، وله معه ذكرى طريفة رواها لي قائلاً:

إن الشيخ القادري كان تزوَّج امرأة أخرى من كَفر حَوَر وكان يتردَّد إلى هناك بين فينة وأخرى لزيارة أهل زوجته. ورغب مرَّة أن يصطحبَ معه تلميذه النابغ الصغير ليقرأ القرآن في مجلس وجهاء المنطقة.

استأذن الطفل أديب والدته وكان يتيمًا فأذنت له. وهناك تباهى الشيخ بتلميذه المتميِّز، الذي قرأ القرآن على الملأ فنال إعجابَ الجميع لإتقانه وحُسن تلاوته، ثم اختبره الشيخ بسؤاله بعضَ الأسئلة فأجاب عن كل الأسئلة بثقة. فرح الشيخ جدًّا، ولكنَّ الطفل ما لبث بعد أن أبدى الجرأةَ والثقة والحفظَ والفهم أن تذكَّرَ أمَّه فحنَّ إليها، وبدأ يبكي بكاء شديدًا طالبًا إعادته إلى حجرها! فاضطرَّ الشيخ محيي الدين إلى قطع زيارته والعودة بتلميذه إلى قطَنا.

رحم الله الشيخ العالم المربِّي محيي الدين القادري، وحفظ شيخنا العلامة الأصولي محمد أديب صالح وبارك في عمره وهمَّته.