محمد ديرك - أبو جندل

يحيى بشير حاج يحيى

من شهداء انتفاضة الثمانين

محمد ديرك - أبو جندل

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

هذا هو أبو جندل في موقع متقدم مع خمسة من إخوانه و ها هي ذي سيارات السلطة المذعورة تتقدم من اللاذقية و جسر الشغور بآن واحد ، على أن تكون في الساعة الثالثة ظهرا عند نبع [ العدوسية ] و ها هي ذي طائراتها المروحية الأربع تنزل عناصر الوحدات الخاصة ، فتصب حقدها على أشجار الصنوبر و السنديان ، لأنها أظلت أبا جندل و إخوانه ذات يوم ؟!

نظر أبو جندل إلى قوتهم التي تفوق مجموعته التي تدافع عن الشرف و الدين بعشرات المرات ، فالتفت إلى إخوانه و أصدر إليهم أمرا بالانسحاب ، و حين سأله أحدهم : و أنت يا أبا جندل ؟ ابتسم ابتسامة يعرفها المجاهدون في عيون بعضهم عندما تتألق فرحا بلقاء الله ، و أعاد قوله : انسحبوا إنني سأبقى ها هنا أشاغلهم .

و تتقدم شراذم من عناصر البغي ، فيصليهم برصاصة ، فإذا هم يتناثرون قتلى و جرحى و هاربين ؟!

و يظن المجرمون أن وراء كل شجرة مقاتلا ، و خلف كل صخرة مجاهدا ، و تتقدم راجمات الصورايخ و تحوم الطائرات المروحية مرة أخرى .. 

و يطول الزمن على أبي جندل و أخ له أبى إلا أن يكون معه و هو ينتظر أزلام النظام أن يقتحموا عليه مربضه بين أشجار السنديان ، و لكن دون جدوى ، فكلما تقدمت مجموعة منهم على خوف أصلاها بناره ، لترتد مذعورة .. و يزداد 

أبو جندل - حماسا و شوقا للقاء الله

 و يستذكر أن أشد ما يرضي الله تعالى من عبده أن يهاجم العدو حاسرا ، فيزحف وهويرتدي البزة المبرقعة ، ثم يتسلل إلى صفوف عناصر البغي ليفاجئهم بوابل من رشاشه ، فتصعقهم طلقاته ، و يصطخب أزيز الرصاص ، و حفيف أشجار السنديان ساعة ، ثم يعود الصمت مرة أخرى و قد استقرت رصاصة طائشة في الصدر الطهور ، فانبجس الدم الحار ، و رحل المشوق إلى الرفيق الأعلى!! 

و يجمع البغاة قتلاهم و هم يظنون لكثرتهم أن أبا جندل واحد منهم ؟ و تمتد الأيدي لتسلب الأموات و لو كانوا من رفاقهم و يصيح أحدهم : هذا أبو جندل؟! و يأتي صوت سيده مضطربا :  كيف عرفته ؟ فيجيبه : لقد وجدت مصحفا في سترته ؟! و يطمئن الجبناء إلى أنهم قتلوه ، و لكن بعد أن دفعوا الثمن غاليا ؟! و غاب عنهم أنهم بذلك حققوا له أمنية طالما تمناها ؟!

و تزيد عليهم وطأة الذعر و الخوف ، و يثقل صمت المساء ، و يحسون أن كل شيء في الطبيعية الجميلة كان ضدهم ، أشعة الشمس التي آذنت بغروب تعشي أبصارهم ، الريح تهز ذوائب الشجر ، فتدخل في روعهم أن مقاتلا يتحرك خلفها ،ووقف السائقون في طابور طويل يستعرضون سيارات الإسعاف و هي تحمل قتلاهم إلى اللاذقية و جسر الشغور؟ّ

و تظل أشجار السنديان واقفة شامخة لا تنحني ، لا لشيء إلا لأن أبا جندل قضى واقفا شامخا لا ينحني !!

***شهدت مع بعض الإخوة جزءاً من المعركة من جبل مقابل ، وحدّثنا إخوة كانوا أقرب إليها نقلا عن أهالي بداما بتفصيلات أخرى !!