العالم محمود الباي

شهيد التعليم: العالم "محمود –أفندى- الباى"

(1900م-1942م)

العالم محمود الباي

محمد فتحي محمد فوزي

[email protected]

لا فضل إلا لأهل العلم أنهم             على الهدى لمن استهدوا أدلاء

فالعالم الجليل( محمود" أفندى" بن عبد القادر بن سليمان بن محمد الباى، المنتهى نسبه إلى الإمام الحسين (رضى الله عنهما) ،كان مولده عام(1900م) بمدينة إدفو بأسوان من صعيد مصر ،فى بيئة يفوح منها عبق الإسلام، حيث كان والده- رحمه الله-حاملا لكتاب الله الكريم مقتديا بسنة جده صلى الله عليه وسلم ، كان من كبار تجار أقمشة " المنيفاتوره" بسوق القيسارية بإدفو، متجره يفتح على ناصيتين من نواصى السوق حينئذ،فقد تزوج من آل شقل المعروفين بالورع والتقوى فى ذلك الوقت  فأنجب " محمود وأشقاءه.

 ألحقه والده بالأزهر الشريف لتلقى علومه الدينية والدنيوية، وتخرج منه ليعمل معلما بوزارة المعارف بالمدرسة الأميرية بإدفو، ونظرا لتفوقه ونشاطه وسعيه الدءوب  فى خدمة الأهداف التربوية التى كان يؤمن بها، وتأسيا بقول المصطفى(ص)" إنما بعثت معلما" ترقى ليعمل ناظرا فى مدرسة المعارف بأسوان.

 كان مشاركا فى المحافل العلمية والصالونات الأدبية، حيث حمل هموم مصر على عاتقه فشارك فى ثورة (1919م) وصار عضوا  بحزب السعديين ،وله مراسلات سياسية وثقافية لرئيس الحزب وزملائه السعديين، يحثهم فيها لنيل إستقلال مصر. أحب الزعيم مصطفى كامل وآراءه، فى أنه لن تكون نهضة مصر إلا بالتعليم ،والقضاء على الأمية، واعتز بالزعيم سعد زغلول وشارك فى حزبه مطالبا بالجلاء والدستور.

 ومن لزماته الشهيرة- رحمه الله- والتى رددها دائما قول الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه: ففز بعلم تعش حيا به أبدا= الناس موتى وأهل العلم أحياء.

 وعندما تتقلب الأوضاع معه ومع الناس يردد" سبحان مقلب القلوب والأبصار.. اللهم ثبت قلوبنا على دينك ياالله" . وعندما يُذل القوى، ويقوى الضعيف، يقول هذا من أفعال " تلك"  ويتلى قوله تعالى:" تلك الأيام نداولها بين الناس". صدق الله العظيم

 عندما كان يسافر إلى القاهرة يلتقى بشقيقه "عباس أفندى عبد القادر -رحمهما الله- الكاتب والمراجع بدار الكتب المصرية بباب الخلق،ويتناقشان فى مصنفات التراث وما ندر منها ثم يلتقيان بزملاء الحزب ويذهبان إلى الصالونات الأدبية المختلفة.. كان رحمه الله خير مربى لأبنائه سواء فى المدرسة أوالبيت، وقد جُبلوا على الخُلق الطيب والسلوك القويم منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر؛ليواصلا مسيرة والدهما فى عشق مصر وخدمتها.

وأنتهى بمقولة مشهورة كان يرددها العالم الجليل( محمود" أفندى") عندما يتثاءب إستعدادا للنوم وجميعنا نرددها حتى اليوم وراثة منه ووفاء لكل وفى:" اليوم يصبح ماضيا وذكرى الماضى  شىء جميل= فتذكر بقلب راض فإن الرضا من طبع الأصيل.

 ولما أصبح الصباح على يوم من أيام عام (1942م-1362ه) فا جأت ناظرنا الجليل أزمة قلبية وهو فى مكتبه وبين طلابه توفى على أثرها فى مدرسته، مدرسة المعارف بأسوان فخرجت المدارس وطلابهافى مسيرات كشفية تنعى الشهيد، ومن ثم نقل جثمانه الكريم إلى أدفو فى 2 من المحرم عام 1362 ودفن بها يرحمه الله بعد سجل حافل بأجل الأعمال و وأعظمها.