الأستاذ الدكتور الداعية عبد الجبار الزيدي

clip_image002_e200d.jpg

في ريفنا السوري الجميل درر نفيسة، وجواهر مكنونة، لا يحيط بها العد، ويعجز عنها الحصر ، ولكنها مهملة لا يؤبه لها فوسائل الإعلام لا تتعب نفسها في البحث عن هؤلاء العلماء والدعاة والمربين ومن تلك الكنوز أستاذنا الدكتور عبد الجبار الزيدي حفظه الله ورعاه، فما هي سيرة ذلك العلم ؟ ، وما هي مراحل دراسته؟ ، وماذا عمل ؟ وماذا أنجز من كتب ومؤلفات ؟  كل ذلك نجده في الصفحات التالية

المولد والنشأة :

ولد الأستاذ الدكتور أبو بكر عبد الجبار بن أحمد بن حسين الزيدي في قرية فاح التابعة لجبل سمعان في ريف حلب الشرقي عام 1950م ، ونشأ في أسرة مسلمة ملتزمة تسكن في ريف حلب، وتعود في أصولها إلى عشيرة بني زيد ، ثم انتقلت الأسرة لتسكن في حي الصاخور في مدينة حلب .

-نشأ عبد الجبار في كنف والده الذي كان معمراً في العشيرة ولد عام 1900 وتوفي سنة 1993م عن عمر ناهز الثالثة والتسعين عاماً ، ونشأ الوالد يتيماً ، وكان أمياً يعمل في رعاية الغنم وبناء البيوت وبعض التجارات الخفيفة .

وكانت والدته كذلك امرأة أمية صالحة ولدت عام 1917م ، وتوفيت قبل الوالد بستة شهور سنة 1993م .

وللأستاذ عبد الجبار شقيق واحد لم يكمل تعليمه الشرعي .

أما بقية الأخوات نشأن كبنات معظم الأرياف التي تحرم المرأة من حقها في التعليم زواجه وأحواله الاجتماعية والعائلية :

تزوج الأستاذ الدكتور عبد الجبار في عام 1971م أثناء دراسته الجامعية، ورزق بعشرة أولاد، وهم :

-أحمد بكر : درس سنة واحدة في الجامعة، ولم يكمل تعليمه الجامعي، ويتمتع بثقافة طيبة ولله الحمد .

-صالحة : تحمل درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية واللغة العربية، وتعمل مدرسة لغة عربية منذ بضع عشرة سنة في مدارس دبي .

-الدكتور الفاتح : خريج بريطانيا في جراحة الفك والأسنان ولديه مركز طبي في استانبول .

-عبد المنعم : يحمل بكالوريوس في إدارة الجودة، ويقيم في ألمانيا مع زوجته وولديه

-حسن : يحضر للدكتوراه في رسم سياسات التعليم .

-بشائر : تزوجت بعد الثانوية، ولم تتمكن من مواصلة تعليمها الجامعي .

-نضار : تخرجت في جامعة الشارقة تخصص إدارة مكتبات ونظم معلومات .

-عفراء : تخرجت في جامعة الشارقة في كلية الشريعة .

-صفاء : درست سنة بعد الثانوية إدارة أعمال، ولم تتمكن بسبب الزواج من مواصلة دراستها الجامعية .

-ماجد : يواصل دراسته الجامعية في مجال التعويضات السنية، ويعمل مع أخيه في المركز الطبي في استانبول آنف الذكر .

دراسته ومراحل تعليمه :

حصل على الثانوية الشرعية ( الخسروية ) عام 1969 م ، وكان من زملائه في الدفعة الشيخ صهيب الشامي، وتلقى العلم على أيدي ثلة طيبة من السادة العلماء أمثال :

الشيخ عبد الوهاب سكر، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ عبد الله سراج الدين، والشيخ طاهر خير الله، والشيخ محمد أديب حسون، والشيخ أحمد قلاش ، والشيخ عبد الرحمن زين العابدين .

-ثم درس في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر، وتخرج فيها عام 1973م، وكان من أبرز شيوخه في الأزهر :

- الدكتور محمود أبو العينين .

- د.شوقي الفنجري .

- عبد المنعم القيعي .

ثم حصل على الماجستير في الحديث في جامعة البنجاب، وكانت رسالته بعنوان سيرة الإمام الطبراني عام 1983م .

ثم حصل على الدكتوراه في الحديث من نفس الجامعة، وكانت أطروحته بعنوان المعجم الصغير عام 1991م ، وأشرف على الرسالة، وناقشها الدكتور أمان الله خان، والدكتور عبد الله ناصيف الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، والدكتور المحدث محمود أحمد ميرة .

أعماله :

عمل خطيباً في جامع خالد بن الوليد في حلب .

كما درّس في معاهد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بين 1975-وعام 1980م .

درّس في كلية البنات بين عام 1981- وعام 1996م .

درّس في كلية الدراسات الإسلامية بدبي بين 1997-وعام 2002م .

درّس في جامعة الشارقة بين عام 2002-وعام 2011م

رئيس محكمة الاستئناف في الهيئة الشرعية في حلب .

مدرس علوم الحديث في جامعة الزهراء ومعهد مكة المكرمة في عينتاب .

تلاميذه :

وخلال تدريسه في الجامعات تخرج على يديه عدد كبير من التلاميذ الذين برزوا في الحياة العلمية في السعودية من أمثال :

عبد الحافظ عواجي صلوي، وسالم الكعبي، وأحمد الكندي، والشيخ عبد الرحمن الراغب، والأستاذ ملهم الدروبي، نبيل سيد عيسى ، ومحمد نور عزيزي ، ومحمد إبراهيم آل حقي ، ومحمد جمعة عزيزي، والدكتورة فاطمة بنت حسين العلي (الإمارات)، وبتول بنت صلاح عبد الله الجمعة ، وفاطمة الزهراء بنت أحمد محيي الدين عقيل، وآلاء محمد الرفاعي، وآمنة إبراهيم محناية، وفاطمة عبد الباسط عقيل.

مؤلفاته :

الماسونية تحت الأضواء .

رفيق الحجاج والعمار

أخلاقيات المهنة .

النضار في استخراج الآثار .

قصر صلاة المسافر .

المصحف المتحف – ثلاثين جزءاً .

أخلاقه وصفاته :

أهم ما يلفت الأنظار في شيخنا أبي بكر هو تواضعه الجم وأخلاقه الرفيعة وقربه من القلوب .

وهو طيب القلب يحسن الظن بالناس، فياض المشاعر، يألف ويؤلف .

وأستاذنا الشيخ عبد الجبار الزيدي دائم النشاط والحيوية لايكاد يهدأ فهو يعقد ندوة على حلب اليوم عن الشاعر محمد منلا غزيل ويحاضر في اليوم التالي في جامعة الزهراء ويلقي درساً في معهد مكة ، ويحضر مؤتمراً علمياً في استانبول ، همة لاتفتر وعزيمة لاتعرف الكلل والملل .....

ثناء العلماء عليه :

وقد أثنى عليه كل من عرفه، وهذه عاجل بشرى المؤمن .

وممن أثنى عليه الأستاذ عبد الرحمن الراغب حيث قال : ( تحياتي للدكتور الحبيب الشيخ عبد الجبار حفظه الله فقد تشرفت بمعرفته أواخر ستينات القرن الماضي عندما كنت في الصف الثامن في الثانوية الشرعية ورفيقي الأخ عبد المنعم الزيدي حفظه الله شقيق الشيخ عبد الجبار وكنت اتردد لزيارتهم في منزلهم في حي الصاخور ومنزل أهلي في حي البلاط بعد دكاكين حجيج واستقل حافلتين لأزورهما واستفيد من حديث الشيخ وتوصياته الطيبة لمواجهة حملات الترغيب والترهيب لإفساد طلاب الشرعية وتجنيدهم وتنيبهم لحزب البعث وبث الثقة والاستعلاء الإيماني والتفوق الدراسي والعلمي .

ونسمع خطب وتسجيلات علامة عصره وداعية الأمة فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى .

وللشيخ اهتمامات أخرى كثيرة فهو شاعر، ويجيد الخط وفنونه، ومنشد حسن الصوت يذيل محاضراته بصوته الشجي المؤثر ...

وممن مدحه من الشعراء فيصل محمد الحجي ، بمناسبة حصوله على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية –قسم السنة – وكان موضوع الرسالة تحقيق الجامع الصغير – الطبراني ، يقول في مطلعها :

ألفتَ السُّرى تسعى وترقى إلى الذرا   وتنحرُ في المسعى اللذاذات والكرى

وتنكبتُ فوق الكتب تحرث روضها          وتزرع مجهوداً فتحصد مثمرا

تغوصُ ببحر العلم غوص مدرّبٍ               فتخرج ياقوتاً ودرّاً وجوهرا

وترمي على الأقوال سهم َ بصيرة ٍ             يلذُّ لديها أن تصيدَ وتأسرا

تصيدُ من الأفكار كلَّ عجيبةٍ             وتسقي بناةَ العلم شهداً مكرّرا

فكنتَ بجيش العلم ِخير مجاهدٍ                 تجرّدُ أقلاماً.. وتطعنُ دفترا

وتجرح مطعوناً ..وصاحبَ علّة ٍ         بلا جنفٍ ..فالضابطُ العدلُ قرّرا

وأشاد الشاعر بنشأة العالم الشيخ عبد الجبار الزيدي الذي تأسى بالرسول القدوة وأحبّ السنة ، وتمسك بها ، وعضّ عليها بالنواجذ ، ويسترسل الشاعر في مديحه فيقول واصفاً إياه بالإخلاص، وخدمة السنة المحمدية ، وصحبة الأئمة من المحدثين:

نشأتَ على حبّ الرسول وهديه        وغذّيتَ إخلاصاً وفكراً مطهّرا

ترى أفضلَ الأعمال خدمة سنّة ٍ           تعظّمُ معروفاً.. وتهدمُ منكرا

هجـــــــــــــــــــرتَ نوادينا فبدّلتَ غيرنا            رجالاً بهم عقلُ الزمان تحيّرا

رجالاً حمَوا شرعَ النبي بعلمهم           ولم يطلبوا الدنيا قصوراً ومتجرا

رجالاً همُ الأعلون ..لن تجدوا لهم       نظيراً ولا ندّاً إذا اجتمع الورى

صحبتَ البخاريَّ العظيمَ ومسلماً       وأحمد ..نعم القومُ نهجاً ومخبرا

تناجي النسائيَّ وابن ماجة مغرّداً           وتلقى أبا داودَ ملقى ميسرا

لقد عاش الشيخ بين كتب الحديث يستخلص منها الدروس والعبر فكان كالنحلة التي تجني الشهد من رحيق الأزهار :

فكنتَ الذي يجني كأنكَ نحلة ٌ              من الطبراني الرحيق المعطّرا

وكنتَ الذي يشدو كأنك بلبلٌ          بأعذب أنفاس الحديث مبشّرا

وكنت الذي يغزو كأنكَ ضيغمٌ           تحدّى صعاباً كالجبال فشمّرا

إذا هجع النّوام لم يكُ منهمُ                 وقامَ بمحراب العلوم ليؤجرا

يريقُ على الأوراق عيناً كليلة ً            دعتها أسانيدُ الحديث لتسهرا

ولقد استحق الشيخ عبد الجبار الزيدي شهادة الدكتوراه عن جدارة ولم يتبع السبل المعوجّة للحصول على شهادة الكرتون كما يفعل بعض الذين يدعون العلم :

نجحتَ بحقٍّ واستلمتَ شهادةً       بها كنتَ –ياخلي – أحقّ وأجدرا

نجحتَ ..ولم تنجح كما نجحَ الألى اشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتروا بهداياهم نجاحاً مزوّرا

مقاسٌ من (الكرتون) صارَ شهادةً   عليه افترى الجاني ..الأجيرُ وسطّرا

كراتينُ ..لا الجهد الدؤوبُ يصوغها  ولا العلمُ في منحِ الشهادات أثّرا

فكم رفعتْ هذي الشهاداتُ ساقطاً وكم عرّفتْ هذي الشهاداتُ منكرا

وكم شهرتْ هذي الشهاداتُ خاملاً     وكم عظمتْ بين الأنام المحقّرا

ويبوح الشاعر فيصل الحجي بمشاعره النبيلة ، ويظهر عاطفة المحبة والوداد والأخوة ويفتخر بحصول أخيه على تلك الشهادة، فيقول :

بنفسي أبا بكرٍ ...فأيةُ قمّة ٍ                  علاها ..وهذا قبل أن يتدكترا

فرحتُ ..ومن حقي إذا نلتَ – يا أخي -   نجاحك أن أزهو الغداة وأفخرا

سررتُ وقد كان السرور ككوكبٍ                  تلألأ في ليلِ اغترابي ونوّرا

ويختم القصيدة بقوله :

أبا بكر ٍاستقبلْ تباريك إخوةٍ      أتوكَ ليصفوكَ الودادَ المقّطرا

نزفُّ تهانينا إليك لعلّها         تكون بعطفيك الوسامَ المعطّرا

ومازال أستاذنا الحبيب أبو بكر يعطي، ويدرّس، ويعظ، ويحاضر، ويكتب، ونسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية والنشاط والحيوية وأن ينفع المسلمين بعلمه وشعره وفنونه، فهو كنزٌ من المواهب، ومنجم من الخير .

وسوم: العدد 660