القائد الشيخ مصطفى السباعي ( الداعية المجدد )

الشيخ حسن عبد الحميد

صفحة من التاريخ عن القادة العظام 

clip_image002_aaf23.jpg

( من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا ٢٣ الاحزاب  )

في الثلاثنيات ومابعدها كانت جماعة حسن البنا في مصر في أوج قوتها ، وانتشرت فروعها في أرجاء مصر وصعيدها ، فأوعزت أوربا لعملائها بحل فروع الجماعة وملاحقة أنصارها ، فقام شاب متهور باغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا ، فتأزم الوضع ؟؟؟

كان الإمام حسن البنا يعد الشباب لخوض معركة فلسطين ، ووسّع نشاطه ، فأرسل داعية عظيم إلى سوريا هو مصطفى مؤمن ، وكان الرجل خطيبا مفوها ، قاد مظاهرة ضخمة انطلقت من أموي حلب تنادي بسقوط فرنسا 

وسافر الداعية الجسور بأمر حسن البنا إلى قلب الأمم المتحدة ليشرح قضية الجماعة وأهدافها ، ومُنع من أداء مهمته  لكنه اقتحم بالقوة أروقة الأمم المتحدة وأدى مهمته ، وكان هذا الداعية يتقن عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية ، كما بعث الإمام البنا الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي والأستاذ محمد الحكيم لتوضيح الدعوة ونشر الفكرة في بلاد الشام 

في سوريا كان العمل الإسلامي يقوم به دار الأرقم في حلب ويرأسها عمر الأميري وكان تاريخ نشأة الدار ١٩٣٧ وأبرز المؤسسين القاضي عبد الوهاب الالتونجي والأستاذ عبد الحميد الأصيل والمحامي عبد القادر السبسبي والصيدلي أحمد بنقسلي والاستاذ فؤاد القسطل والاستاذ عادل كنعان 

في دمشق تأسست جمعية الشبان المسلمين وكان على رأسها الشيخ محمد المبارك

وكذلك في حمص جمعية الرابطة الدينية وسكرتيرها مصطفى السباعي 

في حماة أسست جمعية الاخوان المسلمون وكان من أبرز مؤسسيها الشيخ محمد الحامد 

أراد بعض الدعاة من العلماء الذين درسوا في مصر واتصلوا بالبنا ورافقوه وتتلمذوا على يديه كالشيخ السباعي ابن حمص ، وعمر بهاء الاميري ابن حلب والشيخ محمد الحامد ابن حماة والشيخ محمد سعيد العرفي ابن دير الزرو وعبد الله علوان ومحمد علي الصابوني 

اتفق العاملون في ميدان العمل الإسلامي على توحيد العمل تحت مسمى ( الإخوان المسلمين ) وقد حضر هذا الاجتماع من مصر الأستاذ سعيد رمضان المصري ، وكان ذلك سنة ١٩٤٢

وانتخب أول مراقب عام لها ١٩٤٥ وهو الشيخ مصطفى السباعي وهو ابن حمص ونائب دمشق بعدها ٤٩

فكان الصوت المدوي الذي يصدع بالحق ولا يداري ، ويقارع الباطل ولايهادن ، ويترفع عن المكاسب والمغانم ولا يساوم ، فاتجهت إليه الانظار وانتخب نائبا لرئيس المجلس ، وأصبح عضوا بارزا في لجنة الدستور ، وكان له نشاط هائل في أن دين الدولة الإسلام ، وبذلت له العروض للدخول في الوزارات فرفضها ، مؤثرا العمل الشعبي والعيش مع مشكلات الجماهير وقضاياها ، قاد معركة القرآن تحت قبة البرلمان ، وقاد المظاهرات في دمشق من أجل الدستور ، وتمكن من استبعاد الطابع العلماني عن الدستور ، وفرض الطابع الإسلامي على معظم أحكامه الأساسية سنة ١٩٥٠ م 

لكن القوى العلمانية كلها تجمعت ضده 

كان يعاونه النائب الوزير الدكتور محمد المبارك ابن علامة دمشق عبد القادر المبارك 

حدد السباعي الأهداف والمهمات وميادين الإصلاح حيث نادت الجماعة بالإصلاح السياسي والكفاح الوطني وإزالة آثار الاستعمار ورفع المظالم وإنشاء المعاهد والمدارس والأندية الرياضية والمخيمات الكشفية ومراكز الفتوة في مختلف المحافظات وكان الشيخ السباعي هو القائد العام للفتوة ، وشكلت لجان الاصلاح بين الناس وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والخيرية وزيارة القرى والارياف

والشيخ السباعي زار مدينة الباب عدة مرات وحاضر في مساجدها ، وقد كان أسس للجماعة فرع فيها سنة ١٩٥٠ 

قاد السباعي إخوانه في فلسطين فشارك في معركة الحي اليهودي بالقدس ، ثم معركة القدس الكبرى سنة ١٩٤٨ 

فكان موقعه في الدفاع عن الأقصى ، وفي بلدة صور باهر بالتحديد 

ثم صدرت إليهم الأوامر بالانسحاب وأعلنت الهدنة ؟؟؟

السباعي من القادة العظام للجماعة الإسلامية ، وأشير إلى بعض جوانب عظمته : 

كان يدرس في مدينة الباب علامة كبير هو فتحي الدريني نقل إلى دار المعلمين بدمشق ، نصحت الرجل العظيم استاذي وشيخي السباعي بكلمات قليلة وأنا تلميذه الصغير أن يكون الدريني استاذا في كلية الشريعة التي تأسست بجهود السباعي ومساندة رئيس الجمهورية هاشم الاتاسي رحمه الله رحمة واسعة على مابذل من جهود في خدمة سوريا وشعبها ، أيام والدريني يدرس في كلية الشريعة ، رحمك المولى أيها القائد المتواضع العظيم 

السباعي علم خفاق في تاريخ الحركة الإسلامية في سوريا، خاض حرب اصلاح الفساد ، وتربية الأمة من جديد على منهج الإسلام الصحيح ، عمل على إدخال مواد التربية الإسلامية إلى المناهج التعليمية ، وشرع في إنشاء موسوعة الفقه الإسلامي لتقديم الفقه بثوب حديد يعالج قضايا العصر ويحل مشكلاته على ضوء الكتاب والسنة وفقه السلف الصالح

 أصيب بالشلل سنة ٥٧ بعد فشله في الانتخابات وكان منافسه رياض المالكي وكانت الدولة كلها معه ، حتى بعض الشيوخ من رجال الدنيا الذين سخرهم الطغيان ليخدعوا الناس باسم الدين ، فإذا هم أداة تخدير للشعب ، وزراية بالعلماء المصلحين وتمجيد للفسقة والمغتصبين ، السباعي رجل العلم كان معه علماء دمشق ، وكان استاذا جامعيا لامعا في كلية الحقوق ضحى بمنصبه ليستلم عمادة كلية الشريعة 

كان رحمه الله جم النشاط يحاضرنا وهو يمشي على العكاز : 

وقع خلاف حزبي بين فئتين في الجامعة ولعلع الرصاص ، وكنا في محاضرة قاعة بحث فخفت على شيخنا أن يمس بسوء ، ذهب رحمه الله لصلاة المغرب جالسا ، وجئته ناصحا أن يؤجل المحاضرة ، فاستمع إلي وأنا تلميذه الصغير 

ثم قال : خلاص ، ورفع يده للتكبير ودخل في جو الله أكبر 

سمع رحمه الله أننا نتحدث عن الوظائف بعد التخرج ، وكان موعودنا القضاء الشرعي بعد التخرج ، فألغاه ابن حماة أكرم الحوراني ، ودب اليأس في قلوبنا والخوف على الدنيا ، جاء على عكازته ليقول لنا كلاما جميلا :

لكم قيادة في السماء ترعاكم ، وتؤمن مستقبلكم ، أنتم موجة في بحر الإسلام ، إن قال لكم الإسلام شرقوا شرقتم ، وإن قال غربوا غربتم 

كان عذب النفس ، مرهف الذوق ، صافي النفس ، شهم الإخاء ، سريع النجدة كريمها 

قال عنه الامام محمد ابو زهرة ( إني لم أر في بلاد الشام أعلى من السباعي همة ، وأعظم منه نفسا ، وأشد منه على الإسلام والمسلمين حرقة وألما ) 

توفي رحمه الله في ١٩٦٤ ففقدت سورية علما من أعلامها ، ومجاهدا من كبار مجاهديها ، وفقد العالم الاسلامي داعية من دعاته البلغاء 

رثاه الأديب محمد الحسناوي سكرتيره قائلا 

كيف العزاء وكنت أنت عزاءنا 

     يا أيها المشودو بالأكفان 

أولست من هز المنابر والعروش 

         وزلزل الطاغوت بالايمان 

للتوسع عن القائد الداعية المجدد الشيخ مصطفى السباعي اقرأ : 

١/ كتاب الدكتور محمد عدنان زرور (  مصطفى السباعي : الداعية المجدد ) 

٢/ كتاب الأديب عبد الله الطنطاوي ( مصطفى السباعي : الداعية الرائد والعالم المجاهد ) 

٣/ ( ذكرياتي مع السباعي ) الأديب

 محمد الحسناوي رحمه الله 

٤/ كتاب الدكتور عبد العزيز الحاج مصطفى ( مصطفى السباعي رجل فكرة ) 

٥/ كتاب الدكتور محمد عادل الهاشمي ( مصطفى السباعي : رائد أمة وقائد دعوة ) 

رحمه الله فهو القائل :

 احملوني إلى الحبيب ورحوا 

            واتركوني ببابه واستريحوا 

رحمه الله مات ولواء الدعوة في يده مرفوعا 

رحمك الله استاذي أبا حسان 

 وغفر لك 

 وحشرك مع قائدك محمد عليه السلام

وسوم: العدد 664