المجاهد الشهيد إبراهيم اليوسف

1950- 1980م

clip_image002_aeb14.jpg

إبراهيم اليوسف هو ضابط سوري سني برتبة نقيب.

 قام في عام 1979م بتنفيذ حادثة مدرسة المدفعية في حلب التي قادت إلى المواجهة العلنية بين السلطة وجماعة الإخوان المسلمين في سوريا.

مولده وبداية حياته:

ولد النقيب الشهيد إبراهيم محمد إبراهيم اليوسف عام 1951م ولكنه سجل في قيد النفوس أنه من مواليد عام ١٩٥٠ في قرية تادف من ريف حلب، ونشأ في أسرة مسلمة فقيرة تعيش في مستوى اقتصادي واجتماعي دون المتوسط، حيث كان والده محمد إبراهيم اليوسف أمياً يعمل في الزراعة، ثم صار يعمل في بقالية، أما أمه فهي الحاجة عيوش حماد ربة بيت لا تحسن القراءة والكتابة .

ثم انتقلت عائلته لمدينة الرقة، وكان عمره سنتان .

دراسته ومراحل تعليمه :

درس بمدارس الرقة وعندما كان في الصف العاشر وبعد نكسة حزيران فكر مع صديق له أن يؤسس حزباً إسلامياً لإسقاط نظام حزب البعث في سوريا فبدأ بشراء الكتب الدينية والثقافية من أجل تنفيذ خطته.

وكان مغرماً بكتب سيد قطب إلى حدّ كبير .

 وكان يقضي غالب وقته في القراءة .

 التقى بالصف الحادي عشر مع عدنان عقلة الذي كان يخدم والده في سلك الشرطة في الرقة وبعد أن نالا الشهادة الثانوية افترقا .

حاز الشهيد إبراهيم اليوسف على الشهادة الثانوية الفرع العلمي من ثانوية الرشيد في الرقة .

-ثم التحق عدنان بالجامعة بفرع الهندسة بينما لم يستطع إبراهيم أن يسجل بالجامعة لسوء الحالة المادية لوالده وهو الولد الأكبر لعشرة أولاد لهذا انتسب للكلية الحربية .

انتسابه للجيش السوري :

انتسب للجيش السوري، وشارك في حرب تشرين، وانتسب إلى حزب البعث، ولاحظ انتشار الفساد والطائفية في الجيش، وكيف كانت الرتب العالية تمنح للضباط العلويين دون الطوائف الأخرى.

في أحد الأيام استدعي إبراهيم لمحاكمة حزبية، واتهم بأنه يضيع وقته في الصلاة فرد قائلاً : أنا أصلي بوقت استراحتي بينما هناك آخرون يشربون الخمر، فتم تجاهل الموضوع ، ولكن بعد فترة قصيرة نقل من قطعته العسكرية في الجبهة السورية (في الكسوة ) إلى مدرسة المدفعية في مدينة حلب .

عرف إبراهيم أن نقله كان عقاباً له على صلاته، فشعر بالألم للمعاملة العنصرية التي تعرض لها .

أحواله العائلية :

تزوج في 6/11/1974م من السيدة عزيزة جلود .

وأنجب منها ياسر وإسماعيل .

علاقته بالإخوان المسلمين وتنظيم الطليعة:

عاد إبراهيم إلى حلب، والتقى بصديقه القديم عدنان عقلة ( مسؤول تنظيم الطليعة في حلب بعد مروان حديد ) الذي لم يكن قد تخرج بعد، وزاره عدة زيارات في الجامعة، وتبادل معه الأحاديث حول الوضع القائم آنذاك في سوريا.

عرف عدنان أن ما يفكر به إبراهيم هو محاربة النظام بالقوة، فعرض عليه الانضمام لجماعة مروان حديد، ووافق إبراهيم على ذلك، فانضم إلى الطليعة المقاتلة لحزب الله، وكان هذا في يناير 1977 وفي العام نفسه رقي إبراهيم لرتبة نقيب، وأصبح أحد المنظمين لجماعة سرية (الطليعة) فبدأ بأخذ الحيطة والحذر وتغيير سلوكه والإيهام بعدم التدين ليستطيع العمل بنجاح .

كانت مهمته أن يكتب مسحاً لضباط المدرسة من ضباط جيدين وسيئين، وبقي على هذه الحال وكان يأتيه مسؤول تنظيمي كل أسبوع ليطلعه وليتدارسوا الأحداث ولإعطائه دروس دينية، استمر على هذا المنوال حتى مارس من عام ١٩٧٩ عندما لاحق الأمن جماعة مروان حديد وجماعة الإخوان المسلمين السورية، ولكن إبراهيم بقي بعيداً عن الشبهة لأنه لا يعرف سوى عدنان عقلة ومسؤوله التنظيمي ( الضابط في التدريب الجامعي أبو راشد عبد القادر الحربلي ) .

 اعتقل مسؤوله التنظيمي، وبقي يعيش هاجس الخوف من الاعتقال، وفكر بترك الجيش، ولكن منعه عدنان عقلة من ترك الجيش فهو على رأس عمله يخدم التنظيم أكثر من أن يلاحق، ويصبح عالة عليهم فهم يبيتون في كل بيت ليلة أو ليلتين لا أكثر حتى لا يسقطون في الاعتقال.

حادثة مدرسة المدفعية في حلب :

بقي عدنان وإبراهيم يفكران بعملية رداً على ملاحقة الأمن للتنظيم، وكانت تتوالى أخبار التعذيب من داخل السجون واعتقال كل من هو متدين، ويصلي، كما تم إعفاء كل مدرس متدين من التدريس، ونقله لصالح وزارة التموين، وإعفاء المعلمات المتدينات من التدريس ونقلهم لوظائف إدارية.

عرض إبراهيم فكرة أخذ طلاب الدورة التي يقوم على تدريبها كرهائن يبادلون فيهم أسرى أو كي يعلم العالم بما يحصل في سوريا من تمييز عنصري وطائفي ضد السنة

وظلوا يناقشون العملية أيام عدة وتداعياتها على الوضع العام وكيفية تنفيذها لقد توصلوا لنتيجة مفادها أنها ستكون عملية استشهادية، ويمكن أن لا يخرج أحد من الشباب حيّاً وأما عن تداعياتها فهي ستنبه السوريين إلى الطائفية التي تستشري في الجيش السوري .

 تم تنفيذ العملية وقتل الطلاب العلويين، وذلك في 16 يونيو 1979م استنكر الاخوان المسلمون العملية، واتهموا إبراهيم اليوسف بأنه بعثي نفذ العملية لانتقام شخصي، وأنه ليس من الطليعة المقاتلة ، بالرغم من أن جماعة الطليعة المنشقة عن الإخوان ساهموا في تنفيذ العملية .

تمت ملاحقة إبراهيم اليوسف، كما عرض النظام العفو عن شباب الطليعة مقابل تسليم إبراهيم اليوسف للأمن فرفضوا ذلك .

 عرض بعض شباب الطليعة على إبراهيم الخروج من سوريا إلى اليمن ففضل إبراهيم البقاء في بلده وقتال النظام السوري بالكفاح المسلح .

تنقل إبراهيم بين البيوت وقواعد تنظيم الطليعة، وقام ببعض العمليات العسكرية مع أعضاء التنظيم .

وفاته :

وبعد حوالي عام تقريباً استطاع النظام السوري قتل النقيب إبراهيم اليوسف والتخلص منه في 2 يونيو 1980 .

ولا يعرف الناس أين دفن وربما مثلوا بجسده ليفرغوا أحقادهم في جسده .

ورثاه بعض الشعراء، ونعاه عدنان عقلة في كلمة مسجلة بصوته .

أسرته :

ولم يترك الشهيد خلفه غير شريط مسجل بصوته ، وجه فيه تحذيراً ضد النظام ، ولم يترك غير رفيقة دربه وبنت وولدين وتمت ملاحقة أسرته واعتقال جميع أفرادها وتعذيبهم والتنكيل بهم، حتى تم قتل إبراهيم اليوسف، ولكن استمر اعتقال زوجته عزيزة جلود حتى لا يفكر أحد من ضباط الجيش بمعاداة السلطة .

ثم أطلق سراح زوجته عزيزة جلود عام 1991م ومازالت وفية لمبادئ الشهيد، وترعى أولاده ياسر وإخوته .

أخلاقه وصفاته :

كان رحمه الله رجلاً يجمع المتناقضات فهو شخصية عسكرية قوية ومع ذلك تصفه زوجته بأنه كان نعم الزوج والأخ والابن .

حاثة المدفعية :

كانت حادثة المدفعية عملا كارثيا بالنسبة لتنظيم الإخوان المسلمين ، لأنها كانت السبب في تعطيل برامج الجماعة وعرقلة مسيرتها الدعوية، فالجماعة قد وضعت لنفسها خطة التزمت بها، وتقيدت ببنودها ومراحلها ووسائلها، وكان أهم ما ورد فيها برنامج الجماعة في التعريف الذي يشمل التبليغ ونشر مبادئ الإسلام باللسان والبيان والقلم وجميع وسائل النشر المستحدثة، تأتي المرحلة التي تعقبها، وهي مرحلة التكوين التي تهدف إلى تهيئة العناصر القيادية في داخل التنظيم وفي خارجه ، وفي الدوائر والمؤسسات ومرافق المجتمع كلها، وأن تسير المرحلتان معا دون أن يستغنى عن أي منها، كما أن الخطة نصت بوضوح تام على تجنب الصدام مع السلطة المتعطشة لدماء المواطنين، ولا سما ذوو الاتجاهات الإسلامية منهم تحت أي ظرف، مهما كانت وأيا كانت درجة الاستفزاز من دوائر السلطة الأمنية والحزبية وميليشيات النظام، وقد نشرنا هذه الخطة كاملة في نهاية المجلد الثالث من هذه الموسوعة الخاصة بتاريخ الإخوان المسلمين كجزء من المجتمع وليست منفصلة عنه.

ولم يكن مضى على إقرار الخطة عدة أشهر حتى وقعت حادثة المدفعية، قبل أن نبدأ بتنفيذ بنود الخطة، ولا سيما فيما له صلة بتطوير القوى -على كل الصعد التربوية والاجتماعية والنسائية ... إلخ- وتكوين القيادات، وإعداد الكوادر، فكانت هذه الحادثة كوقع الفأس على الرأس ، لأنها جاءت سببا موجعا في تعطيل برامج الجماعة على كل الصعد ، ولم نكن نعلم عنها وعن الذين قاموا بها شيئا ، حتى قرأنا تصريحات عدنان عقلة فيما بعد ينسبها إلى نفسه ، وإلى رفيقه في نشأتهما بمدينة الرقة : النقيب إبراهيم اليوسف متباهيا في هذا الأمر ، ومفاخرا في إنجازه وتنفيذه.

1- سارعت الجماعة إلى الإعلان عن عدم علمها بحادثة المدفعية وبمن قام بتنفيذها ، لأنها تتعارض تفكير الجماعة كما وردت تفصيلا في الخطة ، وكما أدت الجماعة النأي بنفسها وبأبنائها عن كل صدام أيا كانت حالة الاستفزاز التي درجت عليها مؤسسات السلطة الأمنية وغيرها ضد المواطنين ، وقد سمعت من الشهيد عبد الستار الزعيم رحمه الله أنه حذر من أي عمل في القتل الجماعي الذي يطول مواطنين أبرياء لا ذنب لهم ، وهذا مرفوض ومحرم بالإسلام على إطلاقه ، لكن عدنان عقلة الذي نسب نفسه إلى مجموعة مروان حديد رحمه الله التي يزعم أن مروان قد أنشأها، وهذا الزعم لا أصل له البتة ، فمروان لم ينشئ ما يسمى بالطليعة، ولم يستخدم هذا المصطلح قط، بل إن عدنان عقلة عندما قابلته لأول مرة في إيطاليا بعد خروجه من سورية -وكان من قبل يخون ويكفر كل من يغادر سورية- متى كانت آخر مرة قابلت بها مروان؟ فأجاب : لم ألتق بمروان في حياتي ولم أره قط.

كانت عائلة عدنان عقلة قد نزحت من الجولان بعد تسليمه إلى إسرائيل ، واستقر والده في مدينة الرقة ، يعمل فيها خبازا ، وبعد حصوله على الثانوية انتقل إلى حلب ، والتحق بكلية الهندسة ، وانتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين ، فلم تمض على انتسابه فترى قصيرة حتى صدر قرار بفصله من الجماعة بعد أن لمسوا منه خروجا على منهاج الجماعة ، وتمردا وطموحا غير مألوف ، وتطلعا إلى الزعامة بأي وسيلة كانت.

عقد عدنان عقلة صلته بالنقيب إبراهيم اليوسف الضابط في الجيش السوري بعد أن تم التعارف بينهما في الرقة أو حلب على ما يذكره البعض ، ونجم عن هذه الصداقة حادثة المدفعية في الثكنة العسكرية ( الراموسة ) في حلب.

2- لم نكن نسمع أو سمعنا عن النقيب إبراهيم اليوسف قبل حادثة المدفعية ، فهو لم يكن من الإخوان قط ، بل كان بعثيا منذ فترة طويلة ، حتى بلغ درجة العضو العامل في الحزب ، وعضوية التنظيم العسكري في الجيش.

تساءل كثيرون عن الدوافع الحقيقية لهذا العمل الجري والفظيع في مدرسة المدفعية ، وذهب ضحاياها العشرات كما قال البيان الرسمي لحكومة الأقلية ، فالبعض يذكر أنما رأى النقيب إبراهيم اليوسف من تحيز طائفي ، وملء كوادر الجيش بأبناء الطائفة العلوية ، وإن لم يكونوا من ذوي الكفاءة ، وإقصاء أبناء الأكثرية السنية ، وأبناء الطوائف الأخرى ، هو الذي أثار حفيظته وسخطه ، وشحنه بالحقد على هذه الفئة البغية المتسلطة التي كشرت عن أنيابها ، وكشفت عن أهدافها بتحويل الجيش السوري من مؤسسة وطنية إلى كتلة طائفية ، فأقامت أكبر دورة لسلاح المدفعية شملت حوالي 300 طالب ضابط مدفعي، كان العلويون يشكلون أكثر من 90% منها ، وحوالي 10% من أبناء الأكثرية، ومن أبناء الطوائف الأخرى كالمسيحيين والدروز والإسماعيليين ، بل أن البعض قدر عدد العلويين في الدورة بـ 285 وعدد الآخرين 15 ، لتكون نسبة الجميع 5% ونسبة العلويين 95% ليكون سلاح المدفعية وقفا على العلويين ، بالإضافة إلى ما شكله الطائفيون ، وعلى التحديد والتحري بعض الطائفيين من مليشيات يغلب عليها الطابع الطائفي ، مثل سرايا الدفاع وسرايا الصراع والوحدات الخاصة والحرس الجمهوري...إلخ.

وجد النقيب إبراهيم اليوسف في عدنان عقلة تجاوبا للقيام بتوجيه ضربة قاتلة وفاضحة في هذا التمييز الطائفي المنتن.

كان النقيب إبراهيم هو الضابط المناوب والقائم بإدارة التوجيه المعنوي -السياسي- للطلبة من دورة سلاح المدفعية ، فاتفق مع عدنان عقلة الذي قدم له عددا من الذين وافقوه على تنفيذ العملية ، وهيأ لذلك كل أسبابها ، حيث ادخل مجموعة التنفيذ بسيارة مغطاة لم ير الحرس أحدا منهم ، وأوكل إليهم العمل التنفيذي فضلا ، فبدأوا باعتقال الحرس وإبعادهم ، وتعطيل غرفة الاتصالات السلكية واللاسلكية ، ثم دعا طلاب الدورة إلى اجتماع طارئ وسريع في قاعة المحاضرات ، باعتباره ضابط الأمن الذي يمثل السلطة الحزبية ، يحضره قائد اللواء ليلقي بهم كلمة مهمة ، فتسارع الطلاب الضباط إلى القاعة ، فالتف المنفذون حول القاعة ، وأخذ كل واحد منهم موقعه خلف إحدى النوافذ ، وشرعوا في إطلاق النار من الرشاشات وإلقاء القنابل اليدوية ، حتى قتل أكثر من في القاعة ، فغادرت المجموعة المنفذة الثكنة ، فكان هذا الحادث كارثة مؤلمة للسلطة الحاكمة ، وللطائفيين الطغاة المتسلطين على رقاب المواطنين.

3- لم تعلم السلطات بحادثة المدفعية إلا بعد ساعتين من وقوعها فجن جنونها ، وشرعت بإصدار البيانات التي بدأ التخبط في كل كلماتها ، فالحادثة وقعت في 16-6-1979 ، وكان ضحاياها كما جاء قبل قليل من العلويين ، فشكل هذا الحدث فضيحة للطائفيين المتسلطين على الحكم ، أراد المسؤولون في السلطة الباغية أن يستروا هذه الفضيحة ، فأعلن وزير الإعلام : أحمد إسكندر أحمد أن الضحايا من كل الطوائف ، وأن بينهم ضحايا مسلمين ومسيحيين ، ثم أتهم الوزير الإخوان المسلمين في 22-6- 1979 بحادثة المدفعية ، وفي تنفيذ الاغتيالات دون أن يكون لديه دليل واحد على اتهامه ، أما الإخوان المسلمون فقد سارعوا إلى شجب الحادثة ، مؤكدين عدم علمهم بها وبمن نفذها ، وبالرغم من مكابرة السلطة وإصرارها على اتهام الإخوان ، فإن عدنان عقلة بعد فترة قصيرة ، نسب حادثة المدفعية إلى نفسه ، وافتخر بتنفيذها مع النقيب إبراهيم اليوسف.

لم يكتف الإخوان بشجب الحادثة وبالتأكيد على عدم صلتهم من قريب أو بعيد بها ، بل نشروا ذلك بما يملكونه من وسائل النشر ، بل تحدى بيان صادر عن الجماعة أ ن تثبت أي جهة في العالم بتحقيق حيادي نزيه أن تكون قيادتهم أو عناصرهم قد مارست مثل هذا العمل وأشباهه طيلة عمرها المديد ، ثم نشرت ذلك في مجلة المجتمع الكويتية ذات الشهرة في العالم الإسلامي, ونفت نفيا قاطعا هذا الحادث في عددها 452 المؤرخ في 3- 7- 1979.

عقد وزير الداخلية عدنان دباغ الذي كان إحدى الواجهات للحكم الطائفي مقابل متع رخيصة عرف بها ، مؤتمراً صحفياً في 22-6- 1979 أعلن فيه الحرب على الجماعة واستباحة دماء أبنائها ، فاعتصم الإخوان بالله ، ثم بالصبر لمواجهة هذا الابتلاء ، وتعرضت الجماعة للملاحقة والفتك والقتل في البيوت والشوارع وعلى قارعة الطريق ، مما اضطر ، بعد ذلك الملاحقين بعد أكثر من ثلاثة ، أشهر أن يقرروا الدفاع عن أنفسهم ، ليستشهد منهم أعداد ، وتختفي أعداد ، وتغادر أعداد أخرى إلى أرض الله الواسعة.

كان لحادثة المدفعية أثر سلبي وآخر إيجابي ، فقد ألحق في الجماعة كبيرة ، وعطل برامجها وتنفيذ خطتها وكل مشروعاتها التي كانت ترمي إلى التغيير السلمي في المجتمع السوري عن طريق التبليغ والنشر والتوجيه والاتصال وتشكيل الأسرة.. الخ -التعريف- والتكوين وتهيئة الكوادر والدعاة وعناصر الاختصاص في كل حقول المعرفة ، وما يتطلبه بناء الدولة الحديثة والمجتمع من قيادات فنية وتنفيذيه ، كما جرأت السلطة على الإسراف في القتل والاغتيال وسفك الدماء. أما الجانب الإيجابي ، فهو فضح السياسة الطائفية لحكم الأقلية ، إذ كشفت حادثة المدفعية النظام وعرته من آخر ورقة توت كان يحاول أن يستر بها سياسته الطائفية في داخل سورية ، وفي المحيط الدولي ، فقد ذكر ميشيل سيرو كما نقل عنه المؤلف فان دام ، وتقرير الشرق الأوسط أن 282 طالبا عسكريا من بين 300 طالب كانوا من العلويين ، فانقض عليهم بعض رفاقهم من البعثيين -المقصود إبراهيم اليوسف- الذين لم يتحملوا هذا التعصب الطائفي ، وأوقعوا مقتلة كبيرة ، وأثبتت أيضًا أن هذا الاغتيال لم يكن ذا علاقة بالإسلاميين ( ) ، وذهب ديفيد هيرست إلى حد القول : إنه ليس البعثيون هم الذين يحكمون البلاد بأي معنى من المعاني ، بل هم العلويون الذين يحكمون البلاد من خلال الحزب ، وعمليا من خلال تضامنهم الخفي ، داخل الحزب والمؤسسات الهامة الأخرى ، وخلف الواجهة ، فإن أفضل مؤهل للسلطة بمقياس حكم الأقلية هو الصلة من خلال العائلة أو العشيرة أو الطائفة أو أبناء المنطقة من العلويين ، وصلتهم بالعلوي الأول في البلاد الرئيس حافظ أسد .

كتب عنه :

قلة قليلة من الكتاب الذين تحدثوا عنه حتى مؤرخي الإخوان ثم قيض الله الفرصة لزوجته (عزيزة جلود) أن تصدر كتاباً تحدثت فيه عن سيرة حياة الشهيد وعن مذكراتها في السجن .

ولقد حظيت شخصيته بإعجاب الشعراء واحترام العامة، فها هو الشاعر يحيى بشير حاج يحيى يقول في ذكرى استشهاده :

ستبقى يا أخا الإسلام رمزاً        لكل مجـــــــــــــــــــــــــاهد يأبى الدنية

وعنواناً لمن بذلوا دماهم !!      وما خانوا الإخاء ولا القضية !!

فإن تمضوا ففي جناتِ عدن ٍ     منـــــــــــــــــــــازلكم لدى ربّ البرية

طــــــــــــلائع زحفنا كنتم وأنتم      رجـــــــــــــــــــــالٌ لا يهـــــــــــــــــابون المنية !

سلكتم للجهاد طريقَ عزّ         به راياتنا تعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلو أبيّة !!

وسوم: العدد 665