الشيخ الداعية المفكر منير الغضبان ...

رجل فقدناه

د. منير الغضبان رحمه الله

زهير سالم

[email protected]

رحم الله أبا عامر ، تغمد الله أباعتبة بواسع مغفرته ورضوانه ..

فقدت جماعة الإخوان المسلمين في سورية اليوم الثالث من شعبان / 1435 الموافق الأول من حزيران علما من أعلامها ، وقائدا من قادتها ، ومفكرا من مفكريها ؛ بل فقدته أمة العرب والمسلمين ، فقده الحرف واليراع والقرطاس وهو الذي قضى عمرا صالحا يقدم لشباب الأمة من محيطها إلى خليجها عصارة فكر ، وخلاصة تجارب ، وفقها حركيا يستلهم النص الشرعي ويسقطه على واقع الأمة بكل مافيه من خلل واعوجاج محاولا التسديد والتقويم ..

رحم الله أبا عامر وقد جعل من سيرة الرسول الحبيب نهجا ، وسير الصحب الكرام نبراسا يهتدي بها ويهدي . يدل على الخير ، وينهج سبل السلام في محاولات جادة لجهد بشري في زمن انصرف فيه الكثيرون عن العلم أو إلى العلم الذي لا يجيب على أسئلة أبناء العصر ، ولا يلبي تطلعلتهم ، ولا يشفي غليلهم ..

رحمك الله أخي أبا عتبة  كنت والقلم بيدك كأنه رمح تذود به عن دين ، وتدافع به عن شريعة ، وتهدي به إلى رشد ، فلم تترك بابا من أبواب العصر إلا وطرقته ، كتبت للكبار وللصغار كتبت للشباب والصبايا وكتبت باسم منير الغضبان وكتبت باسم غيره كثيرا ، غير متطلع لشهرة كما أخبرتني يوما بأن الذي يهمك أن تنتشر الفكرة ، وأن تصل إلى الناس ، ولو في سيناريو مسلسل تلفزيوني ينسب إلى من يريد المخرج أن ينسبه ..

رحمك الله ، وقد ودعت بعد أن تعبت الراحلة ، وما كلت النفس العظيمة فتركت من كتبك خزائن من علم تنتفع به الأجيال عرفه من عرفه وجهله من جهله . وإن الجائزة الحقيقية التي نرجو أن تنالها عن أبحاثك المتميزة في السيرة النبوية ليست هذه التي اعترف لك بها أهل الدنيا من رواد العلم والمعرفة وإنما هي تلك التي ندعو الله أن يغمرك بها عن شرح لسيرة نبيه نورا وبهاء وفضلا وأجرا ..

رحمك الله أخي أبا عامر وأما ما تركت من علم ومعرفة فهو مطبوع في أكثره مسطور . يصل إلى يد بغاة الخير عندما يريدون ..

وأما الذي لا يعرفه عنك إلا الأقلون  من الذين قاربوك وعاشروك فهو قلبك الكبير ، وصدرك الواسع ، وحلمك على إخوانك ، وروحك الآلفة المألوفة وحرصك على أن تكون مفتاحا لكل خير مغلاقا لكل خصومة وشر ، تجمع ولا تفرق ولو على حساب ما يسميه البعض مكانتهم أو كرامتهم كل ذلك في سبيل خدمة الدعوة التي بها آمنت ، والطريقة التي بها التزمت والنهج الرباني الذي ارتضيت ...

شغلت في جماعتك جماعة الإخوان المسلمين كل المواقع فكنت فيها مراقبا عاما وكنت مرات رئيسا لمجلس الشورى وكنت وكنت ولكن كل هذه المواقع لم تمنعك أبدا أن تكون الجندي المنفذ حيث تقتضي مصلحة دعوتك أن تكون ..

تودعنا اليوم  يا أبا عتبة وقد التوى الطريق ، وتاه الدليل ، واشتدت الظلماء وفي مثلها يفتقد العقلاء مثلك ..

رحم الله أخانا الشيخ منير الغضبان ، وأحسن نزله ، ورفعه في عليين . اللهم تقبل منه أحسن ما عمل وزده من فضلك وتجاوز عما تعلم إنك أنت الغفور الرحيم  ...

ونتقدم بأحر آيات العزاء لأمة الإسلام في عالم من علمائها ومفكر من مفكريها ، ولشعب سورية في رائد من رواده للخير والبر والمعروف ، ولجماعة الإخوان المسلمين في قائد من قادتها وعلم من أعلامها ، ولإخوان الفقيد وأحبابه ولأسرته وأنجاله أجمعين ...

اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ..

وإنا على فراقك يا أخي أباعتبة لمحزونون ..

ولا نقول إلا ما يرضي ربنا : إنا لله وإنا إليه راجعون ...

               

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية