مَنْ أنا ؟؟

الشيخ حسن عبد الحميد

( سيرة ذاتية متواضعة )

clip_image001_9e27e.jpg

البعض يتخيلني شيخ طريقة له جبة في كمها الأيمن ينام جدي ، وفي الكم الثاني يأوي إليه ديك هندي يلهو ويرتع !!

لم أكن من أولاد الأغنياء !!! 

فأبي موظف صغير عند المدعي العام في حلب ، ولولا حنو صديق الوالد الحاج صادق الياسمين مختار حي المصاري لعشت حياة بهدلة !!!

لما وعيت أدخلني والدي زاوية قرآنية شيخها الشيخ يازي الدبك وفيها ختمت القرآن ، واتقنت تلاوته وأقيم لي احتفال فاخر بمناسبة تخرجي من هذه الزاوية ، ولأن والدي رحمه الله أوصى الشيخ اللحم لك والعظم لي والشيخ له رماح تؤدب الولد البعيد ، فإذا قال جيبوا أخو المنكوحة فمعناها أن عزرائيل حضر ، وصار الولد أقرب إلى الموت .

عشنا حياة فقر انتقلت بعدها إلى المدرسة وكان مديرها الأستاذ ياسين النجار والد الصديق الصدوق الدكتور حسان نجار ، كنا نأخذ غداءنا معنا وهو رمانة حامضة وحفنة زبيب وكعكة فقط ، وعند الترفيه نضيف بلاط جهنم وهو عبارة عن هريسة أعلاها أبيض وأسفلها أحمر

ماذقت الأرز إلا يوم دعتنا البلدية بعد حمام وحلاقة ، وذقنا الرز لأول مرة وهو من أجل خاطر المستشار الفرنسي الذي حضر للمدينة وأقيم له حفل شعبي كبير

كنا في زمن يعد فيه من العيب لبس البنطلون ، ونقلد مشيته بتحريك الأصبعين ، ونقول عنه لابس شقفتين سترة وبنطلون ، وشخاخ على الواقف ، كنا نعتبر البول على الواقف عيب وحرام ، أليس له رزاد وأغلب عذاب القبر من عدم التنزه من البول .

أنهيت المرحلة الابتدائية وكان لنا أساتذة كلهم من حلب ، غرسوا فينا الوطنية من خلال محفوظات تلخص : أنت سوريا بلادي فجر أنوار الهدى ...

ولما أكملت الدراسة الابتدائية أسلمني والدي إلى المدرسة الخسروية ، وهي من بناء خسرو باشا العثماني ، وكان في هذه المدرسة علماء حلب الكبار، وهم أئمة في علومهم ، أذكر منهم الشيخ سعيد الإدلبي شافعي زمانه ، ومحمد جبريني سيبويه زمانه ، ومحمد راغب الطباخ  رحمهم المولى ، وكان لباس الرأس الطربوش ، وفي الصفوف العليا يستبدل بعمامة صغيرة

لبستها مرة لما حضرت اضراب حلب وانطلقنا في مظاهرتنا من ثانوية المأمون ، وكانت جماهير الطلاب تضع طلاب الخسروية في المقدمة من أجل البركة ولأن لبسهم ملفت للنظر طرابيش وعمائم .

سكنت في غرفة في المدرسة القرناصية في مدخل الفرافرة ، وكنت مع الطلاب الآخرين نحضر محاضرات دعوية في مركز الإخوان في الجميلية في شارع اسكندرون ، كان من ألمع أساتذتنا أبو الخير زين العابدين المهاجر من اللواء ، والموسوعة الثقافية أمين الله عيروض ، وكان يحضر في المولد النبوي الشريف المراقب العام الشيخ مصطفى السباعي .

واستلم البعث الحكم ، واضربت حلب احتجاجا على استلام الحكم من قبل بعث كافر فاجر ، واذكر أن سويقة الحجارين كانت مضربة وكان المحافظ وقادة الجيش يكسرون الأقفال ويفتحون المحلات بالقوة ، ووقف أحد الجنرالات من أذناب فرنسا بعد كسر القفل وقف قائلا ( سنعبد الفرج للمرأة وقالها بالكاف والسين ، قال سنعبده مادخل المشايخ فينا ) وعند توسعي بدراسة الطائفة القابعة وراء الحزب وجدت أنهم يقدسون هذه القطعة من جسم المرأة ؟؟

ومرت الأيام في صراع مع الحزب القائد أو الخاين فبسببه ضاعت الجولان ، وكان أول من هرب على حمار أبيض رئيس الأركان السويداني ، وقد حدثني الملازم المسلم أبو إبراهيم عن هذه الهزيمة بشكل ينكس الرأس ، قلت وأنا الذي خرج إلى القرى في أسبوع التسليح مع مدير المنطقة ، قلت ياحيف على التعب  !!!!

يصرخ القائد ملازم فلان ضع فوقي قش ، فقال الملازم سيدي درست في الاكاديميات العسكرية الروسية وغيرها وتطلب مني أن أضع القش ، ولك ضع فوقي قش !!!!!!

ومرت الأيام واستلم الحكم البعث ومن وراءه الطائفة التي تخطط لمستقبل مظلم لسوريا ، وعارضنا ودخلنا السجون والمعتقلات ؟؟؟

كنت أحضر حفلا في جامع العشرة في مدينتي عند الباب سيارة للزبانية اقتادوني إلى حلب ومنها إلى دمشق لسجن المزة وهو فندق بدون نجوم لكل من حدثته نفسه بالثورة على حكم طائفي ؟؟؟

وسلمتني الدورية الحلبية إلى حكام سجن المزة  ،  وطُلب مني أن أحمل بطانية قال إحمل إحرامك وانقلع !!!

همست باذنه أني صديق لرئيس الأركان ، فقال لي بالحرف الواحد : (ألف ياء راء ) فيك وفي حكمت ؟؟؟؟

ومكثت أسابيع كان طعامنا أشبه بأكل كلب ، وأصوات التعذيب وألوانه تصل إلى عنان السماء

ومن هنا عرفت أن القوم متمكنون وأرجلهم على صخر ، هكذا بكل بساطة .... فيك وفي حكمت ،

ورددت المثل إنما أكلت يوم أُكل الثور الأبيض

تالله ماالدعوات تهزم بالأذى أبدا 

وفي التاريخ بر يميني ...

ضع في يدي القيد ألهب أضلعي 

بالسوط ضع عنقي على السكين

لن تستطيع حصار فكري ساعة 

أو نزع إيماني ونور يقيني 

فالنور في قلبي وقلبي في يدي

ربي .. وربي ناصري ومعيني ..

سأعيش معتصما بحبل عقيدتي 

وأموت مبتسما ليحيا ديني

وللحديث بقية ....

وحسبنا الله ونعم الوكيل 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 682