الشاعر الداعية الدكتور محمد حكمت وليد

 (1944- معاصر)

clip_image002_e3213.jpg

المبحث الأول : عصر الشاعر الدكتور محمد حكمت وليد :

إن مما لا شك فيه أن الإنسان يخالط الناس، ويتعامل معهم، ويحتاج بعضهم لبعض ، ويتأثر بمن حوله، ويؤثر فيهم، وللبيئة أثر كبير في حياة الشخص، والدارس لأي علم لا بدّ وأن يسلط الضوء أولاً على العصر الذي عاش فيه، لما له من أثر في تكوين شخصيته التكوين السياسي والاجتماعي والعلمي والديني، فقد ولد الدكتور محمد حكمت وليد في سورية عام 1944م، وتنقل بين بريطانيا، والسعودية، وتركيا، وفي هذه الفترة مرت بالأمة العربية والإسلامية أحداث كثيرة كان لها أثر في تكوين شخصية ونبوغ عقله وبراعة قلمه، فعصره من أشد العصور بلاء وأكثرها اضطراباً على ما سيأتي .

وسأتطرق في عصر الدكتور محمد حكمت وليد للحالة السياسية والاجتماعية والعلمية والدينية في الفترة التي عاش فيها في سوريا من عام 1944 حتى عام 1979م .

الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية والعلمية في عصر الدكتور محمد حكمت وليد :

كانت بلاد الشام قوية مترابطة متماسكة منذ فتح المسلمين لها، وعندما دخلت في ظل الدولة العثمانية وتقدمت فتوحاتها إلى أوساط أوربا ، رأت الدول الأوربية في وحدة المسلمين في بلاد الشام قوة للإسلام والمسلمين ، فوضعت الخطط لقتالها وإخراجها من بلاد الشام والعمل على تجزئتها ودعم كل حركة تقوم ضدها، وإعطائها صفة الإخلاص والوطنية، وسعت إلى تفتيت وحدة المسلمين في الشام وغيرها، فدعمت الطائفية ووضعت قانون الطوائف الذي ثار عليه الناس وحرضهم العلماء على رفضه، وزرعت فكرة القومية العربية بين نصارى لبنان، فطلب رواد القومية الانفصال عن الخلافة العثمانية، فاستغلت بريطانيا وغيرها مشاعر العداء المتنامية من العرب ضد العثمانيين؛ لتحقيق مآربها من القضاء على الخلافة العثمانية، فحصل مقصودهم، وسقطت الخلافة في 27 رجب عام 1342ه / الموافق 3 آذار عام 1924م، فتقاسم المستعمرون الغنيمة في سايكس بيكو، فأخذت فرنسا سوريا ولبنان ، وأخذت بريطانيا فلسطين والعراق ، وتم كل ذلك ليجري التمهيد لقيام دولة إسرائيل ، ولما ارتأت الصهيونية والصليبية أن ترحل الاحتلال الأجنبي أحلت محله من يقوم بنفس الدور بغير خسائر للأجنبي وبأداء أفضل من الأجنبي وهو الاستعمار الجديد الذي يتمثل في اتخاذ المسلمين تربت على الفكر الغربي، وتعمل لمصلحته .

وكانت الفترة بين ( 1919- 1946م ) هي فترة الحكم الفرنسي والثورات الوطنية:

دخلت القوات الفرنسية إلى سوريا، وقضت على سيادة الدولة المستقلة وعلى مظاهر الحكم الوطني بها، فقد أنزل العلم العربي، ورفع مكانه العلم الفرنسي، وفرضوا حكم العسكر، وأعدم مجموعة من الوطنيين، وقامت السلطات الفرنسية بنزع السلاح من بقايا الجيش العربي وتسليم معداته إلى الجيش الفرنسي ، كما طلبوا تسليم المدنيين الثوار، ونزع سلاح الأهالي، وفرضوا على ضريبة مالية مقدارها (10) ملايين فرنك في ذلك الوقت،  وألغوا القوانين التي صدرت في العهد الوطني، فألغت صلاحيات الحكومة السورية، وسيطرت على الجيش، والأمن العام والجمارك والشركات، وخط حديد الحجاز .

وحكمت فرنسة بالتشريع العلماني البعيد عن الدين، وأخضعت الأوقاف لسلطتها المباشرة، وفرضت اللغة والثقافة الفرنسية في الإدارات والمحاكم، وأهملت شأن اللغة العربية، وعملت على إثارة التفرقة العنصرية، وتشجيع الخلافات المذهبية بين السكان واستغلالها، وتجنيد بعضها ضد بعض، وأصدرت قانون الطوائف، وربطت الاقتصاد السوري بالاقتصاد الفرنسي، وربطت العملة السورية بالعملة الفرنسية .

واتخذت وسائل القمع ضد الأحرار من سجن، ونفي، وتعذيب، وفرضت الأحكام العرفية، وخنقت الحريات، وقامت الثورات المتلاحقة ضد المستعمر الفاسد إلى أن جاءت الثورة السورية الكبرى عام 1925م، وطالبت بالاستقلال وإلغاء الانتداب وتأليف جمعية تأسيسية ووضع دستور للبلاد .

فتم في فبراير 1928م تعيين حكومة سورية مؤقتة قامت بإجراء انتخابات لتأليف الجمعية التأسيسية السورية، وحُلّت هذه الجمعية عام 1930م .

وفي عام 1932م ظهرت تنظيمات سياسية دعت إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف ضد المستعمر مثل (الكتلة الوطنية)، فجرى انتخاب أول برلمان سوري، وأجبرت فرنسة على الاعتراف باستقلال سورية في معاهدة تبقي التعاون معها في شتى الميادين في عام 1936م .

وفي نهاية 1938م أعلنت فرنسة رفضها للمعاهدة، فثار الشعب، وأضرب البرلمان،

وفي عام 1941م أعلن استقلال لبنان عن سوريا، وبقيت تابعة بشكل فعلي للمندوب السامي الفرنسي .

وفي عام 1943م جرت انتخابات فاز فيها الوطنيون، وانتخب شكري القوتلي رئيساً لسورية .

واستقلت سورية في 17 نيسان عام 1946م، وكثرت الانقلابات العسكرية بعد ذلك، ففي عام 1949م جرى ثلاث انقلابات يقودها العسكر في سورية : حسني الزعيم، وأديب الشيشكلي، وسامي الحناوي ..وكان وراء تلك الانقلابات دوماً مخابرات شرقية أو غربية .

وغير حسني الزعيم الدستور، وألغى البرلمان والوزارة، وحلت القوانين المدنية محل الشريعة ما عدا (الأحوال الشخصية) حيث شارك في وضعها د. الدواليبي ومصطفى الزرقا، وعلي الطنطاوي ..وأساتذة كلية الشريعة  .

ودخل الشيشكلي في صراع مع الحركة الإسلامية، فأغلق المجلة والجريدة الناطقة باسمها، واعتقل المؤسس مصطفى السباعي، ثم نفاه إلى لبنان .

وكانت فترة الخمسينات ربيع الحرية والديمقراطية في سورية ، وشاركت الأحزاب العلمانية والإسلامية في سياسية البلاد ...

وفي عام 1958م اتحدت مصر مع سورية، وحلت الأحزاب لأن جمال عبد الناصر يعتبر من تحزب فقد خان. ورفعت الحركة الإسلامية شعارها الوحدة جزء من عقيدتنا

 ثم جاء الانفصال عام 1961م ..وعادت الحياة الديمقراطية إلى البلاد، وانتخب د. ناظم القدسي رئيساً للدولة، وصبري العسلي رئيساً للوزراء، وضمت الوزارة أكثر من مرة : الأستاذ محمد المبارك، وأحمد مظهر العظمة، ومصطفى الزرقا، وأحمد مهدي خضر، وعمر عودة الخطيب، وانتخب الدكتور معروف الدواليبي رئيساً للبرلمان، ودخلت الحركة الإسلامية في البرلمان بعشرة مقاعد ما عدا المستقلين، وشكلت الكتلة التعاونية الإسلامية التي ترأسها الأستاذ عصام العطار .

وفي 8 آذار عام 1963م جاءت ثورة آذار بحزب البعث العربي الاشتراكي الذي ضيق على الحريات، وصادر البرلمان، وكان يزور الانتخابات  .

وفي 16 تشرين الثاني عام 1970م أجرى حافظ أسد انقلاباً عسكرياً على رفاقه في حزب البعث، وحكم سورية ثلاثين سنة بسياسة الحديد والنار، وسعى جاهداً لتفريغ الإسلام من داخله، ثم أورث الحكم لولده القاصر بشار حافظ الأسد، الذي زعم أنه يريد الإصلاح والتطوير، ولكنه أعاد سورية إلى الوراء قروناً في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

-التطورات الاقتصادية :

عانى السوريون ظروفاً اقتصادية صعبة، فضلاً عن التدهور والمعاناة إثر انتهاء الحرب العالمية الأولى التي ألقت بنتائجها، ولاسيما على الفئات المتوسطة والفقيرة، وكذلك إثر انتهاء الحكومة العربية في دمشق 1920م، إذ وقعت سوريا تحت الانتداب الفرنسي، ولم يكن الانتدابُ إلا جزءاً من مخططات الغرب الأوربي لشرعنة الاحتلال ومراعاة المصالح الاستعمارية، والعمل على ديمومة خطوط الإمداد الاقتصادية من سوريا عبر استغلال، واستنزاف الموارد المحلية.

فرضت فرنسا بعد احتلالها لسوريا، سياسة اقتصادية، جعلت من خلالها سوريا مصدراً مهما لاستيراد الخامات وسوقاً واسعة لتصريف منتجاتها الصناعية، ومن أجل تطبيق هذه السياسة سعت فرنسا إلى إيجاد قوة محلية موالية تعتمد عليها، فقد استمر النظام الاقطاعي خلال مراحل الانتداب الفرنسي، إذ حكمت سوريا قلة تتألف من خمسين أسرة تقريباً كانت تقطن مدن حلب، ودمشق، وحمص وحماة، وكانت أسماء هذه الأسر تتكرر نفسها دائماً مثل: مردم، والأتاسي والحكيم، فضلاً عن أسر أخرى معظمها إقطاعية.

إن هذه الطبقة المتنفذة مثلت ثقلاً أساسياً في المجتمع السوري من خلال سيطرتها على الزراعة وامتلاكها للخبرة المالية، والسياسية، فضلاً عن تقوية فرنسا لهم عن طريق تركيز ملكية الأراضي الزراعية بيد الإقطاعيين، وتجريد الفلاحين من أراضيهم، وأن سوريا ومنذ اليوم الأول للانتداب الفرنسي ونتيجة للسياسة الاقتصادية المتبعة في البلاد تعرضت إلى سلسلة من الأزمات المتلاحقة، وبسبب هذه السياسة وفقدان الاستقرار الأمني، فقدت الثقة في السوق التجاري السوري، وضاق حجمها، وأعلنت 118 حالة إفلاس رسمية لمختلف الأعمال المحلية، وبدأت الضرائب تزداد والإجراءات الجمركية المتشددة، فضلاً عن تقسيم سلطات الانتداب سوريا إلى دويلات صغيرة، واجتياح البلاد موجة من الغلاء في المواد الأساسية؛ ترتب عليها تعطيل واضح في المعاملات التجارية للأسواق المحلية السورية، ولجوء سلطات الاحتلال إلى فرض قيود على تصدير بعض المواد بحجة تأمين حاجة الجيش مثل (التبغ) .

وبعد الاستقلال جرى تحسن قليل في المجال الاقتصادي، ولكن غاب التخطيط، وفي عهد الوحدة والعهد الاشتراكي جرى تأميم الأراضي وهرب أصحاب رؤوس الأموال خارج البلاد خوفاً من تهمة الرجعية ومحاربة الإقطاع .

تطور الحياة الاجتماعية في سورية :

كان الوضع الاقتصادي المتردي بوجه عام، يساعد على قيام تجزئة اجتماعية لها دور كبير في عدم استقرار المجتمع السوري، وهذه التجزئة لم تكن حديثة العهد، وإنما تعود إلى خلفيات تاريخية ظهرت في مراحل متعاقبة من تاريخ تطور الدول العربية الإسلامية، وعززتها سياسات متخلفة وخاطئة استغلت فيما بعد لتحقيق مآرب استعمارية خبيثة.

كانت الفجوة بين الشعب والحكومة في سوريا في العهد العثماني كبيرة جداً، على نحو ما كانت عليه في جميع البلاد الشرقية، ولكن هذه الفجوة اختفت فجأة في بداية العهد الفيصلي، وهو العهد الذي اشتد فيه الحماس الشعبي، وأخذ الحكام-وفي مقدمتهم الملك فيصل-يحاولون التقرب من الشعب والاختلاط به والاستماع إلى صوته، ثم ما لبثت نلك الفجوة أن عادت، لأن المرحلة الاجتماعية التي كان يعيش فيها الشعب السوري لا تسمح ببقاء تلك الفترة طويلاً، نتيجة جملة عوامل كان من شأنها أن تبعث التذمر في أوساط الشعب، ففضلاً عن التجنيد الإجباري الذي فرضته الحكومة على المواطنين الذي كان من أهم عوامل التذمر، كانت العلاقة ما بين الريف والمدينة متسمة بطابع سيطرة التجار والملاكين الكبار في المدن على مقدرات الطبقة الفلاحية في الأرياف، بمكان أصبحت فيه العديد من القرى ملكاً صرفاً لهم .

كانت ظواهر التحول والتحديث والتطور المتسارع التي ألمّت بالمجتمع السوري فيما بين الحربين العالميتين-وهي ظواهر انتقال يصعب اعتبارها مفيدة دائماً- ويمكن ردها إلى عوامل عدة إلى جانب التأثيرات الفرنسية المباشرة- وبحكم الضرورة أقل بروزاً بين القبائل وفي قرى الريف والمدن الكبرى، فالواقع أن الحياة الريفية احتفظ فيها الاقطاعيون أو ملاك الأراضي بهيمنتهم، وظلت حياة قاحلة غير متفائلة.

بمنأى عن الريف والمدينة، فقد كان المجتمع السوري يتميز بنوع من الأصول الدينية والعرقية بشكل واضح، وإن كان يمثل المسلمون العرب السنة الأغلبية فيه، إلا أننا نجد أن (82.5%) من السكان يتكلمون العربية، و(68.8%) مسلمون سنة، ويكون المسلمون السنة الناطقون باللغة العربية (57.54%) من السكان.

 وتبلغ نسبة الأقليات الدينية الرئيسية نسبة إلى عدد سكان سوريا كالآتي: العلويون (11.5%)، والدروز (3%)، والإسماعلية (1.5 %)، والروم الأرثوذكس (4.7%)، وهم يشكلون أهم مجموعة من مجموع مسيحيي سوريا البالغ عددهم (14.1%).

أما الأقليات القومية الأساسية فهي تتشكل من : الأكراد (8.5%)، والأرمن (4%) ، والتركمان (3%) ، كما يوجد عدد أقل من الشركس، وإن معظم الأكراد، والتركمان، والشراكسة هم من المسلمين السنة، وينتمون من الناحية الدينية إلى أغلبية، في حين يمثل الأرمن المسيحيون أقلية عرقية ودينية، وتتحدث الأقليات العلوية والدرزية والإسماعلية والروم الأرثوذكس اللغة العربية.

إن هذا التنوع الديني والطائفي والقومي كان يمكن أن يشكل عنصر قوة وحيوية في المجتمع السوري لولا السياسة التي اتبعها الحكم العثماني وحكم الانتداب الفرنسي، التي دفعت هذه الجماعات إلى أن تعيش في سوريا جماعات مستقلة يغلب عليها الشك، وأحياناً العداء فيما بينها، وساعد على ذلك التركيز الجغرافي لبعض هذه الطوائف في مناطق معينة، حيث تركز العلويون خاصة حول اللاذقية وجبالها الوعرة، وتركز الدروز حول السويداء في الجنوب مما أدى إلى وجود التضامن الداخلي لهذه الجماعات.

قامت سلطات الانتداب بتحسين بعض الأمور الاجتماعية، فبدأت الاهتمام بحقل الصحة العامة والمساعدة العامة والتوجيه الاجتماعي ووضع المقاييس والتفتيش، والتي كانت من مهام الفرنسيين، وكان يرأس هذه الأمور كبير الأطباء في الجيش الفرنسي، وكان له الحق باقتطاع قسم من الأموال لإنشاء مؤسسات طبية.

وحاولت فرنسة وعملاؤها اختراق الحياة الاجتماعية، فقدمت البعثات الصحية والتعليمية والحفلات والاعتناء بالرياضة وأعمال الترفيه، وأكثروا الملاهي ودور الرقص، وفتحوا الخمارات، وفتحوا المسارح، فأفسدوا أخلاق الشباب والبنات، ورفعوا شعار تحرير المرأة، وربى المستعمر جيلاً يكمل ما بدأه، ويتفاخر بالعمالة، ويحارب الدين والأخلاق .

وكانت المدارس في العهد العثماني لا تكاد تكون قائمة، والمعلمون لا يعرفون سوى حلقات المساجد، ثم أنشئت المدارس الحكومية التي تخلط العربي بالتركي، وأجبر طلاب الطب والهندسة على اللسان التركي، فضعفت اللغة العربية .

وفيما كان التعليم في مدة الانتداب الفرنسي يعاني من الضعف الشديد، أنشأت فرنسا العديد من المدارس في سوريا عن طريق الإرساليات التبشيرية التي قدمت إلى سوريا منذ عام 1860م، حيث كانت فرنسا تمول هذه الإرساليات، ويكفي القول هنا أنه خلال السنوات / 1890-1900 / كان (86%) من طلاب سوريا يدرسون في المدارس المسيحية والأجنبية والمحلية، وعندما احتل الفرنسيون سوريا في 24 تموز 1920م عمدوا إلى زيادة تلك المدارس، ومدها بالمال والأساتذة، وقامت الإرساليات بدورها بفتح العديد من المدارس في المدن السورية المختلفة، فضلاً عن أن الفرنسيين كانوا مهتمين بدراسة اللغة العربية، ولاسيما اللهجات السورية، فقد وضع المستعرب الفرنسي سارتليمي في سنة 1903 م قاموساً عربياً – فرنسيا للهجات السورية.

كانت الصورة مطابقة على صعيد الخدمات التعليمية، التي كانت موضع اهتمام لسلطات الانتداب، فكانت تشرف على المدارس الفرنسية، والترخيص بإنشاء مدارس جديدة خاضعة للنفوذ الفرنسي، والتنسيق بين البرامج والأساليب المتبعة في مختلف الدول، والاهتمام بالصلات المتنوعة مع المؤسسات الأم في فرنسا.

وفي هذه الحقبة كانت الزيادة في عدد الطلاب جديرة بالثناء، وقد تحققت هذه الإنجازات رغم صعوبة تأمين العدد الكافي من المدرسين والأبنية والتجهيزات، على أية حال، سواء على مستوى الابتدائية أو التكميلية أو الجامعة (في دمشق وحدها) فإن التوسع كان مستمراً وسريعاً، وكانت النتائج المحققة أفضل منها في أي حقبة ماضية.

وفتحت فرنسة المدارس لتعليم النصارى وفي أثناء 1914م كانت تلك المدارس تعلم نصف الطلاب السوريين، وكانت أهداف تلك المدارس مشبوهة لأن وراءها جمعيات التبشير .

وشجعت فرنسية الطلاب على الابتعاث للدراسة من أجل غسيل المخ، ففي عام 1930م بعثت 30 طالباً في مختلف فروع العلم، وقلصت حصص التربية الإسلامية إلى حصة في الأسبوع .

ولم يكن هناك تخصص في العلوم الشرعية، فمن أحب العلم الشرعي، فليهاجر إلى الأزهر في مصر ..

ومن أحب أن يتخصص في الطب فليهاجر إلى الغرب .

وفي هذه الفترة بسطت الطائفة العلوية نفوذها في دوائر الدولة تحت رعاية فرنسة وسمعها وبصرها، وأسست دولة العلويين من عام 1920- 1936م، وتجزأت سورية إلى دويلات، فأسست دولة في دمشق، وأخرى في حلب، وجبل الدروز.

واشتد نفوذ الطائفة بعد ثورة آذار عام 1963م، ثم جاء فصل الختام بانقلاب حافظ أسد عام 1970م ..

تطور الحياة الدينية والفكرية والثقافية في سورية :

سيطر على الحياة الدينية والسياسية والثقافية الفكر الصوفي الذي جاء امتداداً لما كانت عليه الحياة الدينية والثقافية في العهد العثماني، فانتشرت الطرق الصوفية مثل المولوية في حلب، وغيرها، كما انتشرت الطريقة النقشبندية والرفاعية والجيلانية بينما بقيت الطريقة البدوية والدسوقية محصورة محدودة ..

والفكر الصوفي التقليدي يميل إلى تقوية الجانب الروحي والإيماني بالذكر والأوراد، ويركز على التربية والتزكية، ويهمل الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ويترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله .

ويستثنى من هذا الكلام دعاة إلى الله برزوا بين هؤلاء الأعلام امتازوا بالنشاط والحيوية والحماس، وكان من أبرزهم : الشيخ بدر الدين الحسني، والد الرئيس الشيخ تاج الدين الحسني، والشيخ هاشم الدقر، والشيخ علي الدقر، الذين كان لهم الدور الكبير في محاربة الانتداب الفرنسي، ومقاومة خطط التبشير، ودعم الثورة السورية الكبرى التي اندلعت عام 1925م، وشاركت بها جميع المحافظات،  ومن أحب المزيد من المعلومات فليرجع إلى كتاب الدكتور شوقي أبو خليل الإسلام وحركات التحرر العربي، يجد فيه الشفاء عن دور العلماء وجهادهم في مواجهة قوى الاحتلال ومخططاته .

وبرز بين علماء التصوف السني الشيخ محمد الهاشمي، وتلميذه الشيخ عبد القادر عيسى، كما برز الشيخ محمد صالح فرفور وأولاده، الذين أسسوا المدارس والمعاهد الإسلامية، ولكن وقع من طرفهم مهادنة للسلطان الجائر، الذي يتشدق بكونه علماني طائفي، ولا ننسى دور الطريقة النقشبندية وروادها في سورية من أمثال : الشيخ محمد أبو النصر خلف، الذي طاف البلاد شرقاً وغرباً داعياً إلى الله ومذكراً وواعظاً، ثم جاء بعده ولده الشيخ الفاضل عبد الباسط أبو النصر الذي كان له دور في وفد العلماء وإجراء المفاوضات للتهدئة في الثمانينات، ولعب الشيخ عز الدين الخزنوي وتلاميذه دوراً في التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، مع تحفظنا على بعض الاجتهادات الفقهية التي جافاها الصواب، ثم حدث الانشقاق داخل الأسرة بين تيار محافظ يقوده الشيخ محمد الخزنوي، وتيار تجديدي يقوده الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي -رحمه الله - الذي راح ضحية تلك الخلافات العائلية والله أعلم .

وكان للشيخ محمد النبهان دور كبير في نشر التعليم ، وتأسيس المدارس الشرعية      ( الكلتاوية )، وتأسيس جمعية النهضة الإسلامية في حلب، ورعاية الأيتام والأرامل، ومساعدة السجناء والمظلومين، كما كان له دور في مواجهة التيار العلماني وفي معركة الدستور أثنى عليه الشيخ سعيد حوى في مذكراته ثناء لطيفاً جميلاً.

 وكان بعض مشايخ التصوف يعمل وفق الأجندة الفرنسية والتبشيرية، فمارس العمالة بأقذر صورها وأشكالها من أمثال الشيخ أمين شيخو وتلاميذه .

وكان الشيخ أحمد كفتارو سنداً قوياً للطاغية حافظ أسد، يواجه من خلاله أهل السنة، وكان له من المواقف المخزية ما تسودّ له وجوه المؤمنين فقد وقف مع خالد بكداش رئيس الحزب الشيوعي وأيد مرشحه في الانتخابات ضد الدكتور مصطفى السباعي عام 1957م .

وكانت الطريقة اليشرطية أقرب إلى الباطنية حيث الأذكار المختلطة والعقائد الفاسدة، وترك الصلاة، والتحلل الأخلاقي، ومعاداة أهل السنة والجماعة، وكانت إذاعة إسرائيل الناطقة بالعربية تنقل حضرة الذكر التي يجريها الشيخ اليشرطي، وقد حاول الشيخ أحمد الهادي اليشرطي الإصلاح، ولكن دون جدوى.

السلفية الإصلاحية في سورية :

لم تتوقف السلفية السورية عن التغيير منذ بروزها في نهاية القرن التاسع عشر في أهم مركزين تاريخيين: دمشق، وحلب.

في بداياتها، كانت الحركة السلفية السورية شبيهة إلى حد كبير بالسلفية الإصلاحية التي نشأت في مصر على يد الشيخ محمد عبده، وكان رموزها رجال فكر ودين أيضًا، مثل الشيخ عبد الرحمن الكواكبي (1849-1902) والشيخ جمال الدين القاسمي (1914-1966)، والشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935)، لكن السياسة كانت في صلب اهتماماتها.

 ولا يختلف الفكر السلفي الشامي في بنيته عن الفكر السلفي للمدرسة الإصلاحية السلفية في مصر.

 وقد تأثر عدد كبير من كبار رجال السياسة الوطنيين الأوائل بأفكار روادها، وبشكل خاص بأفكار جمال الدين القاسمي الذي كان يرعى منتدى يحضره أمثال: لطفي الحفار، وعبد الرحمن الشهبندر، وفارس الخوري، ورفيق العظم، ومحمد كرد علي، وسليم الجزائري، وعبد الحميد الزهراوي، ....وآخرون غيرهم.

تفرعت عن السلفية الإصلاحية الشامية عدة جمعيات، سرعان ما لعبت دورًا مهمًا في الحياة السياسية، أهمها :

-“الجمعية الغرّاء” (1924) التي أسسها الشيخ عبد الغني الدقر، وحاولت الـتأقلم مع التغييرات الاجتماعية التي أحدثها اقتحام الحياة الغربية الحديثة، وأدى نشاطها إلى إحداث تأثير اجتماعي واسع فباتت هدفًا مغريًا للسياسيين ورجال الحكم، طمعًا في الأصوات الانتخابية التي بحوزتها، بحيث إن شكري القوتلي الذي حصل على تأييد الجمعية نجح في الانتخابات البرلمانية في 1943، وجعل أمين سرّ الجمعية، الشيخ عبد الحميد الطباع، على قائمة مرشحي “الكتلة”، ففاز بالوصول إلى “البرلمان السوري” سنة 1943م .

وأيضًا جمعية التمدن الإسلامي (1930) التي أسسها أحمد مظهر العظمة والذي أصبح وزيرًا، وبهجت البيطار (أحد التلامذة المباشرين للقاسمي).

 أصدرت عام 1946 مجلة باسم الجمعية يمكن اعتبارها أهم سجل مرجعي للسلفية الإصلاحية الشامية وتطوراتها.

  تعتبر جمعية التمدّن الإسلامي ثاني أبرز الجمعيات الإسلامية ظهوراً في سورية بعد جمعية "الهداية الإسلامية"  ، فقد تأسست في دمشق عام 1932 م. بدعوة من أحمد مظهر العظمة، الذي كان قد انتسب إلى معهد الحقوق العربي (كلية الحقوق) ومدرسة الأدب العليا (كلية الآداب) وتخرّج منهما لاحقاً عام 1935 م؛ وقد تولى رئاسة الجمعية في البداية الشيخ محمد حمدي الأسطواني السفرجلاني أحد أبرز مؤسّـسيها، وهو أحد مؤسسي جمعية "الهداية الإسلامية" أيضاً؛ وتشكل مجلس إدارتها الأول من: عبد الفتاح الإمام، عبد الرحمن الخاني، عبد الحكيم المنير، أحمد حلمي العلاف، عبد الحميد كريم، إضافة إلى أحمد مظهر العظمة الذي حمل مسؤولية أمانة السرّ فيها، وبقي على ذلك حتى وفاة آخر رؤسائها الشيخ محمد حسن الشطي عام 1962 م. ليتمّ انتخابه رئيساً للجمعية من ذلك الوقت؛ وكان ـ كما يروي الشيخ علي الطنطاوي عنه ـ "يحرّر مجلتها، ويكتب فيها، ويقوم على ناديها، ويدعو المحاضرين إليه، ويحاضر هو فيه، وكان يدوّن بنفسه أسماء المشتركين في المجلة ويكتب هو عناوينهم بيده، ويلصق الطابع بذاته، ليوفر على الجمعية أجرة موظف يتولى هذا العمل، وظل على ذلك حتى وفاته عام 1982 م.  ".

  اهتمامات ناضجة.. وإنجازات متميّزة :

  غلب على "جمعية التمدّن" طابع الإرشاد الديني والثقافي، لكنها لم تبتعد عن المساهمة في الحركة السياسية وقضايا الأمة العامة؛ ومن قراءة "عقيدة جمعية التمدّن الإسلامي" التي اعتادت نشرها على غلاف مجلتها، نستطيع أن نتلمس معالم الفهم الشمولي للإسلام لديها، وعنايتها الحثيثة بتنمية الجانب الإيماني والعبادي والسلوكي لدى جمهورها، بنفس القدر من الاهتمام بجوانب التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية للمجتمع والأمة: "أؤمن بأن الله واحد، والحكم كله لله، وبأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء... وبأن الإسلام قانون يشمل الدنيا والآخرة... وسوف أعمل من أجل نشر العلوم والمعارف النافعة في جميع فئات الأمة.. وأعد بأن أخصص جزءاً من دخلي للأعمال الصالحة وللإنفاق، وبأنني سوف أساند كل المخططات الاقتصادية الإسلامية المفيدة، وسأشجع منتجات دولتي وأبناء ديني ووطني... وأعد قدر استطاعتي بأن أجهد نفسي في تقوية رابطة الأخوّة بين المسلمين، وبأن أنهي التنافر واختلاف الآراء بين طوائفهم..". وكانت الجمعية قد أصدرت العدد الأول من مجلتها "التمدّن الإسلامي" في شهر ربيع الأول عام 1354 هـ. (الموافق لسنة 1935 م.) كمجلة "اجتماعية، أدبية، صحية"؛ وكان أحمد مظهر العظمة رئيس تحريرها، ومديرها المسؤول الطبيب أحمد شفيق نصري ؛ ونظراً  لاهتمام الجمعية بشؤون التعليم في تلك الفترة التي كانت البلاد السورية فيها تحت الاحتلال الفرنسي، فقد نشطت في الإشراف على عدة مدارس أهلية لمحو الأميّة، ثم افتتحت لها في دمشق مدرسة ثانوية عام 44/1945 م. سمّيت "مدرسة التمدّن الإسلامي"، لم تلبث أن اندمجت في العام التالي مع "المعهد العربي" الذي أسسته جماعة "الإخوان المسلمين" بدمشق، وتحول المسمّى إلى "المعهد العربي الإسلامي"، الذي تولى د. مصطفى السباعي رئاسته، ينوبه أحمد مظهر العظمة، واختير عمر بهاء الدين الأميري مديراً للمعهد ؛ وعلاوة على ذلك أسست "جمعية التمدن" تحت إشرافها "الرابطة الأخوية لمساعدة فقراء الطلاب"، كما قامت بتأسيس مستوصف لها عام 1959 م. لا يزال مستمراً في العمل إلى اليوم  .

كذلك اهتمت الجمعية مبكراً بالمجمع العلمي العربي، ودعت إلى إحيائه ورعايته، وكتبت في هذا الصدد إلى كل من رئيس المجلس النيابي السوري، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير المعارف بدمشق خطاباً عام 1938 م. تشتكي فيه من "الإهمال الذي أصابه، وكيد ذوي الكيد فيما مضى من عهود الانتداب"، مطالبة المسؤولين الذين خاطبتهم برعاية المجمّع ومدّ يد المؤازرة له  .

وعلى صعيد القضايا العامة شاركت الجمعية أيام الانتداب الفرنسي في التصدي لقانون الطوائف مع مثيلاتها من الجمعيات الإسلامية، وأرسلت باسمها كتاب احتجاج مطوّل إلى المفوضية الفرنسية والمراجع الرسمية، تستنكر فيه القرار وتطالب بإلغائه  ، كما شاركت مع الجمعيات الإسلامية ونقابة واتحاد المحامين في تشكيل لجنة متابعة لإبطال القانون ، واستمرت فيها حتى تمّ لهم ذلك.

مع قضايا الأمّة وخارج حدود سورية تفاعلت الجمعية مع قضايا الأمة العامة المستجدة، فعندما أقدمت إيطاليا على احتلال بلاد الألبان عام 1939 م. سارعت إلى مخاطبة كل من قنصل إيطاليا في دمشق، وأمين سرّ "عصبة الأمم" بخطابين تستنكر في الأول احتلال "البلد الإسلامي المستقل الوحيد في أوربا"، وترى فيه تعبيراً عن "المطامع الاستعمارية المادية الفاسدة"، وتطالب الهيئة الدولية في الخطاب الثاني القيام بواجبها في سبيل المستضعفين احتراماً للمبادئ التي قامت عليها، وتبدي الأسف لمواقف هذه العصبة غير العادلة (9) . وأولت الجمعية فلسطين اهتماماً خاصاً واعتبرتها "قضية دين وقومية بل قضية إنسانية.." ووصفت السياسة البريطانية تجاه فلسطين بـ"المضطربة والظالمة"، واحتجت على وعد بلفور "الأشأم"، وعلى سياسات تسهيل الهجرة اليهودية وإبطال الصفة الإسلامية عن فلسطين تحت مظلة الانتداب، كما أعلنت مساندتها لمفتي فلسطين أمين الحسيني وطالبت له بحرية العودة إلى بيته وموطن عمله.. ؛ وكان للجمعية دور بارز في مساعدة الفلسطينيين أيام انتفاضة 1936 م.، وأسست في هذا السبيل "لجنة إعانة المنكوبين في القدس"  . ولقد كان من أبرز ميزات "جمعية التمدّن" بعدها عن العصبيات وحرصها على التعاون مع جميع العاملين للإسلام، ولذلك انبثق من أعضائها مَن شكلوا فيما بعد جمعية "الشبان المسلمين" بدمشق ، وانتسب إليها العديد من أعضاء ومنتسبي الجماعات الأخرى؛ أما أحمد مظهر العظمة فكان عضواً إدارياً في جماعة الإخوان المسلمين، وعضواً مؤسساً في "رابطة العلماء"  علاوة على كونه الناطق باسم "جمعية التمدّن"، وموفدها الدائم لمقابلة الزوار الرسميين إلى دمشق، وعلاوة على ذلك فقد شارك ضمن تعاونه مع العاملين في الجمعيات الأخرى في وضع مناهج التعليم لكل الجمعيات الخيرية في دمشق  .

ولقد ترشح العظمة لانتخابات المجلس النيابي السوري عام 1947 م. ففاز فيها، ثم ما لبثت اللجنة الموكلة بالنتائج أن أعلنت عن خطأ في فرز الأصوات، مما اعتبره الكثيرون تزويراً صريحاً؛ غير أنه ولّي مناصب حكومية عدة، فعيّن عام 1951 م. مفتشاً عاماً بالدولة، ثم تولى عام 1959 م. رئاسة مكتب تفتيش الدولة، وفي عام 1962 م. عيّن وزيراً للزراعة، ثم أضيفت إليه معها وزارة التموين (15) ، وما لبث أن أعيد إلى رئاسة تفتيش الدولة عام 1963 م. وبقي فيها حتى أحيل على التقاعد سنة 1969 م .

 تعرضت الجمعية لظروف قاهرة خلال فترة الثمانينات التي شهدت فيها النشاطات الإسلامية في سورية ضغوطاً حكومية قاسية، وقد أُغلقت الجمعية بعد مجزرة حماة الكبرى عام 1982. وتزامن ذلك مع وفاة أحمد مظهر العظمة في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 1982 م. مما اضطرها إلى التوقف عن إصدار مجلتها، لكنها تمكنت من الحفاظ على وجودها خلال تلك الفترة العاصفة، ولا تزال الجمعية موجودة تمارس بعض النشاطات في دمشق، ويقوم برئاستها في الوقت الحالي الشيخ أحمد معاذ بن محمد الخطيب ..

الإخوان المسلمون :

تعد سوريا من أولى الدول العربية التي انتشرت بها أفكار جماعة الإخوان المسلمين، وهناك العديد من الروايات التاريخية حول نشأة دعوة الإخوان في سوريا.

أولًا: تعود النشأة الأولى إلى عام 1936 التي يقول عنها "عمر بهاء الأميري" الذي عاصر نشأة الدعوة في سوريا، وكان له أثر في إنشاء تشكيلاتها المختلفة: "كانت لدعوة الإخوان تشكيلاتها غير المرخص بها عام 1936، بالإضافة إلى مراكز اتصالات مع الجماعة الأم في مصر ضمن نطاق محدود، وفي 1937 أسس في حلب أول مركز مرخص للجماعة، لتبدأ الاتصالات بين الإخوان المسلمين في مصر والمرشد العام حسن البنا" رحمه الله تعالى .

ثانيا: تأسيس /11/ فردًا من شباب الجامعة السورية وطلاب العلوم الشرعية، عام 1937  للجماعة على أن تكون منظماتهم في مختلف البلدان السورية مرتبطة بعضها ببعض رسميًّا.

ثالثا: ما ذكرته جريدة الإخوان المسلمين في 21 فبراير 1935، في مواد الجماعة التي نصت على أن للإخوان مندوبين في كثير من الأقطار الخارجية، وهم على صلة بمكتب الإرشاد العام، ويعملون معه على الوصول إلى الغاية التي تعمل لها جماعة الإخوان المسلمين، وذكرت من هذه الأقطار "الشام، وفلسطين".

ومن الوقائع التاريخية أن الشام استقبلت عضوي الإخوان عبد الرحمن الساعاتي (شقيق حسن البنا مؤسس الجماعة)، ومحمد أسعد الحكيم، موفديْن من مكتب الإرشاد إلى سوريا ولبنان وفلسطين في 5 أغسطس 1935 بهدف نشر الدعوة، وتوضيح الفكرة الإخوانية في بلاد الشام.

كذلك ورد في حصر شعب الإخوان الصادر في يونيه 1937 اعتماد الإخوان لأربع شعب في سورية، وهي شعبة دمشق ومندوبها الشيخ عبد الحكيم المنير الحسيني، وشعبة دير الزور ومندوبها الشيخ محمد سعيد العرفي، وشعبة حيفا ومندوبها محمود أفندي عزت النحلي، وشعبة حلب ومندوبها الشيخ محمد جميل العقاد.

وفي عام 1937م تأسست جمعية دار الأرقم في حلب، وضمت بين أفرادها الأستاذ عبد القادر السبسبي، والقاضي عبد الوهاب ألتونجي، والشاعر عمر بهاء الدين الأميري، وانضم إليهم فيما بعد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ محمد ناجي أبو صالح، والشيخ الخطيب المفوه طاهر خير الله، والأستاذ عبد الحميد الأصيل، وأخوه الأستاذ سامي الأصيل، والأستاذ عادل كنعان، والأستاذ فوزي حمد.. ثم أعطت ترخيصاً لفرع لها في دير الزور عام 1938م عرف باسم دار الأنصار، وبرز فيه د. حسن هويدي، رغم صغر سنه، ...

ولم يكن عددهم في البداية يزيد على الأربعين، لكنهم تمكنوا من جلب أعداد كبيرة من علماء المدينة وشيوخها وطلاب العلم، ومن أبناء ريف حلب بما قاموا من أنشطة ومشروعات منها :

 1 – إنشاء مكتبة عامرة بصنوف الكتب.

 2 – شكلوا فرقاً كشفية ورياضية جذبت الشباب برعاية الأخ عبد الحميد الأصيل ، والأخ فوزي حمد ، وسامي الأصيل.

 3 – وضعوا برنامجاً حافلاً بالمحاضرات في مقرهم وفي المساجد وخلال ثلاث سنوات وصل عدد المنتسبين بضعة عشر ألفاً.

 4 – استقبلوا المسلمين اليوغسلاف والرومان والبلغار والألبان الفارين من حمامات الدم ومجازر الشيوعيين في أوروبا الشرقية .

 5 – أنشؤوا مدارس ليلية لمحو الأمية، فتخرج منها الكثير  من الطلبة الذين حملوا الشهادات ، ووصل بعضهم إلى درجة الدكتوراه.

 6 – أسسوا شركات صناعية وزراعية وتجارية مثل شركة النسيج والبناء والعقارات. 7 – وعندما اشتعلت الثورة في العراق ضد الانجليز أرسلوا فرقة من الشباب يقودهم الأخ فوزي حمد -رحمه الله تعالى- عام 1941م ويعاونه سامي الأصيل، وعادوا برفقة مجاهدي فلسطين مطلوبين بشدة من الانجليز فأمنوا الملاذ الآمن لهم.

 ومن اللافت للنظر أن معظم قادة الأحزاب في سورية التحقوا بدار الأرقم لفترة أو أخرى ، ثم شعروا بثقل الالتزامات الدينية والأدبية وأداء الطاعات واجتناب المحرمات فتركوها، والتحقوا بالحركات السياسية كالبعثيين والناصريين واليساريين وأمثالهم.

-وفي حمص أُسست جمعية الرابطة الدينية، وكان سكرتيرها العام الدكتور مصطفى السباعي، وكان معه أخوه الأستاذ نصوح السباعي والشيخ محمد علي مشعل ثم الشاعر عبد المعطي شمسي باشا والشيخ ممدوح جنيد وأخوه ..

وفي عام 1938م أسس مجموعة من الشباب المسلم جمعية الشبان المسلمين في دمشق برز منهم : د. محمد فائز المط، والأستاذ محمد المبارك، وبشير العوف،  وغيرهم .

وفي 1939 م أُسست  في حماة جمعية "الإخوان المسلمون"، وكان من أبرز مؤسسيها الشيخ المجاهد محمد الحامد -رحمه الله تعالى-، وكان يرتبط بعلاقة قوية مع الإمام الشهيد حسن  البنا. وتولى قيادة المركز الأستاذ عبد الغني الحامد، وكان معه الشيخ الشهيد عبد الله الحلاق ...

وفي عام 1937م قررت  الجماعة  اتخاذ مقرها "دار الأرقم" في حلب مركزًا رئيسياً لسائر الجمعيات الإخوانية،  ليقوم بالتنسيق بين جميع المراكز، خاصة خلال الحرب العالمية الثانية، التي  تعذر فيها عقد المؤتمرات، واكتفى فيها بأن يقوم المركز الرئيسي بمهمته، وأن يتصل أمناء سر الجمعيات بعضهم ببعض.

وفي عام  1943 م عُقد مؤتمر رابع في حمص، اشترك فيه ممثلو المراكز في سورية ولبنان، وأقر بقاء (دار الأرقم) في حلب مركزًا رئيسيًّا، واتخذ عدة قرارات، وهى إحداث منظمتي السرايا، والفتوة في كل مركز ثم اقترح الشيخ مصطفى السباعي إدخال الفتوة في المدارس الحكومية وقد كان ، وقررت الجماعة العناية بالناحيتين الرياضية والاقتصادية إلى جانب النواحي الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والقضايا الإسلامية والعربية العامة.

وفي عام 1944م اجتمع أنصار الحركة الإسلامية في دار الأرقم في حلب وحضر الاجتماع قادة دار الأنصار في دير الزور، وجمعية الشبان المسلمين في دمشق، وجمعية الإخوان المسلمين في حماة، والرابطة الدينية في حمص لتشكل جميعها جمعية

( شباب محمد )، وقررت أن تتخذ من حلب مركزاً لها، وتصدت للتبشير ، وكان من قادتها مصطفى الزرقا ، وعبد الوهاب الأرزق..وكان لها منجزات كثيرة .

وسرعان ما طالبت الجماعة الدولة السورية وخاطبت وزير المعارف في الجمهورية السورية بمناسبة انعقاد لجنة الأهداف في مجلس المعارف الكبير، بأن يتم الاهتمام بدروس الدين في جميع المدارس ومدرسيها، وتدريس التاريخ الإسلامي، والقرآن مع العناية بتفسيره، وتأمين الوقت الكافي لإقامة الشعائر الدينية، ومضاعفة دروس الأخلاق، وتدبير المنزل في مدارس البنات.

مرحلة التنظيم :

في نوفمبر  عام 1945م ، عقدت  فروع الإخوان في سورية ولبنان مؤتمرها الخامس في حلب، وقررت إلغاء المركز الرئيسي بها، وتأليف لجنة مركزية عليا في دمشق مشكلة من ممثل عن كل مركز أو جمعية، واتخذت لها مكتبًا دائمًا، وجعلت على رأس هذه اللجنة مراقبًا عامًّا، هو الشيخ الداعية د. مصطفى السباعي،  ليكون بذلك أول مراقب عام للإخوان في سورية.

وتقرر عقد اجتماعات دورية تباشر الإشراف على الفروع المختلفة، كما تمّ الاتفاق بالتنسيق مع الإخوان في مصر وفلسطين على توحيد أسماء الجمعيات باسم (الإخوان المسلمين)، وعلى توحيد النظم فيها

 بعد هذا المؤتمر دخلت دعوة الإخوان في سورية ولبنان مرحلة  تنظيمية جديدة اتسمت بالتوحد في الاسم والأهداف والنظم  الفاعلة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من خلال مؤسساتها التنظيمية : الأسرة، والكتيبة، ومنبر الجمعة، والكتاب الإسلامي، وجريدة المنار السياسيّة اليوميّة عام 1946م.

ومن خلال عدة مؤسسات ومنظمات تم إنشاؤها في كل مركز، وارتبطت تلك المنظمات معًا برباط واحد، وهو التنظيم العام للإخوان في سورية 

ومن  أبرز المؤسسات التي شكلتها الجماعة :

1-          منظمة الفتوة:

 وكانت إحدى المنظمات الرسمية في جمعية الإخوان، وكانت مؤلفة من جميع مراكز الجماعة، ولها مدربون فنيون يقومون بتدريب الفتيان، ولها أمين عام تابع للجنة المركزية العليا للجماعة، ويشرف على شئون الفتوة، ويراقب سيرها، ويقوم على تقويتها وتنميتها،  وتقوم  بتدريب الشباب تدريبًا عسكريًّا، وتبث فيهم الوعي والثقافة ، وروح الجندية والطاعة للجماعة .

2-          منظمة السرايا :

وهي من المنظمات التي انفردت بها بعض مراكز جماعة الإخوان دون الأخرى في سورية، وهي منظمة اجتماعية أخلاقية انفرد بها مركز حلب، وتجمع الفئات المختلفة من الطلاب وأرباب الأعمال والعمال، وتبث فيهم  روح التنظيم، وتهيّئهم لتلقي الدعوة التي تدعو إليها الجماعة، ويقوم على هذه السرايا نقباء وعرفاء يديرون شئونها، ويحققون أهدافها.

3-          لجنة الإسعاف الطبي :

وكانت  تعمل على توفير الرعاية الصحية للفقراء من المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقدم بعض الرواتب أو الإعانات النقدية أو العينية، وتتكون وارداتها من أموال الزكاة، والصدقات، والتبرعات... وغيرها.

وهكذا نرى أنه في عام 1945م تأسست الحركة الإسلامية في سورية على يد الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي -رحمه الله تعالى- الذي ولد عام (1915م-وتوفي عام  1964م ) .

وهكذا نرى كيف تجمع العلماء حول الدكتور مصطفى السباعي ليؤسسوا حركة الإخوان المسلمين، ونقل المركز الرئيسي إلى دمشق،..

وفي فترة تولي الدكتور الداعية مصطفى السباعي قيادة الجماعة بين (1945- 1964م ) جرت أحداث كثيرة منها دخول الحركة في معركة الجهاد المسلح ضد اليهود في فلسطين حيث شكلوا الكتائب، ودخل د. السباعي، وعمر الأميري وعصام العطار وزهير شاويش.. وغيرهم في ميدان القتال، وتدرب الشباب في معسكرات قطنا، وزار الإمام الشهيد حسن البنا ذلك المعسكر ، وقدمت الجماعة عشرات الشهداء في معارك القدس الشريف، واستبسل أبناؤها في معركة القدس مما أدى إلى تأخر سقوط القدس بيد اليهود مدة عشرين سنة حيث حلّت النكسة عام 1967م على يد الحكومات الثورية التي كانت بلاء على أبناء الأمة عامة، وعلى شباب الحركة الإسلامية خاصة .

كما خاضت الجماعة غمار السياسة والانتخابات البرلمانية في عام 1947م حيث فاز الأستاذ محمد المبارك ، والشهيد محمود الشقفة وغيرهم ، وفي عام 1949م كان الأستاذ مصطفى السباعي يشغل منصب نائب رئيس الهيئة التأسيسية، وشاركت الحركة في وضع الدستور والتصويت عليه كما شارك الفقهاء من أبناء الجماعة في صياغة القانون، ولا سيما قانون الأحوال الشخصية، وكان لمصطفى الزرقا، ومعروف الدواليبي، وعلي الطنطاوي.. دور في ذلك العمل القانوني، وتولى الأستاذ المحامي أحمد مظهر العظمة الوزارة كما تولى الأستاذ محمد المبارك وزارة الزراعة والتربية عدة مرات في حكومات متعاقبة .

وبعد الانفصال عام 1961م شاركت الحركة الإسلامية في الانتخابات ، وفازت بعشرة مقاعد، وشكلت الكتلة التعاونية الإسلامية، وترأسها الأستاذ عصام العطار وكان معه من النواب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وزهير شاويش، وتولى الأستاذ عمر عودة الخطيب وزارة التموين في حكومة معروف الدواليبي، وقامت ثورة 8 آذار عام 1963م فقضت على دور الحركة الإسلامية، والأحزاب السياسية الأخرى وحكمت الدولة بحكومة الحزب الواحد، والقمع والاستبداد  .

توفي الدكتور مصطفى السباعي عام 1964م بعد أن جاهد جهاداً مبروراً فأسس كلية الشريعة كما أسس الجرائد والمجلات مثل : المنار، والمسلمون، والشهاب، وحضارة الإسلام التي توقفت عام 1982م أثناء مجزرة حماة ، وترك تراثاً فكرياً كبيراً.

وانتخب الأستاذ عصام العطار -حفظه الله- خلفاً له بين عام (1964- 1969م ) حيث جرى في عهد ولايته حادثة جامع السلطان دون علمه؛ لأنه كان في موسم الحج، ومع ذلك منع من دخول سورية، فعاش في لبنان، وبروكسل، وألمانيا، وقاد الحركة الإسلامية بنجاح ملحوظ، ولكنه أصيب بالشلل عام 1968م، وفي عام 1969م شاركت الجماعة في قاعدة الشيوخ في الأردن بتحريض من الشيخ مروان حديد، وعبد الستار الزعيم، وحسني عابو، وعدنان عقلة وحوالي ثلاثين شاباً من سورية، انشقوا فيما بعد عن الجماعة، وشكلوا الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين

هذه المشاركة جعلت نائب المراقب العام الشهيد أمين يكن يغضب، ويحتج، فتشكلت لجنة ( الهيئة التشريعية ) لحل الخلاف ضمت كلاً من : د. موفق دعبول، والأستاذ محمود شاكر، والشيخ محمد علي مشعل، والأستاذ عدنان سعيد، وآخرين فاجتمعت بعد سنة من تشكيلها، وقررت إعفاء الأستاذ عصام العطار وقيادة الحركة من مناصبهم، وإجراء انتخابات جديدة، ...

فانتخب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كمراقب عام توافقي خروجاً من الخلاف والفرقة ولكن الخلاف استمر فترة من الزمان حيث انتخب الأستاذ عدنان سعد الدين عام 1975م وفي عهده جرت المواجهات بين الحركة الإسلامية ونظام حافظ أسد احتجاجاً على تغيير الدستور ولأن المخابرات حين اعتقلت الشيخ مروان أهانت القرآن وتركت خلفها نسخة منه في المرحاض، ثم توجت فعلها الإجرامي بأن أعطت إبرة سامة أسفل العنق للشهيد مروان حديد، وقتلته عام 1976م، فحدثت المواجهة الدامية في الثمانين، ووقعت مجزرة المدفعية  عام 1979م على أساس طائفي .

ثم اتفقت الأطراف جميعاً على انتخاب الدكتور حسن هويدي رحمه الله، وصارت القيادة مشتركة بين الأجنحة التنظيم العام والطليعة والطلائع، أربعة من كل فصيل: علي صدر الدين البيانوني، والشيخ سعيد حوى، والشيخ محمد عيد البغا، والدكتور محمد الهواري، ومحمد عادل فارس، وعدنان عقلة ....

 ولكن في عام 1986م عاد الخلاف مرة أخرى بين تيار حماة بقيادة عدنان سعد الدين، وتيار حلب، وإدلب وبقية المحافظات تحت جناح الشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله تعالى- ، واستمر الخلاف لمدة 5 سنوات من عام 1986- 1991م حيث انتخب الدكتور حسن هويدي مرة أخرى عام 1991م ، وكان الشيخ علي صدر الدين البيانوني نائباً له .

ثم انتخب فضيلة الدكتور حسن هويدي بعد انتهاء ولايته نائباً للمرشد العام محمد الحامد أبو النصر، ثم نائباً للأستاذ مصطفى مشهور، ثم نائباً للأستاذ الدكتور محمد مهدي عاكف حيث توفي عام 2009م، ودفن في الأردن .

ثم أصبح الأستاذ المحامي أبو أنس علي صدر الدين البيانوني مراقباً عاماً للجماعة من عام 1996 وحتى عام 2010م .وحاول إجراء المصالحة وساعده الشهيد أمين يكن والداعية فتحي يكن ( لبنان ) وحسن الترابي ويوسف القرضاوي ود. البوطي ولكن كانت المحاولات تذهب سدى بسبب تعنت السلطة وفرضه لشروط تعجيزية ، وأعطى الأستاذ علي صدر الدين البيانوني صورة مطمئنة عن الحركة الإسلامية وأصدر مشروع سورية المستقبل الذي دعا إلى التعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة وإعطاء دور للمرأة المسلمة ...ورفض في أكثر من حوار الاستقواء بالخارج ضد الوطن ، لأن سورية ليست مزرعة الأسد بل هي لكل السوريين وتحالف مع خدام في جبهة الخلاص، وأوقف المعارضة أثناء حروب غزة لكي لا تبدو الحركة أنها تقف في صف أعداء الوطن ...إلى غير ذلك من المواقف النبيلة والتصريحات الإيجابية التي تدل على نضوج سياسي، ووعي بالواقع .

وخلفه في منصب المراقب العام الأستاذ المهندس أبو حازم محمد رياض الشقفة عام 2010 حتى عام 2014م حيث شاركت القيادة الجديدة في إدارة الثورة السورية المباركة مع بقية الفصائل منذ البداية، وشاركت الحركة في تأسيس المجلس الوطني والائتلاف والحكومة، ودعمت جميع الفصائل المعتدلة في ساحة الجهاد، وقاومت العنف والتطرف وحذرت من فكر الخوارج،  وكان يعاونه المهندس محمد فاروق طيفور، والأستاذ الدكتور محمد حكمت وليد الذي كان يشغل منصب نائب المراقب العام، ورئيس الحزب الوطني للعدالة والدستور ( وعد ) .

ثم انتخبَ مجلسُ الشورى الشاعرَ الداعية الدكتور محمد حكمت وليد خلفاً للأستاذ محمد رياض الشقفة عام 2014م ، وما زال يشغل ذلك المنصب، ويسعى، ويبذل الجهود لتمكين دين الله في الأرض، يعاونه ثلة من الشباب الأبرار المهندس أبو سلمة حسام الغضبان، والأستاذ الناطق الإعلامي عمر عبد العزيز المشوح ، بينما يشغل الأستاذ الداعية أبو أنس علي صدر الدين البيانوني منصب رئيس مجلس الشورى .

كل تلك الأحداث تركت أثرها على شخصية شاعرنا ، وسوف يدور الحديث في الصفحات القادمة حول شخصية مشهورة، هي شخصية الشاعر الداعية محمد حكمت وليد الذي نشأ، وترعرع في بيت مستور الحال، ويعتبر الدكتور أبو حسان محمد حكمت وليد من الرعيل الثاني لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، ومن يقرأ شعره يعرف من أي معدن من الرجال هو، ويكفيه فخراً أنه شاعر إسلامي سخر شعره وقلمه لنصرة مبادئه الإسلامية النبيلة ..

للتوسع راجع المصادر التالية :

 1- مجلة الجامعة الإسلامية – سلسلة الدراسات الإنسانية – المجلد الثامن عشر العدد الثاني – ص 1031. د. أكرم محمد عدوان – كلية الآداب – قسم التاريخ والآثار – الجامعة الإسلامية – غزة – فلسطين.

2- تاريخ العرب الحديث والمعاصر:  2002- 2003 - وزارة التربية السورية.

3- سورية من الاحتلال حتى الجلاء، نجيب الأمنازي - ط2، (بيروت:1973) .

4-سوريا بلاد الشام، تجزئة وطن: جوزيف حجار، ط1، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، (دمشق :1999م ).

5-مذكراتي، صفحات من تاريخ سوريا الحديث 1920-1958 م : حسن الحكيم، ط1، دار الكتاب الجديد، (بيروت : 1965م ).

6-أضواء على رأس المال الأجنبي في سوريا :بدر الدين  السباعي، ط2، ( دمشق :1970م ).

7-الصراع على سوريا ( دراسة للسياسة العربية بعد الحرب 1945-1958): باتريك سيل ، ترجمة :سمير عبده، محمود فلاحة، ط1، طلاس للدراسات والترجمة والنشر، ( دمشق : 1996م ).

8- الإخوان المسلمون : مرحلة ما قبل التأسيس – الأستاذ عدنان سعد الدين – دار عمار بالأردن .

9-الموسوعة الحرة ...وموقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 712