فتحي البلعاوي

المناضل الوطني الكبير

نعمان فيصل

[email protected]

ولد المربي فتحي محمد البلعاوي في قرية بلعا بطولكرم في 22 أغسطس 1929، وأتم دراسته الإبتدائية في بلعا وعنبتا، وأنهى الثانوية العامة في يافا، ثم التحق بكلية اللغة العربية في الأزهر الشريف عام 1946، وكان نائباً لرئيس اتحاد الطلاب المسلمين بالأزهر، وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وتطوع مع بعض إخوانه في الأزهر للجهاد في فلسطين عام 1948.

ساهم في تأسيس أول تنظيم طلابي فلسطيني عام 1951 عرف باسم رابطة طلبة فلسطين، وكان أول سكرتير لها، وأسس مجلة (نداء فلسطين) وكان رئيس تحريرها. كان كتلة من النشاط والحماس، واشتهر كخطيب جماهيري ناري الكلمات... وكان عنيفاً جريئًا لا يهاب عاقبة الاندفاع الثوري الذي تميز به، ومن مواقفه الجريئة التي اشتهر بها موقفه أثناء احتفال كان على رأسه اللواء محمد نجيب في القاهرة عام 1953، حيث اندفع إلى الميكروفون وراح يخاطب الرئيس محمد نجيب بنبرة حادة، وتدخل مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، وكاد حارسه أن يطلق الرصاص على البلعاوي؛ لولا ياسر عرفات أمسك يده، وقرأ فتحي على الاحتفال الجماهيري أية قرآنية تسببت في اعتقاله وسجنه، ثم ترحيله إلى غزة عام 1953 قبل شهرين من حصوله على الليسانس.

عمل في غزة مدرساً للغة العربية في مدرسة دير البلح للاجئين، ثم في مدرسة البريج الثانوية للاجئين، وأسس مجلة (صوت اللاجئين) وكان رئيس تحريرها المسؤول، كما كتب في العديد من الصحف المحلية مثل (الوطن العربي) في غزة.

بادر مع زملائه من مختلف التيارات الفكرية لإنشاء (نقابة المعلمين الفلسطينيين) في غزة عام 1954، وفاز بمنصب أول نقيب للمعلمين، وقاد العديد من الفعاليات والمظاهرات الوطنية، وكان له دور بارز في قيادة المظاهرات الشعبية ضد التوطين والإسكان عام 1955 لذلك كله اعتقلته السلطات المصرية مع آخرين، مدة سنتين وشهرين؛ حتى أُفرج عنه ورفاقه  في أوائل يوليو (تموز) 1957 وسمحت له السلطات المصرية بتقديم امتحان الليسانس عام   1960 ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا عام 1961.

كان أحد مؤسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وكان له دور بارز مع القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس ياسر عرفات.

تعاقد مع حكومة قطر عام 1962 للتدريس، حيث عمل مدرساً للغة العربية، ثم مديراً لمدرسة خالد بن الوليد، ثم موجهاً للغة العربية، فمديراً لدائرة المناهج... وساهم في تأليف أربعين كتاباً في علوم اللغة العربية والأدب العربي، وكوّن جماعة المسرح الوطني الفلسطيني، وساهم في تأسيس أول مجلة في قطر وهي (مجلة العروبة) عام 1970، وكانت له زاويته (نافذة العرب) في جريدة العرب القطرية، وترأس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين (فرع قطر).

بعد حرب العراق عام 1990، طُلب منه ومن بعض زملائه في المجلس الوطني الفلسطيني مغادرة قطر، فاستقر في تونس، وأسند إليه الرئيس ياسر عرفات وظيفة مدير مدرسة القدس في تونس، بالإضافة إلى منصب ممثل فلسطين في منظمة العلوم والثقافة بالجامعة العربية.

 بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية لأرض الوطن عاد إلى غزة في نوفمبر 1994، وعُين بقرار من الرئيس الشهيد ياسر عرفات وكيلاً مساعداً لوزير التربية والتعليم العالي، وكان له نشاط فعال في إحياء الحركة التعليمية، كما أُسندت إليه إحياء الفعاليات الشعبية في قطاع غزة.

كتب البلعاوي العديد من المقالات الأدبية والسياسية في الصحف المحلية، ومن أشهر مقالاته ما كتبه إلى عرفات صديق مسيرته بعنوان: (كثر مستشاروك وقل ناصحوك)، وعرفات الذي قال عنه في أكثر من مناسبة: (إنه "البلعاوي" الذي علمني السير على درب الثورة).

توفي رحمه الله مساء الأحد 7 صفر 1417هـ الموافق 23/6/1996 في عمان، ونقل جثمانه ليوارى في ثرى قريته (بلعا) في طولكرم، ونعته القيادة الفلسطينية، وأقام الرئيس الراحل ياسر عرفات بيت عزاء في مقر مرجعية فتح في غزة حينئذ، وأسف الناس عليه، ورثاه العديد من الكتاب والأدباء الفلسطينيين.. وتخليداً لذكراه أطلق اسمه على إحدى المدارس الثانوية في قطاع غزة.

رحل وترك لنا صوته يرن من خلال جملته المشهورة: (الثورة وفاء.. فإذا فقد الإنسان وفاءه فقد كل معاني الثورة في نفسه)، له ستة أبناء وبنت وهم: (غسان، بسام، هشام، حسان، ياسر، صلاح، نهيل).