ما لكولم اكس

مالكولم اكس ، أو مالك شاباز الأمريكي افريقي الأصل ،، أعزائي لا بد تعرفونه وهذا تذكير صغير به

لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد.»

في منتصف طريق ريفي منحدر ومتعرج في مقاطعة وستشستر بولاية نيويورك، يقبع أحد أشهر الأشخاص الثوريين في أمريكا تحت ثلاثة أقدام من الثلج الأبيض الهش، فمنذ 50 عامًا تم قتل مالكوم إكس في قاعة أودوبون في هارلم، وتم دفنه حينها في مقبرة فيرنكليف البعيدة عن شعبه الذي كان يدافع عنه، حيث يحيط بقبره الأندية الفاخرة ونوادي الجولف، في المقبرة التي تعتبر مدفنًا للكثير من المشاهير .

ولد مالكوم في 19 مايو 1925 في مدينة اوماها في ولاية نبراسكا الرابع بين ثمانية أبناء. كان أبوه  قسيساً معمدانياً وناشطاً سياسياً في أكبر منظمة للسود آنذاك وهي الجمعية العالمية لتقدم الزنوج.

وعاشت عائلته سلسلة من النكبات ، فقد شهد الأب مقتل أربعة من أخواته الستة على يد العنصريين البيض، وتعرض هو لمضايقات وتهديدات  بسبب نشاطاته  فرحل إلى مدينة لانسنغ في ولاية ميشيغان في العام 1928م. وبعد عدة شهور أحرق منزل العائلة من قبل منظمة كوكلوكس كلان العنصرية فرحلت العائلة من جديد إلي ضواحي المدينة .  وبعد سنتين قتل الوالد  بصورة وحشية علي يد العنصريين البيض ولكن السلطات ادعت أنه مات دهساً فرعت الأم أطفالها الثمانية دون مورد للرزق .

  وحجبت السلطات عنها كل الإعانات أو الحقوق المالية وخلال عدة سنوات أصيبت بانهيار عصبي فأدخلت مصحة للأمراض العقلية. 

أصبح الآن أولادها أطفالاً تحت رعاية الدولة وتم توزيعهم على بيوت تبني مختلفة،وأنفصل مالكوم وأشقائه وبقيت الأم في مستشفى الأمراض العقلية حتى قام مالكوم وإخوته بإخراجها بعد 26 سنة.

تردت أخلاق مالكوم وعاش حياة التسكع والتطفل والسرقة فتم طرده من المدرسة وهو في السادسة عشرة من العمر وأودع سجن الأحداث، واستكمل تعليمه الثانوي وهو في السجن .

كان مالكوم إكس ذكياً نابهاً تفوق على جميع أقرانه و في نهاية المرحلة الثانوية طلب مستر ستراوسكي - معلم في المدرسة - من طلابه أن يتحدثوا عن أمنياتهم في المستقبل وتمنى مالكوم أن يصبح محامياً غير أن ستراوسكي نصحه ألا يفكر في المحاماة لأنه زنجي وألا يحلم بالمستحيل لأن المحاماة مهنة غير واقعية له وأن عليه أن يعمل نجاراً، 

كانت كلمات الأستاذ ذات مرارة وقسوة على وجدان الشاب فكانت هذه هي نقطة التحول في حياته، فترك بعدها المدرسة وتنقل بين الأعمال المختلفة التي لا تخص الزنوج.

تطور الشاب 

في السجن، انضم مالكوم إكس إلى حركة أمة الإسلام، وعندما أُطلق سراحه عام 1952م ذاع صيته واشتهر بسرعة، حتى صار واحداً من قادة الحركة. والمتحدث الإعلامي لها 

كانت أمة الاسلام بقيادة اليجا محمد تدعي تفوق الجنس الأسود وتتبنى عزل الطرفين عن بعضهما البعض ، ولكن مالكولم بتعرفه التدريجي على الاسلام الحقيقي  أخذ يتشكك في هذه المبادئ تدريجيا ويحاول الخروج عنها وتفاقم هذا الخلاف العقائدي  بينه وبين رئيس الحركة إلايجا ، مما جعله يترك  الحركة في مارس 1964م. ،

بعدها سافر في رحلة إلى إفريقيا والشرق الأوسط، أدى خلالها مناسك الحج وثبت عقيدته الاسلامية  الجديدة  وتحوله الغكري الحاد ثم عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فأنشأ المسجد الإسلامي ومنظمة الوحدة الإفريقية الأمريكية. 

وفي شهر فبراير سنة 1965م، أي بعد أقل من سنة من تركه لحركة أمة الإسلام، قام باغتياله ثلاثةٌ من أعضاء الحركة.

تحولت أفكار مالكوم إكس ومعتقداته تحولاً جذرياً خلال حياته، فعندما كان متحدثاً باسم حركة أمة الإسلام كان ينشر أفكار التفرقة بين الأمريكيين البيض والسود، ويُحرض السود على البيض ويغذي أفكار العنصرية لديهم، وأما بعدما ترك الحركة عام 1964م، فإنه .أخذ بالعمل مع دعاة الحقوق المدنية، مع أنه كان لا يزال يُشدد على ضرورة إعطاء السود حق تقرير المصير والدفاع عن النفس.

قبل وفاته، لم يكن مالكوم إكس مجرد محرض وواعظ بسيط يدور في أحياء السود، بل كان ممثلاً عن الثورة العالمية، حيث استطاع جمع تحالف أفريقي مع زعماء من الشرق الأوسط لدعم منظمته الجديدة منظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية، التي كان يعزم من خلالها الضغط على الولايات المتحدة في الأمم المتحدة للمطالبة بتطبيق حقوق الإنسان.

ولكن هذه الثورة ضاعت ضمن التيار التاريخي الأمريكي، هذا التاريخ الذي يتذكر مالكوم فقط بأقواله الشابة المتطرفة  عندما قال ذات مرة "إن العدو المشترك هو الرجل الأبيض"، والذي يتذكر أنه قال للأميركيين السود إن من حقهم القانوني شراء وحمل بندقية، 

كما يذكر التاريخ الأمريكي أن مالكوم علّق على اغتيال الرئيس كينيدي بقوله "عندما يعود الدجاج إلى المنزل للشوي فأنا لا أنزعج"، 

كما وصفته صحيفة نيويورك تايمز بأنه "رجل استثنائي ومنحرف" كونه استعمل قدراته في منحى الشر، في حين وصفته التايم بـ"الغوغائي الذي ينتهج عقيدة العنف".

ورغم أن اوباما صرح  بإنه تأثر بسيرة حياة هذا الثائر إلا أن ذلك لم يساعد مالكولم في أخذ حقه حتى الآن كونه بطلا قوميا أمريكيا من الطراز النادر .كنا هو الحال بالنسبة لمارتن لوثر كينغ الذي تتصجر نصفيته إحدى قاعات البيت الأبيض .