دعاة عرفتهم ..

الشيخ حسن عبد الحميد

clip_image002_22472.jpg

مر بخاطري زيارة قام بها إلى بيتي المتواضع شاعر إسلامي ، شاعر يتذوق الشعر وبلاغته ، استمعت إليه يطربنا ويشدو مع أخيه الشاعر قاسم الحسين ، وكانت سهرة ممتعة في بيت الدعوة  .

أخونا الشاعر ( يحيى الحاج يحيى ) من بلدة الجسر ، جسر الشغور وهي شوكة في خاصرة نظام الطائفية ، زرتها وأنا أطرق باب الشباب بيد طرية ، زرت فيها الشيخ الزميل محمد بشير حلوي وتعرفت على آل حلوي  ، زرت القصاص الأديب إبراهيم عاصي ، صاحب ولهان والمتفرسون وسلة الرمان ، الذي قتله الطغاة فمات شهيدا إن شاء الله ، ولو كان علمانيا لسلطت عليه الأضواء فصار أعظم من تيمور ونجيب محفوظ !

في الجسر زرت ( الفردوس ) مقر أبناء حمدان قرمط ، وزرت القرية المسيحية( القنية )التي تعيش في ظلال تسامح الإسلام والمسلمين ، وسبحت في ساقية من نهر العاصي عمقها نصف متر ، ولو كان العمق مترا لكان اسمي المرحوم فلان !

الشاعر الإسلامي يحيى حاج يحيى حفظه الله ، شاعر الثورتين ، ذواقة للشعر تطربني كلماته ، شعره الإسلامي المعاصر يواكب الأحداث التي تمر بها الأوطان العربية والإسلامية ، ترقى بالإنسان نحو الأفضل عقليا ووجدانيا ودينيا محاولا التغيير بقلمه من الأسوأ إلى الأحسن ، وتقود الناس نحو الصراط المستقيم ، والتغيير والهداية ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، متمثلا العقيدة منهجا وسلوكا ، وله فضل عليّ فأنا استلهم شعره الدعوي وروحه الجهادية ، فمازلت أترنم بكلماته  :

قد تملك سوطا يكويني  

 وتحّز القلب بسكين 

قد تجعل غلك في عنقي   

وتحاول قطع شرايني 

وتصادر شعرا اكتب 

 بشمالي إن عزّ يميني 

وتجوع طفلي من بعدي     

واها للطفل المسكين 

لكن لن أخضع في يوم    

للظلم بضعف أو لين 

أنا لست أخاصم للدنيا    

دنياكم ليست ترضيني 

أنا لي هدف أسمى أعلى    

نفسي لا ترضى بالدون 

كل الأحرار قد انتظموا

 في جيش الوحدة والدين 

وستبقى وحدك منبوذا   

في سجن الوهم وفي الهون 

فتباشير الفجر انطلقت   

من جرح شهيد وسجين 

وطواغيت الظلم انفصمت    

وهوت تتمرغ في الطين 

اصبحت لشعبك فرعونا  

وملكت خزائن قارون 

الأخ الأديب الشاعر يحيى ذكرني وأنا اقرأ له بداعية كبير وخطيب مفوه إنه الشيخ العلامة طاهر خير الله رحمه الله .

أنا أعرف من آل خير الله دعاة أمثال الصديق الشيخ ظافر خير الله رفيق درب الإيمان ، وفاضل خير الله والطبيب زين العابدين خير الله ، ساقتني معرفتي بهؤلاء  الأعلام إلى مسجد يخطب فيه الشيخ طاهر خير الله بانقوسا ، ولزمت مسجده لازداد علما وفهما فكان رحمه الله بليغا صادقا لا كخطباء صاروا ماسحي أحذية للسلطان وأبواب الطغاة  !

صدع الشخ طاهر خير الله بالحق بقوة وكانت عمامته رحمه المولى تخيف رجال الأمن أكثر مما تخيفهم اسرائيل لأن الشيخ الفاضل يملك صاروخ( الله أكبر ) وهو يخيف كل طاغوت وكل فرعون وقارون .

( قد كنت في دنياك كاسمك طاهرا 

       نقيا من الأدران بالحق تجهر 

قضيت حياة بالمحامد كلها 

    حليف العلى تزدان فيك المنابر )

شاعر طيبة :  ضياء الدين صابوني 

شكرا لك أيها الأخ الكريم يحيى ذكرتني بمجاهد تقبل يده بصدق وحب ، ويتبرك الشباب المسلم بأطراف جبته فهو الأسد المغوار ولسان قس بن ساعدة ، طويل القامة ، أنيق الملبس ، له ابتسامة ترتسم على محياه ، كان يمتلك موهبة فذة بالخطابة من خلال الخطب التي كان يلقيها بعدد من المساجد ، كان خطيب جامع بنقوسا ثم جامع عمر بن عبد العزيز قبل الشيخ عبد الله علوان رحمه الله .

ودخل السجون وأطلق سراحه إثر العدوان الإسرائيلي في حزيران ٦٧ ، وفي جامع الروضة انبرى الشيخ طاهر يحارب الفساد والطغيان على منبره ، واعتقل الشيخ مع غيره من العلماء سنة ٧٩ ودخل السجون ، وعند إطلاق سراحه أخرج من البلاد فيمم وجهه إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرسا في جامعتها ، وعمل مدرسا لمادة الحديث الشريف .

وضاقت عليه بلاد الشام بما رحبت وضم البقيع جسده الطاهر ، فهذا الرجل حفظ القرآن الكريم في دار الأرقم ، ودرس في الخسروية ، وتولى ادارتها بعد تخرجه وعمل على إصلاحها ، كما عمل في إدارة الجمعية الخيرية الإسلامية وفي دار الأيتام الإسلامية  .

توفي رحمه الله ليلة الجمعة السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة ١٤٠٩ هجرية ودفن في البقيع قرب قبر سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه  .

تحية إلى الأخ الكريم الأديب الشاعر يحيى حاج يحيى ساكن ينبع ، وهي قرب ميقات أهل الشام رابغ ، بلاد الشام بارك الله فيها ، وهاهي اليوم تستقبل دماء الشهداء وقوافلهم إلى سماء الخلد  .

تحية إلى ساكني البقيع أولهم سيد الشهداء حمزة وفاطمة والحسن رضي الله عنهم وبقية الصحب الكرام رضي الله عنهم ، وفيها إخوتنا وشيوخنا عيسى البيانوني وعبد الفتاح أبو غدة ، وعمر بهاء الأميري ، وعبد الغني المارعي ، وصهرنا حمد الصليفيح وآخرون رحمهم المولى  .

وأخيرا أقول إلى ساكن ينبع ، أنت قريب من الحرم النبوي ، تذكر قول المنشدين :

يابرق شامي ، بلغ سلامي ، إلى محمد خير الأنام . 

صلوات الله عليه  .

قبلاتي على جبينك الاغرّ ، وعسى أن نلتقي في مسجد الصديق في الباب حرسها الله ، أو في ربوع إدلب الخضراء ورحم الله منشدها أحمد البربور ، يوم يطّهر مولانا أرض الشام من رجس الروس والمجوس وأحفادهم وأحقادهم .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

( الصورة للشيخ الطاهر طاهر خير الله رحمه الله  )

وسوم: العدد 718